Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تأهب أميركي مع ارتفاع خطر هجمات الصين السيبرانية

تفكيك شبكة من القراصنة الإلكترونيين تعرف باسم "فولت تايفون" كانت تستهدف بنى تحتية أساسية للقطاع العام

المتسللون الصينيون يركزون جهودهم على البنية التحتية الأميركية استعداداً لإحداث الفوضى (أ ف ب)

ملخص

ينصب التركيز الرئيس على تطهير شبكة الإنترنت في الصين من الأفكار والمعلومات التي قد تشكل تحدياً لسلطة الحزب الشيوعي الصيني، مما يجعل تكنولوجيات المراقبة والرقابة أمراً حيوياً

يحظى الأمن السيبراني بأهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة إلى الصين، وذلك لأنها تهدف إلى أن تصبح قوة عظمى تقليدية ورائدة في الفضاء الرقمي. ولتحقيق هذه الغاية زادت أولويتها السياسية الممنوحة للتكنولوجيا الرقمية بصورة كبيرة منذ عام 2012، وبنت إطاراً مؤسسياً شاملاً للحوكمة السيبرانية.

وتهدف طموحات الصين في الفضاء الإلكتروني، بحسب ما يراها الغرب، إلى خدمة الهدف الأسمى المتمثل في تعزيز وحماية الدولة الحزبية وتعزيز شرعيتها. ومن ثم تستخدم التقنيات الرقمية في المقام الأول لتحقيق الحاجات والمصالح المحلية، ولتوليد الرخاء والحفاظ على النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. وينصب التركيز الرئيس على تطهير شبكة الإنترنت في الصين من الأفكار والمعلومات التي قد تشكل تحدياً لسلطة الحزب الشيوعي الصيني، مما يجعل تكنولوجيات المراقبة والرقابة أمراً حيوياً.

وعلى الصعيد الخارجي، تتطلع الصين إلى التأثير في النظام الدولي والتطوير العالمي للإنترنت من خلال محاولة مواءمة النظام الدولي مع رؤيتها واكتساب قدر أكبر من الاستقلالية في النظام الرقمي العالمي، وسط اتهامات متزايدة لها باستغلال قدراتها السيبرانية لمهاجمة البنى التحية لخصومها.

من هنا تحول التجسس الاقتصادي الصيني المدعوم عبر الإنترنت من سرقة الملكية الفكرية على نطاق واسع، إلى نهج أكثر استهدافاً يدعم أهدافاً استراتيجية واقتصادية وجيوسياسية محددة، مثل تلك المتعلقة بمبادرة الحزام والطريق والتقنيات الحيوية. ومع استمرار بكين في تطوير قدراتها السيبرانية، كان هناك تركيز متزايد على استغلال ثغرات يوم الصفر في الأجهزة العامة، التي أثبتت فعاليتها كتكتيك للوصول إلى أهداف عالمية مختلفة.

استهداق البنى التحتية الأميركية

تزايدت المخاوف الأميركية في الفترة الأخيرة من هجمات الصين السيبرانية، خصوصاً بعد أن كشفت السلطات الأميركية الشهر الماضي عن تفكيك شبكة من القراصنة الإلكترونيين تعرف باسم "فولت تايفون" كانت تستهدف بنى تحتية أساسية للقطاع العام مثل محطات معالجة المياه وأنظمة النقل، بناءً على توجيهات من الصين.

إثر هذا الإعلان، قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) كريستوفر راي، إن ما حدث يمثل تهديداً للأمن القومي، مضيفاً أن الصين تدخل بشكل متزايد أسلحة هجومية داخل بنية الولايات المتحدة التحتية الحيوية استعداداً للهجوم في الوقت الذي تراه الصين مناسباً.

وجاءت تصريحات راي بعد أيام من إعلان شركتي "أوبن أي أي" و"مايكروسوفت" أنهما أحبطتا محاولات قراصنة ترعاهم الدولة الصينية وأربع دول أخرى حاولوا استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي الخاصة بـ"أوبن إي أي" لأغراض ضارة. واستشهدت الشركتان بحادثة استخدمت فيها مجموعة "كاركول تايفون" الصينية، خدمات "أوبن إي أي" لإنشاء محتوى قالت الشركة إنه من المرجح أن يستخدم في حملات التصيد الاحتيالي.

وكانت سلطات الأمن السيبراني في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا، قد نشرت تقريراً العام الماضي أشارت فيه إلى أن الجهة السيبرانية المدعومة من الصين "فولت تايفون" تسللت إلى شبكات للبنية التحتية الحيوية في الولايات المتحدة، بعد تحذيرات مشابهة صدرت في 2021 تفيد بأن الجهة الصينية ذاتها تسللت إلى البنية التحتية الحيوية في جزيرة غوام الأميركية حيث تمتلك الولايات المتحدة قاعدة عسكرية مهمة في المحيط الهادئ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسبق هذا الأمر تنفيذ جهات سيبرانية مدعومة من الصين هجمات إلكترونية على البنية التحتية الحيوية الهندية في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، تسببت في انقطاع التيار الكهربائي في مدينة مومباي وتأخير تشغيل القطارات وتعطيل البورصات والمستشفيات الهندية لساعات عدة.

وتزامن كل ذلك مع صدور تقارير أوروبية تشير إلى أنه على النقيض من الهجمات التخريبية التي تنفذها الجهات الروسية أو عمليات جني الأموال التي تقوم بها الجهات الفاعلة الكورية الشمالية، فإن الهجمات الصينية السيبرانية تتميز بأهداف أكثر استراتيجية، إذ أعادت بكين ترتيب قدراتها في مجال القرصنة لجعل تحديد مسؤولياتها عن الهجمات أكثر صعوبة ولزيادة الاستعداد القتالي لجيش التحرير الشعبي. وبذلك خلقت التغييرات المؤسساتية مشهداً أكثر مرونة وتطوراً للقرصنة التابعة للدولة، تستخدم فيه أجهزة متطورة مثل أجهزة التوجيه والتقنيات المصممة، مما يشي بأن الصين تستعد لنشاطات تخريبية أقوى في المستقبل.

جلسة مجلس النواب الأميركي

هذه التطورات دفعت لجنة مجلس النواب الأميركي المعنية بالحزب الشيوعي الصيني، إلى عقد جلسة استماع قبل بضعة أيام تحمل اسم "التهديد السيبراني للحزب الشيوعي الصيني للوطن الأميركي والأمن القومي"، الغاية منها الإضاءة على مصالح بكين في استهداف البنية التحتية الأميركية، التي من شأن تعطيلها "إحداث الفوضى"، مما يؤدي إلى ضرر هائل للمجتمع الأميركي ككل. وتضمنت الجلسة تلاوة بيانات من مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) كريستوفر راي، ومديرة وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية (CISA) جين إيسترلي، ورئيس القيادة السيبرانية الأميركية الجنرال بول ناكاسوني.

في بيانه الافتتاحي، قال كريستوفر راي إن التهديد الذي يشكله الحزب الشيوعي الصيني على البنية التحتية الحيوية للولايات المتحدة بما في ذلك محطات معالجة المياه، والشبكة الكهربائية، وخطوط أنابيب النفط والغاز، وقطاع النقل، لم يحظ إلا بقدر ضئيل للغاية من الاهتمام العام، لافتاً إلى أن المتسللين الصينيين يركزون جهودهم على البنية التحتية الأميركية استعداداً لإحداث الفوضى والتسبب في ضرر حقيقي للمواطنين الأميركيين.

ووجه راي في الجلسة الاتهامات لبكين بسعيها إلى سرقة الابتكارات الأميركية وبيانات الأفراد والشركات. كاشفاً عن أن الصين لا تخطط لاستهداف البنية التحتية فحسب، إنما تمتلك خطة واضحة تربط بها الإنترنت في حملة حكومية قاسية ضد الولايات المتحدة، في ما يقع تطبيق "تيك توك" فعلياً تحت سيطرة الحكومة الصينية.

من جهتها، أشارت جين إيسترلي إلى أن التهديدات السيبرانية الصينية ليست نظرية، وأن فرق وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية اكتشفت الاختراقات الصينية وقضت عليها في قطاعات عدة. وبحسب وجهة نظرها، ستبقى مكافحة الأنشطة الخبيثة الصينية وتعزيز مرونة البنية التحتية الحيوية، أو حتى عمليات الانتقام السيبرانية، غير كافية لكون القاعدة التكنولوجية التي يقوم عليها جزء كبير من بنية الولايات المتحدة التحتية الحيوية غير آمنة بطبيعتها.

بدوره، صنف رئيس القيادة السيبرانية الأميركية الجنرال بول ناكاسوني التهديدات السيبرانية الصينية بأنها "مستمرة"، لكنه كان أكثر تفاؤلاً في شأن القدرات الأميركية، التي وصفها بأنها "جيدة جداً لا بل الأفضل". مفيداً بأن الولايات المتحدة ستحافظ على تفوقها في الفضاء الإلكتروني.

جهود التصدي

وفي معرض تفصيله لجهود مكتب التحقيقات الفيدرالي في التصدي للتهديدات السيبرانية الصينية، أكد راي للجنة أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يعمل مع شركاء متعددين داخلياً وخارجياً، بما في ذلك القطاع الخاص المحلي، والوكالات الحكومية الرئيسة، وحلفاء الولايات المتحدة في الخارج، كما أطلع راي اللجنة على عملية جرت قبل بضعة أيام، حين حددت الولايات المتحدة وشركاؤها مئات من أجهزة التوجيه التي استولت عليها مجموعة التجسس والقرصنة التي ترعاها الحكومة الصينية والمعروفة باسم "فولت تايفون".

وأضاف راي أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قد أصدر عديداً من تحذيرات الأمن السيبراني المشتركة في شأن الجهات السيبرانية التي ترعاها دولة جمهورية الصين الشعبية، والتي توفر تفاصيل بما في ذلك "التكتيكات والتقنيات والإجراءات" (TTPs) الصينية التي يمكن استخدامها من قبل المدافعين عن الشبكة، للعثور على الجهات الفاعلة السيبرانية الضارة ومنعها من الوصول إلى شبكاتهم. وتشمل جهود مكتب التحقيقات الفيدرالي العمل مع عديد من أصحاب المصلحة وتجميع الموارد معهم، بما في ذلك المتخصصون في صناعة الأمن السيبراني الذين قد يكونون على رأس التطورات التي تنطوي على نقاط الضعف السيبرانية.

أما في ما يخص جهود وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية، قالت إيسترلي إن وكالتها عكفت بعد هجمات "فولت تايفون" والاختراقات الإلكترونية الصينية الأخرى، على تعزيز الشراكات عبر مختلف الوكالات الأميركية، من أجل الحد استباقاً من الأخطار في مواجهة التهديدات الأكثر إلحاحاً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير