Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"جمال ترست بنك"... أول الغيث في العقوبات الأميركية المشددة على لبنان

التصفية غير مفاجئة ومحاولات للبيع سبقت إعلان واشنطن

أحد فروع "جمال ترست بنك" في شارع الحمرا وسط العاصمة اللبنانية بيروت (أ.ف.ب)

لم تكن خطوة فرض عقوبات على "جمال ترست بنك" بالمفاجأة... فلدى الأوساط المصرفية معلومات وتحذيرات تأتي من المعنيين في الولايات المتحدة، وتسبق خطوة فرض العقوبات التي تعني إقفال المصرف وتجميد أعماله.

حسابات مشبوهة

لا بل أكثر من ذلك، وفي معلومات خاصة بـ "اندبندنت عربية"، فقد "سعت الجهات المصرفية اللبنانية وقبل إعلان العقوبات، إلى بيع المصرف ودمجه بمصرف أكبر، حينها برز اهتمام مصرفين لبنانيين، ولكن تضيف الأوساط أن مجلس إدارة "جمال تراست بنك" طلب سعراً مرتفعاً مقابل أعمال البنك، في حين لم تبد مصارف أخرى أي اهتمام بتكبير حجمها في بيئة تشغيلية صعبة تضاف إلى أعبائها، فتعثرت المفاوضات ولم تتم عملية البيع.

وقد يسأل البعض لماذا لم يلق "جمال ترست بنك" مصير "البنك اللبناني الكندي" الذي استحوذ عليه مصرف "سوسيتيه جنرال" في لبنان؟ وهنا أيضاً تُبيّن المصادر المصرفية لـ "اندبندنت عربية"، أنه "بعد العقوبات التي أصبحت مشددة اليوم، لا يريد أي مصرف لبناني أن يُدخل إلى قاعدة ودائعه حسابات مشبوهة، من دون أن يعلم أو أن يبرز لاحقاً، أن بعض الزبائن أُضيفوا إلى لائحة العقوبات، ما يعرّض سمعته للخطر، كما يعرّض تعامله مع المصارف المراسلة في الولايات المتحدة للخطر أيضاً".

التعامل مع "حزب الله" خط أحمر

ويوضح أمين عام اتحاد المصارف العربية وسام فتوح، أن "وزارة الخزانة الأميركية وهيئة التحقيق الخاصة FinCen، تراقب العمليات المصرفية من حول العالم، ولديها قدرات على تعقب العمليات المشبوهة، تفوق قدرة المصرف المركزي اللبناني، الذي أصدر كل التعاميم والتعليمات التي تتماشى مع القواعد الأميركية وتطبّقها".

وفي هذا الإطار، لدى "جمال ترست بنك" فروع في أفريقيا وفرع في لندن، ما جعل مصرف لبنان وهيئة تحقيقه الخاصة اللبنانية، غير قادرة على مراقبة عملياته كاملة.

ويوضح فتوح أن وزارة الخزانة الأميركية تقيّم وضع المصرف والعمليات المشبوهة، قبل إضافته إلى لائحة العقوبات، وقد تفرض غرامات في بعض الأحيان، ولكن تمويل أو تقديم خدمات مالية إلى "حزب الله" الذي تعتبره منظمة إرهابية، "خط أحمر"، وبالتالي تعاقب المؤسسة أو الفرد، بغض النظر عن رتبته الوظيفية، ويضاف إلى لائحة العقوبات أو ما يعرف بالـ OFAC LIST.

الثقة بالقطاع المصرفي

وعن عدم دمج "جمال ترست بنك"، يرى فتوح أنه "بعد إضافة المصرف إلى لائحة العقوبات، ارتفعت المخاطر من ضمه إلى مصرف آخر. مخاطر ترى المصارف الكبيرة أنها بغنى عنها، كما أن خريطة انتشار البنك عبر فروعه في لبنان، لم تشكل عاملاً جاذباً للبنوك الأخرى.

وعن تأثر الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني، يعتبر فتوح أن "إدراج أي مصرف لبناني على لائحة العقوبات الأميركية يؤثر حتماً في الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني. وبالتالي، فإن رفع مخاطر القطاع يؤثر في التحويلات من الخارج الحيوية للبنان، على الرغم من أن التحويلات العربية تأتي من دول أكثر خطورة من لبنان، كاليمن على سبيل المثال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما تؤثر العقوبات أيضاً في العلاقات المصرفية اللبنانية - العربية، فتتراجع شهية التعامل مصرفياً مع لبنان، وبطبيعة الحال، لا يتوجه العربي إلى إيداع أمواله في لبنان.

ويوضح أمين عام اتحاد المصارف العربية أن "العقوبات على مصرف واحد ترفع كلفة التعامل مع المصارف المرسلة، وكان قد لجأ بعض هذه المصارف إلى قطع العلاقة مع بعض المصارف الصغيرة لبنانياً وعربياً، نظراً إلى حجم الأعمال التي لا تغطي كلفة الامتثال التي تتكبدها المصارف الغربية.

تقلص عدد المصارف

كذلك يتخوف فتوح من تقلص عدد المصارف في المرحلة المقبلة... ففي الدول العربية 520 مصرفاً، 40 في المئة منها في السعودية والإمارات.

وعن سؤال حول إمكانية فرض عقوبات على مصارف لبنانية أخرى، يؤكد أنه بعد فرض عقوبات على "جمال ترست بنك" وتصفيته، "ستلجأ المصارف اللبنانية الأخرى إلى مراجعة حساباتها وأخذ احتياطات أكبر والتزام أكبر للحفاظ على وجودها"، لافتاً إلى أن الخزانة قد تأخذ في الاعتبار التوجه المتشدد للمصارف اللبنانية، فتلجأ ربما إلى الغرامات قبل فرض العقوبات".

تصفية طوعية 

توقف العمل في مصرف "جمال ترست بنك" بعد إعلان العقوبات الأميركية نهاية أغسطس (آب)، وتسلّم مصرف لبنان الملف مباشرة فلجأ الى سلسلة إجراءات "منع عمليات السحب من حسابات المودعين وحسابات الموظفين للتحقيق بها، ورد المودعين إلى مصرف لبنان الذي آثر إصدار شيكات مصرفية بكامل المبالغ المودعة عند استحقاقها".

ولكن "جمال ترست بنك" الذي أبقى أبوابه مفتوحة لبضعة أيام لخدمة بعض الزبائن، رفع وعبر مجلس إدارته إلى مصرف لبنان، طلب الاستفادة من أحكام المادة 17 من القانون رقم 110 تاريخ 7/11/1991 المتعلق بالتصفية الذاتية، فوافق المركزي، مؤكداً أن "قيمة الموجودات الثابتة وكل الحقوق العائدة للمصرف المعني، إضافة إلى قيمة مساهمة المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، هي كافية، من حيث المبدأ، لتسديد كامل ودائع والتزامات جمال ترست بنك". كما عقد المركزي اجتماعات مطولة لوضع آلية تنفيذية للتصفية، وتقرر تعيين نائب الحاكم محمد بعاصيري مشرفاً على التصفية التي قد تأخذ وقتاً ليس بالقصير.

العقوبات الأميركية على مؤسسات أو أفراد في لبنان لن تقف عند هذا الحد. فالمسؤولون الأميركيون قالوها وبوضوح "سيُعاقَب كل من يثبت أنه تعامل أو سهّل التعامل مع حزب الله"، ليتجه لبنان المتعثّر اقتصادياً والمثقل بالديون إلى مرحلة مقبلة أصعب.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد