Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اللغات الأجنبية تساعد الشباب المغربي على الهجرة

لا يهتم التلاميذ بالإنجليزية أو الفرنسية خصوصا في المناطق القروية والأحياء الفقيرة

تدني مستوى التعليم الرسمي سبب أساسي لعدم اتقان اللغات الأجنبية (أ.ف.ب)

في ظل تنامي نسب البطالة وتدني مستوى المناهج التعليمية، خصوصاً في مجال تدريس اللغات، بات الشباب المغربي يتجه بشكل متزايد نحو تعلم اللغات الأجنبية، للبحث عن فرصة عمل أو الدراسة في الدول الأجنبية، أو هرباً من المستوى التعليمي الرديء في المدارس الرسمية.

من ضرورات الهجرة

تفرض القنصليات الأجنبية ضمن ملفات الهجرة، ضرورة إتقان المترشح لنيل التأشيرة لغة بلدانها الأصلية، بالتالي لا يجد الشاب المغربي، الذي درس في التعليم العمومي، سبيلاً غير متابعة دروس تعلم إحدى اللغات الأجنبية في المعاهد الخاصة التي يعرف عددها تنامياً كبيراً خلال السنوات الأخيرة.

يقول السيد كمال مدير أحد معاهد اللغات بمدينة القنيطرة في حديث لـ "اندبندنت عربية"، إن السواد الأعظم من الشباب الذي يدرس بمعاهد اللغات، هم في إطار إعداد ملفاتهم للهجرة قصد الدراسة، نظراً إلى العوامل الاجتماعية والأكاديمية المغربية التي تجعل من الطالب المغربي لا يجيد اللغات ولا التواصل.

ويضيف أن اللغة الإنجليزية هي الأكثر إقبالاً من طرف الشباب نظراً لجودة المستوى الأكاديمي للجامعات في البلدان الأنجلوسكسونية، واعتماد البحث العلمي على هذه اللغة، التي تأتي بعدها الفرنسية والإسبانية والألمانية.

في المقابل، يوضح أيوب، شاب حاصل على الإجازة في القانون، "أنه بعد الحصول على الإجازة وأمام صعوبة متابعة الدراسات العليا، والحصول على فرصة عمل بالمغرب، اخترت الهجرة إلى كندا لمتابعة دراستي العليا، فمع بدء إجراءات ملف طلب الدراسة في إحدى الجامعات في مقاطعة كيبيك، قمت بمتابعة دروس اللغة الفرنسية في أحد المعاهد الخاصة من أجل الرفع من مستواي اللغوي، باعتبار أن المترشح ملزم بالنجاح في أحد الاختبارات اللغوية الذي تفرضه القنصلية، وذلك في إطار شروط قبول طلب الحصول على التأشيرة".

معضلة أكاديمية

يعد تدني مستوى التعليم الرسمي السبب الأساسي وراء ضعف مستوى الشباب المغربي في اللغات الأجنبية، وتجمّل رشيدة، أستاذة الفرنسية في إحدى الثانويات في مدينة سلا المجاورة للعاصمة الرباط، أسباب تدني مستوى ذلك التعليم إلى ما هو ذاتي وما هو موضوعي.

ومن بين تلك الأسباب طريقة تدريس بعض أساتذة اللغة الذين يعتمدون على الشرح باللغة العربية عوضاً عن اللغة الأجنبية، كون جل التلاميذ لا يهتم بتعلم اللغات، خصوصاً في المناطق القروية والأحياء الفقيرة، كما أن الآباء لا يجيدون في الغالب الحديث بأية لغة أجنبية، كما أنهم لا يشجعون أبناءهم على إتقان تلك اللغات عبر منحهم كتباً أو أشرطة مساعدة على تعلم اللغات، بالتالي تبقى المدرسة المجال الوحيد لتعلم أبجديات تلك اللغات ولا يتم تطويرها في الحياة اليومية للطلبة، مقارنة مع التعليم الخصوصي الذي يشرع فيه في تدريس اللغات منذ الحضانة، بالتالي عند وصول الطفل إلى التعليم الابتدائي يكون متقناً لأبجديات اللغة الفرنسية مثلاً.

ويضاف إلى ذلك، تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بات العديد من الشباب يعتمد لغة خاصة لا هي عربية ولا أجنبية، بل مزيج من اللغات.

وتضيف الأستاذة رشيدة "من جهة أخرى، تقوم وزارة التعليم من حين إلى آخر باعتماد مناهج منقولة عن بلدان أجنبية نجحت هناك في فترة معينة، ويتم إقحامها في التعليم العمومي بعد سنوات من ذلك، بحيث تكون تلك الدول أنهت العمل أصلاً بتلك المناهج، ويقوم المغرب باعتمادها من دون العمل على ملاءمتها بالبيئة الاجتماعية والثقافية المغربية، بالتالي يكون المنهج التعليمي غير ملائم للتلميذ مما يصعّب عليه وعلى الأستاذ المهمة، لا يتم استشارة هذا الأخير خلال عملية وضع المناهج التعليمية، فكيف للأستاذ أن يدرس مقرراً تعليمياً هو أصلاً غير راض على مستواه".

جدل اعتماد لغة التدريس

عرف المغرب منذ سنوات جدلاً محتدماً حول اللغة الواجب اعتمادها في مجال التعليم الرسمي، وعرف الموضوع تجاذباً بين المحافظين المطالبين بمواصلة اعتماد اللغة العربية في تدريس المواد العلمية، وبين الداعين إلى ضرورة اعتماد اللغات الأجنبية في تدريس المواد العلمية، نظراً لاعتماد البحث العلمي على بعض اللغات الأجنبية.

انتهى المطاف باعتماد البرلمان المغربي في أغسطس (آب) الماضي لقانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، الذي نص في جانب منه على اعتماد التعددية والتناوب اللغوي وهي "مقاربة بيداغوجية وخيار تربوي متدرج يُستثمر في التعليم المتعدد اللغات، يهدف تنويع لغات التدريس إلى جانب اللغتين الرسميتين للدولة (العربية والأمازيغية)، وذلك بتدريس بعض المواد، لا سيما العلمية والتقنية منها، أو بعض المضامين أو المجزوءات منها في بعض المواد بلغة أو لغات أجنبية".

لكن ذلك لم يضع حداً لذلك الجدل، حيث اعتبر البعض أن اعتماد ذلك القانون الإطار ما هو إلا نجاح للوبي "فرنسة" التعليم العمومي. ويعتبر المحلل السياسي بلال التليدي أن لوبيات الفرنسة التي فشلت في أن تكسب هذه المعركة لأكثر من ستة عقود تقريباً، لن تنتظر، ولم تكترث بتوجيه رئيس الحكومة ولا حتى بالآثار البيداغوجية التي يمكن أن تنجم عن التسريع في الفرنسة، لأنها تدرك أن أدوات المقاومة التي تتم بسقف القانون الإطار محدودة، وأن الدعم القوي الذي تلقاه يسمح لها بالمضي من دون هوادة.

ويضيف "أن مشكلة الذين ساهموا في تمرير فرنسة التعليم، تكمن في أن إمكانات مقاومتهم لإيقاف التقليص من هذا الخطر من داخل سقف القانون أضحت لا قيمة لها، وأن أخطر جريمة ارتكبت ضد المدرسة المغربية هي تمكين اللوبي الفرنكفوني من سند قانوني وسياسي للمضي بالفرنسة إلى أبعد مدى من دون احترام أي ضابط قانوني أو تقدير بيداغوجي، إضافة إلى أن نتيجة الفشل المتوقع، لن يتحمله هذا اللوبي، وإنما سيحمل وزره الذين تنكروا لمقتضيات من اختياراتهم المذهبية".

المزيد من العالم العربي