ملخص
تقدم الرسامة المصرية أمينة سالم في معرضها الجديد المقام في غاليري مصر- القاهرة تجربة فنية مميزة، تمزج بين المشاعر والطاقة الإنسانية في استكشاف مبتكر لتأثير التفاعلات اليومية في حياتنا.
يلقي معرض "أصداء" الذي يستمر حتى الـ 18 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري الضوء على الروابط الإنسانية والقوى الروحية التي تشكل العلاقات بين الأفراد، وتتناول الأعمال مفهوم الطاقة المنبعثة من اللقاءات اليومية، سواء أكانت هذه الطاقة متناغمة ومنسجمة أم متصادمة تنتج توتراً وصراعاً. ويقدم هذا المعرض بعداً فلسفياً حول دور الطاقة المتبادلة في تشكيل تجاربنا ورؤية الفنانة لهذه التظاهرة المعقدة عبر أعمال متعددة الطبقات والأبعاد.
تقول أمينة سالم إن الهدف من المعرض هو إثارة تساؤلات حول مدى تأثيرنا في علاقاتنا مع الآخرين، وكيف يمكن أن نكون مصدراً للتناغم أو التوتر، وهل نتسبب في خلق تجارب إيجابية أم نسهم من دون قصد في زيادة الصراعات؟
تفتح الأعمال الفنية باباً للتأمل حول هذه التساؤلات من خلال لوحات تجمع بين المشاهد الدرامية العاطفية والتعابير الهادئة التي توحي بالسكينة، كما تبرز كيف تترك آثاراً عميقة ودائمة على أرواحنا نتيجة لهذه التفاعلات، مؤكدة في الوقت ذاته على قدرة الفنون البصرية على إيصال الرسائل العميقة بطرق مبتكرة.
وفي معرضها "أصداء" تستعرض سالم قدرتها على دمج مجموعة من الأساليب الفنية باستخدام الألوان الجريئة والخامات المتنوعة لتبرز تأثير الطاقة البشرية في شتى حالاتها، وتتراوح الألوان في لوحاتها بين درجات اللون الزاهية المشرقة التي تعبر عن الحيوية والانسجام، وأخرى داكنة متداخلة توحي بلحظات التوتر والصراع. ويعد توظيف الخط العربي أحد العناصر المميزة في أعمال أمينة سالم، إذ تستخدمه بأسلوب معاصر يضفي أبعاداً رمزية على اللوحات، إذ يظهر الخط العربي هنا كجزء من التركيب الفني للعمل ليعزز الأفكار التي تطرحها الفنانة حول الروابط الروحية بين البشر، باستخدام الحروف كوسيلة لإثارة التساؤلات وتحفيز المشاهد على الغوص في أعماق المعاني.
وإضافة إلى جانب الرمزية التي يحملها الخط العربي، تبرز أعمال أمينة الجسد الأنثوي كمحور رئيس، وتعبر الفنانة عن المرأة في مزيج من القوة والليونة، مركزة على دورها كمصدر للطاقة والإلهام وأداة للتواصل بين الإنسان والعالم. وتظهر تعبيرات الجسد الأنثوي في أعمال سالم كجزء من رؤية شاملة للطاقة البشرية التي تؤثر في العلاقات الإنسانية وتجارب الحياة اليومية.
في أعمالها تميل الفنانة أمينة سالم إلى استلهام التراث المصري والعربي، فهي تستوحي زخارفها من الفنون الإسلامية والموروث الثقافي المحلي، مما يضفي على أعمالها طابعاً شرقياً أصيلاً، لكنها في الوقت ذاته تقدم هذه العناصر بأسلوب عصري من خلال تقنيات مثل الكولاج "القص واللصق"، وهو ما يبرز الطبقات المختلفة في العمل ويمنحه بعداً حداثياً يتفاعل مع أساليب فنية متنوعة. ويبرز استخدام الكولاج في أعمال سالم تعدد مستويات المعاني التي تطرحها لوحاتها، إذ توظف قصاصات الورق والأقمشة والشرائط الملونة جنباً إلى جنب مع الألوان الزيتية، كما أنها تتفنن في الرسم على أسطح مختلفة وغير تقليدية، مما يضفي حيوية ولمسة تجريبية على أعمالها.
بدأت أمينة سالم مسيرتها الفنية بدرس الفنون الجميلة، وهي الخلفية التي ساعدتها في صقل مهاراتها وتطوير أسلوبها الفني الخاص، إذ عرفت باستخدامها للألوان الزيتية كخامة أساس، إضافة إلى جانب استكشاف خامات غير تقليدية مثل الأقمشة والمعدن والورق، وقد أضافت هذه الخامات المتنوعة لمسة ديناميكية إلى أعمالها مما جعلها تمزج بين الكلاسيكية والتجريب في آن واحد. وفي أعمالها السابقة ركزت الفنانة على مواضيع رمزية عدة مثل المرأة والحيوانات، في استكشاف جمالي للدلالات الرمزية في تكويناتها، وفي أعمال أخرى أضافت لمسات من الطرافة والتجريب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي "أصداء" تنتقل سالم إلى مساحة جديدة من التعبير تجمع فيها ما بين الحنين إلى الماضي والبحث عن التناغم الداخلي، وهو ما سمته "الطاقة الداخلية". وتتقاطع أعمال أمينة مع كثير من تجارب الفنانين الذين تناولوا موضوع الطاقة البشرية والتفاعل الإنساني في أعمالهم، لكن أسلوبها يظل متفرداً، كما يذكر استخدام سالم للألوان الذهبية والزخارف المشبعة بالحيوية بأعمال الفنان النمسوي غوستاف كليمت.
غير أن أمينة سالم تضفي لمسة شرقية خاصة من خلال استلهامها للخط العربي والموروث الثقافي المصري، وهذا المزيج بين المحلي والعالمي يمنح أعمالها طابعاً مميزاً يجمع بين الزخارف الفنية الأصيلة والروح التجريبية المعاصرة. يقدم "معرض أصداء" تجربة تأملية تدفع المشاهد نحو التفكير في طبيعة التفاعلات البشرية، وكيف تسهم الطاقة المتبادلة بين الأفراد في صياغة حياتهم، كما تبرز اللوحات كيف يمكن للتواصل أن يكون قوة إيجابية للتغيير أو مصدر تحد وصراع.