Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتقاد الذكورية السامة في نسخة جريئة من مسرحية "ريتشارد الثالث"

عندما اختارت مديرة مسرح شكسبير غلوب ميشيل تيري لعب دور الملك المخادع بنفسها واجهت عاصفة من الانتقادات الحادة لعدم منح الدور لممثل ذي إعاقة، لكن هذا الإنتاج الجريء والمفعم بالطاقة، الذي يسخر بشكل علني من الزعماء الذكوريين المستبدين، يبدو أصلياً وضرورياً.

ميشيل تيري في الشخصية الرئيسة في مسرحية "ريتشارد الثالث" على خشبة مسرح شكسبير غلوب (إكس)

ملخص

هذه ليست سخرية مبطنة، بل استخداماً مباشراً للغة شكسبير الخالدة لفضح السياسيين المعاصرين. إنها سخرية علنية. لا تشكك تيري في السلطة الذكورية، ولا تدينها حتى، بل تسخر منها بجرأة وتستغل كل فرصة لإظهارها

ارحمونا من الرجال الذين يتبخترون بتسريحات شعرهم السخيفة. هذه هي الذهنية الموجودة هنا حيث تقوم المديرة الفنية لمسرح غلوب، ميشيل تيري، بتحويل شخصية ريتشارد الثالث إلى ذلك الرجل المتعجرف والمتباهي بذاته، ذي الشعر الأشعث الذي يحمل في نفسه كراهية عميقة للنساء، وهو الصنف الذي بتنا نراه بكثرة في مواقع السلطة في السنوات الأخيرة.

قوبل اختيارها عدم إسناد الدور لممثل ذي إعاقة بانتقادات فورية، إذ وقع أكثر من 100 شخص على رسالة مفتوحة نشرتها "رابطة الفنانين من ذوي الإعاقة" تطالب بإعادة توزيع الدور. لكن تيري استمرت في خطتها، مشيرة هذا الأسبوع إلى أن رد الفعل كان "غير متناسب" وأن "مستوى الكراهية والغضب تجاهها كان خطراً". كان سوء معاملة النساء، على ما يبدو، الشغل الشاغل لها أثناء تصور الإنتاج. لا يكشف فريق تمثيلي من النساء وفنانين من ذوي الميول الجنسية غير المتباينة عن بشاعة الرجال السيئين فقط، بل عن سخافتهم أيضاً. ريتشارد الذي تؤديه تيري، ويمتلك شعراً مصبوغاً بلون فاتح وسلوكاً يتأرجح بين الشر الكوميدي والغضب العاجز واللامبالاة، يكون مضحكاً في البداية ثم يتحول تدريجاً إلى البشاعة.

تلعب تيري دور البطولة في إنتاج من إخراج إيل وايل، إذ لا يتعامل مع النص بكثير من التبجيل. تمت إزالة الإشارات إلى احتياجات ريتشارد الخاصة، وكذلك شطب بعض الحوارات الشهيرة. بدلاً من ذلك، أضيفت اقتباسات من دونالد ترمب، الذي يمكنه ادعاء المساهمة في كتابة النص. يقول ريتشارد الذي تجسده تيري بجرأة بعد أن استمال زوجة الرجل الذي قتله للتو: "عندما تكون نجماً، يتركونك تفعل ما تشاء، يمكنك فعل أي شيء".

إنه نسخة من مسرحية "ريتشارد الثالث" نفذت بطريقة مبالغ فيها من أجل توصيل رسالة معينة بجرأة وصراحة. تسهم الأزياء في تعزيز هذه الرسالة بفضل المزيج المجنون من أنماط اللباس التي تمتد من عصر تيودور إلى يومنا هذا - يرتدي أحد الممثلين سترة وسروالاً ضيقاً وحذاء رياضياً لامعاً - للإشارة إلى أن الأشخاص البذيئين والمتحرشين موجودون عبر التاريخ. وفي حال لم تصل إليكم الرسالة بوضوح، فإن أزياء تيري تصبح أكثر غرابة بمرور زمن العرض. تبدأ بقطعة لباس بارزة، ثم ملابس داخلية من كالفين كلاين، ثم صدرية بلاستيكية على هيئة عضلات الصدر. وكلما زادت قوة ريتشارد، زادت ملابسه تفاهة، حتى ينتهي به الأمر مرتدياً سروالاً ذهبياً.

هذه ليست سخرية مبطنة، بل استخداماً مباشراً للغة شكسبير الخالدة لفضح السياسيين المعاصرين. إنها سخرية علنية. لا تشكك تيري في السلطة الذكورية، ولا تدينها حتى، بل تسخر منها بجرأة وتستغل كل فرصة لإظهار تبجحها الفاحش. الأصوات السخيفة التي تستخدمها، وشعورها الكامل بالاستحقاق في مشيتها المتعجرفة: إنها تسخر منهم بجرأة، محولة هؤلاء الرجال المتضخمين إلى أطفال أغبياء، كما يفعل باكنغهام (الذي تجسده هيلين شليزنغر بشكل مذهل ببدلتها المخططة) وهيستينغز (الذي تؤديه كاترين آرون) وغيرهما من الرجال التابعين الذين يدعمون ريتشارد المتغطرس.

لكن ضمن هذا السياق، تظهر محدودية الفكرة: فشكسبير يمنح ريتشارد لحظة من الشك والندم في الليلة التي سبقت معركة بوسوورث، إذ تظهر أرواح الأشخاص الذين قتلهم لتطارده. إن الإيحاء بامتلاك ترمب وبوتين وجونسون وغيرهم من الشخصيات التي تستهدفهم تيري مثل هذا الوعي الذاتي، يمنحهم كثيراً من الصفات التي لا يستحقونها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يبدو العرض في هذا الإطار مثل نسخة من "ريتشارد الثالث" فرغت من جوهرها كي تتمكن من توصيل رسالتها - وتعتمد بشكل كبير على كاريزما تيري لتنفيذ ذلك. ومع ذلك، لا تزال هناك لحظات قوية مستقلة عن أدائها. جرائم القتل التي عادة تحدث في الكواليس تنفذ هنا بسعادة، إذ تتدحرج الجثث إلى حفرة دفن في وسط المنصة. ويعتبر قتل الأمراء الصغار شيئاً مميزاً بشكل خاص. في الوقت نفسه، تأتي إحدى أفضل المشاهد عندما تبدأ النساء الثلاث الباقيات، مارغريت وإليزابيث ودوقة يورك، بالنواح على أقاربهن الذكور الذين فقدنهم في طقس رثائي غريب.

هذه ليست معالجة مثالية للعمل المسرحي الكلاسيكي، لكن يبدو أنها في كل مرة تثير سؤالاً، يبدو أنه يجيب عن نفسه. أليست هذه الفكرة قديمة بعض الشيء؟ ألم نقم بصنع مقاربة بين شخصيات شكسبير وترمب في عام 2016؟ إلا أنه هنا لا يزال، يحاكم بتهمة الاعتداء على كاتب ودفع مبالغ لنجمة إباحية. أليست الاقتباسات الترمبية مقحمة بشكل متهور ومبالغ فيها (أنت تكاد تتوقع أن يصرخ ريتشارد "مملكتي في مقابل عاهرة" في النهاية؟) نعم، لكن هذه بعض من أفضل الجوانب، إذ تكون تيري محفزة للإثارة بينما تقدم تلك الجمل الحديثة. ألا يبدو الأمر مبتذلاً قليلًا؟ ريتشارد الثالث هو رجل سيئ، الرجال السيئون سيئون، وسيظلون كذلك؟ حسناً، نعم - لدرجة أن أحداً لم يفعلها أحد من قبل.

يستمر عرض المسرحية على خشبة مسرح شكسبير غلوب لغاية الثالث من أغسطس (آب).

© The Independent

المزيد من ثقافة