ملخص
إسرائيل تعمق قتالها في غزة وتستعد لرفح بعيداً من أي تقدم في صفقة الأسرى
على رغم التفاؤل الذي أبداه الوسطاء المجتمعون في القاهرة حول التقدم بصفقة الأسرى والأجواء الإيجابية، إلا أن الوفد الإسرائيلي الذي عاد في نهاية اليوم الأول من المفاوضات أمس الثلاثاء من دون مواصلة النقاش المتوقع أن يستمر ليومين أو ثلاثة، اعتبر ما تم طرحه من بنود ما زال بعيداً من إمكان قبوله في إسرائيل وأن الطريق إلى التوافقات ما زالت طويلة، وحذر الوفد الإسرائيلي قبل مغادرته القاهرة من أن الجيش الإسرائيلي سينفذ اجتياح رفح في حال عدم الوصول إلى اتفاق مع حركة "حماس".
المسودة النهائية التي نوقشت تضمنت وقفاً للنار لستة أسابيع على أن تواصل الأطراف خلال هذه الفترة المفاوضات لوقف دائم للنار، وهو ما ترفضه إسرائيل كما تطالب بالعودة للمعادلة الأولى المبنية على الإفراج عن ثلاثة أسرى فلسطينيين مقابل كل أسير إسرائيلي، وترفض الإفراج عن العدد الكبير للأسرى الفلسطينيين الذين تطالب بشملهم "حماس" وبينهم 500 أسير ممن يقضون أحكام مؤبد وأكثر، وهناك ممن يقضون سنوات طويلة في السجن إلى جانب الإفراج عن مئات الأسرى الذين تطالب "حماس" بإطلاق سراحهم وفق معادلة مختلفة عن ثلاثة مقابل واحد، وبحسب الإسرائيليين يجري الحديث عن 100 أسير فلسطيني مقابل أسير إسرائيلي، مما ترفضه إسرائيل بالمطلق.
رفح ومستشار نتنياهو
الوفد الإسرائيلي برئاسة رئيس جهاز "الموساد" ديفيد برنياع، وصل إلى القاهرة في الدقيقة الـ90 بعد رفض متواصل لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لإرساله إلى القاهرة بادعاء أن الصفقة التي يتم التفاوض حولها متبلورة بما يتوافق وشروط "حماس"، لكن بعد نقاش طويل وخلافات وافق نتنياهو على وصول الوفد، وبعد عودته، نُقل عن مقرب من رئيس الحكومة أن الوفد لن يعود قريباً للقاهرة بسبب الشروط المرفوضة بالمطلق من إسرائيل.
وتبين في سياق تلخيص الإسرائيليين ليوم المفاوضات في القاهرة أن نتنياهو لم يمنح الوفد برئاسة برنياع تفويضاً كاملاً، بل طلب منه أن تكون مشاركته مجرد استماع لما يحدث وفي الوقت نفسه واصل تحذيراته وتهديداته بأنه لا ينوي الخضوع لطلبات "حماس" وبأن إسرائيل ستواصل عملها بقوة في محاولة لإنقاذ المخطوفين.
وكرر نتنياهو ووزير أمنه يوآف غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي مقولتهم إن الضغط العسكري على "حماس" وحده الذي سيُخضع الحركة وتتراجع عن شروطها، وبذلك يضمن صفقة أسرى بما يتوافق والشروط الإسرائيلية، وضمن هذه التصريحات اجتياح رفح.
وخلال المفاوضات ناقشت الأطراف الأربعة ملفي رفح ومحور فيلادلفيا، وكان هذا الطرح معروفاً لنتنياهو مما دفعه إلى إرسال مستشاره السياسي أوفير بليك، مع الوفد ليضمن إطلاعه على جميع التفاصيل لعدم ثقته برئيسي "الموساد" ديفيد برنياع و"شاباك" رونين بار، خصوصاً بعدما وقعت مشادة كلامية بينهما ونتنياهو قبل وصول الوفد إلى القاهرة لرفض الأخير اقتراحاً جديداً للصفقة وضعه برنياع وبار ونيتسان ألون، وهو اقتراح أكد الثلاثة أنه سيقرّب صفقة الأسرى ويسهل التوافق مع "حماس".
وفي شأن محور فيلادلفيا أعربت إسرائيل عن رغبتها في التنسيق والاتفاق مع المصريين بالنسبة إلى كل الخطوات التي سيتخذها الجيش الإسرائيلي، فيما أصر الوفد على تنفيذ الاجتياح في رفح، مؤكداً أن عدم التوصل إلى تفاهمات حول صفقة أسرى سيقرّب موعد الاجتياح، ونقل الإسرائيليون غضب مسؤولين مصريين من هذا الموقف وقلقهم من أي اجتياح مفاجئ لغزة.
وحذر مسؤولون من تداعيات توتر العلاقة مع المصريين وعدم التجاوب مع مطالبهم، ووفق عضو لجنة الخارجية والأمن عن حزب "يوجد مستقبل" مئير كوهين فإن أي احتكاك مع مصر سيأتي بنتائح سلبية على إسرائيل في كل ما يتعلق بصفقة الأسرى، وقال "هناك حاجة لأن يطرح وفد المفاوضات موقفاً واضحاً وخطوطاً عريضة على طاولة المفاوضات في القاهرة، وفي مركزها مطلب إسرائيل تنفيذ صفقة أسرى دفعة واحدة، وفي الوقت نفسه نواصل الضغط على ’حماس‘ عبر القتال في غزة، فنحن ندرك أن الحركة بعد هذا الضغط ستبدأ الحديث بصورة مختلفة".
وأشار كوهين إلى أهمية أن يكون الإسرائيليون حذرين مع المصريين والتعامل معهم بمنتهى التجاوب والاحترام، قائلاً إن "مصر هي لاعب مهم وضروري في ملف الصفقة وعلينا أن نتذكر دائماً بأن للقاهرة تأثيراً كبيراً في ’حماس‘ ويجب التعامل معها بحكمة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهته اختار رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي توقيت عودة الوفد من القاهرة من دون إحراز أي تقدم في شأن الشروط الإسرائيلية، والتقى وحدات عسكرية في غزة ليعلن من هناك أن الجيش لن يوقف القتال، بل سيعمقه شمال القطاع وجنوبه، وسيصل إلى جميع الأماكن في القطاع التي سبق ونفذ فيها عمليات أو لم يدخلها وأنه قد يضطر إلى تنفيذ القتال في المكان الواحد مرتين وثلاث "حتى استكمال أهداف الحرب".
جنود يرفضون القتال
حديث هليفي جاء في وقت بدأت تحركات احتجاجية من قبل جنود يقاتلون في غزة وعائلاتهم على الفترة الطويلة والمرهقة للجنود في القتال ومعاملة ضباطهم لهم، وكُشف عن أن قادة الوحدات العسكرية طلبوا من جنود كتيبة "شاكيد" الذين ينتشرون شمال القطاع تنفيذ عملية، فرفضوا وأبلغوا أن حالهم الجسدية والنفسية لا تسمح لهم بذلك ورفض بعضهم مغادرة المدرعة التي كانوا موجودين فيها.
وضمن تبريراتهم لهذا الرفض قالوا إنهم يتخوفون من أن الفترة التي قضوها في القتال المتواصل تضر بكفاءاتهم، مما يشكل خطراً عليهم وعلى جنود آخرين أثناء القتال.
وخلال البحث في وضعهم قرر قادة الكتيبة إخراج الجنود من القطاع واحتجازهم في قاعدة "زيكيم" العسكرية إلى حين اتخاذ قرار في شأن الرد على رفضهم الانصياع لأوامر ضباطهم، وتبين أيضاً أن عدداً كبيراً من الجنود في لواءَي "غفعاتي" والمظليين أبلغوا بعدم قدرتهم على استمرار القتال.
تغيير قواعد اللعب مع لبنان
وفي وقت كانت الأجهزة الأمنية تبحث في سبل التعامل مع اجتياح رفح بعد عودة وفد المفاوضات، قُتلت إسرائيلية وجرح ثمانية في الأقل، إصابة بعضهم خطرة إثر قصف صاروخي من لبنان على قاعدة عسكرية في صفد وبلدات في الجليل الأعلى.
وخلال جلسة تقييم للأجهزة الأمنية رجح الإسرائيليون أن تكون الصواريخ موجهة نحو قاعدة قيادة المنطقة الشمالية في المنطقة بحيث سقطت ثمانية صواريخ تجاه مدينة صفد وحدها.
وإزاء مقتل إسرائيلية وجرح آخرين أعلن مسؤول أمني أن تل أبيب ستكون مضطرة إلى تغيير قواعد القتال تجاه لبنان، وعلى رغم أن جميع الجهات متفقة على عدم خوض جبهتين في آن واحد، إلا أن إسرائيل لن تقبل باستمرار حرب الاستنزاف من قبل لبنان وإبعاد أكثر من 60 ألف إسرائيلي من بيوتهم".
وأسرع هليفي لمنع اتساع الاحتجاجات من قبل رؤساء بلدات الشمال وبعد أن أجرى جولة مع قيادة الشمال في المنطقة التي تعرضت لإطلاق الصواريخ، التقاهم وأطلعهم على الوضع الأمني وما ستقوم به المؤسسة العسكرية.
وفيما لم يذكر ما تبحثه تل أبيب في سبل التعامل مع التطورات بعد تصريح أكثر من مسؤول إسرائيلي بأن قواعد القتال ستتغير، اكتفى بالحديث عن إنجازات الجيش أمام "حزب الله"، معتبراً أنها كبيرة جداً جداً في المس بـ"حزب الله" في لبنان، وقال "سنواصل العمل، هذه ليست النقطة التي يجب التوقف عندها. سنواصل القتال وبردّنا نضاعف الضرر طوال الوقت وهم يومياً يدفعون ثمناً باهظاً".
واعتبر أمنيون وعسكريون حديث هليفي تعبيراً عن الموقف الإسرائيلي الرسمي، في هذا الوقت، على الأقل.