ملخص
يعني العمر البيولوجي للإنسان العمر الحقيقي الذي تبدو عليه الخلايا والأنسجة والأجهزة العضوية بناء على الكيمياء الحيوية
بدأ علماء طول العمر والأطباء وعلماء الوراثة في التجمع حول فكرة أنه من الممكن أن يكون لدى الأشخاص "عمر بيولوجي" يمكن أن يكون مختلفاً عن "عمرهم الزمني"، وهو العدد الذي يقاس منذ يوم ولادتهم.
ووفقاً للمعهد الوطني للشيخوخة، فإن "عمرنا البيولوجي يعني العمر الحقيقي الذي تبدو عليه خلايانا وأنسجتنا وأجهزتنا العضوية، بناء على الكيمياء الحيوية".
لكن فكرة وجود عمر بيولوجي رقمي محدد لكل واحد منا لا تزال مثيرة للجدل، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنه من الصعب القول على وجه اليقين إن هناك طريقة "طبيعية" يجب أن تنظر بها خلايانا إلى أي عمر معين أو أن كونك "شاباً بيولوجياً" يختلف في الواقع عن البقاء بصحة جيدة ولياقة مع تقدمنا في العمر.
وقال مارتن بورش جنسن، الباحث في مجال طول العمر، والمؤسس المشارك لشركة Gordian Biotechnology، لموقع إنسايدر "المفهوم الأساس هو أنه ليس كل من عاش على الأرض نفس العدد من السنوات يتمتع بصحة متساوية".
العادات الصحية القديمة تكفي
يقول العلماء، "إننا حققنا مكافحة الشيخوخة مع كائنات أخرى، لكن ليس من الواضح بعد أننا فعلنا ذلك عند البشر، وهذ ما أكد عليه جنسن (ليس هناك سبب للشك في أن هذا ممكن، نظراً إلى أنه يمكننا القيام بذلك في أنواع أخرى متعددة)".
وشهد مجال أبحاث الشيخوخة البيولوجية لدى البشر تقدماً هائلاً خلال العقد الماضي، إذ استخدمت الدراسات الحديثة اختبارات الدم لمحاولة التنبؤ بوقت قد يصاب فيه الشخص بأمراض مرتبطة بالعمر والتدهور، مثل أمراض القلب أو فقدان الذاكرة.
بدأ بعض الشركات الخاصة في تقديم اختبارات تقول إنها تخبرك بمدى عمرك البيولوجي، لكن عديداً من الخبراء ما زالوا حذرين في شأن هذا الوعد، ويرجع ذلك جزئياً إلى ما يسميه جنسن "التاريخ الطويل لمرض BS في مجال الشيخوخة"، الذي يعود إلى عدة آلاف من السنين.
وفي هذا السياق قال الممثل وبطل كمال الأجسام الأميركي السابق أرنولد شوارزنيجر إنه يريد أن يعيش إلى الأبد، لذلك قصد متخصصين مشهورين عالمياً في مجال الشيخوخة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس لطلب المشورة، وأخبروه أن ينسى التكنولوجيا الفاخرة ويركز على العادات الصحية البسيطة القديمة بدلاً من ذلك، وفقاً لما ذكرته مجلة "هوليوود ريبورتر".
حاسبة العمر البيولوجي للمتعة فقط
أما الرجل الذي اخترع أول آلة حاسبة للعمر البيولوجي ستيف هورفاث فقال، "إن اختبارات العمر البيولوجي اليوم يجب أن تستخدم فقط من أجل المتعة، فهذه الاختبارات لا تعني شيئاً إذا لم تقارن النتائج مع المقاييس الصحية المهمة الأخرى، مثل الوزن وضغط الدم والكوليسترول".
وحاول رجل هولندي يبلغ من العمر 69 سنة، في عام 2018 رفع قضية في المحكمة لينقص 20 سنة من عمره القانوني، لأنه قال إنه يشعر بأنه أصغر سناً، في وقت يحاول عديد من الأشخاص إبطاء ساعاتهم البيولوجية من طريق استخدام المكملات الغذائية والأدوية وتغيير نمط الحياة، ومنهم ثلاثة رجال ينفقون ثروة ويعملون بجد واجتهاد ليبرهنوا للعالم قدرتهم على إنقاص عمرهم البيولوجي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من بين هؤلاء أيضاً عالم الأحياء بجامعة هارفرد والباحث في مكافحة الشيخوخة ديفيد سنكلير، 54 سنة، الذي قال إن عمره البيولوجي أصغر بـ10 سنوات من عمره الزمني، وهو يعني أن جسده يشبه جسد شخص يتمتع بصحة جيدة يبلغ من العمر 44 سنة، ويأخذ سنكلير مجموعة واسعة من المكملات الغذائية، بما في ذلك "ريسفيراترول"، وهو أحد مضادات الأكسدة الموجودة في قشر العنب الأحمر والفول السوداني.
ويعتبر سنكلير وشركته لبيع "ريسفيراترول" مسؤولين إلى حد كبير عن الضجة حول النبيذ الأحمر باعتباره اختراقاً محتملاً لطول العمر، في وقت وجدت فيه معظم الأبحاث المعملية أن مادة "ريسفيراترول" عديمة الفائدة تماماً عندما يتعلق الأمر بإطالة العمر.
وإضافة إلى حبوبه، يشرب سنكلير أيضاً كوباً أو اثنين من شاي الماتشا الأخضر يومياً، ويلتزم بعديد من العادات اليومية الصحية، إذ يمتنع عن تناول الكحول ويتبع نظاماً غذائياً نباتياً، ويمارس الصيام المتقطع بين الحين والآخر، كما أنه يستخدم مكتباً واقفاً لتجنب الجلوس لفترات طويلة، ويؤكد أيضاً أهمية الحد من التوتر للحفاظ على مستويات التوتر لديه منخفضة، مع تخصيص فترات من اليوم لوقت هادئ.
جونسون الأشهر
أما براين جونسون رجل أعمال في وادي السيليكون وصاحب شركة "Venmo" الذي يبلغ من العمر 46 سنة، فاتخذ قراراً في محاولة للعيش إلى الأبد، وأصبح أشهر من نار على علم بسبب تناول الإعلام بكثافة لتجربته التي تكلفه في السنة مليوني دولار.
يقول جونسون إن عمر أعضائه يتراوح بين 17 و37 سنة، فالعمر البيولوجي لرئتيه بحسبه يبلغ نحو 18 سنة، ولديه قلب شاب يبلغ من العمر 37 سنة، وجلد شاب يبلغ من العمر 28 سنة، إذ إن العلاج بالليزر الذي خضع له لجلده بالكامل قلل من عمر بشرته بمقدار 22 سنة، وهو أكبر خفض في العمر في أي جزء من جسمه.
وفي منزله على شاطئ فينيسيا، حول جونسون غرفة نومه إلى عيادة يقضي فيها ساعات طويلة، إذ يستيقظ في الخامسة صباحاً، ويأكل وجبته الأولى بعد ساعة تليها وجبة ثانية، والأخيرة في الساعة 11 صباحاً، وإلى جانب هذا يأخذ 54 حبة اختيرت بشكل طبي، ومزيج من المكملات والأدوية التي يأخذها من دون وصفة طبية، وكل هذه الأمور خطط لها بناء على نتائج تحاليل الاختبارات الطبية، ويعيش كل أيامه على نظام غذائي نباتي ويمارس تدريبات رياضية قاسية ومراقبة حالته وتناول علاجات عديدة.
ليس هذا فحسب بل يقيد جونسون أيضاً سعراته الحرارية اليومية بالعدد الدقيق للغاية وهو 1977 ويجري اختبارات الدم والتصوير بالرنين المغناطيسي وتنظير القولون كل شهر لمراقبة تقدمه.
خبير طول العمر
وأخيراً قال الدكتور مارك هايمان المتخصص في طول العمر ومؤسس مركز UltraWellness Center في ريف ماساتشوستس، الذي يبلغ من العمر 64 سنة، إن عمره البيولوجي أصغر بعقدين من الزمن، أي نحو 43 سنة، وذلك بفضل العادات البسيطة مثل ممارسة الرياضة والتغذية الجيدة.
وأكد هايمان أن أول شيء يفعله كل صباح، بعد الاستيقاظ في الساعة السادسة صباحاً، هو التأمل لمدة 20 دقيقة، وبعد ذلك، يستمتع بقهوته الصباحية، ويجلس لبعض الوقت المخصص للكتابة، ثم يتناول القهوة، ليبدأ بعدها بتدريبات القوة التي قال إنها ساعدته على بناء العضلات وتقليل آلام الظهر، إذ إن تمرينه الصباحي يستغرق نحو 30 دقيقة، ولكنه يحب التحرك طوال اليوم من خلال أنشطة مثل المشي لمسافات طويلة أو ركوب الدراجات.
وبعد تمرينه الصباحي، يستخدم هايمان حمام البخار ويغطس بالماء البارد، ويبقى في ماء تبلغ درجة حرارته -40 درجة لمدة ثلاث دقائق، ثم يأتي دور فطوره الصحي فيتناول ما يسميه "مخفوق الشيخوخة الصحي"، وهو مزيج من المغذيات النباتية والدهون الصحية مثل التوت وبذور الشيا وبذور القن، كما لديه 48 غراماً من البروتين، وهو عنصر غذائي أساس لبناء العضلات والحفاظ عليها، الذي يحصل عليه من طريق إضافة مسحوق بروتين مصل اللبن إلى مخفوقه.
ولفت هايمان إلى أن روتين المكملات الغذائية الخاص به يشمل الكرياتين لصحة العضلات والدماغ، ويتناول أيضاً نوعاً خاصاً من الأحماض الدهنية المكتشفة، أخيراً، يسمى C15:0، ويرتبط بـ"نوم" أفضل ومزيد من الطاقة وتقليل التوتر.
ويضع كثيراً من النصائح في كتابه "الشباب إلى الأبد" لممارسة بعض العادات التي تسهم في زيادة الصحة وإطالة العمر، فبحسب الدكتور هايمان فإنه ليس ضد الشيخوخة، بل لديه وجهة نظر من المفاهيم الخطأ الشائعة التي تقول إن التقدم في السن يأتي تلقائياً مع مشكلات صحية مثل آلام المفاصل والتفكير الضبابي والأمراض المزمنة، إذ برأيه لا يدرك الناس أن هذه المشكلات تحدث مع الأشياء التي يمكنهم تغييرها، التي يمكن عكسها، فهي حالة قابلة للعلاج، بدلاً من التدهور الحتمي.
الحفاظ على لياقة الخلايا
ويعتقد مدير معهد أبحاث الشيخوخة في كلية ألبرت أينشتاين للطب، الدكتور نير بارزيلاي "أنه قد يكون من الممكن استهداف الشيخوخة وخفض العمر البيولوجي للشخص باستخدام أدوية مثل ميتفورمين وراباميسين، إذ يمكن لكلا العقارين إبطاء الشيخوخة على المستوى الخلوي، من ثم الحد من ظهور السرطان والخرف والسكري من النوع الثاني، لكن البحث غير حاسم حتى الآن، وبينما يحاول بعض الأشخاص استخدام ميتفورمين لإبطاء الشيخوخة، الذي لم تتم الموافقة على أي أدوية للوقاية من الشيخوخة من قبل إدارة الغذاء والدواء لهذا الغرض حتى الآن".
وتشمل الممارسات الأخرى المضادة للشيخوخة التي ثبت أن لها تأثيراً على طول عمر الأشخاص وصحتهم تناول الطعام بشكل جيد وممارسة الرياضة والتأمل والحفاظ على روابط مجتمعية قوية مع العائلة والأصدقاء والأزواج.
وفي هذا الصدد، فإن كون الشخص شاباً بيولوجياً قد يكون مجرد وكيل للامتياز الاجتماعي إذ لا يتمتع الجميع بنفس القدر من الوصول إلى الهواء النظيف، ومياه الشرب العذبة، ووقت الفراغ الكافي، والأطعمة الصحية التي تجعل الحياة أسهل على حمضنا النووي، ويعتقد العلماء أن جزءاً من سبب نجاح هذه الممارسات في إبقاء الناس على قيد الحياة لفترة أطول من أقرانهم هو أنها تساعد في الحفاظ على لياقة خلاياهم.