Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لاعب كرة القدم الإنجليزي بول غاسكوين دمرته الشهرة ويعاني الإدمان والكآبة

أمضى العقد الأخير في دورة مفرغة من العلاج والإدمان والوحدة وتبددت أمواله بين المستشارين والوصوليين ويصلح كمثال عن القوة المدمرة للشهرة

قبل 34 عاماً خلت احتل غاسكوين موقعاً متفرداً بوصفه الرياضي الأشد ديناميكية في البلاد، ولاعب كرة القدم صاحب الأداء المميز (غيتي)

ملخص

لاعب كرة القدم الإنجليزي الشهير بول غاسكوين الذي اشتهر في تسعينيات القرن الـ 20 صار يعاني الإدمان والكآبة وبات شبه معدم ولعله مثال عن القوة المدمرة للشهرة

"غازا" العجوز مسكين، وتكاد لا تترك كلمات الرثاء عنه والتساؤل عن كيفية وصوله إلى هذه الحال المجال أمام أي رد فعل آخر حين الإصغاء إلى كلامه في "بودكاست" خلال هذا الأسبوع، متحدثاً عن انتقاله من سكير مبتهج إلى آخر حزين، وعيشه في غرفة احتياطية يملكها أحد وكلائه، ومشاهدة شريط تقديمي عنه، وملاحظة تشوه وجهه بجراحة تدميرية.

في الواقع إنه أمر بسيط نسبياً، لقد أوقعت الشهرة به واخترقت روحه بعمق مثل رمح حاد، ولم يكن مهيئاً منذ البداية للتعامل معها، وبالتالي فقد مضغته النجومية ثم لفظته.

الآن وبعد جيلين من أيام مجده بوصفه بول غاسكوين، الشخص الذي أسرت براعته الكروية الاستثنائية الأمة البريطانية بأكملها، لم يعد يُعرف بسوى كونه ضحية، ويبدو أن هذه هي الهوية الوحيدة التي بقي له للتشبث بها.

عند مشاهدته وهو يتحدث مع جايك همفريز في بودكاست "The High Performance" [الأداء المتألق]، يغدو من الاستحالة مصالحة حاضره مع ماضيه، وفيما يظهر زميله القديم في المنتخب الإنجليزي غاري لينكر متألقاً في الستينيات من عمره، يبدو غازا مجرد ظل لذاته السابقة.

ومع ذلك فقبل 34 عاماً خلت احتل موقعاً متفرداً بوصفه الرياضي الأشد ديناميكية في البلاد، ولاعب كرة القدم صاحب الأداء المميز، وكشخص منفتح لا تعوقه القيود، وفي تلك النبرة تفلت بصورة ممجدة وأضحى خارجاً من السيطرة، واستوفى كل طموح جامح وتفوق في حياته المهنية بينما كان يستمتع بوقت فراغه.

ثمة نتيجة غير متوقعة لصعوده إلى الصدارة الوطنية ذات شقين، كان التوقيت مناسباً من جهة حيث كانت كرة القدم تشهد انتعاشاً بعد تراجعها خلال فترة الثمانينيات، ولكن في الوقت نفسه أثبت ذلك أنه مدمر لذاته بشكل لا يصدق.

كانت بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1990 بلحظاتها المميزة التي جمعت ديس [ديس لينام مقدم برامج رياضية بارز في المملكة المتحدة معروف بعمله في البرامج الرياضية المختلفة، بما في ذلك تغطية كرة القدم]، وبافاروتي [مغني الأوبرا الراحل]، وغازا بمثابة تذكير قوي بتأثير كرة القدم، وبالنسبة إلى أولئك الذين يستعدون للاستفادة من تقنيات البث الناشئة، كان تأثير غازا عميقاً.

 

لقد ساعدهم في إدراك أن كرة القدم مناسبة تماماً للمحتوى الرقمي، وليس من المبالغة القول بأن الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم ولد من زخم شعبيته حينها.

في الوقت نفسه أمسك روبرت مردوخ بصحافتنا المصغرة "تابلويد" [رافقها صيت كونها صحافة شعبوية لفترة طويلة]، واستفاد من قوة الدفع التي أعطتها اللعبة للبث المتلفز، وبهدف تشجيعنا على شراء منتجه الجديد للبث عبر الأقمار الاصطناعية [إشارة إلى قناة "سكاي" التي أطلقت عام 1989 وأضحت بسرعة اللاعب الرئيس في ذلك النوع من البث المتلفز]، فتح مردوخ مساحات في صحفه أمام كرة القدم، وكذلك استعمل المقالات الافتتاحية في الترويج لها. أضحت كرة القدم تحتل الصفحات الأولى، إضافة إلى أخبار الصفحة الأخيرة [في الصحافة الورقية، تنال الصفحة الأخيرة مستوى القراءة نفسه مثل الأولى بل تفوقها أحياناً]. وتوجب على منافسي مردوخ التباري معه، وحينها قدم غازا لأولئك جميعهم مصدراً دائماً لمادتهم، على رغم سذاجته وحماقته وميله نحو الوقوع في المشكلات.

كانت بطولة "كأس أوروبا لكرة القدم 1996" لحظة فارقة بالنسبة إلى غاسكوين، وقبل انطلاق المسابقة أظهره الإعلام العام كشخص ثمل في هونغ كونغ فمنح نقاده مادة ثرية للثرثرة الفظة والوعظ الأخلاقي، وبعدها هدأت الأمور. ودفعت موهبته منتخب إنجلترا إلى الأمام وسجل هدفاً ساحراً واحتفى بذلك عبر قهر منتقديه، وعمدت المنافذ الإعلامية نفسها التي انتقدته إلى إزجاء المديح له، وحينها برز غازا وشكل تدفقاً لا ينضب من الأشياء المادية والخير والشر وكذلك القُبح، بالنسبة إلى معاملته لزوجته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبينما تمكن بعضهم، مثل لينيكر، من التعامل مع الأضواء بسهولة، كان غازا غارقًا في ذلك وكان يتوق إلى الاهتمام لكن ذلك أثر فيه، فلقد سعى إليه لكن الأمر نفسه أضر به، وحتى مع التلاشي الحتمي لقدراته الكروية استمرت نجوميته، فلقد تحول إلى مسلسل تلفزيوني حي تدور رواياته حول مشكلاته الزوجية أو ادعاءات العنف المنزلي، أو حتى شراء وجبة دجاج جاهزة لرجل مُطارد من الشرطة.

لم تكن مقاربته للشؤون المالية بارعة على الإطلاق، وحينما تلاشت المداخيل الكبرى التي عملت ذات مرة على إبقاء الطفيليين حوله لم يتبق شيء ليشكل البديل عنها، وأثبتت محاولاته العمل كمدرب لفريق كرة قدم عدم جدواها، فقد ذاع صيت خبرته بوصفها هراء غير متناسق، وسرعان ما اتضح أن الطريقة الوحيدة الممكنة لكسب المال هي مناقشة تجارب حياته الخاصة.

بعدها حدث ضحية اختراق هاتفه الخليوي مما دفعه إلى حافة التدهور العقلي بصورة جدية، فبين عامي 2002 و2004 اقتنع بأن ثمة من يتجسس عليه فاستبدل هاتفه 60 مرة، واختلت علاقته مع عائلته تحت وطأة قناعته بأن أفراده شكلوا المصدر لقصص صحافة الـ "تابلويد".

حينما سجل نفسه في خدمة "بريوري" للعلاج النفسي رفض الحديث بشكل منفتح مع بقية المرضى في جلسات العلاج الجماعي بأثر من قناعته بأنهم سيشهرون به باستعمال ما قد يكشف عنه، وتدحرج الخوف ووصولاً إلى الـ "بارانويا" [نوع من الشيزوفرانيا يمتزج فيه جنون العظمة مع أوهام الارتياب المضخم].

 

غدا مكشوفاً أمام الجميع وتلوكه الألسن، فما الذي استفاده من اخترقوا هاتفه الخليوي، أي مجموعة "ميرور"، من دفعه إلى اليأس؟ لم يزد الأمر على 15 مقالة.

قبل 10 أعوام حينما دخل غازا في محاولة وضعيته المالية نسبياً عبر جولة من الأحاديث العلنية أجريت مقابلة معه، ولم يزد ذلك الشخص عن كونه كتلة متحفزة من الارتجاف والارتعاش ونوبات التقلص العضلي، وتمثل أبرز ما لاحظته في أصابعه، ولم يتوقف الأمر عند أظافره المقضومة حتى حدودها الأخيرة، بل إن اللحم حولها طاوله القضم وصولاً حتى إلى حافة العظم، وأثناء حديثه دأب على قضم كتل وقشور منها بحيث بدا كأن أطراف أصابعه مملؤة بجبن مبشور.

إنه كتلة من الأعصاب المتوترة ولم يبدُ كشخص لديه أدنى جاهزية لأن يوضع تحت الأضواء.

أمضى غازا العقد الأخير في دورة مفرغة من العلاج والإدمان والوحدة، ولقد تبددت أمواله منذ وقت طويل، إذ بعثرت على المستشارين والمتطفلين، إضافة إلى كميات كبيرة أنفقت كتبرعات خيرية.

لم يعد العالم حالياً يتذكره كشخص يؤدي في ملاعب كرة القدم أشياء مدهشة ومحفزة ومجيدة، وبالتالي يتمثل ما يعرفه العالم الآن عنه بأنه شخص شهرته أنه دُمر بشكل فظيع بسبب الشهرة، وبحسب ما برهن عليه ظهوره في الـ "بودكاست" خلال الأسبوع الأخير، ثمة كثيرون يرغبون في التمرغ بالإثارة البديلة المتأتية من الاقتراب من بؤسه.

إن غازا عجوز مسكين بالتأكيد.

© The Independent

المزيد من رياضة