ملخص
ارتفع ثمن الثمرة الواحدة إلى ما يزيد على دولار ويصل ثمن الصندوق إلى 60 دولاراً.
اشتهرت بلقب "فاكهة الفقراء" في المغرب لرخص ثمنها الذي كان لا يتجاوز درهماً واحداً أو حتى نصف درهم وأقل من ذلك للثمرة الواحدة، غير أنها فقدت ذلك اللقب الأثير لارتفاع لافت في سعرها، مما ترك الفقراء هذا العام من دون فاكهة محببة.
ومع بداية حلول فصل الصيف الذي تروج فيه فاكهة "التين الشوكي"، أو كما يسميها المغاربة "الهندية" أو "كرموص النصارى"، ارتفع ثمن الثمرة الواحدة لتصل إلى ثمانية وأحياناً 10 دراهم، (ما يزيد على دولار واحد)، ويصل ثمن الصندوق إلى 600 درهم (60 دولاراً).
وأرجع بعضهم هذا الارتفاع الذي وصفوه بالمهول في أسعار فاكهة الفقراء إلى أعوام الجفاف المتوالية التي ضربت المغرب وإلى قلة العرض أمام وفرة الطلب، علاوة على ما تسببت فيه الحشرة القرمزية خلال سنوات متتابعة من تداعيات سلبية على إنتاج المحاصيل.
أوصاف متعددة
وللتين الشوكي في المغرب تسميات عدة متداولة أشهرها "الهندية" أو "الهندي"، ويسمى أيضاً "سلطان الغلة"، و"الصبار" و"الزعبول" و"كرموص النصارى" و"أكناري" أو "تكناريت" لدى الناطقين باللهجات الأمازيغية في البلاد.
وتعود أصول تسمية "الهندية" تحديداً إلى أن أصول هذه الفاكهة من منطقة "الهند الغربية" في القرن الـ 16، وهي الأراضي الأميركية التي بلغها المستكشفون الإسبان وهي موطن الهنود الحمر.
وأما تسميتها "تكناريت" لدى سكان المناطق الأمازيغية فترجع بالأساس، بحسب مصادر متطابقة، إلى أن هذه الثمرة دخلت إلى المغرب عن طريق جزر الكناري، فسميت نسبة إليها "أكناري"أو "تكناريت" عند أمازيغ الجنوب.
فاكهة صحية
لقبت هذه الفاكهة ذات المذاق اللذيذ بأنها "فاكهة الفقراء" ليس فقط لأن سعرها كان منخفضاً قبل أن تتبدل الأحوال، ليرتفع على نحو صاروخي، ولكن أيضاً لأنها فاكهة تدر كثيراً من المزايا والفوائد الصحية.
تقول المتخصصة في مجال التغذية ريم الداودي إن هذه الفاكهة تضم عدداً من الفوائد الصحية التي تهم الفقير والغني أيضاً، فهي لا تبخل على أحد بما لديها من خصائص صحية وعلاجية مثيرة للاهتمام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضيف أن استهلاك "الهندية" تنفع المصابين بما يطلق عليه "داء الملوك" أو "داء الأغنياء"، وهو مرض النقرس، إذ إنها تسهم بصورة فاعلة في خفض حمض اليوريك أو الحامض البولي الذي يتسبب في التهابات المفاصل، خصوصاً الأطراف السفلى.
ويمكن اعتبار "الهندية" أيضاً، بحسب الداودي، فاكهة الأغنياء والمفضلة لدى الراغبات في حيازة جسم رشيق باعتبار أنها تمنح شعوراً بالشبع، فبضع حبات تكفي لامتلاء المعدة، بالتالي تقل الحاجة إلى الطعام، فيستهلك الجسم من مخزونه من الدهون.
تتابع أن "للهندية فوائد صحية كثيرة يقبل عليها الفقراء لأنها عرفت من قبل بأنها أرخص الفاكهة سعراً من قبيل تحسين وظائف الجهاز الهضمي، فهي صديقة للمعدة والقولون بفضل أليافها الغذائية عالية الجودة، وكذلك تصلح لمرضى السكري وتضبط لديهم مستوى السكر في الدم شرط استهلاكها من دون إفراط، علاوة على أن تناولها يقوي مناعة الجسم ويخلصه من السموم المتراكمة على الكبد".
لم تعُد كذلك
إلى عهد قريب كان كثير من المغاربة يتخذون فاكهة "الهندية" وجبة رئيسة في الغذاء، فبضع حبات مع قطع من الخبز تكفي لسد الجوع طوال النهار والليل، خصوصاً العمال في المهن الشاقة مثل البناء لما توفره من قوة ومناعة وطاقة وبالطبع لثمنها المناسب.
هذا السعر الذي كان في متناول يد الفقراء ارتفع هذا العام ليصل إلى مستويات غير مسبوقة، فالحبة الواحدة تباع هذه الأيام بحسب الجودة والحجم بين أربعة و10 دراهم.
يعلق أحد المحبين لتناول "الهندية" أنه بهذه الأسعار المرتفعة لم يعُد بمقدوره شراء هذه الفاكهة لنفسه ولأولاده، فإذا كانت الثمرة الواحدة بـخمسة دراهم، فهذا يعني أنه سيؤدي 50 درهماً إذا ما أراد تناول 10 حبات، وإذا كان لديه أربعة أبناء، فالفاتورة ستصبح مكلفة جداً.
ويلتقط الحديث عبدالله صابو، أحد باعة "الهندية"، فيوضح أن أسباباً عدة تضافرت لتجريد الثمرة من توصيف "فاكهة الفقراء"، أولها أعوام الجفاف المتوالية التي أثرت في إنتاجية الصبار، فصار العرض أقل من الطلب، مما انعكس في السوق بارتفاع الثمن.
أما السبب الثاني، فيعود لما تسببت فيه الحشرة القرمزية من خسائر فادحة خلال السنوات الأخيرة في محاصيل هذه الفاكهة، مما أفضى إلى تراجع الإنتاج والعرض في الأسواق المتخصصة.
والحشرة القرمزية، وفق مكتب السلامة الغذائية (مؤسسة حكومية)، قشرية رخوة تقتات على نبات الصبار، فتمتص سوائله، مما يؤدي إلى جفافه وموته، غير أن تناول الفاكهة لا يشكل مع ذلك ضرراً على المستهلك، وفق المصدر الرسمي.
وزاد صابو سبباً ثالثاً يتعلق بهذه السنة تحديداً، وهو عطلة ما بعد عيد الأضحى التي جاءت في فترة بداية رواج هذه الفاكهة، مردفاً أن كثيراً من باعة وتجار "الهندية" يسافرون إلى ديارهم ليمكثوا مدة من الزمن مع أسرهم في عطلة العيد، مما أسهم أيضاً في قلة العرض.
فاكهة الأغنياء
يشتكي المستهلك من هذا الارتفاع اللافت لأسعار التين الشوكي في المغرب الذي صار حديث الساعة في البلاد، حيث كان يأمل في استهلاك هذه الفاكهة المنعشة بأثمان في متناوله، خصوصاً أن البلاد تعرف موجة غلاء غير مسبوقة.
في السياق يقول رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك بوعزة الخراطي إن "الهندية" لم تعُد فاكهة الفقراء، بل أصبحت ثمرة الأغنياء إذ لا يقدر على شرائها سوى أصحاب الدخل المرتفع.
ورأى الخراطي أن الوضع الحالي تتحمل مسؤوليته الحكومة السابقة لأنها لم تتدخل من أجل حماية الثروة النباتية للبلاد أمام هجمات الحشرة القرمزية (الوحش الأبيض) التي تسببت في إتلاف وتدمير حقول "كرموص النصارى"، مضيفاً أن "حقول الصبار صارت قاحلة، وبسببها انقرضت في عدد من المناطق الحيوانات التي كانت تعيش إلى جانب الهندية، مثل الحجل والقنفذ، علاوة على اختفاء بعض النباتات الطبية".
وذهب الخراطي إلى أن الخسارة لا تنحصر في وفرة "الهندية"، ولكن في تغيير "الوسط الطبيعي" للفاكهة لأن هذا الأمر يتطلب أعواماً عدة لاسترجاعها"، مشيراً إلى أن "المنتج المستورد من الخارج لتعويض تلك الخسائر يتطلب فترة زمنية طويلة للنمو".