ملخص
تدفع الحكومة الأردنية باتجاه هذا القانون لأسباب عدة منها أن القانون الحالي معمول به منذ عام 1954 وقد عُدل 14 مرة وحان الوقت لاستبدال قانون عصري به.
في وقت يتعاظم فيه حجم التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردنيين، تسببت تسريبات عن تعديل جديد يطاول قانون الأبنية والأراضي، بموجة من الاستياء الشعبي والجدل النيابي، إثر مخاوف من فرض ضريبة سنوية كبيرة على العقارات والأراضي، أضعاف الموجودة حالياً وبصورة تثقل كاهل المواطنين وتترك تأثيرات سلبية في سوق العقار.
وعلى رغم نفي الحكومة الأردنية، يصف مراقبون القانون الجديد بأنه محاولة جديدة لـ"إعادة تعريف الملكية" في الأردن، وتحويل المالك إلى مستأجر بصورة غير مباشرة.
وتدفع الحكومة باتجاه هذا القانون لأسباب عدة، منها أن القانون الحالي معمول به منذ عام 1954 وقد عُدل 14 مرة وحان الوقت لاستبدال قانون عصري به.
بنود غامضة
يفترض أن تمر هذه التعديلات على القانون بمراحلها الدستورية لإقرارها بحيث تصبح نافذة، إذ يجب مناقشتها من قبل مجلس النواب لإقرارها.
لكن الأوساط القانونية والاجتماعية استنكرت غياب صيغة واضحة معلنة عن غموض كثير من البنود وعدم شرحها بصورة واضحة من قبل الحكومة، إذ تدور تساؤلات إن كانت الضريبة المقترحة ستفرض مقابل خدمات محددة أم ستكون إلزامية سنوية على جميع الملاك، بصرف النظر عن استخدامهم العقار أو دخله.
ويرى قانونيون أن خطورة هذه التعديلات تكمن في فتح الباب مستقبلاً أمام تآكل مفهوم الملكية الخاصة تدريجاً، إذ يعد "الاستقرار السكني" أحد مرتكزات الطبقة الوسطى في الأردن.
وعبر أردنيون على منصات التواصل عن خشيتهم من تحول العقارات والأراضي التي يملكونها إلى عبء مالي دائم، بخاصة الأراضي الفارغة غير المؤجرة أو مستخدمة ولا تدر أي دخل لأصحابها.
وترى فئة واسعة من الأردنيين في العقار ملاذاً آمناً، لكن الضريبة الجديدة قد تدفع بعضهم إلى العزوف عن التملك مستقبلاً، مما يعني بحسب متخصصين في الشأن تراجع سوق العقارات وحتى الإيجارات.
ضرائب كثيرة
يخضع المواطنون الأردنيون لأنواع عدة من الضرائب العقارية أبرزها ضريبة الأبنية والأراضي التي تعرف بمسمى "المسقفات"، وتقدر بنسبة 15 في المئة من صافي القيمة الإيجارية السنوية للمباني.
كما توجد ضريبة بيع العقار وبنسبة ستة في المئة من قيمة العقار وضريبة القيمة المضافة على العقارات التجارية وبنسبة 14 في المئة من قيمة البيع أو الإيجار، فضلاً عن رسوم تسجيل الأراضي والعقارات بنسبة تسعة في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ضريبة أم رسوم؟
يعتقد مراقبون أن ثمة نمطاً اقتصادياً تحاول الحكومة الأردنية أن تتبناه منذ أعوام ويقوم على مبدأ التخلي تماماً عن ريعية الدولة، بحيث يتحمل الأفراد كلفة البنية التحتية والتنمية بدلاً من تمويلها عبر الضرائب العامة.
هناك ضريبة مباشرة تفرض على مالكي العقارات داخل حدود البلديات وتشمل المباني السكنية والتجارية والأراضي الخلاء.
لكن وفقاً لمشروع القانون الجديد لعام 2025، هناك تعديلات جوهرية في فلسفة الضريبة، إذ تنتقل من فرضها مقابل الخدمة أو الدخل إلى فرضها على أساس الملكية فحسب، مما أثار الجدل وجعلها في نظر كثر بمثابة رسوم خدمات بعد فرضها على العقارات غير المستغلة أو غير المؤجرة، مما يزيد العبء على المالكين من دون تقديم خدمات مقابلة.
يوضح الكاتب والمحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي أن الغاية الأساسية من مشروع هذا القانون هي تعزيز الاعتماد على الوسائل الإلكترونية في تقدير الضرائب، بدلاً من النظام القائم على التقدير البشري الذاتي الذي تحكمه في كثير من الأحيان الاجتهادات والتقديرات الشخصية.
كذلك يقدم مشروع القانون وفق الدرعاوي حوافز للأبنية الخضراء وخصومات مجزية ويوفر حوافز اقتصادية فعلية.
في صف القانون
يؤكد أمين عمان يوسف الشواربة عدم وجود ضريبة جديدة على الأبنية والأراضي، ولا زيادة في العبء الضريبي على المواطن، لافتاً إلى أن مشروع القانون لا يختلف عن القانون النافذ، إذ لم تُدخل تغييرات جوهرية عليه، وإنما اعتُمدت معادلات جديدة لآلية احتساب الضريبة على الأراضي والعقارات ذات الاختلالات من دون تدخل بشري في التقدير.
وبين أن تقدير ضريبة الأبنية والأراضي يجري حالياً من خلال لجان التخمين، التي تزور المواقع وتحدد طبيعة استخدام المبنى، موضحاً أن القانون الجديد يشمل حوافز وإعفاءات ينص عليها للمرة الأولى.
بدوره يدافع وزير الإدارة المحلية وليد المصري عن القانون الجديد بقوله إنه يقدم رؤية إصلاحية شاملة وليس لزيادة الأعباء على المواطنين.
وأشار إلى أن العمل على مشروع القانون بدأ منذ 2023، وأن ما دفع الحكومة إلى التقدم به هو رغبتها في تحقيق العدالة وتحفيز الاستثمار وتعظيم النمو ضمن رؤية الشراكة مع القطاع الخاص.
كما أكد رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، خالد أبو حسان، أن مشروع القانون هو أحد مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي، وهدفه الأساس تبسيط الإجراءات وتحقيق العدالة الضريبية، مع الحفاظ على الأثر المالي المتحقق من القانون القائم من دون فرض أعباء جديدة على المواطنين.
ووفق مقارنة سريعة مع الدول المجاورة، تظهر نسب ضريبة الأبنية في الأردن ضمن المعدلات المتوسطة، لكن الفارق في الدخل الفردي ومستوى الخدمات يجعلان من الضريبة عبئاً أكبر على المواطن الأردني.