Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

للنساء نصيب في مهنة توثيق عقود الزواج والطلاق بالمغرب

قررت الدولة عام 2018 السماح للمرأة بممارسة هذه الوظيفة ليتخرج أول فوج في صيف 2020 ويشمل 299 سيدة

 تخرج فوج من العدول بمدينة تطوان (مواقع التواصل)

ملخص

على رغم قصر وقت التحاق النساء بمهنة العدالة وصعوبة تجاوز الموروث الثقافي والاجتماعي، بدأ بعض النساء العدول على رغم قلتهن ينافسن تدريجاً زملاءهن من الرجال

تقبل شابات متخرجات من الجامعات المغربية بشكل لافت على مزاولة مهنة العدول (العدل في المغرب يوازي تقريباً المأذون الشرعي في المشرق العربي) بعد النجاح في اجتياز المباريات التي تنظمها وزارة العدل، لينافسن الرجال في هذه المهنة "الذكورية" بامتياز.

وظلت مهنة العدول في المغرب حكراً على الرجال دون النساء لأسباب قانونية وفقهية، قبل أن تقرر الدولة عام 2018 السماح للمرأة بممارسة هذه المهنة (عدْل)، ليتخرج أول فوج في صيف 2020 ويشمل 299 سيدة.

مسار ومهمات

وطوال عقود خلت كانت مهنة العدول في المغرب مجالاً من اختصاص الرجال فقط، بالنظر إلى المذهب المالكي الذي تعتمده المملكة، الذي يشترط الذكورة في العدلين اللذين يوثقان عقود الزواج والطلاق وبقية المعاملات الاجتماعية.

وعلى رغم كون القانون رقم 03-16 المنظم لمهنة العدالة لا يتضمن أي شرط يحظر على المرأة أن تمارس مهنة "العدول"، إلا أن الواقع ظل يرجح كفة الرجل، ويمنع على النساء هذه المهنة إلى أن صدر بلاغ للديوان الملكي عام 2018 يفتح الباب أمام المغربيات لولوج هذه المهنة "الرجالية".

وإذا كان "المأذون الشرعي" في دول المشرق يكاد يختص في توثيق عقد الزواج، ويشهد عليه شاهدان من الرجال، فإن وثيقة الزواج في المغرب يوثقها عدلان اثنان، رجلان أو امرأتان كما صار معمول به حالياً.

وتتوزع مهمات "المرأة العدل" في المغرب بين وظيفتين رئيستين، الأولى أثارت ولا تزال تثير السجال، وهي توثيق عقود الزواج والإشهاد بالطلاق وتلقي الشهادات أيضاً، بينما الوظيفة الثانية توثيق مختلف المعاملات من بيع وشراء وإجراءات قانونية أخرى.

وكان قرار إدماج المرأة في مهنة العدول أثار جدلاً كبيراً في المغرب، بين من يرى أنه "لا يجوز للمرأة أن تزوج إمرأة أخرى، وبالتالي فإن عقد الزواج الذي تبرمه امرأة باطل"، بحسب عديد منهم، وبين من يعتبر أن اشتغال المرأة في هذه المهنة ينسجم مع ما بلغته من تكوين ومستوى علميين، وما حققته من كفاءات في مختلف المناصب والوظائف.

"جمع رأسين في الحلال"

وتستعد شابات مغربيات متخرجات من الجامعات لاجتياز امتحان لولوج مهنة "العدول" بعد بضعة أسابيع، إذ يأملن في اجتياز المباريات الوظيفية من أجل ممارسة مهنة العدول في مختلف مناطق المغرب.

وتقبل المتخرجات الحاصلات على شهادة الإجازة الجامعية (البكالوريوس) على اجتياز هذه المباريات التي تتيح الاشتغال في مهنة العدول، شرط أن تكون المترشحة مسلمة ومغربية الجنسية، ويراوح عمرها بين 25 و45 سنة، ولم يسبق لها أن حكم عليها بالسجن أو الغرامة المالية، وبعد النجاح تتلقى تدريباً لمدة عام قبل ممارسة المهنة فعلياً.

 

 

فوزية، في نهاية عقدها الثاني، تحضر منذ الآن لامتحان مزاولة مهنة "العدول"، وتقول إن رغبتها في أن تكون جزءاً من خطة العدالة بالمغرب يعود لكونها تعتبر أنها مهنة تستحق أن تكون نسائية أيضاً، وألا تكون حكراً على الرجال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابعت الشابة المتخرجة من كلية الحقوق بفاس أنها حريصة على ولوج هذه المهنة وممارستها بتفاصيلها، لأنها تجد نفسها "قادرة وكفوءة في هذا المجال"، ولفت إلى أن المرأة المغربية اشتغلت في مناصب رفيعة، فهي مستشارة وقاضية ومحامية، "فلماذا لا تعمل في مهنة العدول؟"، وفق تعبيرها.

من جهتها أفادت بهيجة الإدريسي، تعمل في مهنة العدول منذ سنتين، بأن الذي جذبها إلى هذا الميدان دورها في "جمع رأسين في الحلال"، على حد وصفها، موضحة أن "ممارسة هذه المهنة توثق عقود الزواج وتؤسس لعديد من العلاقات الزوجية".

واستطردت المتحدثة بأن هناك أيضاً دافعاً آخر دفعها لممارسة هذه المهنة، هو أن ممارس مهنة العدل في المغرب يعتبر من مساعدي القضاء، إذ إنها تلقت تدريباً لمدة نصف عام في المعهد العالي للقضاء، مما يجعلها "مهنة سامية تليق بالنساء، وتعمل على توثيق العقود المختلفة التي تيسر وتضمن حقوق الناس".

تحقيق المساواة بين الجنسين

من جهته يقول المحامي والباحث القانوني وهابي رشيد إن المرأة المغربية بعد أن كانت من أول النساء في العالم العربي التي ولجت مهنة القضاء، ووصلت في مراتبها إلى أعلى المناصب القضائية منذ عقود عدة، استطاعت أيضاً أن تلتحق بمهنة العدالة وفق الشروط المحددة قانوناً.

ويشرح وهابي أن "مهمة العدل توثيق الزواج والطلاق وكتابة العقود، ولم يكن لهذه القفزة الكبيرة أن تتحقق إلا بعد أن فتح ملك البلاد المجال أمام النساء لولوج مهنة العدول، مستنداً إلى رأي صادر عن المجلس العلمي الأعلى، وترجم ذلك في البلاغ الرسمي الصادر عن الديوان الملكي في 22 يناير (كانون الثاني) 2018".

ولفت المتحدث إلى أن وزارة العدل ما تزال تعمل من أجل تقديم مشروع قانون يتعلق بتنظيم مهنة العدول، الذي ينتظر أن يفسح المجال بشكل أكبر لولوج النساء إلى هذه المهنة، بحسب ما أكده وزير العدل عبد اللطيف وهبي.

ويرى وهابي رشيد أن "فتح الباب للعنصر النسوي لممارسة هذه المهنة يعتبر خطوة جبارة من المغرب، هدفها تعزيز مكانة المرأة المغربية في مختلف المناحي، وجعل ذلك قاطرة من أجل تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، خصوصاً بعد أن أثبتت خلال عقود مضت قدرتها على منافسة الرجل في كل القطاعات التي كانت من قبل حكراً على الرجل، وقدمت فيها أداء أفضل أحياناً مما يقدمه الرجل".

وذهب المتحدث إلى أنه "على رغم قصر وقت التحاق النساء بمهنة العدالة، وصعوبة تجاوز الموروث الثقافي والاجتماعي، بدأت بعض النساء العدول على رغم قلتهن ينافسن تدريجاً زملاءهن من الرجال، واتجهت ثقة الأسر إلى توثيق زيجاتها أو طلاقها وعقودها المختلفة لدى "المرأة العدل".

المزيد من منوعات