ملخص
يسميه المجتمع زواجاً، وتسميه جمعيات حقوق الإنسان والطفل تزويجاً. إنه الزواج المبكر جداً، تزويج القصار من الفتيات والشبان. لماذا لا يزال قائماً في هذا العصر، وما هي التحديات التي تحول دون منعه، وما تأثيره في ضحاياه والمجتمع؟
"بعمر 11 سنة كتب كتابي على أحد الأقارب، وكان يبلغ من العمر 20 سنة. إنها اللحظة التي جعلت حياتي جحيماً. قررها راشدون عني، وأنا دفعت ثمنها كل حياتي"، تخبر زينب السبعينية التي أضاع والدها بجرة قلم عمرها. رماها بأحضان رجل لم يمض على بلوغه سن الرشد الكثير، فعاشا معاً وأنجبنا 12 طفلاً.
استعدت حريتي عندما توفي زوجي
تقول زينب، "فرحت أنني سأكون عروساً قبل أترابي. لم أكن أعرف ماذا ينتظرني. فرحت بالذهب والفستان الأبيض الذي سوَّد كل حياتي. لم أكن أدرك شيئاً، ولم تخبرني أمي ما علي فعله، كانت تردد فقط كلمة عيب. لقد كان كل ما بعد العرس مرعباً. أردت الهرب في الليلة الأولى، فضربني زوجي. وتعرضت بعدها للانتهاك الجسدي بصورة متواصلة وأنا أبكي. وفي الصباح شكوت لأهلي فضحكوا. حاولت بعدها الهرب لأن زوجي كان همجياً بعض الشيء، واعتاد على ضربي لأنني عنيدة كما كان يقول. لم أكن أفهم ما هو الزواج. كان عليّ تحضير الطعام والغسيل والعمل في المنزل طوال اليوم إلى أن يأتي كابوس الليل اليومي. وحملت مرتين وأجهضت، ثم عدت وأنجبت خمسة صبيان وسبع فتيات".
تتذكر زينب حياتها التي نزعت منها لتكمل "بقيت على هذه الحال إلى أن توفي زوجي. لم أستطع أن أبكي عليه. في الواقع شعرت بالحرية. كان عمري 40 سنة. بدأت حينها بحياتي. لم أسمح للصبيان أولاً بالتحكم بشقيقاتهم، كما كان يفعل إخوتي. لا أدري كيف استطعت أن أخلق رابط حب بيني وبين أطفالي، على رغم أنني لم أحصل على الحب لا من أهلي ولا من زوجي. لم يستقبلني أهلي عندما أهرب إليهم. كانوا يعيدونني إليه وأنال قسطاً أكبر من الضرب، عدا الكلام المؤذي والمهين".
وتؤكد زينب أن ما عاشته لم تشف منه بعد، وأنها رفضت الزواج بعد موت زوجها، لكنها أصرت على ألا يتزوج أحد من بناتها قبل عمر الـ20.
طفولتي ضاعت
في سياق مشابه تخبر الثلاثينية هدى أنها زوجت في عمر 14 سنة من رجل يكبرها بـ20 سنة، "قال أهلي إن هذا الزواج هو فرصة لي ولهم، وإنه سيؤمن لي حياة كريمة وسط الفقر الذي كنا نعيشه. كنت حينها طفلة تحب اللعب مع صديقاتها وتحلم بأن تصبح معلمة. زوجي الرجل الذي أصبح شريك حياتي بالقوة، كان يتعامل معي كأنني ملكية اشتراها. لم أكن أستطيع التحدث معه بحرية أو حتى التعبير عن رأيي. كان يطلب مني أن أقوم بكل شيء في المنزل، من التنظيف إلى الطهي، وكأنني خادمة. وكنت أخاف منه. صوته المرتفع وحده كان كافياً لجعل جسدي يرتعش. رجوته أن أعود إلى المدرسة، لكنه كان يكرر أن مملكة المرأة بيتها. عندما أنجبت طفلي الأول وأنا لم أبلغ الـ16 بعد، شعرت بمزيج من الخوف واليأس. كيف لي أن أربي طفلاً؟ وكنت أشعر بأن الحمل يزداد ثقلاً يوماً بعد يوم. لم يكن هناك أحد أستطيع اللجوء إليه. كنت أخاف من كلام الناس ومن رد فعل عائلتي. كنت وحيدة تماماً. لم أتعرض لعنف جسدي، ولكنني لم أعرف يوماً معنى الشراكة والحب. فزوجي يعد أنني لا أعي شيئاً. وكل ما أفكر فيه الآن أنني لن أسمح لابنتي بالمرور بما مررت به. ستتخرجان قريباً من الجامعة وتعملان. وهذا سيقويني أن أنطلق معهما بحياتي من جديد حيث لا حاجة إلى البقاء مع زوجي لينفق علي، وربما أستطيع العمل والعيش وحدي لأختبر الحياة الحقيقية من دون خوف أو حاجة".
أرقام مقلقة
قصص كثيرة لسيدات مررن بتجارب قاسية، كان من المفترض أن تكون شراكة حياة، وإذ بها تصبح سجناً، سجانه هو الشريك من ناحية وباقي عناصر المجتمع من ناحية أخرى.
فالزواج هو عقد شراكة بين شريكين، يختاران بكامل إرادتهما ووعيهما العيش تحت سقف واحد في السراء والضراء. ولتعقد هذه الشراكة وتكون ظروف نجاحها قابلة للاستمرار، يجب أن يأخذ القرار الشريكان الراشدان اللذان بمقدورهما، بحسب القوانين، التوقيع على العقود، ومنها من المفترض أن يكون عقد الزواج.
وتعرف منظمة الأمم المتحدة للطفولة الـ"يونيسيف" زواج القاصرين بأنه "أي زواج رسمي أو غير رسمي يضم طفلاً دون سن 18 سنة بشخص بالغ أو طفل آخر".
تعد ظاهرة تزويج القاصرات في لبنان من القضايا الاجتماعية الملحة التي تتطلب اهتماماً جاداً. وتشير الدراسات الحديثة إلى ارتفاع ملحوظ في نسب هذا النوع من الزواج، مما يثير القلق حول مستقبل الفتيات المتأثرات به. وأظهرت دراسة أجراها "التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني" عام 2023 أن 20 في المئة من المستطلعين تزوجوا في سن 18 سنة أو أقل، مع ملاحظة أن 87 في المئة من هذه الحالات تخص الإناث، وهذا يعد ارتفاعاً مقلقاً مقارنة بنسبة ستة في المئة التي سجلتها منظمة الـ"يونيسيف" عام 2016. وأشارت الدراسة نفسها إلى أن 10 في المئة من الفتيات تزوجن بين سن 13 و15 سنة، وسجلت أعلى نسب لزواج القاصرات في منطقة بعلبك – الهرمل (شرق)، بينما كانت النسبة الأدنى في بيروت.
كما بلغت نسبة زواج القاصرات بين اللاجئين السوريين 45 في المئة، مما يؤكد تأثير الظروف المعيشية الصعبة على زيادة هذه الظاهرة القديمة - الحديثة.
وأشارت الـ"يونيسيف" إلى أن "نحو 1.8 مليون طفل في لبنان، أي أكثر من 80 في المئة من إجمالي الأطفال، يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، بعدما كان العدد يقدر بـ900 ألف طفل فقط عام 2019"، وهؤلاء الأطفال يواجهون خطر التعرض لانتهاكات مثل عمالة الأطفال أو تزويجهم للمساهمة في تغطية حاجات أسرهم. وذكر التقرير أن "واحدة من كل خمس فتيات سوريات تراوح أعمارهن ما بين 15 و19 سنة في لبنان متزوجة".
في عام 2016، كانت منظمة الـ"يونيسيف" قد أصدرت تقريراً كشفت فيه أن ستة في المئة من اللبنانيات اللاتي كانت أعمارهن تراوح ما بين 20 و24 سنة كن تزوجن قبل بلوغهن سن 18 سنة. وفي دراسة تالية أجرتها المنظمة عام 2017 شملت نحو 2400 من النساء والفتيات اللاجئات السوريات في منطقة البقاع الغربي بلبنان، أظهرت النتائج أن أكثر من ثلث النساء اللاتي تراوح أعمارهن ما بين 20 و24 سنة تزوجن قبل سن 18 سنة. كما بينت الدراسة أن 24 في المئة من الفتيات اللاجئات اللاتي تراوح أعمارهن ما بين 15 و17 سنة كن متزوجات.
وفي عام 2020، كشفت دراسة بعنوان "الزواج المبكر - أسبابه وآثاره ونتائجه السلبية على القاصرات اللبنانيات واللاجئات السوريات والفلسطينيات"، أن نسبة الزواج المبكر لدى القاصرات في لبنان تجاوزت 13 في المئة، أكثر من نصفهن لبنانيات، وأكثر الأسباب تأثيراً كان الوضع الاقتصادي المتردي.
معركة ضد الطوائف
وفي السياق تحدثت المحامية ليلى عواضة، وهي شريكة مؤسسة في منظمة "كفى" لـ"اندبندنت عربية" معتبرة أن "موضوع تزويج القاصرات لا ينفصل عن موضوع الأحوال الشخصية، بل هو بند من بنود قانون الأحوال الشخصية وقوانين الطوائف التي تطبق في لبنان، وكلها تسمح وتجيز تزويج القاصرات، فمعركتنا هي معركة القانون الموحد للأحوال الشخصية الذي نطالب به لرفع يد الطوائف عن القانون، ويرد للدولة سيادتها على التشريع، ويحدد سن الزواج بـ18 سنة".
تضيف، "منذ عام 2014 أقررنا قانون العنف الأسري، ولأننا نعد تزويج القاصرات شكلاً من صور العنف ضد الإناث في الأسرة قمنا، عام 2015، بحملة ضد تزويج القاصرات. رصدنا فيها، في منطقة المنارة (بيروت)، ردود فعل الناس على زواج رجل كبير من فتاة قاصر لنقول إن الوعي الاجتماعي سابق للوعي التشريعي، فالناس يرفضون هذا التزويج في بيئتهم، لكن المشرع لا يزال يسمح للطوائف بالإبقاء على هذا التشريع. منذ 2015 نقوم بالحملات مثل "جازة أو جنازة"، التي تصوب على موضوع تزويج القاصرات، وربطنا الموضوع بالاغتصاب. ففي قانون العقوبات تعد مجامعة القاصر لو برضاه اغتصاباً. وللأسف عندما ألغيت المادة 522 التي توقف الملاحقة في حق المغتصب، أبقي على مجامعة القاصر، لأنهم يعلمون أن الطوائف تبيح بتزويج القاصرات، كما سمحوا لمغتصب القاصر إذا جامعها برضاها أن يتزوج بها، وهذا انعكاس لقوانين الأحوال الشخصية على القوانين المدنية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابعت عواضة "موضوع تزويج القاصرات أساس في حملات جمعية ’كفى’ التي تقوم ضد قانون الأحوال الشخصية، إضافة إلى حملات تزويج القاصرات. ودعمنا القانون الذي تقدم إلى مجلس النواب لتزويج القاصرات بصورة منفصلة قبل إعداد القانون الموحد للأحوال الشخصية. واعتبرنا أن المعركة هي مع الطوائف ويجب أن تخاض مرة واحدة، بدلاً من أن تخاض في موضوع تزويج القاصرات، ثم في الطلاق، ثم في الحضانة. لذا عدنا وصوبنا الحملة على القانون الموحد للأحوال الشخصية الذي يتضمن موضوع تزويج القاصرات. وإلى جانب الحملة لتعديل القوانين أو إقرار القانون الموحد نستمر في حملات التوعية. ولدينا وحدة حماية الأطفال التي تقوم بتوعية للأهل في جميع المناطق، وفي أماكن وجود اللاجئات السوريات، لأن هناك استغلالاً عادة أثناء الأزمات والحروب للفتيات وتزويجهن. لذا التوعية دائمة ومستمرة، وانبثقت لجان من هذه الوحدة في مخيمات اللاجئين أو مكان وجودهم، مهمتها التدخل بحال حصول تزويج لمنعه، وهذا ما حصل فعلاً في حالات عدة. واضطررنا أحياناً لتبليغ القضاء ضمن قانون العنف الأسري، خصوصاً إذا كانت القاصر غير موافقة ومكرهة على الزواج لحمايتها من فعل العنف هذا. واستطاعت النيابة العامة أن تتدخل لوقف تزويج القاصر".
تزويج وليس زواجاً
وتلفت المحامية عواضة "إلى أن البطء التشريعي في لبنان يجعل هذه القضايا تأخذ وقتاً للحل، فمهما قمنا بالتوعية الاجتماعية، ولم يأت تشريع يمنع تزويج القاصرات فلن نصل لنتيجة مرضية. إن تزويج القاصرات موجود عند جميع الطوائف وكل المجتمعات، خصوصاً مجتمعات الأطراف، تلك التي ترزح تحت عبء اقتصادي أكبر، على اعتبار أن الزواج يعد حلاً للأزمة الاقتصادية لديها". وتشير عواضة أيضاً إلى أنه في عام 2020 عدل قانون العنف الأسري لجعل القاصر المتزوجة قادرة على اللجوء إلى قاضي العجلة من دون ولي أمرها، "لأنها كانت في السابق تحتاج إلى ولي أمرها إذا تعرضت للعنف حتى ترفع شكوى أو تطلب الطلاق. والتعديل كان لخلق آلية حماية للقاصر المتزوجة من دون الحاجة إلى ولي مما قد يكون أحياناً غير موافق أن تشتكي على زوجها أو تحمي نفسها من العنف الزوجي، وأحياناً قد يردها إلى زوجها".
وعن تدخل جهات متخصصة لمنع تزويج القاصرات تقول "مجرد أن تقول الفتاة إنها لا تريد الزواج يمكن تدخل النيابة العامة للمنع. ونحن نتمسك بكلمة الفتاة لحمايتها مما يندرج تحت قانون العنف الأسري. وتطلب النيابة العامة الاستماع للفتاة، والتحدث مع اختصاصية اجتماعية. ويطلب التوقف من الأهل عن التزويج حتى إعداد التقرير. وهذه الآلية أثرت في إيقاف عدد من الزيجات خصوصاً أن ما يحصل هو إجبار قاصر على الزواج، فحتى إن رضا القاصر في القانون يعد معيوباً، فالقاصر شخص لا أهلية لديه ليعطي موافقة على عقد ولا يوقع على عقد، لذا نقول إن ما يحصل ليس زواجاً إنما تزويج، أي زواج بالإكراه".
التوعية والقانون يد بيد
وفي حوار إلى "اندبندنت عربية" تحدثت غنوة شندر وهي مديرة مشاريع ومنسقة حملة تزويج الطفلات في "الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة"، ومديرة منظمة "أنت الحياة"، الشريكة للهيئة في برامج عدة، ومنها برنامج تزويج الطفلات والأطفال، تحدثت عن عمل الهيئة التي تأسست عام 1997 وهي تعمل لمناهضة تزويج الطفلات، "لدينا شراكات وعضويات عدة في ائتلافات محلية وإقليمية وعالمية تناهض موضوع تزويج الطفلات والأطفال. ونقوم بجلسات توعية وتدريب للنساء والرجال والفتيات والشباب في المجتمع، فنتوجه لمختلف فئات المجتمع إضافة إلى طلاب وطالبات الجامعات والمدارس للتوعية حول التزويج المبكر. كما نقوم بورشات عمل، وطاولات مستديرة، وحوار مع أصحاب المصلحة من مشرعين وإعلاميين ونواب وجهات سياسية وأكاديميين وجامعات وجمعيات أخرى للعمل معاً. وقدمنا عام 2020 مقترح قانون وصل إلى لجنة حقوق الإنسان النيابية لمناهضة تزويج الطفلات والأطفال. وبسبب المناصرة والعمل معاً استطعنا عام 2023 أن تكون لدينا مساهمة في مشروع تزويج الطفلات الذي أقرته لجنة الإدارة والعدل. ولا يزال الضغط في هذه الموضوع موجوداً إن من قبل الهيئة أو بالتنسيق مع جمعيات أخرى".
وعن أسباب وتحديات تزويج القاصرات تذكر غنوة أن أولها الأسباب والتحديات الاجتماعية "فالذهنية الثقافية السائدة في بعض المجتمعات والبيئات في لبنان التي تشجع بعاداتها وتقاليدها وممارساتها تزويج الطفلات والأطفال هي العائق الأكبر والسبب الأكبر للتزويج، وأحياناً تلعب الأسباب الاقتصادية دوراً، خصوصاً في العائلات التي تعد أن الفتيات يثقلن كاهلها الاقتصادي. ولاحظنا تفاقماً للأمر مع أزمة كورونا والتدهور الاقتصادي في لبنان عام 2019، وتوجهاً أكبر لتزويج الطفلات. ومع موجة النزوح السوري حيث بعض النازحين لديهم هذه الذهنية وهذه الممارسات، إثر دخولهم إلى المجتمع اللبناني المستضيف بصورة أكبر على بعض الفئات اللبنانية، فتمت حالات زواج مختلط سوري - لبناني، ولكن الضحايا بقين من الطفلات والأطفال".
وتؤكد شندر السبب القانوني إذ لا قانون لتحديد سن الزواج، وكل طائفة تتبع قانونها الخاص، ولا قانون عام موحداً يطبق على الجميع.
ومن التحديات المرتبطة حكماً بالأسباب، تشير شندر إلى إنه بسبب الذهنية الثقافية، فإن أطرافاً كثيرة لا تتقبل طرح الجمعيات التي تعمل على حقوق النساء بصورة خاصة، وتعد أن هذا العائق الأكبر إضافة إلى العائق القانوني، "ونصطدم بهذه العوائق عندما نقوم بعملنا في المناصرة أو الضغط عندما نريد الوصول إلى مناطق وفئات من المجتمع قد تكون مهمشة أو محافظة على التقاليد والعادات، لذا نسعى إلى أن تتضمن برامجنا التوعية لأفراد المجتمع التي يجب أن تتماشى مع تطبيق قوانين كون التوعية وحدها غير قادرة على خلق تغيير، كذلك القانون وحده، لذا يجب أن يسيرا معاً"، وتؤكد، أيضاً، أهمية "تضافر الجهود بين الجمعيات المحلية ومنظمات المجتمع المدني في لبنان، والجهود الوطنية والإقليمية"، وتختم "تصادفنا حالات كثيرة، لكننا نتكتم ونحافظ على سرية الناجيات. وأكثر الحالات المؤثرة تلك التي تتزوج فيها الطفلة وتنجب وتتعرض في حملها أو بعد الإنجاب إلى عنف نفسي وجسدي وأحياناً إلى الاغتصاب. وبعضهن يتعرضن مع أطفالهن للعنف والضرب والإيذاء المعنوي، ويصادفنا عدد من الحالات للاتي حاولن الانتحار بعدما دخلن في مرحلة اكتئاب بعد التعرض الكثيف للعنف".
صحياً واجتماعياً
تزويج القاصرات ليس مجرد قضية اجتماعية، بل هو مأساة تمتد آثارها لتدمر حاضر الفتيات ومستقبلهن، فمن الناحية الصحية، يعرض الزواج المبكر الفتيات لأخطار خطرة مثل مضاعفات الحمل والولادة أو الإجهاض، وزيادة معدلات وفيات الأمهات والأطفال. وعلى الجانب النفسي والاجتماعي، يُلقى بهن في دوامة من الضغوط النفسية، الاكتئاب والعزلة الاجتماعية، إضافة إلى حرمانهن من حقهن الأساسي في التعليم وفرص تحقيق الذات.
هذه الظاهرة ليست قدراً محتوماً، بل تحد يمكن مواجهته، إذ إن التعليم هو السلاح الأقوى، والتوعية هي السبيل لإحداث تغيير جذري، أما التشريعات الصارمة فهي ما يحمي حقوق الفتيات ويصون طفولتهن.