Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب غزة أسقطت الانفراد بالحلول

العرب مسؤولون عن القضية الفلسطينية وبات الصراع مع إسرائيل من أولويات السياسة الإقليمية

لم تكن حرب غزة عادية ولا تشبه أي موجة تصعيد عسكرية سابقة (أ ف ب)

ملخص

لم تعد حلول القضية الفلسطينية ترتكز على ما يريده الفلسطينيون وحدهم، بل بما يتوافق عليه العرب في القمة المقبلة.

عندما استعرت المعارك في غزة لم يعد لهيبها محصوراً على سكان القطاع ولا على الفلسطينيين في الضفة الغربية وحدهم، وإنما امتد تأثير القتال وانعكاساته إلى الشرق الأوسط برمته، وهددت الحرب استقرار العواصم العربية منذ اليوم الأول لاندلاعها.

استخدمت الدول العربية أعلى درجات الدبلوماسية لأجل حصر الحرب في غزة من دون أن تشمل مناطق أخرى، وساعدت الولايات المتحدة في ذلك، وبصعوبة نجح جميع الأطراف في تقليل شرارة القتال في المناطق الأخرى، ويعتقد المراقبون السياسيون أنه لولا الإرادة العربية في الاستقرار لانتشرت الحرب في أرجاء الشرق الأوسط.

حرب غزة أعادت القضية إلى الحضن العربي

لم تكن حرب غزة عادية ولا تشبه أي موجة تصعيد عسكرية سابقة، بل كانت بداية لتغيير الشرق الأوسط برمته فعلياً، وتغيير مفاهيم الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وتوضيح مفردات انعكاس القضية على المحيط العربي، إذ كشف هذا القتال عن سقوط مفهوم انفراد طرفي الحرب بالحلول بينهما، وأن الحل هذه المرة يجب أن يفرض من الخارج سواء من المجتمع العربي أو الدولي.

لم تعد أخطار الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي تخص المجتمع اليهودي والفلسطيني فحسب، كما كانت على مدى الأعوام منذ عام 1948، وإنما انتقلت تلك الأخطار إلى المحيط العربي، وباتت تهدد استقرار الشرق الأوسط برمته.

يقول متخصص العلوم السياسة محمد حمزة "عقدت الدول العربية قمماً عدة منذ عام 1948 لمناقشة القضية الفلسطينية ووضع حلول لها، لكن جميع تلك الحلول وضعت في أدراج مغلقة ولم تطبق على أرض الواقع، هذا جعل ملف فلسطين ثانوياً وانشغلت الدول في الاستقرار بينما الأراضي الفلسطينية مشتعلة".

ويضيف "أثر تهميش القضية في الفلسطينيين وانحازت ’حماس‘ لإيران وغاب الحضن العربي، وهذا جعل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في أدنى اهتمامات الدول، حتى شنت الحركة هجومها على إسرائيل حينها انقلب الرأي العام، وباتت القضية الفلسطينية هي الأولى في الاهتمام".

الردود الإقليمية تؤكد الحل الشامل للقضية الفلسطينية

توالت ردود الفعل على هجوم "حماس" وعنف إسرائيل في غزة، فمصر منذ بدأت إسرائيل قصف القطاع قلقت من احتمال تدفق السكان الغزيين إلى شبه جزيرة سيناء عبر معبر رفح سواء هرباً من الصراع أو بسبب قيام إسرائيل بطردهم.

أشارت مصر بقوة لشركائها الإقليميين والدوليين إلى أنها لا تريد أن تكون مقصداً للمهجرين من قطاع غزة، وأكدت أنه يجب خفض التصعيد، ومارست دوراً كبيراً كوسيط بين "حماس" وإسرائيل، لكن طبيعة الحرب هذه المرة جعلتها تفرمل تدخلها مرة، ومرة أخرى تزيد ضغوطها.

 

 

والأردن غضب من الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة وثار من الكارثة الإنسانية التي نجمت عنه، ونضجت تكهنات برغبة إسرائيل في تهجير الفلسطينيين في غزة والضفة وهذه المخاوف عمرها عقود، إذ كانت تخطط تل أبيب لطرد سكان الضفة الغربية، وخرج الأردنيون إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد بشكل يومي، وكان حجم التظاهرات أمام السفارتين الأميركية والإسرائيلية في العاصمة عمان غير مسبوق.

أما تركيا فقد بدأت أنقرة نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً لدفع الطرفين إلى خفض التصعيد وتجنب حدوث مواجهة أوسع، واستعملت خطاباً متوازناً أكدت فيه استعدادها للتوسط بين الطرفين لوقف التصعيد والعمل لتحقيق حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، مع قيام أنقرة بدور الضامنين لتنفيذ أي اتفاق.

وفي الخليج، كانت ردود الفعل الفورية على اندلاع الأعمال العدائية منسجمة إلى حد كبير مع المواقف السابقة للحرب، إذ أجمعت الدول الست (السعودية وقطر والإمارات والبحرين والكويت وعمان) على أنه يجب أن يكون هناك حل شامل حتى لا تتكرر الأعمال العدائية.

دولة فلسطينية رؤية الحل العربي

ترى الدول العربية أجمعها أن الحل يكمن في قيام دولة فلسطينية، لكن إسرائيل عارضت ذلك بشدة، ودعمتها الولايات المتحدة، وفي المقابل أصرت السعودية كدولة تقود الدول العربية على أنه لا حلول إلا بقيام دولة للفلسطينيين.

هذا الحل المناسب للدول العربية الذي يبحث عنه الفلسطينيون لم يعجب الولايات المتحدة ولا إسرائيل، التي ابتكرت مصطلح اليوم التالي للحرب، في إشارة إلى تغيير النظام السلطوي في غزة، وذهب وراء هذا الأمر غالب الدول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد حمزة أن الأخطار الضخمة التي نتجت من الحرب جعلت العرب يقتنعون بأن العدوان في غزة والصراع الفلسطيني - الإسرائيلي له آثار وانعكاسات في المحيط العربي، وهنا تحولت القضية إلى أحد أبرز الثوابت السياسية الإقليمية.

طرح أميركا الحلول لا يتماشى مع العرب

لكن في هذه الثوابت كانت رغبة إسرائيل والولايات المتحدة تتجسد في فرض حلول تتماشى مع رؤيتهم للمنطقة، وعندما وصلت إدارة الرئيس ترمب إلى سدة الحكم كانت واضحة في عرضها خطط مستقبل غزة.

عندما وقف ترمب بجوار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرض خطته في شأن غزة، فهو يريد تهجير سكانها إلى دول عربية، وتحويلها إلى ريفييرا الشرق الأوسط، ويسيطر عليها، هذه الخطة وجدت معارضة عربية شديدة، وكان الحل يتمثل في خلق حل عربي.

عندما عرضت الولايات المتحدة خطتها في شأن غزة، أدركت الدول العربية أنه يجب عليها التدخل في القضية الفلسطينية وإيجاد حلول لها قوية قابلة للتنفيذ.

تقول أستاذة التاريخ ملكة العجلة "سقط مفهوم الانفراد بالحل، في كل جولة قتال تفرض إسرائيل أو ’حماس‘ رؤيتها للحلول، لكن هذه المرة الأمر مختلف كثيراً".

القمة العربية يجب أن تخرج بحلول قابلة للتنفيذ

وتضيف "لا حلول فلسطينية لقضيتهم، كما أنه لا رؤية إسرائيلية قابلة للتطبيق، العرب هذه المرة بقيادة السعودية التي جددت قدراتها في السياسة ترغب في طرح حل عادل للفلسطينيين وقابل للتطبيق".

 

 

تعتقد العجلة أن المجتمع العربي والدولي قادر على فرض حلول للقضية الفلسطينية، وهنا نتحدث عن الأراضي الفلسطينية غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وليس القطاع وحده، وإلزام طرفي الصراع تطبيقها.

تعول العجلة على القمة العربية المخصصة لمناقشة الحلول لمستقبل غزة، وترى أن الدول الإقليمية تستطيع هذه المرة فرض رؤيتها الخاصة في القضية الفلسطينية وتنفيذها في إطار جدول زمني.

في النهاية، السؤال المهم، هل جهز العرب رؤيتهم لمستقبل قطاع غزة؟ وهل القمة العربية قادرة على الخروج بحل يقنع إسرائيل والولايات المتحدة؟ وهل العلاقات الدولية العربية تستطيع إجبار تل أبيب على تنفيذ الحلول؟

تؤكد العجلة أن الإجابات عن هذه الأسئلة ستتضح بعد انعقاد القمة العربية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير