Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النفط يثير مخاوف الاقتصاد الأسرع نموا في العالم

على رغم تضاعف حجم اقتصاد غويانا الصغيرة أربع مرات تبقى المخاوف قائمة من الجيران والظلم الاجتماعي

اكتشافات نفطية ضاعفت حجم اقتصاد بلد صغير في أميركا الجنوبية 4 مرات في 5 سنوات وجعلته الأسرع نمواً في العالم (أ ف ب)

ملخص

ثروة نفطية هائلة لبلد صغير في الكاريبي تثير مخاوف زيادة فجوة التفاوت الاجتماعي وإثارة مطامع الجيران القريبين والبعيدين

من الصعب تخيل أن الدولة التي تحظى بأسرع معدل نمو اقتصادي في العامين الأخيرين هي دولة صغيرة لا يصل عدد سكانها إلى مليون نسمة حتى، ولم يكن يعرف بها كثر من قبل. حتى بعد اكتشاف شركة الطاقة الأميركية العملاقة "إكسون موبيل" النفط فيها وبدء الإنتاج عام 2016 لم تثر تلك الدولة اهتمام الإعلام، بخاصة الاقتصادي، لكن اسمها تردد في الأخبار أخيراً بعد حشد جارتها الكبيرة فنزويلا قواتها على الحدود معها، وتهديدها بالسيطرة على بعض مناطق الإنتاج البحري للنفط.

إنها دولة غويانا التي ربما يصعب عليك إيجادها على الخريطة ما لم تبلغ أنها محصورة بين فنزويلا وسورينام على شاطئ الأطلسي في أميركا الجنوبية.

كانت غويانا من أسوأ اقتصادات منطقة الكاريبي أداء قبل 2015، أما الآن فتنتج آبار النفط المكتشفة في شواطئها 645 ألف برميل يومياً، ووفرت عائداً للحكومة بمقدار 1.6 مليار دولار في العام الماضي، وتضاعف حجم اقتصاد الدولة الصغيرة أربع مرات خلال خمس سنوات.

تتوقع الشركة الأميركية أن يصل إنتاجها من النفط بحلول عام 2028 إلى 1.2 مليون برميل يومياً، وتشهد حالياً تنافساً من كبرى شركات الطاقة الأميركية وغيرها لاستغلال الاحتياطات النفطية تحت مياهها البحرية، وذلك مما جعل فنزويلا تطالب بحقوق في بعض مناطق الاستغلال، وتحشد قواتها على حدود غويانا، لضمان عدم تغول الشركات الأميركية على الاحتياطات الفنزويلية المتاخمة.

بحسب تقديرات سوق الطاقة، ستشكل الزيادة في إنتاج غويانا نسبة 16 في المئة من إجمالي النمو في المعروض النفطي العالمي، ونتيجة عدد سكانها البالغ 800 ألف نسمة يمكن أن تتجاوز الكويت كصاحبة أعلى نصيب للفرد من الإنتاج في البلاد.

نعمة ونقمة

تستضيف غويانا هذا الأسبوع مؤتمرها النفطي السنوي في العاصمة جورجتاون، التي بدت تظهر فيها سلاسل الفنادق الفخمة مثل "ماريوت". ومن هناك، كتب مراسل وكالة "بلومبيرغ" تحقيقاً عن الفارق بين رجال صناعة الطاقة والمصرفيين في الفندق، الذين يستعدون للمؤتمر، وسكان غويانا خارجه، بخاصة في المناطق الفقيرة التي لا تظهر أثر الثروة النفطية على المواطنين.

يحاول رئيس غويانا عرفان علي، البحث عن التوازن بين نعمة الثروة النفطية وتبعات تلك الثروة على البلاد خارجياً وداخلياً، لذا أسس صندوقاً تحول إليه النسبة الكبرى من عائدات النفط، على أن يستخدم في الإنفاق على الاستثمار في مشروعات الخدمات والبنية التحتية، التي توفر فرص العمل وأيضاً دعم الأسر الأكثر عرضة لارتفاع كلفة المعيشة.

يوجد الصندوق لدى بنك الاحتياط الفيدرالي لنيويورك وسحبت منه الحكومة العام الماضي مليار دولار، وترغب حكومة الرئيس علي في زيادة سقف السحب، وهو ما تنتقده المعارضة وتعتبره رافداً لغياب الشفافية والمساءلة، لكن الحكومة تحاول بالفعل تأهيل من يرغب من السكان للعمل في مجال الطاقة الجديد. واستثمرت 100 مليون دولار في معهد التدريب للنفط والغاز الأول في البلاد، الذي ينتظر أن يبدأ العمل في وقت لاحق من هذا العام. وتستهدف الحكومة أن يؤهل المعهد 4500 من سكان غويانا للعمل في القطاع.

مشكلات اجتماعية واقتصادية

تدرك حكومة الرئيس عرفان علي أن الثروة النفطية تأتي مع تحدياتها، ليس فقط من ناحية الجيران القريبين مثل فنزويلا أو البعيدين كالشركات الأميركية الكبرى التي تريد امتيازات نفطية بشروط مربحة، وإنما أيضاً هناك مسألة زيادة الفجوة بين سكان غويانا المستفيدين من طفرة النفط، ومن لا تطالهم فوائد الثروة الجديدة. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تضاعف حجم الاقتصاد نتيجة الثروة النفطية إلى استمرار معدلات التضخم مرتفعة، وهو ما يضغط على الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل في غويانا. في عام 2016 كان معدل التضخم عند نسبة 0.8 في المئة، أما الآن فهو عند نسبة 6.6 في المئة.

هناك أيضاً مشكلة تعزيز الفوارق بين مكونات المجتمع، فمثلاً سكان غويانا من أصل هندي لا يمثلون سوى نسبة 10 في المئة من السكان، لكنهم الغالبية في الطبقة المستفيدة اقتصادياً مقابل السكان من أصل أفريقي وأعراق أخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على رغم إعلان الرئيس عرفان علي تعهد حكومته بتوفير 50 ألف وظيفة جديدة بحلول العام المقبل، فالمشكلة أن تلك الوظائف في قطاعات جديدة على سكان البلاد الذين يحتاجون إلى تدريب وتأهيل مهني لها. تقول شركة "إكسون موبيل"، وغيرها من الشركات التي تعمل أو تسعى إلى العمل في قطاع النفط في البلاد، إنها ملتزمة التوظيف من السكان المحليين، ومع ذلك فمعدلات البطالة مرتفعة جداً، وتصل إلى نسبة 12.4 في المئة.

وبحسب بيانات "إكسون موبيل" فإنها توظف بالفعل ما يصل إلى 6 آلاف من السكان المحليين، في مشروعات الإنتاج التابعة لها من الحقول البحرية هناك، إلا أن عقد امتياز الشركة الأميركية في حد ذاته يمثل مشكلة أخرى لحكومة الرئيس علي.

التكالب الأميركي

نصح صندوق النقد الدولي حكومة غويانا بضرورة تعديل قوانين الضرائب، وضمان شروط أفضل في منح الامتيازات النفطية لضمان عائدات عادلة للخزانة العامة. وبحسب "بلومبيرغ الشرق" يقول الرئيس علي إن حكومته تعمل حالياً على اتفاقات أكثر توازناً لأي تعاقدات مستقبلية في قطاع النفط. ومن بين ما يدرس، إنشاء شركة نفط وطنية تملكها الدولة، ويديرها شريك استراتيجي تتولى منح الامتيازات وعقد الاتفاقات، ومن الخيارات الأخرى أن تطرح الامتيازات الجديدة للتنقيب والإنتاج في مزادات للشركات الخاصة.

تعمل في غويانا حالياً، إلى جانب شركة "إكسون موبيل"، شركة النفط الصينية الوطنية الكبرى "سينوك"، وتسعى ثاني أكبر شركة طاقة في الولايات المتحدة بعد "إكسون" وهي شركة "شيفرون" إلى دخول قطاع الإنتاج، لذا أعلنت "شيفرون" نهاية العام الماضي عن صفقة استحواذ على شركة "هيس" الأميركية التي تعمل أيضاً في البلاد، بقيمة 53 مليار دولار. ويأتي تكالب الشركات الأميركية على الثروة النفطية المكتشفة في غويانا بهدف زيادة الإنتاج من مناطق قريبة للولايات المتحدة غير كندا والمكسيك من ناحية، ومن ناحية أخرى قطع الطريق على الشركات الصينية أن تتوسع في الإنتاج في هذه البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز