Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العلاج الياباني للفالج العربي

القضية الفلسطينية خطأ ارتكبه العالم وما زال يتفرج عليه من دون أن يعمل جدياً على حله

التغيير بالنسبة للفلسطينيين جاء بعد ربع قرن على النكبة (أ ف ب)

ملخص

"في العالم حالياً قوتان مخيفتان تهددان البشرية هما ألمانيا الغربية واليابان". الألمان يعانون من عقدة التفوق. أما اليابانيون فعلى النقيض يعانون من عقدة الدونية

في كتابه "العرب وجهة نظر يابانية" يحلل نوبوأكي نوتوهارا الشخصية العربية ويقارنها بمثيلتها اليابانية. الكتاب الصادر عن دار "الجمل" عام 2003، كأنه كتب اليوم أو قبل 100 عام. على رغم الدماثة المعروفة عن اليابانيين، لم يقاوم نوتوهارا تحريك قلمه في الجروح العربية، داعياً إلى الاستفادة من "التجربة اليابانية" التي ذهبت بعد الحرب العالمية الثانية باتجاهات معاكسة تماماً لما حصل عندنا، واستطاعت بعد 20 عاماً من الهزيمة أن تصبح إحدى أرقى الدول سياسياً واقتصادياً. لقد بدأت مسيرة النهوض بوعي قيمة النقد الذاتي بدل رمي المسؤولية على الآخرين. وعلى رغم تحليله عشرات الظواهر التي تشد بالمجتمعات العربية إلى الخلف، "العلاج الياباني" لها تغاضى عن أمر جوهري وهو أن المجتمعات، خصوصاً في المشرق العربي، مركبة ومتعددة المذاهب والتجارب التاريخية، بعكس المجتمع المتجانس والتاريخ الواحد في اليابان. القراءة اليابانية الناقدة لدور المثقف العربي جديرة بالتوقف عندها.

يقول نوتوهارا إن الكتّاب العرب "النجوم" يتكلمون كأنهم سلطة "تجلس مع كاتب يتحدث عن الديمقراطية بلا تعب لثلاث ساعات، ولا يعطي مجالاً لأحد من الحاضرين بالكلام. عملياً هو يمارس الدكتاتورية أو على الأقل "سلطة النجم"، ومع ذلك يشكو من غياب الديمقراطية. ويضيف "عندنا ننتظر من الكاتب أن يساعدنا ويعلِّمنا وأن يوضح لنا مستقبلنا. ولا يخطر لنا على بال أن كاتباً قد يمدح الحاكم". ويورد الكاتب محادثة بينه وبين الأديب يوسف إدريس، الذي قال له "في العالم حالياً قوتان مخيفتان تهددان البشرية هما ألمانيا الغربية (قبل توحيد الألمانيتين) واليابان". وعندما سألته عن السبب أجاب: "لقد حقق هذان البلدان شيئاً مهماً في مجالات متعددة بميدان التقدم الصناعي. وكل منهما لديه عقدة قوية. الألمان يعانون من عقدة التفوق. لديهم شعور بأنهم مبدعون أكثر من الشعوب الأخرى. أما اليابانيون فعلى النقيض يعانون من عقدة الدونية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهاتان العقدتان تدفعان الدولتين إلى التغلب على العالم. وبالمقارنة بين العقدتين، تكون عقدة الدونية أشد خطراً، وفي النهاية ينتصر أصحاب هذه العقدة ويتفوقون على من يشعر بالتفوق". ويتابع نوتوهارا بأنه يجازف ليقول إن العرب يعانون من عقدة الشرف، وبعدما يورد حوادث عن ازدواجية المواطن بين ما يفعله في داخل بيته وخارجه، يخلص إلى القول إن الشعور بالشرف بالمفهوم العربي يضرب كل الحواجز الاجتماعية وينسف أقدس العلاقات الإنسانية.

في موضوع القضية الفلسطينية يبدي الكاتب إعجاباً بالتجربة الثقافية لغسان كنفاني ومحمود درويش. وهو ينتصر إلى هذه القضية لأن البشر مسؤولون عن أية جريمة تحدث على كوكبنا، وعملاً بمبدأ "هناك جرائم لا نتحمل مسؤوليتها مباشرة، أي لم نشارك فيها، ولكن يجب أن نتحمل مسؤوليتها". فالقضية الفلسطينية خطأ ارتكبه العالم، وما زال يتفرج عليه من دون أن يعمل جدياً على حله. يقول نوتوهارا "يحدث تغيير الأجيال في أي مجتمع كظاهرة اجتماعية طبيعية، ولكن ما يلفت الانتباه أن هذا التغيير بالنسبة للفلسطينيين جاء بعد ربع قرن على النكبة، وهذه الحالة من التغيير تحمل معنى إنقاذ الشعب". برأيه أعمال غسان كنفاني ومحمود درويش تحمل سمات هذا التغيير ويقظة الوعي و"الفهم الرفيع". من يتابع المسار، على الأقل منذ كتب نوتوهارا كتابه، سيجد صعوبة بمشاركته المرتجى الفلسطيني. ومن باقة أقوال أحب أن يوردها عن محمود درويش نقتطف "ليس وطني دائماً على حق، ولكن لا أستطيع أن أمارس حقاً حقيقياً إلا في وطني". وإذا طغت علينا صورة غزة اليوم نتذكر قوله "فلسطين ليست حزينة بل هي الحزن نفسه".

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل