Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قص الشعر حل نساء غزة السحري للتغلب على قلة النظافة

الحلاقة قرار مؤلم بخاصة أن الشعر مصدر تباهٍ للسيدات

ملخص

رغم أنه إحدى علامات جمال السيدات فإن نساء غزة قررن قص شعورهن بسبب محدودية توفر المياه النظيفة للاستحمام.

تنظر أمية في المرآة الصغيرة على شعرها الطويل الناعم ذي اللون الخروبي، وتمايله على كتفيها، ومرة أخرى تضعه أمامها على صدرها، وكأنها تتباهى بخصلها الجميلة، لكنها فجأة ذرفت دموعها ومسكت مقصاً وقربته من ضفائرها.

"سوف أقص شعري الجميل"، تقول أمية وتبدو مترددة في قرارها، إذ تنظر لنفسها بحزن وحسرة، وتضيف "أليس حراماً أن أستغني عن مفاتن جمالي، هذه الخطوة ستجعلني أفقد شيئاً أحبه ويشعرني بالأنوثة".

في خيمة

استغرقت السيدة الغزاوية وقتاً طويلاً، حاولت خلاله المراوغة كثيراً لثني نفسها عن قص شعرها، لكنها اقترحت، أخيراً، أن تذهب إلى جارتها في خيمة النزوح التي لجأت إليها بعد قصف الجيش الإسرائيلي منزلها، بالتالي إجبارها على الإخلاء القسري من شمال غزة نحو جنوب القطاع.
في الخيمة المجاورة "حلقت" سندس شعر أمية من دون تردد، فهي تعلم أن هذه الخطوة أفضل بكثير من بقاء الخصل طويلة بخاصة في الظروف القاسية التي تعيشها السيدات داخل غزة في مناطق النزوح.
وتقول أمية "لقدت حلقت شعري كما الشباب، ولم أقص أجزاء منها، عندما شاهدت منظري صعقت كثيراً، وشعرت أنني فقدت شيئاً عزيزاً كنت أملكه، لقد بكيت ساعات طويلة، وكان في قلبي غصة ووجع نتيجة هذا القرار".

لحظة صعبة

في الأعراف الثقافية العربية تتباهى الأنثى بشعرها الطويل ذي الملمس الناعم، لأنه يعد إحدى علامات جمال السيدات التي تميزهن، وحتى إن العربيات لا يحلقن شعورهن بسهولة لأن هذا القرار يعني أن السيدة تخلت عن جزء من معايير جمالها.

وتضيف أمية "إنها لحظة صعبة على أي سيدة، لكن نحن في غزة مجبرات على ذلك، والسبب وراء ذلك هو قلة توفر المياه النظيفة للاستحمام فضلاً عن أن جميع النساء يستخدمن حماماً واحداً".

تعيش ريهام في مخيم إيواء للنازحين وبسبب قلة المياه ومحدودية عدد الحمامات، اضطرت إلى اتخاذ قرار قص شعرها الطويل. وتقول "حلقت شعري حتى أصبح منظري كالأطفال، شعرت أنني فقدت كنزاً، فالشعر من أغلى الأشياء التي تملكها المرأة".

تعرف ريهام أن حلاقة شعر رأس المرأة يعد إجراءً مؤلماً للغاية، لكن السيدة مجبرة على ذلك، وتضيف "في غزة نحن مجبرون على ذلك بسبب مخاوف صحية، جراء عدم غسل الشعر بسبب نقص المياه في خضم الحرب الإسرائيلية وما تبعها من آثار مترتبة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ندرة المياه

في مخيم النزوح تصل المياه كل ثلاثة أيام، مرة واحدة لمدة خمس ساعات، لكن ريهام لا تملك خزانات لتحتفظ فيها، ولذلك قررت قص شعرها. وتتابع "نحن نستحم مرة كل أسبوع، ليس لأننا لا نرغب بالنظافة لكن هذه ظروف الحرب القاسية، وأجبرتنا حياتنا هذه على حلق شعر رؤوسنا".

بعد أن أصيبت دلال في مرض سعفة فروة الرأس، قررت قص شعرها، وتقول "نصطف لساعات لاستخدام المراحيض، لكن لا يوجد لدينا ما يكفي من الماء للاستحمام ولا مستحضرات العناية الشخصية". وتضيف دلال "ما يتوفر من مياه استخدمه للطهي أو الشرب وهذه أولوية، أما البديل المتوفر لغسل الشعر فهو مياه البحر، ولهذا تضطر بعض النساء في غزة إلى حلاقة شعر رؤوسهن".

في الواقع، يعاني أهالي غزة من أزمة مياه وصلت إلى مستويات حرجة، وهذا أجبر النازحين على استخدام دورات المياه المشتركة مع مئات الآلاف، والسبب في الأزمة هو إسرائيل، إذ أمر وزير الطاقة عند بدء الحرب، يسرائيل كاتس (وزير الداخلية الحالي) بقطع إمدادات المياه عن القطاع.
وأنتج قطع المياه عن غزة ظروفاً صعبة، وأدى إلى تأخر غسل النساء لشعورهن. ولهذا اضطرت عديد من الفتيات والنساء النازحات إلى قص شعورهن، حتى يتسنى لهن الحفاظ على النظافة الشخصية وأيضاً توفيراً للمياه التي تستخدم في غسله كونه يحتاج إلى كميات كبيرة نتيجة طوله وسماكته.

أنا أنثى

وتقول هناء "حلقت شعري، نتيجة استخدام المياه المالحة والملوثة، وبسببها تلف شعري وبشرتي. قبل الحرب كنت أستخدم شامبوهات طبيعية للعناية بشعري، وبعد النزوح أصبحت أستخدم الصابون السيئ الذي نحصل عليه ضمن المساعدات، وقد تسبب في تدمير شعري". وتضيف هناء، "عندما حلقت شعري بكيت كثيراً كما لو أنني فقدت عضواً مهماً في جسدي، النساء تهتم بالشكل والمظهر، والشعر أحد أبرز مظاهر الجمال الشخصي الذي تريد المرأة المحافظة عليه، لكن العدوان حرمني من شعري".

وتتابع "أنا أنثى، والشعر فيه قوام نفسي وجسدي، وإحساسي بالأنوثة حي، حتى لو كانت المرأة الفلسطينية معروفة بقوتها. كما أنني أرتدي ملابس الصلاة طوال الوقت لأننا نعيش داخل خيمة تضم نحو 20 فرداً من الرجال والنساء".

وجهة نظر طبية

من ناحية طبية، تقول طبيبة الأمراض الجلدية هبة عوض إن "الافتقار إلى النظافة المناسبة والعناصر الغذائية الأساسية يؤدي إلى تفاقم خطر الإصابة بأمراض فروة الرأس المختلفة، ناهيك بانعدام مستحضرات العناية الشخصية". وتضيف عوض أن "عدم غسل الشعر يؤدي إلى الإصابة بأمراض الثعلبة والالتهابات البكتيرية، هذه الأمراض تحدث جراء عدم غسل الشعر، وعدم كفاية ممارسات النظافة، إضافة إلى أن نقص العناصر الغذائية الأساسية جراء نقص الطعام والأدوية يزيد من تفاقم المشكلة".

وتوضح عوض أن غالب نساء غزة يرتدين الحجاب طوال الوقت ولا يتعرض شعرهن للهواء أو الشمس، وهذا ينعكس سلباً على فروة الرأس، هذه الظروف أجبرت السيدات التخلي عن مظاهر أنوثتهن واللجوء إلى قرار حلق أو قص شعرهن".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير