Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما حال الحدود اللبنانية-السورية في زمن الحرب؟

ازدهار للمعابر غير الشرعية التي يخضع بعضها لسيطرة "حزب الله" وأخرى للعشائر

تمتد الحدود البرية اللبنانية-السورية على طول 378 كيلومتراً (اندبندنت عربية)

ملخص

تشير أوساط مطلعة إلى أن "الحركة عادت في المعابر خلال اليومين الأخيرين إلى طبيعتها الانسيابية، بعد ضغط هائل في الأسبوع الذي أعقب اغتيال أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله"، وتضيف "حفزت الحرب حركة عودة السوريين إلى ديارهم، وهم يشكلون ثلثي العابرين عبر المعابر النظامية"

كسرت حركة النزوح الكثيفة مشهد الرتابة على المعابر الحدودية اللبنانية مع سوريا، وسجلت خروج قرابة نصف مليون شخص، من ضمنهم 311 ألف سوري عائد، أما البقية فهم من اللبنانيين والعرب الذين اتجهوا للإقامة الموقتة في سوريا والعراق، أو نحو مطار الملكة علياء في الأردن من أجل السفر إلى وجهات لا تبلغها رحلات طيران الشرق الأوسط.

جاءت حركة النزوح تلك في أعقاب "مجزرة البيجر"، وما تلاها من تعاظم لكرة اللهب والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان. في المقابل، شهدت المعابر الشرعية منها وغير الشرعية سلسلة هجمات في محاولة للضغط على الداخل اللبناني، ومحاصرة طرق الإمداد العسكرية عبر سوريا. وضاعف الهجوم على معبر المصنع الرئيس من معاناة المسافرين بين البلدين، واضطر المواطنون إلى حمل أمتعتهم والسير على الأقدام لعدة كيلومترات بفعل الحفرة العميقة التي فصلت بين البلدين.

تاريخ الحدود اللبنانية-السورية

شكل إعلان دولة لبنان الكبير نقطة تحول في حياة البلاد والمنطقة، ويشير وليد المعلم في كتابه "سوريا 1916-1946 الطريق إلى الحرية"، إلى أن "جبل لبنان كان مستقلاً استقلالاً إدارياً حتى عام 1918 ويتألف من أربعة أقضية... عندما احتلت القوات الفرنسية سوريا الغربية جعل المفوض السامي الجنرال غورو مدينة بيروت التي كانت في العهد العثماني مركزاً لولاية بيروت ضمن جبل لبنان"، منوهاً بدور مهم لعبه البطريرك الحويك (بطريرك الموارنة) في توسيع نطاق جبل لبنان، وضم الأراضي السهلية والمرافئ البحرية اللازمة إليه.

وفي الـ31 من أغسطس (آب) 1920، أعلن الجنرال غورو قيام دولة لبنان الكبير، حيث أشارت المادة الأولى إلى شموله على مقطعة لبنان الإدارية (المتصرفية)، وأقضية بعلبك والبقاع وراشيا وحاصبيا وأقسام ولاية بيروت التي تضم سنجق صيدا ما عدا الجزء الذي منح لفلسطين، وسنجق بيروت، وقسم من سنجق طرابلس الذي يشمل قضاء عكار جنوب النهر الكبير وقضاء طرابلس (مع مديريتي دنيا ومنيا) وجزء من قضاء حوش الأكراد الواقع جنوب تخوم لبنان الكبير الشمالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما في ما يتعلق بحدود لبنان مع فلسطين، فيؤكد المؤرخ عصام خليفة في دراسة قدمها إلى وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، أن الحدود مرت بمراحل التعريف من خلال القرار (318) الذي أصدره غورو في الـ31 من أغسطس 1920، والتحديد حصل في الـ23 من ديسمبر (كانون الأول) 1920، من خلال الاتفاق بين بريطانيا المنتدبة على فلسطين وفرنسا المنتدبة على سوريا ولبنان. أما الترسيم فقد حصل في السابع من أغسطس 1923، من خلال إبرام اتفاقية بوليه- نيوكومب، (38 نقطة)، أما التثبيت فقد حصل في الرابع من فبراير (شباط) 1924 بعدما أودع محضر الترسيم لدى عصبة الأمم في جنيف وتم إقراره، لافتاً إلى أنه بعد نشوب الحرب العربية–الإسرائيلية في 1948، وقع في الـ23 من مارس (آذار) 1949 على اتفاقية الهدنة بين لبنان والجانب الإسرائيلي، حيث نصت المادة الخامسة على أنه "يجب أن يتبع خط الهدنة الدائمة الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين".

معابر التواصل

تمتد الحدود البرية اللبنانية-السورية على طول 378 كيلومتراً، تتولى مهمة ضبطها من الجانب اللبناني أربعة أفواج تابعة للجيش اللبناني (فوج الحدود البرية)، تبذل قصارى جهدها لمراقبة الحدود، ومكافحة ما أمكن من حركة الانتقال غير النظامية الناشطة بقوة منذ 2011. وتمتد الحدود الشمالية على طول النهر الجنوبي في محافظة عكار، بطول 110 كيلومترات، وتمتد من العريضة إلى وادي خالد، وتشجع سهولة التضاريس على العبور خلسة إلى لبنان، ويشكل "معبر سامر أبو جحاش" نموذجاً لتلك الأماكن السهلة، التي لا يكاد العابر يسير خطوات قليلة حتى ينتقل بين البلدين.

يحاول فوج التدخل الأول المتمركز في بلدة شدرا قمع التهريب على طول الحدود ضمن 56 بلدة لبنانية خاضعة لسلطته، مستعيناً بـ10 أبراج مراقبة مزودة بمناظير ليلية ونهارية، وهي جزء من مشروع مراقبة الحدود الذي نفذ بالتعاون مع بريطانيا، ويضم 40 برجاً على طول الحدود اللبنانية-السورية.

في بعض مناطق وادي خالد، لا يفصل عكار عن حمص سوى تلة ترابية صغيرة، يطلق عليها اسم "المعبر". ويؤكد مواطنو وادي خالد لــ"اندبندنت عربية" أهمية الانتقال بين البلدين في معيشتهم، فالبعض يشتري المؤن لمنزله من الداخل السوري، كما يُعالج آخرون في مستشفى حمص المركزي الذي لا يبعد أكثر من نصف ساعة، فيما يستغرق التوجه إلى مستشفى حلبا الساعة ونصف الساعة في بعض الأحيان، ناهيك باستخدام الأهالي الخطوط الهاتفية السورية لأن الشبكة اللبنانية لا تعمل هناك.

ولا يخفي الأهالي ازدهار "تهريب البشر" في بعض المناسبات خارج المعابر الرسمية التي تستمر بالعمل بصورة منتظمة. كما يستغربون "تشديد إجراءات دخول السوريين من الجانب السوري، مما أدى إلى ازدحام شديد أمام أمانة جسر قمار"، قبل أن تتخذ الحكومة السورية قراراً بتعليق موقت لقرار "إلزامية تصريف السوري لـ100 دولار قبل عبور الحدود السورية".

تسريع خروج السوريين

تشهد المعابر الحدودية اللبنانية "تسهيلات كبيرة" للنازحين والعائدين إلى سوريا. تشير أوساط مطلعة إلى أن "الحركة عادت في المعابر خلال اليومين الأخيرين إلى طبيعتها الانسيابية، بعد ضغط هائل في الأسبوع الذي أعقب اغتيال أمين عام ’حزب الله‘ حسن نصرالله"، وتضيف "حفزت الحرب حركة عودة السوريين إلى ديارهم، وهم يشكلون ثلثي العابرين عبر المعابر النظامية"، مؤكدة "صدور تعليمات بتسهيل عبور اللبنانيين والسوريين والعراقيين من لبنان إلى سوريا".

 

كما تلفت إلى "عدم تقاضي الجانب اللبناني أي رسم عبور نحو سوريا، إلا في حالات التسوية من أجل العودة لاحقاً إلى لبنان، التي يتم اللجوء إليها عندما يخالف المقيم الأجنبي شروط تجديد الإقامة". ويقبل الجانب اللبناني أي مستند تعريفي للنازح اللبناني أو السوري المغادر، سواء كان جواز سفر أو هوية أو إخراج قيد أو رخصة قيادة، أو سجلاً صحياً وفي أسوأ الأحوال "مستند تعريف من المختار" لمن لا يمتلك وثائق رسمية من أبناء المناطق المتضررة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السوريين، فيكفي بالنسبة إلى المواليد شهادة ميلاد صادرة عن المستشفى.

أما في منطقة الحدود الشمالية الشرقية والبقاعية، يعد معبر المصنع أكبر المعابر على الإطلاق، لذا فإن قصفه سيعرقل الحركة بين البلدين إلى حد كبير، فيما يؤكد أهالي البقاع، أنه "على رغم قصف معبر المصنع، يستمر الناس بالعبور سيراً على الأقدام، كما تعرض معبر أمانة مطربا في الهرمل للقصف أيضاً، بينما يستمر معبر أمانة القاع بالعمل". وأدت غارة على معبر جوسي في حوش السيد علي في الهرمل إلى جرح أربعة عسكريين.

ونشأت خلال الأعوام الماضية معابر غير شرعية، وازدهرت بعد الحرب السورية، ويخضع البعض منها لسيطرة "حزب الله" وأخرى للعشائر، وهي خارج الرقابة الرسمية، وقد تعرضت للاستهداف الإسرائيلي.

صعوبة ضبط الحدود

تشكل عملية ضبط الحدود تحدياً لجميع الدول، ولا يخرج لبنان عن هذه القاعدة. العميد المتقاعد جورج نادر يقول إن منطقة الشمال تضم ثلاثة معابر شرعية في العبودية-الدبوسية، والعريضة، وجسر قمار–وادي خالد، إضافة إلى معبر المصنع (جديدة يابوس)، ومعبر جوسية، ومطربا. إضافة إلى 17 معبراً غير مشروع.

يضيف نادر، "تاريخياً، حضر التهريب عبر الحدود، وعلى سبيل المثال استغل الأهالي انخفاض مستوى مياه النهر الكبير الجنوبي، حيث أقام هؤلاء معابر بدائية من أجل تهريب الحاجات الضرورية والبضائع بين البلدين"، وتابع "في عكار، ازداد منسوب التهريب، وأصبح عملاً منظماً مع سيطرة ’حزب الله‘ على الحدود الشرقية، حيث يوجد معبر واسع من القصير اللبنانية إلى القصير السورية خارج رقابة السلطة الشرعية، واستخدم لتهريب الوقود وجميع المواد المدعومة إلى سوريا"، فيما استمرت المعابر الخاضعة لسيطرة الدولة في المصنع وجوسية بالعمل المعتاد.

 

يعتقد العميد نادر أن استهداف الطرق الواصلة إلى المعابر، يعود إلى وجود مراكز عسكرية على الجانب السوري من الحدود، وفي ذلك محاولة للتضييق على الحزب بعد قصف مخازن الأسلحة وخطوط الإمداد. 

يعتقد نادر أن "سوريا هي بوابة لبنان إلى جميع الدول العربية ويرى ضرورة التنسيق لقمع الجرائم وتهريب الأشخاص والبضائع"، معتبراً أن ضبط الحدود بمستوى "مئة في المئة" مسألة تكاد تكون مستحيلة، لكنه في المقابل، يتحدث عن "ضبط قدر الإمكان"، وهو ما تحاول القيام به القوى النظامية في لبنان، أمام اتساع الحدود، والتداخل الجغرافي للمناطق السكنية، والعبور فوق النهر، وابتكار وسائل للتهريب ضمن شاحنات الوقود والعلف.

من جهته يتطلع رئيس تجمع مزارعي البقاع إبراهيم ترشيشي إلى عدم تكرار تجربة حرب 2006 والحصار، متحدثاً عن خسائر كبيرة بسبب ضرب معبر المصنع النظامي والخاضع لرقابة مشددة من الحكومة. ويشرح أن انتقال الشاحنات عبر معبر العبودية–عكار، يزيد المدة التي يستغرقها النقل إلى 48 ساعة، مما يزيد الكلفة على المزارعين، فضلاً عن رفض بعض السائقين السفر بسبب الأخطار الأمنية.

المزيد من تقارير