Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنانيون ينتظرون سراب التسوية

"وحدة الساحات" التي يشبكها "محور الممانعة" لا تعني أن خواتيمها "تسوية واحدة" أو منفردة لكل ساحة

كل المبادرات التي تنشط لتجنيب لبنان مصير غزة إنما تأخذ جانب إسرائيل 100 في المئة بالنسبة إلى "حزب الله" (رويترز)

ملخص

في هذا الجدار العقائدي ثمة ثغرات تتركها إيران لضرورات المعركة

فجأة عادت إلى التداول في لبنان أخبار عن تسوية إقليمية يستفيد منها لبنان ليخرج من الانسداد السياسي. تجارب الماضي بينت أن التسويات الإقليمية جاءت في معظمها على حساب لبنان، لذا، هذا التمني لا يرتكز على سابقات يعول عليها، خصوصاً منذ نهاية الحرب الأهلية. بعدما غزا صدام حسين الكويت عام 1990، قدم الأميركيون الورقة اللبنانية إلى رئيس النظام السوري حافظ الأسد ثمناً لدخوله في التحالف العربي والدولي ضد صدام. ومنذ تلك "الصفقة" لم تعرف المنطقة إلا الحرائق. وعندما اتفق الرئيسان الأميركي جورج بوش الابن والفرنسي جاك شيراك على إخراج الجيش السوري من لبنان، دفع لبنان ثمنين، الثمن الأول اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري، والثاني نقل الهيمنة من جيش سوريا النظامي إلى ميليشيات "حزب الله". وهناك من لا يريد أن يصدق، في قرارة نفسه، ما يقوله "حزب الله" في العلن. فالتنظيمات الشمولية، أقصى ما تسمح به معتقداتها "الهدنة" مع العدو الكافر، هذا ما كان موقف "حماس" قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وهذا ما تريده اليوم. و"حزب الله" لا يشذ عن هذه القاعدة، وعلى رغم صراحته في شأن ما يحصل في جنوب لبنان، فإن "خداع الذات" سيد الموقف عند بعض الأطراف اللبنانيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالنسبة إلى "حزب الله"، كل المبادرات الدولية التي تنشط لوقف التصعيد وتجنيب لبنان مصير غزة، إنما هي مبادرات تأخذ جانب إسرائيل 100 في المئة. بهذا المعنى لا قيمة للقرار الأممي 1701 الذي ترتكز عليه كل المبادرات الأميركية والفرنسية خصوصاً. ولمن لا تسعفه الذاكرة، لا يعترف "حزب الله" بكل القرارات التي تصدر عن الأمم المتحدة، فحتى القرار 425 الذي نص على انسحاب إسرائيل من كل الأراضي اللبنانية عام 1978، لـ22 سنة سابقة للانسحاب لم يكن ضمن أدبيات هذا الحزب. والقرار 1595 الصادر في عام 2005، والقاضي بحل الميليشيات وانسحاب الجيش السوري كان بقراءة "حزب الله" نتيجة تآمر مشترك بين المجتمع الدولي وإسرائيل. لذا "وحدة الساحات" التي يشبكها "محور الممانعة" لا تعني أن خواتيمها "تسوية واحدة" أو تسوية منفردة لكل ساحة، لسبب بسيط أن لهذه الساحات هدفين يجب أن يستجيبا لتكاليف شرعية صادرة عن ولاية الفقيه في إيران، "التكليف الشرعي" الأول القضاء على إسرائيل، والثاني ما قاله حسن نصر الله (الأمين العام لحزب الله) جهاراً، في يوم من الأيام، وهو "مشروعنا الذي لا خيار لنا أن نتبنى غيره، كوننا مؤمنين عقائديين، هو مشروع دولة إسلامية وحكم الإسلام، وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى، التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق، الولي الفقيه الإمام الخميني".

في هذا الجدار العقائدي ثمة ثغرات تتركها إيران لضرورات المعركة، ثغرات أضيق من أي تسوية كبرى يحكى عنها في لبنان، ويؤمل منها فرج طويل الأمد. تسوية يعترف ضمناً من ينشدها بأنه سيكون المتلقي فيها لا الشريك، كأن هذه المنطقة حصلت فيها، ولو لمرة واحدة، جوائز ترضية مجانية. في ضوء ذلك، إعادة ترتيب الأفكار وتغيير النهج والاعتراف بالحقائق المؤلمة أجدى من ملاحقة السراب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل