ملخص
بعد 13 عاماً من المجد، يودع جيمي فاردي ليستر سيتي في لحظة حزينة تزامنت مع الهبوط، لكنه يرحل كبطل أسطوري خط اسمه بأحرف ذهبية في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، وقاد معجزة لن تنسى حين صعد من المجهول إلى منصة التتويج التاريخية.
ودع جيمي فاردي نادي ليستر سيتي بأسلوب لا يمكن أن يفعله سواه، فبعد يومين فقط من وصفه لموسم الفريق بأنه "عرض بائس ومخز وكارثي" جاء التأكيد أن هذا الموسم سيكون الأخير له مع النادي. لكن مرارة الهبوط الثاني من الدوري الإنجليزي في غضون ثلاث سنوات لا تقترب حتى من خدش القمة التي وصل إليها فاردي من خلال ما حققه في 13 عاماً من الإنجازات المذهلة وتحطيم الأرقام القياسية في شرق "ميدلاندز"، وقال فاردي متأملاً "لقد فعلنا المستحيل".
مع ليستر، أصبح فاردي بطلاً وأسطورة للدوري الإنجليزي الممتاز، وربما كان أكثر من جسد "اللا معقول"، إذ إن صفقة بقيمة مليون جنيه استرليني (1.33 مليون دولار) قادمة من فليتوود تاون، أحد أندية الدرجات الدنيا، وصل بها في 2012 كلاعب مغمور، ثم قاد فريقاً كان مرشحاً للهبوط، للفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، بتوقعات بنسبة 5000-1.
فيلم "جيمي فاردي" لم ينتج بعد في هوليوود، لكن السيناريو يكتب نفسه.
وصف ليستر سيتي جيمي فاردي بأنه "أعظم لاعب في تاريخ النادي"، إذ سجل 24 هدفاً في موسم تتويج الفريق بلقب الدوري (2015 - 2016)، من بينها رقم قياسي في البريميرليغ، هو التسجيل في 11 مباراة متتالية بين أغسطس (آب) ونوفمبر (تشرين الثاني).
لقد كان هدافاً قاتلاً، وسريعاً بصورة لا تصدق، يتميز بأداء لا يمكن السيطرة عليه، ويعجز أي دفاع عن إيقافه.
في ذلك العام، حصد فاردي جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، وأصبح رمزاً وقصة وصورة لمعجزة ليستر.
وهكذا يروى الإنجاز أيضاً، فقد حصد رياض محرز جائزة رابطة اللاعبين المحترفين لأفضل لاعب في الموسم، إذ منحت الجهة اليسرى الساحرة لمسة من الأناقة لما كان يعد مستحيلاً.
وفي وسط الملعب، كان هناك نغولو كانتي، اللاعب الذي أدى دور رجلين في جسد واحد، ورحل بطل العالم لاحقاً إلى تشيلسي في صيف ذلك العام، وبعدها بعام فاز بلقب الدوري من جديد، مؤكداً أهميته القصوى في معجزة ليستر.
أما فاردي، فبقي في ملعب "كينغ باور" بينما غادر كانتي إلى لندن.
رفض فاردي عرضاً من أرسنال في صيف 2017، وهو الصيف نفسه الذي التحق فيه داني درينكووتر بزميله كانتي في ملعب "ستامفورد بريدج".
وفي العام التالي، انتقل محرز إلى مانشستر سيتي، ليصبح بعدها بطلاً للدوري مرات عدة مع فريق غوارديولا.
ومع تفكك الفريق الذي قاده كلاوديو رانييري إلى المجد، ثم إعادة بنائه لاحقاً تحت قيادة بريندان رودجرز، ظل فاردي هو الرابط الحي بين الحاضر وأعظم لحظة في تاريخ ليستر.
وتطور فاردي كذلك، إذ لم يكن مجرد نجم موسمي، فقد سجل 143 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز بقميص ليستر، ليحتل المركز الـ15 في قائمة الهدافين التاريخيين للمسابقة، وسجل 15 هدفاً في الأقل في خمسة مواسم متتالية بين عامي 2017 و2022.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي موسم (2019 - 2020) فاز بالحذاء الذهبي لهداف البريميرليغ، وأصبح أكبر لاعب سناً ينهي الموسم كهداف للمسابقة، عن عمر 33 سنة.
وبينما بدأ الآخرون بالتباطؤ، ظل فاردي شعلة نشاط لا تنطفئ، مدفوعاً بحبه لشراب "ريد بول"، و زادت الخبرة من دقته في اللمسة الأخيرة، كما أنه ظل مصدر إزعاج دائم.
ووصفه رئيس ليستر أياوات سريفادانابرابا بأنه "استثنائي" و"فريد"، لكنه كان أيضاً بارعاً في استفزاز الجماهير، وعذب جماهير الفرق المضيفة أينما حل، وحطم رايات الركنية، وسخر من جماهير كريستال بالاس بحركة "جناحي النسر" في ملعب "سيلهرست بارك".
وفي عودته للبريميرليغ هذا الموسم، بعد ثماني سنوات، سخر من جماهير توتنهام بتذكيرهم بلقب ليستر التاريخي وخسارتهم القريبة للقب.
ربما كانت الرحلة من الدرجات الدنيا هي ما صاغ شخصية فاردي بهذه الصورة الفريدة، فكما تحدى ليستر كل الاحتمالات للفوز بالدوري الإنجليزي، فإن صعود فاردي من اللعب مع ستوكسبرغ وهاليفاكس تاون إلى أن أصبح لاعباً دولياً مع منتخب إنجلترا في 26 مباراة، تعد قصة مذهلة أخرى.
ومن أبرز إنجازاته كذلك، الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي مع ليستر في 2021، ليصبح أول لاعب يشارك في كل الأدوار، من التصفيات التمهيدية حتى النهائي في "ويمبلي".
لقد بقي فاردي مع ليستر بعد الهبوط في 2023، وبعد سبع سنوات فقط من حصد لقب الدوري، جاء الانهيار الدراماتيكي إلى التشامبيونشيب (الدرجة الأولى) ليضيف فصلاً آخر مذهلاً في قصة ليستر.
وإن بدا هبوطهم في ذلك الوقت غير مفهوم، فإن الهبوط هذا الموسم تحت قيادة رود فان نيستلروي بدا أكثر توقعاً، وقال فاردي "ندمي الوحيد، وأنا محطم بسبب ذلك، أنني لا أودعكم بعد موسم أفضل بكثير، لم تكن هذه هي الطريقة التي أردت أن تنتهي بها مسيرتي هنا".
موسماه الأخيران في الدوري الممتاز أسفرا عن ثلاثة أهداف ثم سبعة أهداف فقط، على رغم أنه قد يضيف إلى هذا الرصيد لاحقاً.
ومع ذلك، فإن تسجيله 18 هدفاً وهو قائد الفريق في رحلة الصعود من التشامبيونشيب يظهر أنه أخيراً بدأ يتباطأ، لكن لا عار في ذلك، ففاردي الذي يجسد معنى "النجم متأخر البزوغ"، يبلغ الآن 38 سنة.
لم يعلن فاردي اعتزاله بعد، لكن فرصة اللعب مع ناد آخر في الدوري الإنجليزي تبدو بعيدة، على رغم أن "الرغبة والطموح لتحقيق مزيد" لا تزال مشتعلة داخله.
وفي الوقت الحالي، تبقى خمس مباريات، من بينها مباراة وداعه في ملعب "كينغ باور" أمام إبسويتش تاون في الـ18 من مايو (أيار)، ثم في الجولة الختامية أمام بورنموث، سيشهد الدوري الإنجليزي الممتاز رحيل رمز.
وسيكون ليستر بدوره على موعد مع توديع آخر قطعة من الفريق الذي حقق المستحيل.
فبعد عام من اعتزال مارك ألبرايتون، يعد فاردي آخر من تبقى من جيل (2015 - 2016).
إنها نهاية حقبة، لكن كما قال فاردي "تلك الذكريات ستدوم مدى الحياة".
© The Independent