Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستطيع الهند قطع المياه عن باكستان؟

تعتمد إسلام آباد بشكل شبه كامل في الري والزراعة على النهر الذي يدخل في أراضيها عبر نيودلهي

تواجه باكستان أزمة مائية وتشبه قضية تقسيم المياه بين نيودلهي وإسلام آباد الخلاف بين مصر وإثيوبيا على بناء السدود (اندبندنت أوردو)

ملخص

تشبه قضية تقسيم المياه بين الهند وباكستان الخلاف بين مصر وإثيوبيا على بناء السدود، إذ تمر المياه عبر المناطق الهندية قبل أن تصب في نهر السند الذي يعتمد عليه الباكستانيون في الزراعة والسقيا وغيرها من الأمور.

وبسبب طبيعة العلاقة العدائية بين البلدين، توسط البنك الدولي لإبرام اتفاق مفصل بين الجانبين، عام 1960، يحدد الروافد التي تكون تحت سيطرة باكستان، وتلك التي تتحكم فيها نيودلهي.

عدت باكستان إعلان الهند تعطيل العمل باتفاقية تقسيم الأنهار عملاً عدائياً، لكن السؤال الأهم هو مدى تأثير هذه الخطوة عملياً على إسلام آباد؟ وأوقفت الهند إجراء التأشيرات للمواطنين الباكستانيين، وعطلت العمل بـ"اتفاقية السند" لتقسيم الأنهار بعد الهجوم على السياح في باهالغام الأسبوع الماضي، لترد إسلام آباد بإغلاق الحدود وقطع العلاقات التجارية، إلا أن الخبراء يرون أن الخطوة المتعلقة بتقسيم الأنهار هي الأكثر خطورة على باكستان. وأبلغ وكيل وزارة الموارد المائية الهندي، في هذا السياق، نظيره الباكستاني، في رسالة رسمية، بقرار تعطيل العمل بالاتفاقية التي وقعها الجانبان عام 1960.

وتشبه قضية تقسيم المياه بين الهند وباكستان الخلاف بين مصر وإثيوبيا على بناء السدود، إذ تمر المياه عبر المناطق الهندية قبل أن تصب في نهر السند الذي يعتمد عليه الباكستانيون في الزراعة والسقيا وغيرها من الأمور.

 

وبسبب طبيعة العلاقة العدائية بين البلدين، توسط البنك الدولي لإبرام اتفاق مفصل بين الجانبين، عام 1960، يحدد الروافد التي تكون تحت سيطرة باكستان، وتلك التي تتحكم فيها نيودلهي. وبموجب هذا الاتفاق تم تخصيص نهر السند، وتشيناب وجهلم لباكستان، بينما خصصت روافد أخرى للهند، بحيث تمتنع الهند عن بناء السدود أو تعطيل المياه على الأنهار المخصصة لباكستان، إضافة إلى ذلك هناك بنود مخصصة في الاتفاق حول إبلاغ الطرف الآخر في حال العمل على مشاريع الطاقة الكهرومائية وهيكلة حل الخلافات حال وقوعها، وربما كان وضوح الاتفاق هو السبب وراء صموده عبر أسوأ الأعوام في العلاقات الثنائية، بل إن الحروب الثلاث بين البلدين لم تفسد هذا الاتفاق.

المياه حق أم سلاح؟

رأى المتخصص الباكستاني راجا قيصر أحمد أن الهند تبنت، في الأعوام الأخيرة، نهجاً مجحفاً باتجاه الامتثال للقانون الدولي والمعاهدات، إذ تريد خلق الانطباع بأن الدول الضعيفة، فحسب، هي التي تمتثل للقوانين والاتفاقات الدولية، وأن الهند قوة عالمية، ستعطي الأولوية لمصالحها من دون الاكتراث بالقوانين والاتفاقات. وأضاف "اتخذت الهند خطوات أحادية الجانب، خصوصاً في علاقاتها مع باكستان، بما في ذلك تعليق معاهدة مياه نهر السند. وحملت الهند باكستان على الفور مسؤولية الهجوم الإرهابي في باهالغام وأعلنت تعليق الاتفاق خلال 12 ساعة فحسب، وهي خطوة خطرة وغير عادية للغاية"، وتابع "ربما تعرب الهند الآن عن رغبتها في التفاوض على نسخة جديدة من معاهدة مياه نهر السند مع باكستان، أي معاهدة مياه نهر السند الثانية، التي ستهدف إلى تغيير ترتيبات تقاسم المياه الحالية. وينبغي فهم هذه الخطوة في سياق الاستراتيجية الدبلوماسية والعسكرية للهند التي تسعى إلى استخدام المياه سلاحا ًجيوسياسياً. وينبغي لصناع القرار في إسلام آباد أن يستعدوا للتفاوض المحتمل على الاتفاق مقدماً، وألا ينظروا إلى قضية المياه باعتبارها مجرد مسألة ثنائية، بل أن يطرحوها أيضاً على المستوى الدولي لتحدي الإجراءات الأحادية الجانب التي تتخذها الهند".

وفي حديثه إلى "اندبندنت أوردو"، قال المتخصص في القانون الدولي ومحامي باكستان السابق في المحكمة الدولية أحمر بلال صوفي أن تعطيل العمل بمعاهدة تقسيم مياه نهر السند "هو انتهاك للقوانين الدولية"، مضيفاً "أن أي تغيير في المعاهدة سيكون باتفاق ورضا الجانبين". ونوه صوفي بأن إسلام آباد تعد الإعلان الأخير خطوة عدائية وتحتفظ في حق الرد عليها "مما يشير إلى إمكانية زيادة التوترات في المنطقة وجدية الأخطار على الأمن والسلم الدوليين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل ستتأثر باكستان بتعطيل الاتفاقية؟

ويدور الحديث على وسائل الإعلام حول الأثر الفعلي لإعلان نيودلهي تعطيل العمل على الاتفاقية، إذ يرى الخبراء أن الهند لا تستطيع قطع المياه عن باكستان حالاً لأن ذلك سيحتاج إلى بناء سدود كبيرة على الأنهار المخصصة لباكستان، التي يستغرق بناؤها أعواماً، لكن العبث بجريان المياه ومحاولة تحويل مسارها أو تعطيل وصولها قد يؤثر سلباً في الموسم الزراعي في باكستان.

وفي حديثه إلى  "اندبندنت أوردو" قال المتخصص في مجال المناخ وحوكمة المياه وأستاذ سياسات المياه والبحوث البيئية فازالدا نبيل، إن تعليق معاهدة مياه نهر السند قد يؤدي إلى تفاقم الوضع في إسلام آباد خلال الطقس الجاف، وتابع "تمتلك باكستان أكبر نظام ري متكامل في العالم، وهو نظام ري نهر السند، إذ إن الأنهار الثلاثة الغربية السند وجهلم وتشيناب المخصصة لباكستان بموجب الاتفاق ليست مجرد مسطحات مائية، بل هي شريان الحياة لاقتصادنا ونظم الغذاء والطاقة لدينا"، ولفت أيضاً إلى أن "انقطاع تدفق الأنهار يمكن أن يؤدي إلى عواقب مدمرة إذ تعتمد الزراعة في باكستان على الري بشكل شبه كامل، وتسهم بنسبة تراوح ما بين 22 و24 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتوظف 37 في المئة من القوى العاملة، كما تمثل، بشكل مباشر أو غير مباشر، في أكثر من 70 في المئة من الصادرات، لذا يمكن القول إن الإخلال بمعاهدة مياه نهر السند أو في التوازن الدقيق لتدفق النهر يهدد البنية الاقتصادية الكاملة لباكستان"، وأضاف نبيل أن الري، في الوقت المناسب، مهم جداً لمحصول القمح خلال موسم الربيع، "وعلى رغم أن ذوبان الأنهار الجليدية قد يكون مساعداً بعض الوقت، لكن الطقس الجاف يجلب معه أخطاراً جدية يمكن أن تصبح خطرة في ظل الضغط المستمر، لا سيما أن سعة تخزين المياه تبلغ في باكستان 30 يوماً، في حين تبلغ هذه السعة في الهند 120 يوماً".

وفي سياق متصل، قال المتخصص في شؤون المياه الدولية شكيل حيات، إن تعليق معاهدة مياه نهر السند قد يعرض ملايين الأشخاص لخطر نقص مياه الشرب، وأضاف "إعلان الهند عدم تنفيذ معاهدة مياه نهر السند ليست مشكلة دلهي ولاهور فحسب، بل إن مئات السكان في البنجاب والسند سيتأثرون بهذا القرار، وبعبارة أخرى تحويل المياه يعني أن ملايين الأشخاص سيكونون معرضين لخطر نقص مياه الشرب. والانسحاب من اتفاقية المياه ليس بالأمر السهل وله عواقب وخيمة، وتتمتع الهند بقوة جغرافية، في هذا الصدد، لأن نهر السند ينبع من هضبة التبت، ويدخل باكستان عبر جبال لاداخ الهندية".

خطر الفيضانات

وقال خبير شؤون المياه ناصر ميمون، إن الهند قد تطلق المياه، من دون سابق إنذار، بعد تراجعها عن الاتفاق مما قد يتسبب في حدوث فيضانات خاصة في نهر ستلج. وأضاف أن معاهدة مياه السند مهمة للغاية لكلا البلدين، "ولم تواجه باكستان، حتى الآن، أي تأثيرات خطرة فورية على موارد المياه، لأن الهند لا تملك البنية التحتية الأساسية لتخزين أو تحويل المياه في الأنهار الغربية في باكستان"، ولفت ميمون إلى "أنه إذا استمر هذا الوضع على المدى المتوسط والطويل، فإن تدفق المياه إلى باكستان من نهر السند وجهلم وتشيناب قد يتأثر سلباً، وباكستان قد تحرم من مشاركة بيانات تدفق المياه مع الهند"، ونبه ميمون من "أن باكستان يجب أن تظل متيقظة في موسم الرياح الموسمية القادم عندما قد تطلق الهند فائض مياهها من الأنهار الشرقية من دون سابق إنذار مما قد يتسبب في حدوث فيضانات خصوصاً في نهر ستلج".

نقلاً عن "اندبندنت أوردو"

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل