ملخص
يتوقع، في ضوء أرقام الهنود العاملين داخل بريطانيا الآن، أن يكلف هذا البند ضمن الاتفاق بريطانيا نحو 100 مليون جنيه استرليني (133 مليون دولار) كل عام من عائدات مستقطعات التأمينات الاجتماعية، التي تحصلها الخزانة العامة.
خلال فترة الأسئلة لرئيس الحكومة في مجلس العموم (البرلمان) البريطاني دافع رئيس الوزراء كير ستارمر بشدة عن الاتفاق التجاري مع الهند، معتبراً إياه "مكسباً كبيراً" لبريطانيا، رداً على انتقاد المعارضة للاتفاق لما تضمنه من إعفاء الهنود القادمين إلى بريطانيا من دفع مستقطعات التأمينات الاجتماعية.
وكثف زعيم حزب "الإصلاح" اليميني المتطرف (ريفورم) نايجل فاراج من هجومه على الاتفاق، إذ يعده أكبر "خيانة للطبقة العاملة" البريطانية التي زادت حكومة "العمال" عليها مستقطعات التأمينات الاجتماعية في إعلان الموازنة الجديدة، بينما تعفي العاملين الهنود القادمين إلى بريطانيا منها.
وعدَّ فاراج وزعيمة حزب "المحافظين" المعارض كيمي بادينوك أن هذا الاتفاق سيزيد من الهجرة إلى بريطانيا، خلال وقت يتفق الجميع على الحاجة إلى الحد من أعداد المهاجرين.
ورد ستارمر على الانتقادات أمام النواب أول من أمس الأربعاء واصفاً الاتفاق بأنه أكبر صفقة تجارية ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست". وقال ستارمر "صفقتنا مع الهند جيدة للوظائف في بريطانيا"، وحول انتقاد إعفاء الازدواج الضريبي وخلق مستويين للضرائب، قال "كلام فارغ لا يتسق مع الواقع"، مشيراً إلى أن مثل هذه الإعفاءات موجودة في الاتفاقات التي أبرمتها بلاده مع 50 دولة أخرى.
ويتوقع، في ضوء أرقام الهنود العاملين داخل بريطانيا الآن، أن يكلف هذا البند ضمن الاتفاق بريطانيا نحو 100 مليون جنيه استرليني (133 مليون دولار) كل عام من عائدات مستقطعات التأمينات الاجتماعية، التي تحصلها الخزانة العامة.
زيادة حجم التجارة
ويبلغ حجم التجارة بين بريطانيا والهند 42.6 مليار جنيه استرليني (56.6 مليار دولار) كل عام، حتى العام الماضي وفقاً لبيانات رسمية بريطانية.
وتقول حكومة ستارمر إن "الاتفاق الجديد سيزيد من حجم التجارة مع الهند بنحو 25.5 مليار جنيه استرليني (33.8 مليار دولار) إضافية بحلول عام 2040".
وبتقديرات الحكومة الرسمية في شأن حجم التجارة المتوقع مع الهند، فإن الاتفاق لن يزيد حجم الاقتصاد البريطاني بأكثر من 4.8 مليار جنيه استرليني (5.65 مليار دولار) بحلول عام 2040، ولا تمثل تلك الزيادة أكثر من 0.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي البريطاني.
وبحسب صحيفة "ديلي تلغراف" المقربة من حزب "المحافظين" فان الفائدة من الاتفاق مع الهند ليس بالصورة الذي تصورها حكومة ستارمر، حتى مع زيادة حجم التجارة بالرقم الذي تتوقعه الحكومة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعنونت بعض وسائل الإعلام تقاريرها حول الاتفاق بصورة ساخرة مثل "الويسكي مقابل الجمبري"، في إشارة إلى أهم بنود الاتفاق التي تتضمن خفض الهند الرسوم الجمركية على الصادرات البريطانية من المشروبات الكحولية مثل الويسكي، مقابل خفض بريطانيا الرسوم على صادرات الهند من الجمبري المجمد وغيره من المواد الغذائية.
وبحسب الاتفاق، ستخفض الهند الرسوم الجمركية على صادرات بريطانيا إليها من الويسكي من 150 في المئة حالياً إلى 75 في المئة، ثم إلى 40 في المئة بعد 10 أعوام.
في المقابل، تخفض بريطانيا الرسوم على صادرات الهند إليها من الملابس والأحذية والمجوهرات ومنتجات غذائية كالجمبري المجمد، وتضمن الاتفاق خفض رسوم التعرفة الجمركية على تجارة السيارات بين البلدين.
انتقادات ودفاع
وتركزت انتقادات المعارضة السياسية وبعض المعلقين والاقتصاديين على مسألة إعفاء الهنود القادمين إلى بريطانيا للعمل من دفع مستقطعات التأمينات الاجتماعية، والسماح للهنود بالحصول على تأشيرات عمل بصورة أكبر، وذلك خلال وقت رفعت فيه حكومة ستارمر تلك الضريبة على الشركات والعاملين البريطانيين أخيراً لتزيد حصيلة الخزانة بنحو 25 مليار جنيه استرليني (29.5 مليار دولار)، وعدَّ كثر ذلك ظلماً للعمال البريطانيين ومكافأة للعمال الهنود إضافة إلى زيادة أعداد المهاجرين.
كانت الحكومة الهندية امتدحت الاتفاق وعدته مكسباً مهماً للشركات الهندية، خصوصاً في مجال تكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات، التي ترسل موظفيها إلى بريطانيا، وهذا ما جعل معارضين مثل فاراج يكثف هجومه على الحكومة بأنها "باعت الطبقة العاملة البريطانية" من أجل اتفاق لا يتوقع أن يحقق لهم أية فوائد.
حقق حزب فاراج "الإصلاح"، فوزاً كبيراً في الانتخابات المحلية الجزئية التي جرت مطلع الشهر الجاري، واقتنص مقعداً برلمانياً من حزب "العمال" الحاكم في دائرة كانت بها انتخابات مبكرة ومعروفة تقليدياً بأنها تصوت لمصلحة الحزب الحاكم.
ويتعرض ستارمر ووزيرة الخزانة في حكومته راتشيل ريفز لانتقادات حادة حتى من داخل حزب "العمال"، لتغيير السياسة الاقتصادية لأنها كانت السبب في الخسارة لمصلحة حزب اليمين المتطرف.
ويوفر الاتفاق التجاري مع الهند، الذي استمر التفاوض عليه ثلاثة أعوام، فرصة أكبر للعاملين الهنود للقدوم إلى بريطانيا أكثر من ذهاب عاملين بريطانيين إلى الهند، وهذا البند ركز عليه فاراج في انتقاد الحكومة، إذ إنه يفتح الباب أمام زيادة أعداد المهاجرين.
وبحسب أحدث الإحصاءات الرسمية بلغ عدد تأشيرات العمل التي منحتها بريطانيا للقادمين من الهند عام 2024 نحو 81 ألف تأشيرة، لكن مع الإعفاء من دفع مستقطعات التأمين الاجتماعي والميزات الأخرى، يتوقع أن يزيد هذا العدد باضطراد ضمن الاتفاق الجديد.
فمقابل السماح للقادمين من الهند بالتقديم على تأشيرة عمل لنحو 15 وظيفة حالياً، سيرتفع عدد الوظائف التي يسمح للهنود بالتقديم على تأشيرة عمل فيها إلى 33 وظيفة ومهنة، بحسب الاتفاق الجديد.
وللمرة الأولى ستسمح بريطانيا للموسيقيين والطباخين ومدربي اليوغا بالقدوم إلى بريطانيا بتأشيرة عمل.