Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تشوه الأجنة… أسلحة تفتك بأرحام النساء في غزة

200 حالة تشوه من بين كل 1000 ولادة في القطاع

وصلت نسبة التشوهات لدى الأجنة في غزة إلى 200 مولود لكل 1000 حالة ولادة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

نقص في الأطراف أو عدم اكتمال نموها (استسقاء)، إضافة إلى فتاق العصعص وتشوهات الرأس وحدوة الحصان، هذه أبرز التشوهات الخلقية لحديثي الولادة في غزة.

وقف الطبيب أحمد مصدوماً ينظر في الطفلة ملك القانوع التي ولدت للتو، يتفحص التشوه الذي أصاب رأسها، ويفكر "ما كمية الغازات السامة التي استنشقتها الأم في فترة حملها وأدت إلى هذا التشوه الغريب، وما الأسلحة الفتاكة التي استخدمتها إسرائيل وأثرت في النساء الحوامل بهذا الشكل".

يحمل الطبيب الرضيعة بين يديه، وينظر إلى رأسها "إنها بلا دماغ، جمجمتها ناقصة" يقول العامل الصحي عن حالة ملك الصغيرة، التي ولدت مصحوبة بتشوه غريب صادم، إذ ظهرت برأس من دون دماغ، حيث تنتهي الجمجمة إلى ما فوق العينين فقط.

يضيف الطبيب "لاحظت تزايداً فظيعاً لتشوه الأجنة خلال فترة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حالة الطفلة التي ولدت بلا دماغ هي نموذج لقصص مأسوية عن تشوه الأجنة في الأرحام، يجب أن تقف هذه الحرب التي تؤثر في الخلق حتى قبل ولادتهم".

ارتفاع نسبة التشوهات

في غزة لاحظ الأطباء تزايداً مقلقاً لحالات التشوهات الخلقية لحديثي الولادة التي وصلت إلى قسم الحضانة، ورصدوا أن غالب تلك التشوهات كانت لرضع حملت بهم أمهاتهم في أثناء الحرب، وهذا ما دفعهم إلى ربط تلك الظاهرة بمجريات القتال والحصار وآثار ذلك في السكان.

يقول مدير عام المستشفيات في وزارة الصحة مروان الهمص "يشهد قطاع غزة ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الأجنة المشوهة، الحرب الإسرائيلية أثرت سلباً في النساء الحوامل"، ويضيف الهمص "هناك عوامل عدة أسهمت في انتشار تلك الظاهرة، أولاً للإشعاعات الناجمة عن القصف الإسرائيلي، ثانياً استخدام متفجرات محرمة دولياً، وأخيراً عدم إمداد غزة بالدواء والفيتامينات الخاصة في تكوين الدماغ مثل حمض الفوليك".
يشير الهمص إلى أن المسؤولين الصحيين يؤكدون استخدام إسرائيل أسلحة تجريبية ذات تأثير إشعاعي وكيماوي مدمر وتستهدف بهذه القنابل المحرمة دولياً منطقة صغيرة في غزة، مما يترك آثاراً وخيمة على الحوامل والأجنة.

خطر التشوه يحوم حول 60 ألف جنين

في تقرير مفصل لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" الحقوقية، ذكر أن الحوامل في غزة يتعرضن لاستنشاق غازات سامة، كان لها أثر مباشر في ارتفاع معدل الإجهاض التلقائي إلى 300 في المئة، إضافة إلى تزايد حالات تشوه الأجنة داخل الأرحام.

وقال الطبيب الأردني بلال العزام الذي زار غزة لإجراء عمليات معقدة، إنه تعامل مع حالات تشوهات خلقية مروعة لم يشهد مثلها سابقاً، بعضها كان يصل إلى مستشفيات القطاع في مراحل حرجة للغاية.

في تقارير وزارة الصحة الفلسطينية، هناك 60 ألف جنين في غزة معرض لخطر التشوهات الخلقية، وقد تتزايد هذه الظاهرة وتمتد أعواماً طويلة، وذلك بسبب استخدام إسرائيل ذخائر محرمة دولياً لها تأثيرات صحية خطرة.

تجارب نسوة حوامل

رصد خبراء التعامل مع المتفجرات في غزة على رغم قدراتهم المحدودة استخدام الجيش الإسرائيلي أسلحة حرارية وكيماوية وبيولوجية، يتطاير منها غبار يلتصق في ركام المباني وينتشر بفعل العوامل الجوية في الهواء وقد يكون السبب في تشوه الأجنة.

للحامل سيرينا تجربة قاسية مع غبار الأسلحة الإسرائيلية، تعيش تلك السيدة في شرق مدينة غزة، قريبة جداً من مسرح العمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي، تقول "فجأة أطلق الجنود قذيفة نحو المنطقة، امتلأ الحي بالغبار وشممت رائحة كريهة، تشبه حرق الورق ثم تحولت الرائحة لأشد كراهية وأصبحت تشبه حرق النفايات"، تضيف سيرينا "أصابني اختناق شديد وصداع وتقيؤ، وتوقفت حركة الجنين لأكثر من يومين، ظننت أنه مات في رحمي، كانت عصيبة قاسية مرة، وأنا خائفة جداً من أن يترك ذلك الغاز الذي شممت أثراً سلبياً في الطفل الذي في رحمي".

أما السيدة الحامل وفاء المشهراوي فتقول إنه "قبل أن تقصف الطائرات تسود رائحة غريبة، كرائحة غاز مع مواد محترقة، هذه الرائحة لا خلاص منها، حاولت بكل الطرق مثل تشغيل المراوح ورش الماء، ومع تكرار استنشاق هذه الغازات، بدأت ألاحظ أن حركة طفلي خفت كثيراً".

التشوهات التي تصيب الأجنة

تتساءل الحوامل بصورة مستمرة عن أثر القنابل التي يلقيها الجيش في غزة في شأن سلامة الأجنة، وفي هذا الإطار، تقول أستاذة الطب ومتخصصة النساء والولادة خلود المزيني إن "استنشاق الغازات السامة والاهتزازات الأرضية خلال فترة الحرب، إضافة إلى خوف الأم وقلقها، كلها عوامل تسبب في حدوث تشوهات تصيب الجنين"، وتضيف المزيني إن "من المؤكد أن التشوهات الخلقية للأجنة ستتزايد، إذ إن آثار القنابل تظهر على مدى ثلاثة أشهر حتى سبعة أعوام، وهذا يعني أننا قد نكون أمام جيل تعم عليه ظاهرة التشوهات الخلقية".

لاحظت المزيني أثناء عملها أن التشوهات الغريبة التي ظهرت تتلخص في نقص بالأطراف أو عدم اكتمال نموها (استسقاء)، إضافة إلى فتاق العصعص وتشوهات الرأس وحدوة الحصان (تشوه الأطراف) ونقص الأطراف وتشوهات القلب والعمود الفقري والدماغ وتشوهات جلدية وأخرى بالمخ، وأيضاً إلى ولادة بعض الأطفال من دون أطراف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نسبة مهولة

يقول مدير عام المستشفيات مروان الهمص إن "حالات تشوه الأجنة تخطت مستويات قياسية، وصلت إلى 200 مولود لكل 1000 حالة ولادة، هذه الأرقام أعلى بكثير من النسبة الطبيعية التي حددتها منظمة الصحة العالمية البالغة 40 حالة تشوه لكل 1000 مولود.

وتجزم وزارة الصحة بأن التشوهات ناتجة من آثار الذخائر الإسرائيلية، بينما يقول أستاذ الفيزياء الطبية أنور عطا الله إن "الحروب الإسرائيلية المتكررة على غزة تسببت بارتفاع نسبة المواد السامة في الجو والتربة وتركت أثراً في الأجنة"، ويضيف "رصدنا استخدام إسرائيل قنابل الفسفور الأبيض وهي أسلحة حارقة تحوي الفسفور الأبيض كحمولة أساسية، جرى تصميمها لتوليد حرارة شديدة تبلغ قرابة 1000 درجة مئوية، إلى جانب قوتها التدميرية".

أسلحة محرمة دولياً

من جانبهم لاحظ متخصصون في مجال الفيزياء أن إسرائيل استخدمت أسلحة كيماوية وبيولوجية وحرارية، وأن "هناك متفجرات يصدر عنها تفاعل كيماوي لإحداث الانفجار، كذلك تعمل الأسلحة الحرارية عبر إطلاق سحابة من جزيئات الوقود ثم إشعالها وينتج من ذلك موجة انفجار شديدة وكمية كبيرة من الحرارة، يمكن أن يكون لها آثار مدمرة في الأجنة".

ويشير المتخصصون إلى أن استخدام إسرائيل المتفجرات المعدنية الخاملة الكثيفة في غزة يتسبب في تمزيق الأنسجة البشرية، لافتين إلى أن من بين الأسلحة الأخرى كان اليورانيوم والقنابل العنقودية ولتلك المواد سبب مباشر في تشوهات الأجنة والإجهاض.

من جانب قانوني قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبدالعاطي إن "إسرائيل تضرب عرض الحائط بمعاهدة حظر انتشار واختزان واستخدام الأسلحة، وتعتمد عقيدة الأرض المحروقة التي تهدف إلى تحويل حياة السكان المدنيين إلى مستوى الكارثة".

لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أكد أن "الجيش ملتزم قوانين الحرب وقواعد القتال والبروتوكول الدولي الإنساني، وهذا يعني أنه لا يستهدف المدنيين ولا يقاتلهم ولا يلحق بهم أي أضرار قصيرة الأمد أو لها أثر طويل".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير