Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شتاء السخط الإيراني... عبثية الانتخابات في "حكم إلهي"

الواقع أن الناخب البارز كان "ائتلاف الأصوات الباطلة" وليس أمراً عادياً أن يصل عددها إلى نصف مليون في العاصمة وحدها

كان التصويت "دعوة إلى اليقظة" وعلى السلطات الآن الاستماع إلى "36 مليون ناخب لم يصوتوا" (أ ف ب)

ملخص

الانتخابات، حتى لو كانت نزيهة، لعبة عبثية في نظام "الحكم الإلهي". فكيف إذا كان هدف الثورة إقامة دولة دينية في عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؟

جمهورية الملالي في إيران تلعب الورقة على الوجهين: من فوق "شرعية إلهية"، ومن تحت "شرعية شعبية". الأولى مفروضة بنظرية "ولاية الفقيه". والثانية صارت مرفوضة كما كشفت الانتخابات النيابية الأخيرة. فكل دعوات المرشد الأعلى علي خامنئي إلى اعتبار التصويت "واجباً دينياً لإرضاء المهدي المنتظر" لم تحرك 61 في المئة من الناخبين في عموم البلاد، وكانت النسبة الأعلى للمقاطعة في طهران. مقاطعة مزدوجة: إما اللاتصويت، وإما التصويت بكتابة شعارات معارضة على أوراق الاقتراع التي تعتبر "باطلة".

وليس أمراً عادياً أن يصل عدد "الأوراق الباطلة" إلى نصف مليون صوت في العاصمة وحدها. ولا بالطبع أن يمتنع الرئيس السابق محمد خاتمي عن التصويت قائلاً "لم أصوت بوعي وصدق حتى لا أكذب على أحد، وعدم التصويت في الظروف الحالية نوع من التصويت"، بل وأعلن أنه قرر أن يكون مع "عديد من الأشخاص الساخطين الذين يعتقدون في أعماقهم أنه إذا كان هناك مخرج فهو إصلاح الأمور. وفقاً للإحصاءات، فإن غالبية الشعب ساخطة على الوضع الراهن والمنظومة، وهذا يقلل من الأمل في المستقبل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والواقع أن الناخب الأول كان المقاطع، والناخب البارز كان "ائتلاف الأصوات الباطلة الذي هزم كل القوائم السياسية" كما قال المخرج حسين دهباشي. وليس غريباً أن يسعى خامنئي لتغطية الواقع بالحديث عن "حركة حماسية" في انتخابات كانت "جهاداً ضد الأعداء". لكن الصحف الموالية نفسها مثل "إيران" الحكومية اعترفت بأن التصويت كان "دعوة إلى اليقظة" وعلى السلطات الاستماع إلى "36 مليون ناخب لم يصوتوا"، وصحيفة "هم ميهن" التي رأت "أفول السياسة في المجتمع الإيراني".

ولا حدود للمفارقات. فالرئيس السابق أحمدي نجاد قال "نسأل عن الانتصار فيقولون إن الأعداء حشدوا لكي تكون المشاركة أقل من 30 في المئة، لكنها أصبحت 40، إذاً نحن منتصرون". والنائب السابق محمود صادقي رد على قول الجنرال رحيم صفوي مستشار المرشد إن "عمقنا الاستراتيجي اليوم هو البحر المتوسط، وينبغي أن نزيد عمقنا 5 آلاف كيلومتر"، بالقول "في خفض عمق الرأسمال الاجتماعي للنظام يفكرون في زيادة العمق الاستراتيجي". وكل الأحاديث عن انتصارات استراتيجية رآها مصطفى تاج زادة من سجن إيفين الرهيب "هزيمة تاريخية لخامنئي" عبر الانتخابات.

والتناقض مخيف: أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية في الداخل، وانحسار شعبية النظام وسط العنف والقمع، وتوسع للنفوذ الإيراني في الخارج عبر الميليشيات المرتبطة بـ"الحرس الثوري" في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وغزة. كثير من الصواريخ والمسيرات، واقتراب من حيازة السلاح النووي وكل ما يشكل "القوة الخشنة"، وقليل جداً من "القوة الناعمة" والجاذبية الإيرانية بالنسبة إلى أهل المنطقة. وصول إلى البحرين المتوسط والأحمر عبر الميليشيات، وعجز عن تأمين حياة كريمة للطبقة الوسطى قبل الطبقة العاملة.

أكثر من ذلك وأبعد هو أن استخدام التاريخ والغيب ضد طبائع الأمور ليس له مستقبل وإن بدا قوياً في الحاضر. والانتخابات، حتى لو كانت نزيهة لا تمر في الغربال كما هي اليوم، لعبة عبثية في نظام "الحكم الإلهي". فكيف إذا كان هدف الثورة إقامة دولة دينية في عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؟ وكيف إذا كان "التكليف الشرعي والدستوري" لـ"الحرس الثوري" هو نشر الثورة في المنطقة، ومن ثم إقامة إمبراطورية بعد انهيار الإمبراطوريات؟

"شتاء سخطنا" عنوان رواية للكاتب الأميركي جون شتاينبك. وسخط الأكثرية في إيران صار في كل الفصول.

المزيد من تحلیل