Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

درس "مستر بيست"... رهان جديد على إنعاش السياحة في مصر

صناع محتوى يطالبون بتكرار التجربة مع مؤثرين فاعلين ومتخصصون: كلفة أقل وتأثير أوسع ولكن

أثار فيلم اليوتيوبر الأميركي مستر بيست الذي صور داخل أهرام الجيزة أصداء عالمية واسعة (مواقع التواصل)

ملخص

نجاح فيلم "مستر بيست" أخيراً أظهر ضرورة التخلي عن الوسائل التقليدية التي كانت تتبعها مصر خلال الأعوام الماضية للترويج للسياحة واللجوء لاستخدام الوسائل الحديثة كـ"السوشيال ميديا" والذكاء الاصطناعي للوصول إلى ملايين السياح المستهدفين

أثار فيلم اليوتيوبر الأميركي جيمس ستيفن دونالدسون المعروف باسم "مستر بيست" الذي صور داخل أهرام الجيزة بمصر، وحقق ما يقارب 90 مليون مشاهدة في غضون أربعة أيام فور طرحه على قناته الخاصة، أصداء عالمية واسعة، وسط تساؤلات حول مدى تأثير تجربة استضافة صناع المحتوى العالميين في إنعاش حركة السياحة المصرية، وأسباب تغيير مصر خططها الترويجية التقليدية والبحث عن وسائل تسويقية بديلة لجذب الانتباه العالمي لأبرز المعالم السياحية بها، وكيف يجري تذليل العقبات والعراقيل أمام مشاهير السوشيال ميديا للسماح لهم بالتصوير من أجل الترويج والتسويق للمزارات والمنشآت السياحية؟

وخاض اليوتيوبر الأميركي الشهير الذي لديه نحو 359 مليون مشترك على قناته على "يوتيوب"، رحلة استكشافية داخل الأهرام استغرقت 100 ساعة وطرحها في فيديو مدته 21 دقيقة، رافقه خلالها عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس. وقال "مستر بيست" في منشور عبر حسابه على منصة "إكس" إنه "حظي بتصريح غير مشروط لدخول الأهرام الثلاثة واستكشافها"، فيما شارك حواس عبر حسابه على "فيسبوك" مجموعة من الصور للجولة، مصحوبة بتعليق "مغامرة جديدة مع (مستر بيست)".

وتعد هذه المرة الأولى التي تستضيف مصر صانع محتوى لديه شهرة عالمية واسعة وملايين المتابعين، ويستحوذ على نسب مشاهدات عالية بعد نجمي الرياضة العالميين رونالدو وميسى، وغالب متابعيه من جيل الشباب الذين تستهدف مصر استضافتهم لتعريفهم معلومات عن الحضارة المصرية والأماكن السياحية الشهيرة بها.

الأكثر انتشاراً وتأثيراً

وعن انعكاس استضافة صناع المحتوى العالميين على انتعاش حركة السياحة بمصر، يقول نقيب السياحيين باسم حلقة إن الدولة المصرية بمختلف أجهزتها وهيئاتها تنبهت مبكراً لأهمية السوشيال ميديا وتأثيرها الهائل خلال الوقت الراهن في جذب السياحة الأجنبية، إذ أصبح الجميع يتابع المزارات السياحية عبر السوشيال ميديا وليس الصحف أو التلفزيون، كونها إحدى الوسائل التسويقية الأسرع والأكثر انتشاراً وتأثيراً لمخاطبة المستهدفين.

ويؤكد نقيب السياحيين لـ"اندبندنت عربية" أن هيئة تنشيط السياحة المصرية كانت تلجأ على مدى الأعوام الماضية إلى استضافة مشاهير الصحافة والإعلام وكبار الكتاب من بلدان معينة تستهدف جذب السياحة بها، ثم لجأت مع تطور السوشيال ميديا وقوة تأثيرها للبلوغرز واليويتوبرز ومشاهير صناعة المحتوى العالميين لدعوتهم لزيارة الأماكن السياحية وتدوين منشورات عنها، وثبُت نجاح تلك التجربة بصورة كبيرة، مشدداً على أنه يجب تعميم تلك الأفكار التسويقية في المستقبل من أجل زيادة أعداد السياحة الأجنبية الوافدة إلى مصر.

 

وقبل أيام، أعلن وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، أن المؤشرات السياحية حققت خلال 2024 أعلى معدلات للسياحة الوافدة على الإطلاق، إذ بلغت أعداد السياح الوافدين إلى مصر نحو 15.78 مليون سائح.

ووفق نقيب السياحيين، فإن تجربة مستر بيست تعرضت لعدد من الانتقادات حينما أزيح الستار عنها، وكانت هناك ردود فعل غاضبة من المصريين، بسبب ما سماه بعض آنذاك بـ"تأجير الأهرام"، إلا أنه بعد خروج الفيلم للنور ثبت مدى نجاح أفكار وخطط وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة، إذ حقق الفيديو دعاية سياحية ضخمة لمصر وجذب جميع أنظار العالم، وهو ما ينعكس إيجاباً على حركة السياحة في المستقبل، مردفاً "لو أنفقنا ملايين الدولارات ما كنا سنحقق ما نجح مستر بيست في تحقيقه".

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي أثار "مستر بيست" جدلاً واسعاً في مصر بعد حديثه عن "تأجير الأهرام" 100 ساعة للتصوير داخل المنطقة، وهو ما نفته وزارة السياحة والآثار المصرية آنذاك، وقالت في بيان رسمي "إن اليوتيوبر لم يقم بتأجير المنطقة إنما ما حدث هو مجرد حصوله على تصريح بالتصوير في غير أوقات العمل الرسمية، كما أنه انتهى من أعمال التصوير بالكامل ولم يتم غلق المنطقة خلال فترة التصوير كما أشيع ولا حتى لساعة واحدة".

دعاية جديدة رخيصة الكلفة

يوافقه الرأي المتخصص السياحي محمد كارم مؤكداً أن السوشيال ميديا أصبحت من أهم وسائل التسويق والترويج للمزارات السياحية وقادرة على جذب السياحة الأجنبية من مختلف أنحاء العالم. مشيراً إلى أن نجاح فيلم "مستر بيست" أخيراً أظهر ضرورة التخلي عن الوسائل التقليدية التي كانت تتبعها مصر خلال الأعوام الماضية واللجوء لاستخدام الوسائل الحديثة كـ"السوشيال ميديا" والذكاء الاصطناعي للوصول إلى ملايين السياح المستهدفين، مردفاً "السوشيال ميديا أصبحت أحد الأسلحة المهمة في جذب السياحة ولا يمكن الاستغناء عنها".

ويؤكد كارم خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن أفلام صناع المحتوى العالميين عن المزارات السياحية المصرية يمكن أن تدخل في إطار الدعاية "غير المباشرة لمصر" ورخيصة الكلفة، وستسهم في تشجيع استقطاب ما يسمى "سياحة المغامرة والشباب" لتقليد ما قدمه "مستر بيست" من أفكار، مؤكداً أن مصر إذا استمرت على هذا التطور في الأفكار والخطط التسويقية والاستعانة بمنصات التواصل الاجتماعي ستكون أحد أهم المقاصد السياحية عالمياً في غضون أعوام معدودة، كما سينعش الطلب على السياحة المصرية وسيرد بالأدلة والبراهين على قيمة وأهمية الحضارة المصرية.

 

وفي سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، أكد عمرو القاضي الرئيس التنفيذي لهيئة تنشيط السياحة المصرية في تصريحات صحافية، أهمية وقوة التسويق المؤثر من خلال المدونين والمؤثرين في العصر الرقمي حالياً من خلال التعاون مع هؤلاء الموهوبين وأصحاب القاعدة العريضة من المتابعين، مردفاً "يمكن الوصول إلى شرائح كبيرة وجديدة من السياح وتقديم واستعراض التجارب الأصيلة والمباشرة التي يقدمها المقصد السياحي المصري، التي تلقي الضوء على حضارة مصر الغنية والتنوع الثقافي والحضاري والمناظر الطبيعية الخلابة والثقافة النابضة بالحياة".

يعضد الرأي السابق رئيس لجنة السياحة العربية بغرفة شركات السياحة محمد ثروت، مشيراً إلى أن كل الشواهد أثبتت أهمية اللجوء لأفكار ترويجية وتسويقية أكثر جذباً وتأثيراً وتتوافق مع متطلبات العصر الحالية ومستجداته السريعة.

يقول ثروت لـ"اندبندنت عربية" إن نجاح فيلم "مستر بيست" يمكن اعتباره خطوة للبناء عليها في المستقبل واستضافة صناع محتوى بارزين آخرين يمتلكون ملايين المتابعين على منصاتهم ويستطيعون الوصول إلى الشباب الأصغر سناً والمستهدفين من قبل مصر للترويج للمعالم السياحية، منوهاً أنه يجب مواصلة خطط التطوير وتذليل جميع العقبات والعراقيل أمام مشاهير السوشيال ميديا في العالم لإخراج أعمالهم في أفضل صورة، مطالباً بضرورة أن يكون هناك استراتيجية وخطة ممنهجة تتضافر فيها الجهود كافة من أجل الاستفادة من المزارات والأماكن السياحية الفريدة التي تستحوذ عليها مصر مثل الأهرام وأبو الهول، والتي يحرص السياح من مختلف أنحاء العالم على زيارتها.

وفي مارس (آذار) عام 2023، أعلن المهندس عمرو جزارين رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة "أوراسكوم بيراميدز للمشروعات"، في تصريحات صحافية أن متوسط أعداد الزوار لمنطقة الأهرام، يراوح حالياً ما بين اثنين و2.5 مليون سائح سنوياً ونحو 10 آلاف سائح في اليوم.

تسهيل مهمة صناع المحتوى

وعن قوة وتأثير السوشيال ميديا يقول صانع المحتوى المتخصص في مجال السياحة والسفر أحمد مجدي لـ"اندبندنت عربية"، إن الجميع تنبه لأهمية السوشيال ميديا وقوة تأثيرها، وأنها أصبحت تحل بديلاً للصحف والتلفزيون وأصبحت الأكثر انتشاراً وتأثيراً في الوصول لأية شريحة مستهدفة في العالم. مشيراً إلى أن غالب السياح في مختلف أنحاء العالم أصبحوا يطالعون مستجدات أهم المزارات والمعالم السياحية في أية دولة عبر صناع المحتوى الذين يقومون بمتابعتهم ويقدمون المعلومات التعريفية لهم عن تلك الأماكن بمحتوى جذاب وشيق للتشجيع على زيارتها.

ويطالب مجدي بضرورة تشجيع هذا النوع من الأفكار التسويقية والترويجية المبتكرة وتسهيل مهمة صناع المحتوى العالميين سواء المصريين أو الأجانب للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال وتشجيعهم للتعريف بأبرز المعالم السياحية بمصر، موضحاً أن كثيراً من صناع المحتوى يملكون القدرة على جذب أعداد هائلة من السياحة من خلال فيديو قصير أو كتابة منشور عبر منصاتهم.

 

ويشير صانع المحتوى إلى أنه سبق وتلقى طلبات استضافة من بعض البلدان العربية من أجل الترويج للمعالم الأثرية والسياحية بها، منوهاً بأن كثيراً من البلدان العربية والآسيوية أصبحوا يدركون أهمية منصات التواصل ويحاولون الاستفادة من أصحابها والمتابعين لها لجذب السياحة، مردفاً "نتمنى أن يتم توفير كل المقومات الرئيسة من تيسير عملية التصوير داخل المنشآت السياحية ومراعاة الكلفة المادية وإصدار التصاريح الرسمية لكي يتمكن صناع المحتوى من أداء مهمتهم".

وفي السياق ذاته، يرى صانع المحتوى السردي المتخصص في مجال السياحة بشير شوشة أنه يجب التفرقة بين صناع المحتوى الحقيقيين الذين يقدمون معلومات حقيقية عن المعالم والمزارات السياحية بمحتوى جذاب، من أجل تشجيع السياح على القدوم وخوض التجربة بأنفسهم، ومن يسعون إلى الحصول على التفاعل واللايكات ولا يضعون المشاهد ضمن أولوياتهم ويهتمون بالصورة على حساب المحتوى نفسه، مؤكداً أن النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي أصبحوا قوة مؤثرة ويمكن استغلال المحتوى الذي يقدمونه في إغراء السياح على القدوم. شريطة أن تقوم الدولة بدورها في توفير كل الوسائل والمقومات الجاذبة للسائح وحسن استقباله وتشجيعه على تكرار الزيارة أكثر من مرة، منوهاً بأن مصر تملك كل الإمكانات التي تؤهلها لتكون أحد أبرز المقاصد السياحية.

سلاح ذو حدين

"سلاح ذو حدين"، هكذا يصف الرئيس السابق للجنة السياحة والطيران بمجلس النواب عمرو صدقي استغلال سلاح صناع المحتوى المؤثرين عالمياً للترويج للمعالم السياحية، موضحاً أن تلك التجربة لها تبعاتها الإيجابية والسلبية وتتوقف حسب طبيعة استخدامها، منوهاً بأن ما سيكتبه هؤلاء المؤثرين على منصاتهم للمتابعين لهم هو ما سيحدد ذلك، مشدداً على أن الدولة يجب أن تدقق في اختياراتها أثناء تقديم طلبات استضافة لهؤلاء الأشخاص، خشية من اللجوء لتزوير الحقائق أو تشويه سمعة السياحة المصرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفق صدقي، فإن تجربة الاستعانة بمشاهير السوشيال ميديا "ليست جديدة"، لكنها كانت إحدى الأدوات التي تستخدمها وزارة السياحة منذ أعوام عدة، إذ كانت تستقطب صناع المحتوى وتقوم بعمل حملات تعريفية لهم وتذليل العقبات أمامهم أثناء التصوير للتسويق للمزارات السياحية، مشيراً إلى أنها كانت إحدى أذرع التسويق لوزارة السياحة المصرية كونها رخيصة الكلفة ولكنها أكثر تأثيراً.

وخلال سبتمبر (أيلول) عام 2019، وجهت وزارة السياحة المصرية دعوة واستضافة عدد من المدونين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي والمتخصصين في السياحة والسفر من مختلف قارات العالم في زيارة إلى مصر لمدة أسبوع لنشر الصور والكتابة عنها على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم والتي يتابعها الملايين، وتنظيم برنامج سياحي لهم.

ويضيف صدقي أن أجهزة الدولة كافة تسعى إلى التطور دائماً في وسائلها وأساليبها لجذب السياح، منوهاً بأن هناك خططاً مستقبلية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الترويج للسياحة والرد على حملات التشويه والهجوم على السياحة المصرية، وبخاصة في ظل التحديات العديدة التي تواجه الدولة المصرية خلال الوقت الراهن والأزمات التي تحيط بالمنطقة من مختلف الجهات.

وفي سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، استبعد وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي الوصول إلى هدف "30 مليون سائح سنوياً" بحلول عام 2028، وتوقع فتحي خلال لقاء جمعه بصحافيين مصريين وأجانب في مقر المتحف القومي للحضارة المصرية بالقاهرة، الوصول إلى "هذا الهدف بحلول عام 2031 إذا لم تحدث متغيرات جيوسياسية جديدة بالمنطقة".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات