Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بصمة الأطباء" أزمة جديدة تحت مجهر الحكومة الأردنية

بعد أشهر من الخلاف مع شركات التأمين حول أجور "الكشفية"

وزارة الصحة الأردنية (اندبندنت عربية - صلاح ملكاوي)

ملخص

يعاني أطباء الأردن في القطاع العام تدني الرواتب والعمل من دون أجر

بعد نحو عام من نزع فتيل أزمة كان طرفاها الأطباء وشركات التأمين الأردنية، لاحت بوادر أزمة جديدة عنوانها اعتراض الأطباء العاملين في القطاع الحكومي على نظام " البصمة" لضبط الدوام بشكل يومي.

وعلى رغم مبررات وزارة الصحة فإن القرار قوبل باحتجاج كبير من قبل الأطباء وتلويح بإجراءات تصعيدية، بخاصة أن العقوبات التي تم وضعها للمتخلفين تصل إلى حد الفصل عن العمل، مما ينذر بهجرة أطباء القطاع العام ومن ثم شلل القطاع الصحي.

ويبلغ عدد المستشفيات الحكومية في الأردن 32 مستشفى، كما يبلغ عدد موظفي المستشفيات نحو 16400 موظف، بينهم 6 آلاف طبيب، ويحظى كل 10 آلاف مواطن أردني بـ27 طبيباً فقط.

وفي بلد كالأردن، يشهد، سنوياً، تراجعاً في القطاع الطبي العام، وقلة عدد الأسرة، وكثافة المراجعين للمستشفيات الحكومية، ويبدو المشهد أقرب إلى الانهيار في أية لحظة بسبب الازدحام ونقص الكوادر الطبية ورداءة البنية التحتية، فضلاً عن النقص في بعض الأدوية والمستلزمات الطبية.

قرار غير مدروس

ويقول الكاتب محمود خطاطبة إن إصرار وزارة الصحة الأردنية على تفعيل نظام "البصمة" في ما يتعلق بدوام الأطباء قرار يركز على الشكليات بدلاً من الاهتمام بالأمور الأكثر أهمية في هذا القطاع الحيوي. ويضيف "تهدد الوزارة الأطباء بالحسم مباشرة من الراتب وصولاً إلى الفصل من الوظيفة، من دون الاهتمام بظروف عمل الأطباء الذين يواصلون ليلهم بنهارهم، بدلاً من الالتفات إلى مشكلات الاكتظاظ ونقص الكوادر والأجهزة الطبية والأدوية التي تشهدها المستشفيات والمراكز الصحية"، ويؤكد خطاطبة أن القرار غير مدروس لأن الأطباء يعملون أوقاتاً طويلة تمتد إلى 12 ساعة وتحت ضغط وتوتر كبيرين، وبعضهم مطالب بالكشف عن 70 مريضاً يومياً فضلاً عن المناوبات، مما سيرتب أعباء مالية على الوزارة كبديل للعمل الإضافي.

في المقابل، أوضح نقيب الأطباء زياد الزعبي أنه استفسر من وزير الصحة عن عدم إشراك النقابة في المداولة حول نظام البصمة، لافتاً إلى وجود صعوبات في تطبيق النظام على الأطباء، وأشار إلى أن تطبيق هذا النظام يستوجب في الأقل تحديد ساعات عمل الأطباء.

عدم التزام

وفي موازاة رفض وانتقاد قطاع واسع من الأطباء نظام البصمة، قرر مجلس نقابة الأطباء عدم التزام تطبيق النظام لحين الاتفاق على أسس واضحة تحمي حقوق الطبيب لأن الوزارة لم تستشر النقابة، لكنها جددت تأكيدها ضرورة الالتزام الكامل مكان العمل وجميع المهام الموكلة للطبيب ضمن عمله واختصاصه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته تحدث مسؤول ملف أطباء القطاع العام في نقابة الأطباء الأردنية مظفر الجلامدة عن خلق أزمة لا مبرر لها من قبل وزارة الصحة، موضحاً أنه كان يفترض اتخاذ القرار بالمشاركة مع النقابة ووضع أسس وتعليمات واضحة، ومشيراً، في الوقت نفسه إلى صعوبة تطبيق نظام البصمة في القطاع الطبي، ودعا الجلامدة الوزارة إلى منح الأطباء بدل عمل إضافياً، لافتاً إلى أن عدد ساعات دوام أطباء القطاع العام طويلة نسبياً، وأن الطبيب قد يستدعى في ساعات متأخرة بعد انتهاء دوامه، كما أن الطبيب في أيام المناوبات يعمل لساعات أطول.

هجرة كفاءات

ومن بين السلبيات التي ترافق عمل الأطباء في الأردن، عدم تقاضي أطباء الإقامة أية أجور مما يدفع معظمهم إلى الهجرة والعمل في الخارج.

في السياق، يعاني الأردن ندرة في أطباء الاختصاصات الفرعية والدقيقة الذين تستقطبهم دول غربية وعربية، ووفقاً لأرقام رسمية، فإن 34 في المئة من خريجي أطباء أكبر جامعتين أردنيتين، يعملون في أميركا وأوروبا ودول الخليج وغيرها من الدول. وبالنظر إلى وجود نحو 5 آلاف طالب طب على مقاعد الدراسة فإن المشهد سيتكرر في السنوات المقبلة، بخاصة مع النمو السكاني المطرد مما يضع ضغطاً كبيراً على القطاع الطبي العام، إضافة إلى ارتفاع كلف الرعاية الصحية بشكل مستمر وتزايد نسبة الأمراض المزمنة التي تستهلك كثيراً من جهد ومقدرات القطاع الطبي.

وليست هذه المرة الأولى التي يدب فيها الخلاف بين الأطباء ووزارة الصحة، ففي عام 2011 خاض أطباء الأردن أكبر وأطول إضراب مفتوح عن العمل احتجاجاً على إقرار نظام خاص للأطباء ينظم أمور العلاوات والحوافز والرواتب، واستمر 62 يوماً.

وفي 2019 نفذ نحو 1000 طبيب مسيرة احتجاجية، وفي 2021 دشن نشطاء وأطباء على وسائل التواصل الاجتماعي حملة لوقف نظام العمل من دون أجر.

ضبط الترهل

وتؤكد وزارة الصحة الأردنية، بدورها، أنها قررت تفعيل نظام مراقبة الدوام (البصمة) في مستشفياتها ومراكزها الصحية لجميع العاملين وليس للأطباء فقط، واعتماده كأداة رسمية لدوام الكوادر الصحية. وشددت على أنه سيجري توجيه العقوبات المنصوص عليها في نظام الخدمة المدنية في حق الكوادر المخالفة وغير الملتزمة نظام البصمة، وفي حال عدم تقيد الموظف بنظام البصمة لـ10 أيام متصلة أو متقطعة، سيعامل معاملة المتغيب ويعد فاقداً وظيفته.

وتبرر وزارة الصحة قرارها بمعالجة الترهل، ووجود أطباء يعملون في مستشفيات خاصة خلافاً للتعليمات.

مشكلات وتحديات

ويواجه عموم الأطباء في الأردن مشكلات وتحديات عديدة من أبرزها البطالة، إذ يقدر عدد الأطباء العاطلين من العمل في الأردن نحو 3 آلاف طبيب، مما يدفع كثيراً منهم إلى الهجرة إلى دول أوروبية، مما يؤدي إلى نقص في الكوادر الطبية في بعض التخصصات، وإلى زيادة عبء العمل على الأطباء الموجودين.

وإلى جانب البطالة ثمة تدن بالرواتب إذ تعد رواتب الأطباء في البلاد منخفضة مقارنة بالدول الأخرى، وفي أبرز الظواهر الاجتماعية السلبية التي يعانيها الأطباء تبرز ظاهرة العنف ضدهم والاعتداء عليهم من قبل المرضى أو ذويهم.

وسط هذه الأجواء، يدعو مراقبون الحكومة إلى إنشاء مزيد من المستشفيات والمراكز الصحية لاستيعاب الضغط والاكتظاظ، وتحسين رواتب الأطباء في القطاع العام، وتقديم حوافز للعاملين منهم في المناطق النائية، غير أن أهم ما يطالب به المراقبون تحسين البنية التحتية الطبية، وزيادة الموازنة المخصصة سنوياً للقطاع الصحي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي