Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا غيرت باكستان سياستها تجاه حكومة "طالبان"؟

خابت آمال سلطات الأولى من حليفتها الأخيرة بعد استيلائها على الحكم

استيلاء "طالبان" على الحكومة زاد من التحديات الأمنية لباكستان (أ ف ب)

ملخص

قررت الحكومة الباكستانية تغيير سياسة الدعم الدولي لحركة "طالبان" في أفغانستان، وانتهجت سياسة صارمة تجاهها، وهذه هي الأسباب

قررت الحكومة الباكستانية انتهاج سياسة صارمة تجاه حكومة "طالبان" في أفغانستان وسحب دعمها للأخيرة على المستوى الدولي بعد رفضها اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد ملاجئ الحركة في إسلام أباد التي عززت عملياتها الإرهابية بالبلاد خلال الفترة الأخيرة.

وتشير الأرقام الصادرة عن الحكومة الباكستانية إلى أن العمليات الإرهابية زادت بنسبة 60 في المئة بعد تولي "طالبان" الحكومة الأفغانية، بينما زادت نسبة الهجمات على إسلام أباد 500 في المئة خلال الفترة ذاتها وراح ضحيتها أكثر من 2300 شخص، كما ثبت تورط 15 مواطناً أفغانياً في 24 عملية انتحارية خلال العام الماضي.

دفعت هذه التطورات الحكومة الباكستانية إلى تغيير سياستها المتصالحة والداعمة لحكومة أفغانستان، إذ كان رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان صرح بأن "الأفغان حرروا أنفسهم من سلاسل العبودية" عقب تولي "طالبان" الحكومة الأفغانية في أغسطس (آب) 2021 بعد انسحاب القوات الأميركية من كابول، فيما شوهد مدير الاستخبارت الباكستانية فيض حميد وهو يحتسي القهوة في فندق فخم بالعاصمة الأفغانية بعد أيام من استيلاء "طالبان" على الحكومة، قائلاً "لا تقلقوا، الأمور ستكون على ما يرام".

لكن يبدو أن الأمور لم تعُد على ما يرام بعد زيادة وتيرة العمليات الإرهابية في باكستان من قبل حركة "طالبان" الباكستانية التي تتخذ من الأراضي الأفغانية قاعدة لعملياتها وفقاً لسلطات إسلام أباد.

والتغيير في الموقف الباكستاني بدا واضحاً من خلال قرار ترحيل المهاجرين الأفغان من البلاد الذين وصل عددهم إلى 455 ألف مواطن أفغاني، وتعتقد السلطات الباكستانية بأن المهاجرين الأفغان متورطون في الإرهاب وتهريب المخدرات داخل البلاد، إلا أن معظم المهاجرين الأفغان لجأوا إلى إسلام أباد هرباً من سطوة حكومة "طالبان".

تقييم السياسة الجديدة

القيادة الباكستانية كانت تأمل من خلال سياستها الداعمة لـ"طالبان" في أن تُتخذ إجراءات ضد حركة "طالبان" الباكستانية، لكن التطورات التي تلت تولي الحركة حكومة أفغانستان خيبت آمالها.

وتعتبر باكستان داعمة لـ"طالبان" منذ عقود، إذ وفرت مأوى لقياداتها عقب التدخل الأميركي في أفغانستان عام 2001، وكانت الأولى تترقب حكومة صديقة في كابول حال صعود "طالبان" للحكم، كما أنها علقت آمالها على الحركة في تقليص النفوذ الهندي في أفغانستان والقضاء على المنظمات المعادية لباكستان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعملت حكومة "طالبان" بعد توليها السلطة على معالجة المخاوف الأمنية المثارة من قبل باكستان بإجراء مفاوضات بين حكومة باكستان وحركة "طالبان" الباكستانية التي انتهت باتفاق سلام قصير المدة في منتصف 2021 وهدنة أخرى في 2022، لكن هذه الاتفاقات أعطت نتيجة معاكسة لما كانت تتوقعه القيادة في إسلام أباد، إذ عاد عدد من مقاتلي حركة "طالبان" الباكستانية إليها أثناء فترة الهدنة ولم يتم التعرض لهم على رغم خروج أهالي المناطق الحدودية في تظاهرات حاشدة ضد السماح لهم بالعودة، وعملوا على إعادة إحياء شبكاتهم الإرهابية في البلاد وتنظيمها.

وتبين بعد أشهر قليلة من توقيع اتفاقات سلام أن مسلحي حركة "طالبان" الباكستانية وظفوا فترة الهدنة في إعادة ترتيب صفوفهم ضد الحكومة الباكستانية وأصبحوا في وضع أقوى مما كانوا عليه في السابق، وزادت في الجانب الآخر بعد خروقات للهدنة العمليات الإرهابية في مختلف مناطق الدولة وأصبح أفراد قوات الأمن في مرمى الإرهابيين.

ووجدت باكستان نفسها في موضع حرج مع ازدياد العمليات الإرهابية من جهة، وغياب الاستقرار السياسي والتدهور الاقتصادي من جهة أخرى، لذا قررت وقف انتهاج سياسة صارمة ضد الحكومة الأفغانية الجديدة.

 

لكن السياسة الجديدة لن تجدي نفعاً لباكستان، إذ إن قرار ترحيل المهاجرين الأفغان سيغضب كابول، كما أنها ستثير غضب الشارع الأفغاني ويمكن أن تتسبب في زيادة أعمال العنف في باكستان.

يذكر أن "طالبان" لم تخضع للضغوط الأميركية بتسليم زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن بعد هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول)، حتى إنها ضحت بحكومتها في سبيل الحفاظ عليه، لكن يبدو أن باكستان لم تتعلم درساً من هذا الموقف وتوقعت منها أن تتخذ إجراءات ضد حركة "طالبان" الباكستانية التي تبايع الزعيم الأعلى لـ"طالبان" ملا هيبت الله آخوانزاده، كما أن الحركة الأفغانية لا تعترف بالحدود الباكستانية-الأفغانية وتعتبرها من بقايا التسلط البريطاني في المنطقة التي قسمت القبائل البشتونية على جانبي الحدود.

إضافة إلى ذلك، تبدو حركة "طالبان" في هذه المرحلة حذرة للغاية في شأن تماسكها التنظيمي وبنيتها الأيديولوجية لأن أي تحرك من جانبها ضد الحركة في باكستان والمحظورة من أفغانستان سيؤجج الانقسامات بين المتشددين والبراغماتيين داخل الحركة، كما أن اتخاذ إجراءات ضدها قد يدفع مقاتليها للانضمام إلى تنظيم "داعش" الذي يعتبر منافساً وتهديداً خطراً لحكومة "طالبان".

الحقيقة أن إسلام أباد فشلت في تنبؤ العواقب طويلة المدى على أمنها الداخلي لاستيلاء "طالبان" على أفغانستان ومعرفة عمق العلاقة بينها وحركة "طالبان" الباكستانية.

وعلى مدى عقدين من الزمن دعمت باكستان "طالبان" على رغم إيعاز المجتمع الدولي بمحاربة المتطرفين من دون تمييز، لكن الأولى خلقت تقسيماً وهمياً بين "طالبان" أفغانستان (الطيبة) و"طالبان" باكستان (الشريرة)، حتى إنها شجعت المجتمع الدولي على التفاوض مع "طالبان" من أجل التوصل إلى نهاية سياسية للحرب في أفغانستان.

ويشهد الواقع تقلباً في الوضع اليوم، إذ يبحث المجتمع الدولي عن سبل للتفاوض مع حكومة "طالبان"، بينما قررت الشروع في مسار جديد واتخاذ سياسة صارمة تجاهها.

ويجب على باكستان إعادة النظر في علاقتها مع "طالبان" وبناء سياستها على المنطق بدلاً من اتخاذ خطوات ارتجالية، وأن تتخلى عن استخدام الدين لتعزيز مصالحها الإقليمية والعمل على استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب بطريقة تستهدف المتطرفين بدلاً من المواطنين الأفغان العزل.

نقلاً عن  "اندبندنت أوردو"

المزيد من تقارير