Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"إشاعات التواصل الاجتماعي"... هل تنجح مساعي "النواب" المصري لوقف الأخبار الكاذبة؟

برلمانيون يتحركون لسن قوانين تصل إلى "الإعدام" للمحرضين على الدولة... وخبراء الإعلام يشككون

مجلس النواب المصري (حسام علي. إندبندنت عربية)

على وقع حالة الجدل التي تثيرها مواقع التواصل الاجتماعي في مصر الأيام الأخيرة، وحدة الانقسام بين المؤيدين للحكومة الذين يعتبرون أن أغلب ما ينشر على تلك المواقع ضد الدولة أخبارٌ كاذبة وترويجٌ للإشاعات تستهدف المؤسسات المصرية، وبين المعارضين الذين يعتبرونها انعكاساً حقيقياً لواقع وأحوال البلاد، يتحرك عدد من نواب البرلمان المصري لسن قوانين قالوا إنها تهدف لتغليظ العقوبات على "مروجي الإشاعات والأخبار الزائفة التي تُبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

الخطوة التي تأتي بالتزمن مع حالة لم تهدأ بعد من الجدل، الدائر في مصر منذ أكثر من أسبوعين بسبب دراما فيديوهات المقاول والفنان المصري محمد على، وفيديوهات ناشطين آخرين، اتهموا قيادات في الدولة بتهم الفساد، وهو ما نفاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الوطني الثامن للشباب السبت الماضي، وقال عنها "إنها تهدف إلى ضرب حالة الثقة التي تجمع القيادة السياسية والعسكرية في البلاد بالشعب المصري"، يلوّح من خلالها أعضاء البرلمان لأن تصل عقوبة "الترويج للإشاعات"، إلى الإعدام، ما أثار حالة أخرى من الجدل بين خبراء الإعلام والاتصال بشأن إمكانية تطبيقها أو جدواها لمواجهة المخاوف الحكومية.

تغليظ عقوبات "الترويج للإشاعات"

وخلال الأيام الأخيرة، أعلن مشرعون مصريون عزمهم تقديم مشروعات قوانين في دورة انعقاد المجلس المقبلة المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لمواجهة وردع الإشاعات، بالنص على عقوبات تبدأ بالغرامة وتصل إلى الإعدام في حال تسبّبت الشائعة في سقوط قتلى وجرحى وهددت الأمن القومي.

وبحسب النائب خالد أبوطالب، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، "فإنه سيتقدم خلال دور الانعقاد الخامس، بمشروع قانون لمعاقبة مروجي الإشاعات والأخبار الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي، لتصل إلى حد الإعدام".

وقال النائب، في بيان الثلاثاء الماضي، "إن نشر الأخبار الكاذبة وترويج الإشاعات يعد بمثابة خيانة للدين والوطن، لاسيما إذا كان الوطن يمر بتحديات جسيمة في الداخل والخارج، وتتربص به عيون الأعداء، إذ تعد الإشاعات إحدى الأسلحة الفتاكة التي تستغلها بعض الأطراف التي تضمر الشر لوطننا، بهدف تهييج الرأي العام وإثارة البلبلة وزعزعة الأمن والاستقرار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بيان أبو طالب، أعقبه بأيام تصريحات صحافية لوكيل المجلس النائب سليمان وهدان، جاء فيها "إنه وطبقا لمشروع القانون المقترح سيتم إنشاء مرصد لرصد الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي، ومعرفة الجهات أو اللجان التي تبثها، للتعامل معها بشكل فوري وعاجل والرد عليها قبل انتشارها بين المواطنين وتصديقها بالفعل، فضلا عن إلزام الحكومة بملاحقة مروجيها والمواد الإعلامية المسيئة للدولة، التي تحرّض على العنف والتطرّف وإثارة البلبلة في المجتمع"، على حد وصفه.

وبحسب رؤية عدد من نواب البرلمان المؤيدين لتلك الخطوة، والتي استطلعت رأيهم "اندبندنت عربية"، "فإن رؤية القائمين على مشروع القانون، يعتبرون أن مواقع التواصل الاجتماعي مثل (فيسبوك وتويتر)، باتت تستخدم لتحريض المواطنين ضد الدولة، من خلال فبركة تصريحات المسؤولين وادعاء أحداث لم تقع، بل أصبحت بيئة خصبة للتحريض على مصر".

يقول النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكونولجيا المعلومات بالنواب المصري، "المرحلة المقبلة هي الأهم في موضوع السوشيال ميديا في مصر، إذ تتزامن مع بدء الحكومة نحو التحول الرقمي، ومن ثم من الأهمية أن يواكب هذا التطور التكنولوجي تشريعات وقوانين لحمايتها".

وبحسب بدوي، "فإن هناك قطاعا عريضا يرفض الاستخدام السلبي لمواقع التواصل، التي ظهرت أنها أكثر من الاستخدام الإيجابي لمثل هذه المواقع في مصر"، وأشار إلى "وجود مفاهيم بحاجة لضبطها، وهو ما سيتحقق من خلال التشريعات والقوانين". مشددا في الوقت ذاته إن "مشروعات القوانين هذه لا تهدف إلى تكميم الأفواه، وإنما لضبط إيقاع وسائل التواصل في مصر، وحماية بيانات المستخدمين في الداخل".

وأضاف "بالتأكيد لا يمكن منع ما بات يعرف بالأكاذيب والإشاعات التي تستهدف الدولة المصرية على وسائل التواصل ولكن نسعى للحد منها".

تأتي هذه التحركات، بعد نحو عام من إصدار مجلس النواب المصري قانون مكافحة جرائم المعلومات، أو ما يُعرف إعلاميا بـ"جرائم الإنترنت"، الذي تضمن عقوبات تصل إلى الحبس 5 سنوات وغرامة 300 ألف جنيه (نحو 18200 دولار أميركي)، ضد كل من تعمّد استخدام برنامج إلكتروني لفبركة الصور للمواطنين.

كما سن القانون عقوبة بالسجن مدة لا تقل عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تتجاوز 30 ألف جنيه (نحو 1850 دولار أميركي) لكل من اصطنع بريداً إلكترونياً، أو موقعاً أو حساباً خاصاً، ونسبه زوراً لأحد المواطنين، وتشدّد العقوبة للغرامة التي تصل إلى نحو 300 ألف جنيه (نحو 18200 دولار)، والسجن في حال إذا كانت الجريمة تتعلق بإحدى الشخصيات العامة".

وقبل يومين تحدث الرئيس المصري، خلال حضوره المؤتمر الوطني للشباب، عن خطورة حروب الجيل الرابع، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الإشاعات والأكاذيب، وكيفية استخدام هذه المنصات من قبل الجماعات الإرهابية للنيل من الدولة المصرية.

ولم تكن المساعي البرلمانية الحالية لضبط ما يصفونه بـ"إيقاع مواقع التواصل والحد من الأكاذيب والإشاعات"، هي الأولى من نوعها. وخلال دور الانعقاد السابق تقدم نواب في البرلمان المصري مشروعات قوانين لمواجهة الإشاعات عبر "السوشيال ميديا"، مقترحين تشديد العقوبة بالسجن مدة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تزيد على 3 سنوات، لكل شخص يثبت أنه وراء صنع أو ترويج أو تجنيد أو نشر أي "إشاعة كاذبة"، مع غرامة مالية مناسبة.

هل تنجح الخطوة؟

ووسط المساعي البرلمانية الحالية، يشكك مراقبون في إمكانية نجاح الخطوة في تحقيق الهدف منها بسبب "حرية تداول المعلومات والبيانات التي باتت يشهدها العالم الافتراضي في السنوات الأخيرة".

وبينما يؤكد النائب أحمد بدوي، "قدرة الأجهزة المعنية بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في ملاحقة على الأقل مروجي الإشاعات والأكاذيب في الداخل المصري"، يقول الخبير الإعلامي صفوت العالم، "إنه على الرغم من حالة المخاوف الحالية مما يثار بصفة دائمه من مضمون على مواقع التواصل، وما يقال إنها تسهم في نشر الأكاذيب والترويج للإشاعات فإن الحل الوحيد لمواجهته، هو توسيع مساحة الحرية المتاحة لوسائل الإعلام وإتاحة حرية الرأي والشفافية في تداول المعلومات لاعتبارها الحل الناجع لمواجهة المخاوف الحكومية".

المزيد من العالم العربي