ملخص
زودت الهند في عامي 2022 و2023 الجيش المغربي بمجموعات متنوعة من شاحنات النقل العسكري التكتيكية.
تسير المفاوضات الجارية بين المغرب والهند نحو إبرام اتفاق ثنائي في شأن تصنيع مركبات مدرعة محلياً لفائدة القوات المسلحة الملكية، وذلك في سياق تعزيز وتطوير التعاون العسكري بين البلدين.
ويأتي التعاون المغربي الهندي من أجل إرساء صناعة عسكرية محلية بالمملكة ضمن الصفقات المبرمة بين الطرفين خلال السنوات الأخيرة، بينما يرى مراقبون أن هذا التوجه يترجم رغبة الجيش المغربي في مواكبة التطورات السريعة في مجال الدفاع العسكري والأمني.
اهتمام مغربي
وكشفت مواقع مهتمة بالشأن العسكري، أن الاتفاق يتوج الاتفاق الاستراتيجي بين المغرب والهند، الذي ينبني على معادلة تقوم بتزويد المغرب الهند بالأسمدة، مقابل استثمار الهند في التكنولوجيا الدقيقة والصناعات الدفاعية بالمغرب.
وسبق للهند أن زودت الجيش المغربي بشاحنات النقل العسكري التكتيكية LPTA-715 في عام 2022، وعشرات شاحنات النقل العسكري التكتيكي الأخرى في بداية سنة 2023، وفق موقع "ديفانسا" الإسباني المتخصص بالشؤون العسكرية.
وبات المغرب يهتم بالتعاون العسكري الوثيق مع الهند مثل الصين أيضاً، في سياق تنويع الرباط لشركائها العسكريين، بالنظر إلى الكلفة الاقتصادية المنخفضة لهذه الصفقات العسكرية مقارنة مع باقي الدول التي تربطها بالمملكة اتفاقات عسكرية لشراء الأسلحة أو للتصنيع الحربي.
وفطن المغرب إلى الهند باعتبارها سوقاً واعدة في صناعة وإنتاج الأسلحة والمعدات العسكرية التكنولوجية الحديثة، كما أن المملكة منجذبة للأسعار المنخفضة لهذه الصفقات والاتفاقات، بخلاف الكلفة المرتفعة للمعدات التي يستوردها من حلفائه التقليديين من قبيل فرنسا وإسبانيا.
ووفق مواقع مهتمة بالشأن العسكري، فإن مثل هذه الاتفاقات العسكرية مهد لها المغرب من خلال عدد من المبادرات، منها استحداث الرباط منصب ملحق عسكري في الهند في سفارة المملكة بنيودلهي خلال صيف العام الماضي.
الهند قوة عسكرية صاعدة
يقول المتخصص في الشأن العسكري والاستراتيجي محمد عصام لعروسي، إن المغرب مهتم بالتعاون مع الهند لكون نيودلهي من القوى الصاعدة والأساسية على مستوى التأطير والبحث والدراسات المنجزة، وعلى مستوى التصنيع وصادرات الأسلحة نحو العالم.
وأضاف لعروسي، "تعد الهند من بين الدول الأكثر إنفاقاً عسكرياً، ومن الدول القوية في مجال التصنيع، إذ تقوم بعديد من الدراسات لتطوير أسلحة متطورة، منها طائرات مقاتلة تعتبر نموذجاً للأسلحة والمعدات التي تنتجها الهند، إضافة إلى الطائرات المسيرة".
وتفيد إحصاءات تقرير معهد ستوكهولم الدولي لبحث قضايا السلام أن الهند تتبوأ المرتبة الرابعة في العالم سنة 2023، من حيث النفقات العسكرية التي بلغت 83.6 مليار دولار.
وكان وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ صرح قبل أيام قليلة بأن صادرات بلاده الدفاعية تجاوزت 2.5 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024، وتوقع مواصلة زيادة هذه الصادرات العسكرية لمختلف بلدان العالم، ومنها المغرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح لعروسي أن "الهند تتوفر على بنية تحتية عسكرية قوية تسيل لعاب كثير من الدول"، مبيناً أن المغرب يستفيد من هذه الترسانة ومن المزايا التي تقدمها نيودلهي في التصنيع، خصوصاً أنها ترتبط بعلاقات مع أزيد من 85 بلداً على مستوى التعاون العسكري والتسليح".
وأكمل حديثه بقوله، إن الهند تحاول أن تجد موقعاً لها في خريطة الدول المصنعة للأسلحة التي تقدم حلولاً عسكرية لباقي البلدان، كما أنها تخصص موازنات مالية مهمة للبحث العلمي في المجال العسكري، مما يسمح لها بتطوير الكثير من الأسلحة العسكرية.
وسجل المتحدث أن المغرب في إطار تنويع الشركاء يريد توسيع دائرة الاستفادة في مجال التصنيع، بخاصة أنه يريد تطوير "الدرونز"، ويأمل التحول إلى البلد الأفريقي رقم واحد في معادلة إنتاج الطائرات من دون طيار التي صارت تستخدم في الصراعات اللانظامية والحروب المعاصرة".
امتيازات تنافسية واستراتيجية
من جهته، رأى أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية، هشام معتضد، أن اتفاق المغرب مع الهند بالتصنيع المحلي للمركبات العسكرية يدخل في إطار الرباط الرامي إلى تنزيل رؤيتها الاستراتيجية بخصوص خلق فضاء للصناعات الحربية محلياً من أجل الاستجابة للتطور السريع الذي يعرف قطاع الدفاع العسكري والأمني المغربي.
واسترسل معتضد بأن اختيار الهند ضمن سياسة تنويع الشركاء الاستراتيجيين التي تنتهجها الرباط في الانفتاح على الشراكات الدولية تفسره الامتيازات التنافسية التي تقدمها نيودلهي والقيمة العسكرية التي تتحلى بها الصناعة الدفاعية الهندية، بخاصة في ما يتعلق بالمركبات العسكرية والأمنية والمروحيات القتالية متعددة المهام، إضافة إلى إلكترونيات الطيران والأسلحة الخفيفة، والرادارات.
وأردف المتحدث بأن عزم المغرب التسريع الاستراتيجي في بناء المنصة الصناعية للإنتاجات العسكرية والأمنية محلياً يدفعه للاستفادة من مختلف التجارب الصاعدة، على غرار الهند التي قررت وزارتها المكلفة الدفاع خطة طموحة منذ سنة 2020 لتقليل اعتمادها على واردات الأسلحة الأجنبية وتبنيها توجهاً سيادياً عسكرياً لتصنيع ما يفوق 300 من المعدات العسكرية محلياً، إضافة إلى أنظمة دفاعية.
ووفق معتضد، فإن ديناميكية الصناعة العسكرية والأمنية لنيودلهي تغري المسؤولين الاستراتيجيين الساهرين على بناء منصة المغرب الصناعية للمعدات الحربية والأمنية، مردفاً أن "أوجه التشابه بين النموذج المغربي للصناعات العسكرية ونظيره الهندي، يساعد أكثر السلطات المغربية على تكثيف التشاور حول إمكانات التعاون الثنائية للاستفادة من تجربة الهند الصناعية في مجال الدفاع والأمن".
وذهب معتضد إلى أن "هناك التزاماً مغربياً قوياً في شأن التموقع استراتيجياً بشكل وازن في مجال التصنيع الحربي وإنتاج المعدات الأمنية المتطورة، ومشاوراته مع القيادة في نيودلهي تشكل قناة من قنوات التواصل الدولي التي أطلقتها إدارة الدفاع المغربية والقوات المسلحة الملكية من أجل جلب مختلف الخبرات الممكنة القادرة على الاستجابة لمتطلبات الرباط الاستراتيجية بخصوص هذا القطاع الحيوي والمهم لمستقبل توازنات المغرب الإقليمية".