ملخص
إذا لم تتفق الأحزاب بعد مرور عام من الانتخابات، يمكن للرئيس ماكرون بموجب حقوقه الدستورية حل المجلس النيابي مجدداً والذهاب إلى انتخابات نيابية جديدة لمحاولة تغيير الواقع السياسي.
أسفرت نتائج انتخابات فرنسا عن مفاجأة جاءت على نقيض نتائج الجولة الأولى واستطلاعات الرأي، عندما تراجع حزب الجبهة الوطنية اليميني المتشدد إلى المركز الثالث بمجموع 143 مقعداً، خلف كل من تحالف الجبهة الشعبية اليساري وتحالف "معاً" الذي يقوده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وفي حين حقق تحالف الجبهة الشعبية المكون من أربعة أحزاب تصدراً غير متوقع بحصوله على 182 مقعداً داخل مجلس النواب الفرنسي، استطاع يمين الوسط لماكرون تأمين نحو 163 مقعداً، ومع ذلك لا يمكن القول إن هناك فائزاً واضحاً في الانتخابات، وهو ما أقر به ماكرون في أول رسالة لشعبه بعد الانتخابات قائلاً إن "أحداً لم يفز"، فيما يقول المراقبون إن النتائج تغرق البلاد في حال من عدم اليقين، بينما تركت الجميع يتساءلون من سيكون رئيس الوزراء المقبل للبلاد، كما لا يزال من المستحيل إلى حد كبير التنبؤ بالاتجاه الذي ستسير عليه الأمور في فرنسا.
وفي حديثه إلى "اندبندنت عربية"، يقول الكاتب السياسي سمير سكاف إن الوضع السياسي في فرنسا مأزوم بسبب نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، وذلك لعدم وجود أية مجموعة سياسية استطاعت الحصول على الغالبية المطلقة في البرلمان، بحصد 289 مقعداً من أصل 577.
ويضيف أنه على رغم تصدر الجبهة الشعبية التي تضم أحزاب فرنسا الأبية والحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وحزب الخضر الفرنسي الانتخابات، فإنها بعيدة جداً من الغالبية المطلقة تليها مجموعة الرئيس ماكرون وفي المركز الثالث حل حزب التجمع الوطني، و"بينما ينظر إلى أن ’التجمع الوطني‘ خسر الانتخابات لكنه في الحقيقة هو الأكثر تطوراً على المستوى النيابي، إذ كان منذ نحو سنتين يضم ثمانية نواب فقط ووصل الآن إلى 143".
ويوضح سكاف حقيقة الأرقام التي رافقت نتائج الانتخابات الفرنسية، مشيراً إلى أن "التجمع الوطني" حصل على أصوات 9ملايين مواطن فرنسي مقابل 7 ملايين صوتوا للجبهة الشعبية اليسارية، وحصل إجمال قوى اليمين في فرنسا على أصوات 12.5 مليون صوت مقابل 7.5 صوت لليسار، مما يعني أن "المجتمع الفرنسي يميل أكثر نحو اليمين". ويضيف أنه لا يزال لم يتم تقرير اتجاهات المجلس النيابي الفرنسي، وما إذا كانت يسارية أو يمينية أو حتى وسطية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبينما تجرى مفاوضات بين الكتل النيابية المختلفة لتشكيل ائتلافات، يشير سكاف إلى أن هناك حالاً من الانقسامات تحول دون حدوث ذلك، فالجبهة الشعبية التي ترغب في تشكيل الحكومة أو في الأقل الوصول إلى رئاسة الحكومة مع وزارتي الخارجية والداخلية لديها انقسامات داخلية بين حزب فرنسا الأبية والأحزاب الثلاثة الأخرى، كما أن هناك مشكلة بينها والرئيس ماكرون لذا فإن هناك صعوبة كبيرة للاتفاق حول تشكيل ائتلاف.
ومن جانب آخر فإن الائتلاف الذي يسعى الرئيس ماكرون إلى تشكيله قد يذهب نحو اليمين التقليدي من خلال التحالف مع حزب الجمهوريين الذي حصل على 60 مقعدا، مما يعني أن هناك صعوبة في الوصول إلى غالبية مطلقة لأي من التجمعات أو الأحزاب، وهو "ما قد يدخل فرنسا في نفق طويل من الاهتزازات والاضطرابات السياسية".
ووفق سكاف فإن هذا المشهد قد يدوم لعام كامل يستطيع بعده ماكرون بموجب حقوقه الدستورية حل المجلس النيابي مجدداً، وعندها قد يذهب إلى انتخابات نيابية جديدة لمحاولة تغيير الواقع السياسي. ويخلص مشيراً إلى أن المشكلة تبدأ في كيفية انتخاب رئيس للمجلس النيابي وكيفية تشكيل الحكومة، وكيفية اختيار رئيس الحكومة ومن أية جهة سيكون رئيس الحكومة، فهل سيكون من الجبهة الشعبية اليسارية التي حتى الآن لم تتفق فيما بينها للوصول إلى اسم مشترك لرئاسة الحكومة، أم يستمر جبريل أتال في رئاسة الحكومة "كل هذه الأمور تنتظر على الأرجح نهاية الألعاب الأولمبية لاستكمال التحضيرات للمرحلة المقبلة، التي تبدو ملبدة إن لم تكن سوداوية".
Listen to "الوضع السياسي في فرنسا مأزوم والمجتمع يميل نحو اليمين" on Spreaker.