Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سكان غزة يؤكدون أن المساعدات الإنسانية لا تلائم حاجاتهم

الشاحنات تحمل مشروبات غازية ومسليات وحلويات وسكان القطاع يطالبون بتوفير الطعام ومياه الشرب

تؤكد إسرائيل وجود قيود على بعض المساعدات التي تدخل في نطاق الاستخدام المزدوج (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا" فإنه خلال أسبوعين دخل لغزة أكثر من 10 آلاف شاحنة، وهي زيادة هائلة في عدد القوافل التي تدخل القطاع، لكنها لا تحمل أشياء أساسية يحتاج إليها النازحون بالفعل.

استيقظ عمار وزخات المطر تنهمر على رأسه، شتم الحرب كثيراً، وأخذ يتمتم بعبارات تساؤل عن خيام الإيواء والكرفانات قائلاً "أذاعوا أن معدات ثقيلة ومتخصصة سترفع أنقاض ذكرياتنا"، ثم هم مسرعاً ليشتري خيمة تجارية من السوق.

قبل نحو أسبوع عاد عمار إلى مخيم جباليا شمال غزة للعيش على أنقاض منزله المدمر بالكامل وقرر العيش في العراء حتى تدخل خيام الإيواء ويتسلم واحدة لعائلته، لكن ذلك لم يحدث، ويقول "مئات العائلات هنا تنام في العراء وفي البرد، ونحن في حاجة إلى المأوى والكهرباء ومعدات رفع الأنقاض".

هل المسليات مساعدات إنسانية؟

لم يصل إلى منطقة عمار سوى بضع عشرات شاحنات المساعدات الإنسانية لا تكاد تكفي لإطعام النازحين العائدين، يتساءل الرجل عن مدى تطبيق البروتوكول الإنساني الوارد ضمن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس".

مسرعاً غادر للسوق التي يزورها للمرة الأولى منذ عودته لشمال غزة، وهناك وجد أصنافاً طائلة من الشوكولاتة والمكسرات والسجائر وألعاب الأطفال وقليلاً من زيت الطعام والرز والبقوليات وأصناف الغذاء. دُهش من هذا التناقض وأخذ يسأل عن الأسعار.

يقول عمار "كل شيء سعره مرتفع ولا يتناسب مع قدرة الناس الشرائية"، مضيفاً "أين المساعدات الإنسانية؟ هل المسليات والمشروبات الغازية ما يبحث عنه سكان غزة بعد حرب طاحنة وحصار مطبق؟ إنه أمر مستفز للمشاعر".

بروتوكول إنساني

بحث عمار كثيراً عن خيمة إيواء ولم يجد طلبه، فقرر السؤال عن قطع النايلون المقوى ليصنع مأوى له، كانت الأسعار صادمة، كل قطعة بطول ستة أمتار وعرض خمسة أمتار تباع بنحو 20 دولاراً، خرج عن طور هدوئه، وقال "لا نحتاج إلى المسليات، نحتاج إلى المأوى".

منذ بدء وقف إطلاق النار وسماح إسرائيل في زيادة البضائع الواردة لغزة، أخذ الحرمان منعطفاً جديداً، إذ توفرت البضائع الثانوية مثل العصائر والمشروبات الغازية والشوكولاتة والمسليات والبسكويت، وكذلك الحلويات والنسكافيه والإندومي بكميات كبيرة وبأسعار منخفضة، بينما انعدم توفر المتطلبات الأساسية مثل غاز الطهي وأنابيب الغاز ومشتقات البترول والماء ومتطلبات الكهرباء البديلة وخيام الإيواء ومعدات البناء وآليات رفع الأنقاض.

 

 

تضمن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" بروتوكولاً إنسانياً، وبحسب معلومات "اندبندنت عربية" فإنه يشمل إدخال 60 ألف كرفان جاهز للعيش الآدمي، و200 ألف خيمة إيواء، و600 شاحنة مساعدات يومياً، و50 شاحنة وقود وغاز الطهي، إضافة إلى إدخال معدات الخدمات الإنسانية والطبية والصحية والدفاع المدني وإزالة الأنقاض وصيانة البنية التحتية وتشغيل محطة توليد الكهرباء والمعدات اللازمة لإعادة تأهيل الخدمات الإنسانية في قطاع غزة، لكن هذا البروتوكول الإنساني لم ينفذ إلا قليل منه، فيما يخص شاحنات المساعدات الإنسانية بغض النظر عن نوعية الأصناف التي تحملها، وهذا ما تسبب في إغراق غزة بالكماليات في وقت لا يزال فيه القطاع يعاني الحاجات الأساسية.

لا طعام مجانياً ولا خيام إيواء

يحمل زيد بيده علبة مشروب غازي ويقول "تصل إلينا شاحنات المساعدات، لكنها مليئة بالرفاهيات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، ونجد المشروبات الغازية والمسليات والبسكويت والحلويات أكثر من المواد الأساسية، لم نرَ حتى الآن مواد بناء أو معدات لرفع الركام، كيف يمكننا إعادة الحياة هنا؟".

يريد زيد طعاماً مجانياً يصل إلى باب خيمته كل يوم، وألواح طاقة شمسية تمد مخيم الإيواء بالإنارة والكهرباء بالحد الأدنى، ورافعات أنقاض تعمل على إزالة الركام من الشوارع وتسببت في إغلاق الطرق، ووقود خاص لتشغيل السيارات، ولا يريد مكسرات وحلويات تباع في الأسواق بأضعاف ثمنها.

يشكو السكان من عدم وجود ما يكفي من الإيواء، في حين أصبحت المواد غير الأساسية في كل مكان فجأةً. يضيف زيد "لا شيء يخفف وطأة الرجوع إلى المجهول، الطعام لا يصل إلينا، والمياه غير متوافرة أما الرعاية الصحية فهي معدومة".

10 آلاف شاحنة

بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا" فإنه خلال أسبوعين دخل لغزة أكثر من 10 آلاف شاحنة، وهي زيادة هائلة في عدد القوافل التي تدخل القطاع، لكنها لا تحمل أشياء أساسية يحتاج إليها النازحون بالفعل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هيا ما زالت تعاني شح الطعام، تقول "لا معيل لنا، والأسعار ما زالت مرتفعة، ظهر عديد من السلع مثل الملابس والألعاب وحلويات الأطفال، لكنني أحتاج إلى الطعام والدواء أكثر من أي شيء آخر لسد رمق أطفالي، أحياناً أشعر بأن الأسواق ليست موجهة لشراء حاجاتنا الأساسية، بل كماليات ورفاهيات يراد لنا أن نغرق فيها".

رصد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان حال الأسواق في غزة، وجاء في تقرير له "ما زالت إسرائيل تتجاهل إدخال الحاجات الضرورية، مما من شأنه زيادة معاناة المدنيين، نسبة كبيرة من الشاحنات التي تدخل للقطاع مرتبطة ببضائع تجارية لسلع غير أساسية، ولا تمثل أولوية بالنسبة إلى الفلسطينيين".

إغراق في البضائع غير الضرورية

تقول متخصصة الاقتصاد نعيمة أبو مصطفى "تعيش غزة في حال من الإغراق في البضائع غير الضرورية منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حيث تشهد تكدساً بهذه النوعية في وقت تفتقد فيه عديداً من السلع الأساسية كالوقود وغاز الطهي ومستلزمات البناء البسيطة والسريعة".

وتضيف "ما زالت الأسعار تزيد على ثلاثة أضعاف ثمنها الحقيقي، في ظل انعدام مقومات الحياة وارتفاع نسب الفقر والبطالة، تتحكم الأوضاع السياسية والأهواء الإسرائيلية بالحالة المتقلبة للأسواق، بين سياسة التعطيش الممنهجة التي تستهدف سلعاً ضرورية يحتاج إليها الناس بهدف زيادة الخناق والتضييق عليهم، وسياسة إغراق الأسواق بسلع غير مهمة". وتوضح "كان ينبغي توفير غاز الطهي بدلاً من البسكويت، وكميات من وقود السيارات بدلاً من المكسرات، ومعدات رفع الأنقاض بدلاً من النسكافيه والعصائر"، مضيفة "كان الأولى تعبئة الشاحنات بالمواد الغذائية والأدوية وألواح الطاقة الشمسية، وتشغيل مرافق المياه والصرف".

تل أبيب تتلاعب في الشاحنات

يقول رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف "لم تلتزم إسرائيل تنفيذ البروتوكول الإنساني إلا بنسبة 10 في المئة فحسب، تل أبيب تحاول التنصل من التزاماتها في ظل استمرار تدهور الوضع الإنساني".

 

 

ويضيف معروف "تتلاعب إسرائيل في طبيعة الشاحنات الواردة عبر إدخال الأغراض الثانوية والمسليات وتجاهل الأولويات، تمنع تل أبيب إدخال ما يتعلق بمستلزمات الإيواء والترميم مثل مولدات الطاقة ومعدات ترميم شبكات المياه، وتعرقل إدخال المعدات الثقيلة لرفع ما يزيد على 55 مليون طن من الركام".

يوضح معروف أن هناك نقاشات جارية مع الوسطاء الدوليين لتعزيز التبادل التجاري وملء الفراغ السلعي في الأسواق المحلية، مشيراً إلى أن تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع غزة يتطلب استثمارات طويلة الأمد في البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية، لكنه أمر مستبعد في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي.

هناك قائمة في حاجة إلى فحص وتنسيق

يقر مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية بإبقاء بعض المواد على قائمة الاستخدام المزدوج، لكنه منسقه غسان عليان يقول "نسمح بإدخال كثير من المساعدات الإنسانية إلى غزة بعد الفحص، ضمن إجراءات تسهيل حياة العزاويين إسرائيل مددت ساعات فتح المعابر وسمحت بإصلاح الطرق داخل غزة". ويضيف "أجهزة تحلية المياه وجمع المياه ووحدات التخزين والأدوات ومجموعات الخيام والأفران والملابس المقاومة للماء والمعدات اللازمة لفرق بناء الملاجئ، جميعها تتطلب موافقة مسبقة قبل دخول غزة، ويتم السماح للخيام الكبيرة وأكياس النوم والمراحيض المحمولة ووسائد التدفئة واللقاحات بالدخول إلى القطاع دون موافقة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير