Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محامون سودانيون يطالبون بقانون خاص للتحقيق في مجزرة فض الاعتصام

لجنة بصلاحيات واسعة للتحقيق مع أي شخص مهما كان موقعه أو مقامه

تظاهرات في السودان تطالب بمحاسبة المسؤولين في مجزرة فض الاعتصام (غيتي)

طالب محامون سودانيون بإصدار قانون خاص بصلاحيات وسلطات واسعة، يتيح للجنة التحقيق المستقلة في مجزرة فض اعتصام القيادة العامة التي راح ضحيتها أكثر من 100 معتصم، فضلاً عن مئات الجرحى، الوصول إلى الحقيقة دون الاصطدام بأي عوائق قانونية.

 وأكدوا أن اللجنة التي أعلن تشكيلها رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بموجب الوثيقة الدستورية، تستند إلى قانون معيب ومقيّد للسلطات والصلاحيات، ما يجعل التوصل إلى الحقيقة المجردة أمراً في غاية من الصعوبة.  

قانون خاص

في هذا السياق، يوضح المحامي المعز حضرة أنّ تكوين لجنة التحقيق المستقلة يعتمد على الوثيقة الدستورية، لكن الأمر المقلق هو أن الوثيقة تستند إلى قانون التحقيقات لعام 1954 الذي تعتريه عيوب عدّة، أهمها أحقية المحاكم بعدم الأخذ بأي بينة تتحصل عليها اللجنة، وبالتالي، فإن اللجنة وُلدت ضعيفة ويكتنف الغموض توجهاتها وآلياتها، للوصول إلى الحقيقة العادلة.

 ويلفت إلى أنه كان من الأجدى لرئيس الوزراء أن يكلف وزير العدل بإصدار قانون خاص بهذه اللجنة، حتى يكون لها سلطات للتحقيق مع أي شخص له علاقة أو يُشتبه فيه في جريمة فض الاعتصام.

ويضيف "نحن كمحامين وطنيين، كنا ندرك هذا المأزق واقترحنا على وزير العدل أن تُشكّل هذه اللجنة بموجب قانون خاص حتى تستمد قوتها، وأن يُستعان بخبراء وطنيين في هذا المجال، لكن الظاهر أن رئيس الوزراء لا يريد ذلك وفي النهاية، سيواجه الحقيقة عندما تصطدم اللجنة بتلك العيوب".

ويشير حضرة في حديثه لـ "اندبندنت عربية"، إلى أنه يجب أن تكون للجنة صلاحيات واسعة للتحقيق مع أي شخص مهما كان موقعه ومقامه، بخاصة أن الوثيقة تعطي الحق للجنة بأن تستعين بما تراه مناسباً ومفيداً في مهامها، مؤكداً أن الوقت الذي مُنح للجنة يُعتبر كافياً، لكن تظل المشكلة في السلطات والتفويض، لأنه من المهم جداً أن تتألّف هذه اللجنة من أشخاص أكفاء، باعتبار أن تشكيلها يُعد من أهم متطلبات ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي.

العدالة والنزاهة

في المقابل، أكد النائب العام الأسبق في السودان عمر عبد العاطي، أنه ما زال عند رأيه بأن التحقيق الدولي هو الأسلم والأصدق، موضحاً أن لجان التحقيق المحلية أيّاً كانت، لن تكون شفافة، وقد تتعرض لأساليب الترغيب والترهيب، ما سيؤثر في مجرى العدالة والنزاهة، بخاصة أنّ عناصر النظام السابق يسيطرون على 90 في المئة من مؤسسات الدولة، في حين تضمن لجنة التحقيق الدولية الشفافية والنزاهة وأنه من الصعب التأثير فيها وفي أعضائها. 

وقال إنه غير متفائل بتشكيل هذه اللجنة، لأنها لن تصل إلى الحقيقة المجردة، إضافةً إلى صعوبة تنفيذ قراراتها، وهو عكس ما ستقدم عليه اللجنة الدولية  من خلال إعلانها نتائج التحقيق مباشرة في منصاتها العالمية وبالتالي، سيُنفّذ قرارها كاملاً من دون تدخل أو ضغوط، ما يضمن الشفافية والنزاهة. وأوضح أن تشكيل لجنة دولية للتحقيق في فض الاعتصام لا يمسّ السيادة الوطنية، بل كان من الأجدر أن تأتي ضمن الوثيقة الدستورية، حتى يبعد المكون العسكري في مجلس السيادة الشبهات عنه، لأنه في مكان المتهم الآن.

وتتكوّن لجنة التحقيق المستقلة التي شكّلها حمدوك، استجابةً لمطالب تحالف الحرية والتغيير من سبعة أشخاص، هم قاضي محكمة عليا (رئيساً)، وممثل لوزارة العدل (مقرراً)، وممثل لوزارة الدفاع (عضواً)، وممثل لوزارة الداخلية (عضواً)، وشخصية قومية مستقلة (عضواً)، ومحامون مستقلون (أعضاء).

 وستتمتّع اللجنة بالسلطات كافة، وبحسب القرار، "تنجز أعمالها خلال 3 أشهر، ويحق لها التمديد لمدة مماثلة إذا اقتضت الضرورة ذلك"، فيما ستعمل باستقلال تام عن أي جهة حكومية أو عدلية أو قانونية. وذكر القرار أنه بإمكانها "الاستعانة بمن تراه مناسباً، بما في ذلك الاستعانة بدعم أفريقي، واستلام الشكاوى من الضحايا وأولياء الدم والممثلين القانونيين".

وكانت لجنة التحقيق التي شكّلها المجلس العسكري، الذي عزل الرئيس السابق عمر البشير وتولّى الحكم قبل تشكيل الحكومة الحالية، خلُصت إلى أنّ أفراداً من قوات الدعم السريع تورّطوا في عملية فضّ الاعتصام الدامية.

وشدّد المجلس العسكري حينها على أنه لم يأمر بفضّ الاعتصام، بل أمر بعملية شاركت فيها قوات الدعم السريع لتطهير منطقة قريبة من المجرمين. وفي يوليو (تموز) الماضي، كشف النائب العام الذي ترأس لجنة التحقيق تلك أن لواءً من قوات الدعم السريع أمر عقيداً بفضّ الاعتصام، على الرغم من أنه لم يتلقَ أوامر بهذا الشأن من جهات عليا.

القوة المفرطة

وسبق أن أعلنت مفوضية حقوق الإنسان السودانية الحكومية، أن سجلاّت الشرطة أظهرت مقتل 85 شخصاً في عملية فضّ اعتصام المحتجّين وهي حصيلة أقل من تلك التي أعلنها آنذاك قادة الحركة الاحتجاجية. 

وقالت رئيسة مفوضية حقوق الإنسان السودانية حرية إسماعيل للصحافيين في الخرطوم "وفق سجلات الشرطة، فإن 85 شخصاً قُتلوا و239 جُرحوا في الفترة الممتدة بين الثالث من يونيو (حزيران) والـ12 منه"، مشيرةً إلى أن القوات التي فرّقت الاعتصام كانت ترتدي زي الشرطة و"قوات الدعم السريع" شبه العسكرية. 

وأضافت أن هذه "القوات استخدمت القوة المفرطة، كما أنها لم تطلق إنذاراً لمن هم داخل منطقة الاعتصام الذي كان تجمعاً سلمياً وقانونياً"، معتبرةً أنّ "ما حدث انتهاك خطير لحق الحياة ومن أقدموا عليه مسؤولون جنائياً" وقد يُحاكمون.

وكانت قوات الأمن السودانية اقتحمت ساحة الاعتصام الجماهيري أمام مقر القيادة العام للقوات المسلحة في ساعة مبكرة من يوم 3 يونيو الماضي، وعملت على فضه بالقوة، وبحسب لجنة أطباء السودان المركزية المرتبطة بالمعارضة، بلغ عدد ضحايا فض الاعتصام 118 قتيلاً.

المزيد من العالم العربي