Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ورشات عمل لا تهدأ في باريس تحضيرا لأولمبياد 2024

ستصبح العاصمة الفرنسية ثاني مدينة في التاريخ تستضيف الألعاب الصيفية للمرة الثالثة

تُعد ألعاب باريس الأولمبية لعام 2024 فرصة فريدة لتنشيط الاقتصاد (أ ف ب)

ملخص

على رغم أن مليوني سائح أجنبي سيحضرون خصيصاً لمواكبة الألعاب الأولمبية، إلا أن كثيرين منهم ربما يتجنبون فرنسا هذا العام بسبب ارتفاع الأسعار خلالها

بعد 127 يوماً من الآن، ستصبح باريس ثاني مدينة في التاريخ تستضيف الألعاب الأولمبية الصيفية للمرة الثالثة، إذ سبق للندن أن استضافت الألعاب في 1908 و1984 و2012. وفي الثامن من أغسطس (آب)، اختتمت ألعاب طوكيو 2020 بحفل شهد تسليم العلم الأولمبي من حاكمة مدينة طوكيو يوريكو كويكي، إلى رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ الذي قام بتسليمه إلى عمدة باريس آن هيدالغو.

ويرجع تاريخ استضافة باريس للألعاب الأولمبية إلى عام 1900، حيث كانت المدينة المضيافة لهذا الحدث العالمي للمرة الأولى ثم في 1924، مما جعلها أول مدينة تستضيف الألعاب الأولمبية مرتين.

وبعد مرور 100 عام على ذلك التاريخ، في الـ26 من يوليو (تموز) 2024، سترحب باريس رسمياً بالعالم في الألعاب الأولمبية الصيفية للمرة الثالثة، بينما ستكون دورة الألعاب الشتوية والصيفية هذه السادسة التي تستضيفها فرنسا.

الاستعدادات

الجديد في هذه الدورة تنظيم الفعاليات بعيداً من الملاعب التقليدية، حيث ستقام في قلب المدينة، مما يتيح فرصة للمجتمعات المحلية للمشاركة والاحتفال، وبفضل هذا النهج الجديد ستتحول الساحات العامة والحدائق في جميع أنحاء باريس وفرنسا إلى مواقع للاحتفال والتواصل خلال فترة الألعاب.

وفي ما يتعلق بالاستعدادات لاستضافة الألعاب، أجريت تحسينات كبيرة على البنية التحتية في باريس بهدف ضمان استيعاب الرياضيين والجماهير بأمان وكفاءة، وشملت تحديث وتطوير المرافق الرياضية وأماكن السكن ووسائل النقل العام، واتخذت تدابير أمنية صارمة، بما في ذلك زيادة الانتشار الأمني في المناطق ذات الكثافة العالية من الجماهير وتعزيز الرقابة الأمنية على مختلف المواقع الرياضية والفعاليات المرتبطة بالألعاب الأولمبية.

وتستمر الاستعدادات النشطة في باريس، حيث تُقام مراكز عدة للتحضير في مختلف أحياء المدينة تهدف إلى توفير بيئة مثالية للرياضيين للتدريب والاستعداد للمنافسات المقبلة، ومن بين هذه المراكز يأتي نادي لاغاردير باريس ريسينغ Lagardère Paris Racing في الدائرة الـ16، ومدينة الجامعات الدولية باريس في الدائرة الـ14، والمركز الرياضي لجامعة السوربون دوجو في الدائرة الخامسة.

وتزامناً مع ذلك، تشهد باريس أيضاً إطلاق حملات ترويجية وإعلانية مكثفة بهدف زيادة الوعي بالحدث الرياضي وتشجيع المشاركة الفاعلة في الألعاب الأولمبية، وتعكس هذه الحملات الجهود الكبيرة التي تبذلها المدينة لضمان نجاح الحدث وتعزيز الروح الرياضية والتضامن البشري.

الجانب السياحي

في ما يتعلق بتأثير الألعاب الأولمبية في الجانب السياحي، أجرت "اندبندنت عربية" حواراً مع المدير العام لشركة "برو توريزم" الفرنسية ديدييه أرينو الذي أشار إلى أن تأثير الألعاب الأولمبية في السياحة الفرنسية سيكون محدوداً جداً عام 2024. فعلى رغم أن اثني مليون سائح أجنبي سيحضرون خصيصاً لمواكبة الألعاب الأولمبية، إلا أن كثيرين منهم ربما يتجنبون فرنسا هذا العام بسبب ارتفاع الأسعار خلال الألعاب. بصورة موجزة، هناك فوائد قصيرة الأجل مع زيادة كبيرة في الإيرادات للمناطق التي تستضيف الأحداث، بما في ذلك باريس، ولكن الأثر سيكون محدوداً للغاية، وربما سلبياً على معظم وجهات السياحة الفرنسية.

ومع ذلك، يشير أرينو إلى أن الفوائد السياحية ستظهر بعد الحدث إذا كانت الأمور تسير على ما يرام، ففي حال وقوع حوادث وتمت تغطيتها إعلامياً، فهذا قد يؤثر بصورة سلبية في جاذبية فرنسا.

وبالنسبة إلى التأثير الاقتصادي، يقول ديدييه أرينو إن "العوائد السياحية المباشرة تمثل جزءاً ضئيلاً من العائد الاقتصادي الإجمالي. ويُقدر التأثير الاقتصادي المتعلق بالاستثمار في البنية التحتية الذي يترجم إلى خلق فرص عمل، بين 120 ألفاً و160 ألف وظيفة بدوام كامل على مدى ثلاثة أعوام، مما يعادل نحو 30 إلى 40 ألف وظيفة سنوياً. وعلى رغم أن هذا لا يمكن تجاهله، إلا أنه ليس ضخماً بالقدر نفسه".

ويضيف ديدييه أرينو أن "حسابات أخرى تشير إلى تأثير يصل في أفضل الحالات إلى 0.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا، وهو مكسب جيد على رغم أنه لا يؤثر بصورة كبيرة في نمو البلاد".

ووفقاً لتقرير أجراه مكتب "استراس"، من المتوقع أن تولد الألعاب الأولمبية اضطرابات محتملة لبعض الشركات نتيجة تدفق القيود العامة والأمنية، ومن المرجح أيضاً تشجيع العمل عن بُعد لتجنب اختناقات النقل، مما قد يؤثر في السفر في مناطق الاختبار. وعلى رغم أهمية هذه التحذيرات، إلا أن استعراض التاريخ يظهر أن الأثر على نمو البلدان المستضيفة كان محدوداً، فعلى سبيل المثال تزامنت ألعاب برشلونة مع نمو اقتصادي شبه صفري في إسبانيا، وتظهر الحالة البريطانية مع دورة ألعاب لندن عام 2012 نمواً متواضعاً ومستداماً بغض النظر عن الحدث.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ارتفاع كبير في الأسعار

وتواجه العاصمة الفرنسية باريس، ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الفنادق، مما أثار جدلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي. وأفادت وسائل الإعلام الفرنسية بأن الفنادق في باريس اتخذت قراراً برفع أسعار الإقامة خلال فترة الألعاب الأولمبية بهدف الاستفادة القصوى من توافد الملايين من السياح إلى المدينة خلال هذا الحدث الرياضي الكبير.

وتزيد كذلك كلف كثير من المرافق الأساسية بالتزامن مع هذا الارتفاع في الأسعار، بما في ذلك المعالم السياحية الشهيرة مثل برج إيفل ومتحف اللوفر، إلى جانب سعر تذاكر المترو.

ونتيجة لهذا الارتفاع الكبير في الأسعار، فقد تم حجز عدد من الفنادق ومواقع التخييم في باريس وضواحيها بالكامل، مما يجعل البحث عن إقامة مناسبة أمراً صعباً للزوار.

وبحسب التقارير، قفز سعر إحدى الغرف في فندق من فئة ثلاث نجوم بمنطقة الدائرة الـ15 من العاصمة بمقدار 15 ضعفاً.

وتشير بيانات شركة "أير دنا" إلى أن متوسط أسعار الإقامة في باريس حالياً يبلغ نحو 619 يورو  (نحو 669.54 دولاراً) لليلة على منصة "إير بي أن بي"، وهو تقريباً ضعف متوسط السعر البالغ 298 يورو (نحو 322 دولاراً) للحجوزات التي تمت فعلاً. أما في الضواحي، فبلغ متوسط الأسعار ما يقارب 302 يورو (نحو 326.64 دولاراً)، مقارنة بـ 179 يورو (نحو 193.57 دولاراً) في المتوسط للحجوزات القائمة.

وفي بيان لها، أشارت الشركة إلى أن متوسط سعر الإقامات المحجوزة على منصتها لم يتغير منذ بداية العام. ويقوم مزيد من الباريسيين بتقديم منازلهم للإيجار خلال فترة الألعاب من أجل زيادة دخلهم. ومن المتوقع أن تكون الإقامات على منصة "إير بي أن بي" خلال هذه الفترة لها تأثير اقتصادي إيجابي كبير، إذ من المرجح أن تولد ما يقارب مليار يورو في فرنسا.

آراء

وخلال جولة استقصائية للاطلاع على آراء سكان باريس حول هذا الموضوع، عبرت فاني عن قلقها مشيرة إلى أن البلدية ستستفيد مالياً من الألعاب الأولمبية، لكن الفاتورة الحقيقية ستُدفَع من قبل سكان باريس المحليين عبر زيادة الأسعار، حيث إن الإيجارات مرتفعة بالفعل ومن المتوقع زيادتها بعد الحدث. وأملت فاني في أن تنخفض الأسعار مجدداً بعد انتهاء الألعاب الأولمبية.

من جانب آخر، يرى فريدريك أن هذا الحدث الرياضي فرصة لباريس لتتعافى اقتصادياً، بخاصة بعد الأضرار التي لحقت بالاقتصاد جراء الحرب في أوكرانيا وجائحة "كوفيد-19"، ويؤكد "نعم، الأسعار ترتفع بالفعل في باريس، مما يجعلها المدينة الأغلى في فرنسا من حيث الكلفة السكنية، لكن هذا جزء من التطور ويجب علينا قبول هذا الارتفاع في الأسعار. ستكون للبلاد فوائد اقتصادية طويلة الأجل. بالطبع، نأمل في أن تعود الأسعار لطبيعتها بعد انتهاء الحدث الرياضي".

التوظيف

باريس 2024 تولي اهتماماً كبيراً لقضية التوظيف، فتعتقد بأن الألعاب الأولمبية ستخلق فرص عمل تصل إلى 150 ألف وظيفة في مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك تنظيم الفعاليات والسياحة والتموين والبناء، ومن خلال رسم خريطة للمهارات المطلوبة والمسارات المهنية عمل فريق باريس 2024 بالتعاون مع النقابات العمالية ومقدمي التدريب المهني ومقدمي الخدمات التوظيفية والوكالات الحكومية لتطوير استراتيجيات التوظيف.

في هذا السياق، يقول طوني إستانجيه، رئيس باريس 2024 "نحن نسعى إلى إشراك مزيد من الأشخاص، بما في ذلك أولئك الذين يشعرون باليأس، إذ إن هناك فرصاً متاحة للجميع".

في الأثناء، تنظم "منتديات التوظيف" بالتعاون مع السلطات المحلية ومكتب الشغل الفرنسي لتلبية مطالب أصحاب العمل، وشهدت هذه المنتديات استجابة من نحو 3500 باحث عن عمل، وفقاً لبيانات باريس 2024. ويعتبر هذا الرقم واعداً، بحسب مدير الجاذبية الاقتصادية والاجتماعية والإقليمية جيل فيردور.

من جانبها، توضح التقارير الحديثة الصادرة عن مكتب "استراس" أنه من المتوقع أن تؤدي ألعاب باريس 2024 إلى إيجاد نحو 116 ألف فرصة عمل، وعلى رغم أهمية هذه الأرقام، إلا أنها تمثل جزءاً صغيراً جداً (0.4 في المئة) من الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا.

16.1 مليون زائر

في الختام، تُعَدّ ألعاب باريس الأولمبية لعام 2024 فرصة فريدة لتنشيط الاقتصاد، فيتوقع وصول عدد كبير من الزوار إلى العاصمة الفرنسية، ربما يبلغ 16.1 مليون زائر تقريباً. ويتصدر سكان إيل دو فرانس الغالبية، حيث يخطط 69 في المئة منهم للبقاء في المنطقة خلال فترة الألعاب، ويؤكد 33 في المئة منهم رغبتهم القوية في الاستمتاع بالحدث.

وتشير استطلاعات الرأي التي أجرتها شركة "هاريس" إلى أن هذا الحدث الرياضي العالمي يثير اهتمام كثير من السكان المحليين الذين يتطلعون للاستمتاع بالجو الرياضي والفرحة العارمة التي ستعم العاصمة خلال هذه الفترة الاستثنائية.

ومن جانبها، لفتت وزارة السياحة الفرنسية إلى أنه من المتوقع أن يشهد عدد السياح زيادة كبيرة بنسبة تصل إلى 10 في المئة خلال فترة الألعاب، مقارنة بالأعوام السابقة ومقارنة بـ 2019 قبل انتشار جائحة "كوفيد-19"، مما يشير إلى الجاذبية الهائلة لباريس كوجهة سياحية عالمية وقدرتها على استقطاب الزوار من جميع أنحاء العالم، خصوصاً في سياق تنظيم حدث رياضي بارز مثل الألعاب الأولمبية.

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة