Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحركات تنذر بتوجه أميركي لإغلاق "الممر الإيراني" في سوريا

الرهان على المنفذ الآمن والوحيد لتدفق السلاح والبضائع والانفلات من العقوبات

قطع الشريان البري بين سوريا وإيران هدف واشنطن المرتقب (اندبندنت عربية)

ملخص

واجهة بحرية على المتوسط تكسبها إيران في حال نجاح استكمال طرقها البرية والسككية، فهل تكتفي واشنطن بدور المتفرج؟

لم تشح أنظار الولايات المتحدة الأميركية عن أكثر الممرات خطورة وحساسية بالنسبة إليها، فمنذ حضورها في الشرق السوري ممثلة في التحالف الدولي لمكافحة "داعش" وهي تعتبر الطريق الواصل بين إيران وسوريا مروراً بالعراق ومنه إلى لبنان، بوابة تهدد أمنها ومنطقة نفوذها ونافذة مثالية، إذا لم تكن الوحيدة، لدول ما يسمى "محور المقاومة"، ومصدر إمدادات القوى العسكرية التابعة للحرس الثوري.

قاعدة المنطقة الـ 55 

وبدأ قلق واشنطن من نشاطات إيران والقوى الموالية لها في المنطقة عبر هذا الطريق يترجم على أرض الواقع، فإذا ما كان الاصطدام سابقاً بدا في شكل هجمات متفرقة تقتصر على ضربات بأسلحة متوسطة وثقيلة على قواعد أميركية في حقول النفط والغاز في الشمال الشرقي، إلا أن المعركة تطورت بعد حرب غزة واندلاع عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتبادل طرفا النزاع القصف طوال مدة اشتعال "حرب الساحات"، لكن سرعان ما انطفأ أوارها عقب قصف أميركي لقواعد في سوريا والعراق في الثالث من فبراير (شباط) الماضي واستهداف قيادات إيرانية، لكن الحرس الثوري سبق ذلك بسحب كبار المسؤولين والمستشارين.

وفي ظل هذا الصراع المندلع بين طهران وواشنطن على الأرض السورية، تبرز قاعدة "التنف" في المنطقة التي تسمى "55 كيلومتراً"، وهي قاعدة استحوذت عليها الولايات المتحدة خلال حربها ضد "داعش"، وهذا المقر العسكري القريب من المثلث الحدودي (العراق - سوريا - الأردن) يمكن خلاله "إطلاق رصاصة البداية في معركة إنهاء الوجود الإيراني أو تحجيمه"، وفق مراقبين عسكريين، ولا يمكن أن يحدث ذلك بحسب هؤلاء إلا إذا قطعت واشنطن شريان الحياة المرتبط بتلك القوى المسلحة.

ولا تتوقف المناورات التدريبية سراً وعلانية بين قوات أميركية وبمشاركة قوات من "جيش سوريا الحرة"، وهو فصيل معارض يتلقى دعمه من واشنطن في قاعدة التنف، ويرى متابعون أنها تسعى بذلك إلى ربط القاعدة بمناطق شرق الفرات وقواعدها، وهي منطقة نفوذ للقوات الكردية المسلحة، بينما تضرب عصفوراً آخر عبر عمليتها بسد الطريق على الفصائل الإيرانية في مناطق نفوذها في منطقتي البوكمال والميادين في ريف دير الزور الشرقي، والواقعتين على الحدود العراقية.

وفي المقابل نفت الولايات المتحدة في أغسطس (آب) 2023 وجود أية تحركات أميركية لقطع الطريق وإحداث أي تغيير في خريطة النفوذ الحالية شرق البلاد، وفق ما أعلنه السكرتير الصحافي لوزارة الدفاع الأميركية بات رايدر.

وبعد هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر 2023 بدأت التكهنات تشير إلى تحركات جديدة، وتوسيع نفوذ جيش "سوريا الحرة" المعارض، وزيادة قدراته اللوجستية والفنية، ولا سيما تغيير قيادته وتعيين قائد جديد، في تطور اعتبر مسؤولون عسكريون أن "الهدف منه زرع مجموعات مسلحة تشتبك مع أذرع إيران العسكرية في المنطقة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

طريق الحياة أو الموت

وكانت إيران شقت طريقاً برياً عام 2018 وسط حرب دامية يعبر من قصر شيرين الإيرانية وديالى ـ البعاج العراقية، وصولاً إلى دير الزور في سوريا، فالهرمل شرق لبنان عبر معبر جوسية.

ويرى الباحث في شؤون السياسة الخارجية محمد هويدي أن "استهداف الممر البري له أبعاد جيوسياسية، ومنها قطع طريق طهران - بغداد – دمشق – بيروت، ولا سيما وأنه يمثل شرياناً حيوياً لفريق محور المقاومة".

وأردف، "لم تقتصر الضربات على بعض النقاط التي استهدفت سابقاً، بل على ما يبدو هي قابلة للتوسع في محاولة لقطع هذا الطريق الإستراتيجي الذي يستخدم لنقل السلاح والإمدادات لسوريا ولبنان، علاوة على الحركة التجارية".

ويعتقد هويدي في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن الولايات المتحدة حاولت قطعه عبر تشكيل قوى، وتحدثت عن معارك للعبور غرب الفرات والوصول إلى معبر البوكمال قبل ستة أشهر، لكن هذا المشروع لم يتم.

ويضيف، "لكنها اليوم تعيد إحياء المشروع، غير أن إيران والعراق وسوريا لن تسمح بإغلاق الطريق حتى ولو ذهبت الأمور إلى حرب إقليمية، ولذلك فكل محاولات إغلاق هذا الطريق ستفضي بالنتيجة للفشل، وبتقديري لا يوجد طريق بديل يمكن أن يعوض عنه، لذلك فإن إغلاق هذا المنفذ المخصص لتهريب السلاح ودعم للمقاومة مسألة حياة أو موت".

ممر إلى المتوسط

وثمة اعتقاد سائد عن مصلحة سورية في إبقاء الطريق البري على حاله، ليس لإمداد الفصائل المسلحة وحسب بل باعتباره طريقاً تجارياً تمرر عبره البضائع الإيرانية والعراقية إلى سوريا المنهكة اقتصادياً والمدمرة نتيجة عقد من الصراع المسلح، وفرض عقوبات اقتصادية على سياسيين واقتصاديين وكبار الصناعيين تمنعهم من التبادلات التجارية، ولعل العقوبات الأوروبية والأميركية زادت من الضائقة الاقتصادية، ولا سيما مع إقرار قانون قيصر الأميركي أو "سيزر" في ديسمبر (كانون الأول) 2019، الذي يمنع الشركات والأفراد والدول من التعامل مع دمشق.

إلى ذلك تنظر الأوساط الإيرانية إلى أن الطريق الواصل إلى سوريا يمكن أن يتفرع منه طريق إلى مرفأ اللاذقية، وبذلك تحقق حلمها بإيجاد إطلالة على المياه الدافئة في البحر المتوسط، لكن الأمر يتوقف على المنافسة الروسية التي تستحوذ على قاعدتين في اللاذقية وطرطوس، كما أن الضربات الإسرائيلية تزايدت في دمشق وحلب وشرق البلاد، ولعل الحضور الإيراني في المتوسط سيزيد تأزم الموقف أكثر.

والسعي الإيراني لإيجاد منفذ بحري وتصدير منتجاتها إلى دول شمال أفريقيا هو المشروع الإستراتيجي الأوفر حظاً لطهران لتوسيع نفوذها، وإيجاد موقع بحري لها في سوريا، فضلاً عن كونه منفذاً لها للتفلت من العقوبات الأميركية.

وبحسب تصريحات صحافية، يقول المدير العام لمكتب غرب آسيا لمنظمة تنمية التجارة الإيرانية عبدالأمير ربيهاوي إن "إيران كانت تشق طريقها بنقل البضائع من الحدود البرية إلى تركيا ومن ميناء مرسين في تركيا إلى اللاذقية، أو تحميل البضائع من بندر عباس إلى سوريا عبر الخليج والبحر الأسود، وكلا الطريقين طويلين ومكلفين، ولكن الآن ومع إعادة فتح طريق العبور العراقي ستصل البضائع إلى سوريا في يوم واحد".

وعلى نحو مألوف تواصل إيران مشاريعها الإستراتيجية في سوريا وسط منافسة روسية وسباق لإحكام السيطرة على الاقتصاد، بينما يراها فريق في الأوساط التجارية أنها دوافع منطقية لأن البلاد بحاجة إلى مد يد العون بعد كل هذا الدمار، وبحاجة إلى مشاريع استثمارية، ولن يكون الممر البري وحده إلا بداية لمشاريع نقل ومواصلات جديدة، أبرزها ربط للسكك الحديد ونقل البضائع عبرها إلى سوريا ومنها إلى الواجهة البحرية في المتوسط.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير