Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سقوط نظام الأسد يهز أسوار صنعاء

مراقبون يتحدثون عن كسر الناس حواجز الخوف من الحوثيين بحثاً عن "الانتصار الكامل"

عنصر من جماعة الحوثي يضع ملصقات على جبهته تحمل صورة عبدالملك الحوثي وبشار الأسد في صنعاء (أ ف ب)

ملخص

في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة تواصل الأحداث في سوريا تأثيراتها العميقة على القوى الإقليمية المرتبطة بمحور إيران، وعلى رأسها الحوثيون في اليمن. فقد أحدث سقوط نظام بشار الأسد ارتدادات قوية هزت أركان الجماعة التي استمدت قوتها من دعم النظام الإيراني.

يشهد تتابع الأحداث في سوريا وسقوط نظام بشار الأسد، ارتدادات ضخمة هزت الأذرع المحسوبة على "المحور" التابع لإيران لعل أهمها تلك التي أحدثتها على سلطة الحوثيين في اليمن.

وبعد أن منحت سنتين من التهدئة حالاً من الركون والطمأنة للميليشيات الحوثية والشعور بالتمكين عقب 10 أعوام من الانقلاب على السلطة الشرعية بقوة السلاح الإيراني، جاءت أحداث المنطقة حاملة رسالة مفادها أن القادم ربما لن يكون كما وضعه ضباط "الحرس الثوري" الذين ظلوا يجوبون جبهات القتال لتقديم الإسناد والدعم العسكري واللوجيستي لتمكين عناصر الجماعة وفق "الحق الإلهي في الحكم".

ولهذا حملت تلك الأحداث ردود فعل يمنية واسعة مسقطة مشاهد ما يجري على واقع أزمة البلاد، في حين راح قادة الجماعة يسوقون عبارات التحدي من مساعي الحكومة الشرعية تكرار ما جرى في سوريا ضدهم مع استمالتهم الناس بدفع نصف مرتب عقب أعوام من الرفض القاطع.

تبدد التسويات بالنصر

يتوقع الباحث السياسي فارس البيل أن ما جرى في سوريا "سيصنع دافعاً يمنياً لمواجهة الحوثيين"، مشيراً إلى أن تهاوي الأذرع الإيرانية غير قناعات الناس "بعدم الاكتفاء بالسلام بل بالبحث عن الانتصار الكامل".

يضيف، "قبل سقوط النظام السوري كان يبحث اليمنيون عن السلام كيفما اتفق بالخروج من الحال التي يكابدونها منذ أعوام تحت وطأة ظلمهم، أما الآن فقد ارتفع السقف للبحث عن انتصار كامل يشبه هذا الذي حدث في سوريا".

يعد البيل أن تطورات سوريا "ستغير من مزاج الوسطاء الدوليين والأمم المتحدة وحلفاء الشرعية في شأن اليمن، إضافة إلى ما تركته الأحداث من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة داخلية وخارجية ستنعكس على مشهد الأزمة اليمنية".

ويوضح، "على المستوى الداخلي تعتري الحوثيين حال رعب غير مسبوقة خشية ملاقاة المصير نفسه ولهذا يعيشون أصعب أوقاتهم منذ دخولهم صنعاء وترقبهم انتفاضة الناس ضدهم وهم يشاهدون تهاوي أقرانهم بعد أن تخلت عنهم إيران، إضافة لما نشاهده من فرحة اليمنيين بخلاص السوريين من نظام الأسد".

بالنسبة للحكومة الشرعية والمناوئين للحوثيين، يرى أن "هناك معنويات عادت مع عودة الأمل لانتزاع اليمن من قبضة الحوثي ومن خلفه إيران، وهذه المعنويات تبدد مسألة اتفاقات السلام التي يمكن أن تحمي الحوثي وتجعله حالاً مستمرة ومعطلة في المشهد السياسي"، أي إن هناك "انهزاماً حوثياً مقابل انتعاش روح المقاومة والخلاص والانتصار منه".

على صعيد المواقف والخيارات الدولية من الحوثي يعتقد أن "سقوط الأسد سينعكس بدرجة ما على خيارات الوسطاء الدوليين ودول الإقليم".

خيارات المواجهة تغيرت

يضيف، "ربما كان هناك نوع من الرغبة في تجنب مواجهة الحوثي عسكرياً والذهاب به إلى أي صفقة يمكن أن تتم معه ولكن هذا المزاج سيتغير بحيث إن ميليشيات الحوثي ستصبح في مرمى الاستهداف والحلول التي كانت توضع لمحاولة تجنب المواجهة لم تعد هي الخيارات المحدودة، ومنها أن يسقط شعبياً ويوقف الدول العديدة عن تحمل عبء كبير".

ويوضح أن الأحداث الجارية لها ما بعدها "حتى في مسألة التعاطي مع الحوثي بتلك الطريقة السابقة التي كانت تذعن له إلى حد ما كطرف قوي أو حال ثابت أو واقع مسلم به مسنوداً من النظام الإيراني بقوة". أما في حال ذهابه إلى السلام "لإنقاذ نفسه فلن يذهب بتلك الشروط السابقة وحتى لو وقع على السلام سيظل محل ترقب انتقام من اليمنيين لأن له ثأراً مع كل بيت".

في المدى المنظور يبرز السؤال "هل تمتلك الشرعية المقدرة على التحرك عسكرياً أم ستظل مرهونة للقرارات والسياسة الدولية والقرارات الخارجية فما حدث في سوريا يدفع الشرعية إلى مراجعة مواقفها من كل الضغوط التي دفعتها للذهاب إلى صفقة ما مع الحوثي".

في المجمل يرى البيل أن "ما حدث في سوريا هو زلزال هز كثيراً من القناعات لدى كل الأطراف كافة بما فيها الحوثيون وأعاد ترتيب الخيارات والرؤى ودفع بخيارات الخلاص من الميليشيات أكثر من مسألة السلام معها".    

أقرب مما يتخيله الجميع

من جانبه، وصف رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي التطورات، في الساحة السورية بـ"أنها لحظة تاريخية أكد فيها الشعب السوري حقه في رفض الوصاية الأجنبية".

وأضاف خلال اجتماع مع أعضاء مجلس الرئاسي اليمني الذي كرس لمناقشة التطورات في الساحة العربية، أنه "قد حان الوقت ليرفع النظام الإيراني يده عن اليمن واحترام سيادته وهويته وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع المستقبل الأفضل الذي يستحقونه جميعاً".

فيما توعد وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني بأن "انتصار اليمن أقرب مما يتخيله الجميع". وقال، إن المنطقة تشهد "بداية النهاية للمشاريع التخريبية"، مشيراً إلى أن "الأيام حبلى بالمفاجآت التي ستعيد تشكيل المشهد بما يتوافق مع طموحات الشعوب وحقها في الأمن والسلام والتنمية".

ودعا الإرياني اليمنيين إلى اغتنام الفرصة وعدم التفريط في استعادة عاصمتهم وأرضهم ومستقبلهم. وأشار في تغريدة على منصة "إكس" إلى أن "المشروع الإيراني يتهاوى تحت وطأة وعي الشعوب وإصرارها على التحرر من الهيمنة والوصاية، مما يعكس إصرار المنطقة على استعادة سيادتها، وتحقيق طموحاتها الوطنية".

وأضاف، أن "الشعب اليمني الصامد والصابر يعد جزءاً من صحوة وطنية وعربية متنامية لاستعادة القرار الوطني من براثن المد الفارسي".

ووفقاً للإرياني، فقد عجز النظام الإيراني عن حماية الميليشيات الطائفية التي عمل لعقود على إنشائها في عدد من الدول العربية، وقال إن "في لبنان، كان (حزب الله) أكثر الجماعات التي خدمت إيران وخاضت الصراعات الإقليمية نيابة عنها ومع كل ذلك، فقد تخلى النظام الإيراني عنه وزعيمه حسن نصر الله بكل بساطة".

ويرى أن "المشهد ذاته يتكرر اليوم في سوريا مع نظام بشار الأسد المدعوم كلياً من إيران، الذي سخر الجغرافيا والمقدرات السورية لتنفيذ مخططات إيران في المنطقة، وقد ترك النظام الإيراني بشار لمصيره".

وتابع، "إذا كانت إيران قد تخلت عن (حزب الله)، وحليفها الأكبر بشار الأسد، فهل ستضحي بسلامتها ومصالحها ووجودها من أجل الدفاع عن المدعو عبدالملك الحوثي التابع في مران صعدة؟ الواقع يؤكد أن الحوثي أيضاً سيُترك، ويجب على اليمنيين أن يغتنموا هذه الفرصة لاستعادة عاصمتهم وأرضهم وحاضرهم ومستقبلهم".

الراتب والوعيد

توالت ردود الفعل التي صدرت عن القيادات الحوثية وحملت طابع الخوف والغضب خصوصاً، وهناك عوامل مشتركة يتمثل أهمها بعودة مئات الآلاف من المهجرين والمشردين وهو ما تخشى الميليشيات تكراره في اليمن عقب تهجير مئات الآلاف من اليمنيين وتفجير منازلهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومنها موقف زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي الذي علق بالقول، "أليست فلسطين أقدس ما في الشام وأليس تحريرها من الاحتلال أولى وأهم؟". 

فيما قال القيادي حمود الأهنومي، إن "من لم تجمعهم غزة والأقصى فمن الطبيعي أن تفرقهم سوريا". كما حذر القيادي حسين العزي من أي تحرك لقوات الجيش الشرعي ضدهم بالقول إنهم جاهزون للحرب كما هي الحال للسلام.

وطالب المعين محافظاً لمحافظة ذمار محمد البخيتي الدول العربية بتقديم الدعم لنظام الأسد فيما اتهم الدول العربية في الوقت نفسه بدعم المعارضة وهو ما يكشف عن ارتباك وقلق حوثي عميق.

وكان الحوثيون قد أعلنوا قبيل أسبوع عن التزامهم بصرف نصف راتب بشكل شهري للمرة الأولى منذ أكثر من ثمانية أعوام، وهو ما عده مراقبون محاولة لاسترضاء اليمنيين ومؤشراً إلى تخوف الميليشيات من تأثر الناس بما يجري في سوريا كما جرى في فترات تاريخية سابقة تأثراً بثورات "التحرر العربي" التي كان لها دور في قيام ثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962 ضد حكم الأئمة الزيدية التي يعد الحوثيون امتداداً أيديولوجياً وفكرياً لها وكذلك أحداث ما عُرف بـ"الربيع العربي" عام 2011.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير