Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رسائل وراء محاولة اغتيال رئيس "المدى" في العراق

طالبت المؤسسة بتحقيق سريع حول الحادث والسلطات تشكل فريقاً أمنياً للتحري

رئيس مؤسسة "مدى" الصحافي العراقي فخري كريم (مواقع التواصل)

ملخص

تعرض رئيس مؤسسة المدى في العراق فخري كريم لمحاولة اغتيال نجا منها ولاذ المسلحون بالفرار ولم تعرف لحد الآن تفاصيل عن الجهة المنفذة.

ما إن أشارت عقارب الساعة إلى التاسعة مساء أمس الخميس بتوقيت بغداد حتى رصدت كاميرات المراقبة في منطقة القادسية بالعاصمة العراقية اعتراض مسلحين يستقلون مركبتي "بيك أب" الطريق بهدف إيقاف سيارة قبل إمطارها بوابل من الرصاص قبل فرارهم، وبعد دقائق أنجلت تفاصيل أدق حول الحادث وهو محاولة لاغتيال رئيس مؤسسة "المدى" للإعلام والثقافة والفنون رئيس المجلس العراقي للسلم والتضامن فخري كريم.

فبعد عودة كريم من معرض العراق الدولي للكتاب الذي ترعاه مؤسسة "المدى" تعرض رئيسها لمحاولة اغتيال، بينما سارعت وزارة الداخلية وبتوجيه من وزيرها عبدالأمير الشمري إلى تشكيل فريق عمل أمني للتحري في حادثة محاولة الاغتيال.

من جانبها، نددت مؤسسة "المدى" بالعراق في بيان لها بمحاولة الاغتيال مطالبة بتحقيق سريع في الحادث . وقالت "ندين محاولة الاغتيال الغادرة ونطالب بفتح تحقيق سريع عن المجرمين ومن يقف خلفهم من الحاقدين على زهو بغداد وتألقها ثقافياً واجتماعياً وتقديمهم للعدالة".

كما ربط البيان بين محاولة الاغتيال وما ترعاه الآن مؤسسة "المدى" من نشاط ثقافي متمثل في معرض العراق الدولي للكتاب، مؤكداً "أن هذه العملية الآثمة والفاشلة تؤكد أن قوى الظلام والتخلف المسؤولة عن الخراب العراقي الماثل، لا يسرها أن ترى العراقيين فرحين متفاعلين مع حدث ثقافي كبير ومؤثر مثل هذا المعرض الذي يقام منذ أيام في العاصمة بغداد".

شخصية ثقافية مهمة

ولد فخري كريم في مدينة الحبانية التابعة لمحافظة الأنبار في عام 1942 ومارس العمل الثقافي مبكراً فكان صاحب مكتبة يرتادها المثقفون والأدباء، وفي عمر الـ16 سنة تم ترحيله من قبل الحاكم العسكري العام في المدينة بتهمة نفاها في إحدى لقاءته المتلفزة بأنه المسؤول عن تنظيم الضباط في الفرقة الرابعة.

بقي فخري كريم يتنقل من إنجازات ثقافية لأخرى منذ بداية التحاقه بالعمل الصحافي وانضمامه إلى نقابة الصحافيين العراقية في عام 1959 فكان تأسيس دار "ابن الشعب" للنشر والطباعة والتوزيع هي أول تجربة ثقافية له.

عن نشاطه الثقافي، يقول الكاتب والصحافي فلاح المشعل في حديث لـ"اندبندنت عربية"، "فخري كريم هو أحد أهم البارزين بالمشهد الثقافي والإعلامي العراقي منذ كان مديراً لتحرير طريق الشعب البغدادية ويترجم بعض الأدبيات لحركة اليسار العالمي وقضايا السلم والتضامن، كما عرف بكونه قيادياً في الحزب الشيوعي العراقي الذي تحول عنه إلى الميدان الثقافي والفكري مطلع ثمانينيات القرن الماضي".

"المدى" أهم رافد ثقافي

ترافق النشاط السياسي لفخري كريم مع نشاطه الثقافي الغني إذ اعتقل للمرة الأولى في عام 1962 مع عدد من كبار الصحافيين والكتاب والفنانين وحكم عليه بالسجن عام ونصف العام.

انتقل إلى بيروت بتكليف من قيادة الحزب الشيوعي العراقي للمساهمة في تنظيم "الهجرة المعاكسة" وإعداد المناضلين للعودة إلى الداخل وليواصل نشاطه السياسي والإعلامي والثقافي أواخر عام 1978 وظل في لبنان حتى عام 1982 حيث تعرض لمحاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة بعد أن أصيب بثلاث طلقات في وجهه ويده، نقل على أثرها إلى دمشق ثم موسكو لمتابعة العلاج الذي بدأه في مستشفى الجامعة الأميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن تأسيس دار المدى، أشار المشعل إلى أن فخري أسس "دار المدى للثقافة والفنون" في عام 1994 بدمشق بوصفها مؤسسة ثقافية عربية، وأصدر عن الدار "مجلة المدى" الثقافية الفصلية ومع دار المدى كان يطبع العديد من الكتب والمنشورات والدوريات العربية وبتعاون مع العديد من المؤسسات البحثية والفكرية في لبنان وسوريا وغيرها من الدول العربية والأجنبية، كما كان يرعى ويساعد الكتاب والمفكرين العراقيين في المنافي.

وصحيفة "المدى" اليومية هي أول صحيفة مستقلة بالعراق انطلقت في بغداد يوم الخامس من أغسطس (آب) 2003، وحظيت باهتمام واسع بعد إثارتها لفضيحة كوبونات النفط عام 2004، مما دفع بها إلى واجهة المشهد الإعلامي بالبلاد في جميع الدوائر والمؤسسات والجهات التي تراقب الحدث العراقي.

تحرص صحيفة "المدى" على الاهتمام بالمشهد الثقافي من خلال الملاحق التي تصدرها مثل "عراقيون وذاكرة عراقية ومنارات" تتحدث فيها عن أهم الشخصيات العراقية والعربية وحتى العالمية والتي تقدم للقارئ من خلالها سير عن حياة أبرز هذه الشخصيات التي لعبت دوراً في تطور العراق ثقافياً وفنياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً.

العودة للعراق

بعد سقوط النظام السابق واحتلال العراق، عاد فخري كريم إلى بغداد ونقل "دار المدى" إلى العاصمة، وكما أصدر صحيفة "المدى" أطلق قناة فضائية تحمل الاسم نفسه أيضاً لكنها توقفت بعد فترة قصيرة، واستمرت دار المدى بطبع وإصدار الكتب والروايات ومختلف أنواع المؤلفات ذات التوجهات الثقافية التقدمية والحداثوية والإنسانية.

ووصف فلاح المشعل فخري كريم بأنه شخصية سياسية لها تاريخ نضالي فاعل ضد الديكتاتورية، فكان قريباً للقيادات الكردية بشقيها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وأمينه العام جلال الطالباني وكان أحد مستشاريه والأقرب له عندما شغل الطالباني رئاسة الجمهورية لدورتين (2005 -2014)، وعندما اتخذ من أربيل مقراً لعمله وسكنه أصبح قريباً من السياسي مسعود البارزاني.

أعاد بعد عودته مع نخبة من الشخصيات الوطنية والوجوه الاجتماعية ورجالات المجتمع المدني، تأسيس المجلس العراقي للسلم والتضامن وانتخب رئيساً له.

رسائل محاولة الاغتيال

يرى المشعل أن الرسائل الخفية التي تحملها محاولة الاغتيال تسير باتجاهين الأول نحو أربيل وإشعار قادة كردستان إن بغداد لم تعد تستقبلكم كما في السابق وتحديداً قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، والرسالة الأخرى تستهدف إيقاف مثل هذه النشاطات والأجواء التي تتنفس فيها الثقافة وآراء النقد والحرية والتفكير الحر وانتشار الكتاب وتواجد كتاب وأسماء مهمة في عالم الثقافة على المستويين العراقي والدولي لا سيما أن محاولة الاغتيال حدثت خلال عودة فخري كريم من معرض العراق الدولي للكتاب الذي تقيمه "دار المدى" وبرعايته الشخصية فسلطة السلاح والإرهاب تمضي بمسارات مخالفة وعدائية للفكر الحر.

المشروع المؤجل للاغتيال

لم تكن محاولة اغتيال فخري كريم هي الأولى لاغتياله إذ سبقتها محاولة مماثلة بعد عام 2003 في بغداد، بحسب ما أكده رئيس القسم الثقافي في جريدة المدى علاء المفرجي، موضحاً أن هذا المثقف العراقي رجل خلق للثقافة ورسالتها، واستطاع خلال الـ20 عاماً ومنذ سقوط النظام السابق أن يكون هو ومؤسسته "المدى" منارة لكل من يحمل فكراً تنويرياً وموقفاً وطنياً راسخاً من أجل وطنه.

ومضى في حديثه، "من يمتلك شخصية مثل فخري كريم بمواقفها الوطنية الثابتة يبقى مشروعاً مؤجلاً للاغتيال من قبل أولئك الذين باعوا الوطن بثمن بخس".

ولا تزال هناك أصوات متطرفة ترفض باستمرار إقامة معارض للكتب من قبل مؤسسات يصفونها بـ"الشيوعية" في إشارة إلى مؤسسة "المدى" وتصف هذه المعارض بأنها أوكار للتآمر وتحتفي بالملحدين بحسب آرائهم وتقف ضد المشروع الإسلامي وتؤدي لهيمنة الشيوعية على المشهد الثقافي العراقي.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات