ملخص
كيف يؤثر استمرار نيكي هايلي في السباق الانتخابي على فرص الجمهوريين؟
هل يوفي الحظ لـ "نيمرانا كاور راندهاوا"، المعروفة باسم "نيكي هايلي"، وتجد طريقها إلى الفوز بترشيح الحزب الجمهوري، ومن يدري لعلها تصل إلى البيت الأبيض، كأول رئيسة للبلاد من حيث الجذور العرقية والنوع، بخلاف هيلاري كلينتون التي أخلفها الحظ في عام 2016 أمام دونالد ترمب؟
تبدو قصة نيكي هايلي تحقيقاً حياً لفكرة "الحلم الأميركي"، وحدوده وأبعاده، وكيف يمكن لإبنة مهاجرين من الهند أن تصل إلى أعلى منصب في البلاد، أو على أقل تقدير أن تناضل من أجل أن تصل إليه، وما من عوائق في الطريق تكبحها، وما من عثرات تمنعها، بل الفرصة كاملة، والحكم للشعب.
هل من حسن طالعها أم من سوئه أن تجد في مقابلها مرشحاً آخر يحمل على كاهليه عبء الانتقام من المؤسسة السياسية غير الظاهرة للعيان، بحسب ادعائه، وهو إدعاء يؤمن به بضعة ملايين من مواطنيه، أولئك الذين يعتبرون أنه كان الفائز الحقيقي في انتخابات الرئاسة لعام 2020، وأنها بدورها قد سُرقت منه؟
نيكي هايلي هذه المرة أمام مرشح كاريزماتي غير اعتيادي، بقضاياه وإشكالياته، لا سيما أنه رمز لما هو أبعد من مجرد كونه مرشح، بل علامة على قيام وسقوط كثيرين في الداخل الأميركي المعتل والمختل، بين المثالية والواقعية، وبين الويلسونية والجيفرسونية.
من هي نيكي هايلي القادمة من بعيد، من أين تبدأ قصتها؟ وكيف مضت بها رحلة الحلم الأميركي؟ وهل في ملفها الشخصي ما يفتح باب البيت الأبيض واسعاً أمامها، أم أنها محملة ببعض الأخطاء السياسية والشخصية التي تكاد تحرمها من الوصول والإمساك بالنجوم في سماوات المكتب البيضاوي؟
"نيكي" الصغيرة والبدايات في بامبرغ
تعني كلمة نيكي في لغة البنجاب "الصغيرة"، والاسم يدل على الجذور الآسيوية للأسرة، التي تنتمي إلى الطائفة السيخية في الهند وتحديداً منطقة "أميرتسار"، ومنها هاجرت إلى كندا في عام 1964.
والدها أجيت سينغ راندهاو كان يشغل منصب أستاذ في كلية الزراعة في جامعة البنجاب، ووالدتها راج كور راندهاو حاصلة على شهادة في القانون من جامعة دلهي.
استقرت العائلة منذ عام 1969 في الولايات المتحدة، بعد أن حصل والدها على منحة في جامعة كولومبيا، وإن عمل في تجارة الملابس مع زوجته لاحقاً ضمن "بيزنس" توسع كثيراً إلى أن أغلق في عام 2008.
ولدت نيكي في مستشفى مقاطعة بامبرغ بكارولينا الجنوبية في يناير (كانون الثاني) 1972، ولديها شقيقان وشقيقة واحدة، تخرجت من جامعة كليمسون في عام 1994، بدرجة البكالوريوس في المحاسبة المالية.
أظهرت هايلي نشاطاً مجتمعياً ومدنياً كبيراً وفاعلاً في مقاطعة أورانجبورغ حيث تسكن، كما ترأست العديد من الجمعيات الأهلية والروابط المجتمعية، الأمر الذي فتح لها الباب واسعاً للترشح لمجلس نواب ولاية كارولينا الجنوبية. بعد فوزها أصبحت أول أميركية- هندية تتولى منصباً في ولاية كارولينا الجنوبية، ولم تكن هناك معارضة لانتخابها لولاية ثانية في عام 2006.
وصلت هايلي إلى منصب حاكم ولاية كارولينا الجنوبية مرتين، الأولى في عام 2010 والثانية في عام 2014. وتصف نفسها بأنها "مؤيدة للحياة"، ودعمت التشريعات التي تحد من الإجهاض وصرحت ذات مرة، "أنا لست مؤيدة للحياة لأن الحزب الجمهوري أخبرني. أنا مؤيدة للحياة لأننا جميعاً مررنا بتجارب حول ما يعنيه أن يكون لدينا أحد هؤلاء الصغار المميزين في حياتنا".
في عام 2016 اختيرت هايلي من قبل مجلة "تايم" كواحدة من أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم. وفي ذات العام، قدر الكثيرون أنها ستكون مرشحة محتملة لمنصب نائب الرئيس لانتخابات الرئاسة في عام 2016، لكن شيئاً ما تغير بعد أن أصبح ترمب المرشح الرئاسي المفترض، إذ قالت هايلي إنها ليست مهتمة بالترشح لمنصب نائب الرئيس.
هل أدركت هايلي أن ترمب وفريقه لن يقع اختيارهم عليها، وبذلك بدأ حلم وصولها إلى البيت الأبيض يتوارى، والعداء لترمب يترسخ على رغم اختياره لها لاحقاً سفيرة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة؟
هايلي وهيلاري... الطريق إلى الرئاسة
هل غيرت هايلي موقفها من دونالد ترمب؟ مؤكد أن الأمر جرى بالفعل على هذا النحو، ففي أبريل (نيسان) من عام 2021 أبدت نيتها عدم الترشح في مواجهة الرئيس السابق ترمب، بحال نوى بالفعل ترشيح نفسه، وكانت تدرك تمام الإدراك أن ترمب سيفعل ذلك.
غير أنه في فبراير (شباط) 2023، بدأ موقفها يتغير ومالت كفتها للترشح للرئاسة، وهو ما أعلنته بالفعل، الأمر الذي اعتُبر بمثابة "خطوة جريئة" من جانبها.
أما التساؤل المثير فهو، "هل حلم الرئاسة كان يداعب جفون هايلي منذ أكثر من عقد من الزمان؟".
يبدو أن الأمر كذلك، ففي عام 2012 نسبت هايلي الفضل إلى هيلاري كلينتون في إلهامها للترشح لمنصب الرئاسة ذات يوم، فقالت إن "السبب الذي جعلني أترشح لمنصب الرئاسة هو هيلاري كلينتون. لقد قالت إنه عندما يتعلق الأمر بالنساء اللواتي يترشحن لمناصب، سيكون هناك كل من يخبرك لماذا لا ينبغي عليك ذلك، ولكن هذه هي كل الأسباب التي تجعلنا نحتاج إليك للقيام بذلك". وتقر هايلي "لقد خرجت من هناك وأنا أفكر: هذا كل شيء، سأرشح نفسي لمنصب الرئاسة".
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" ذائعة الصيت، أول من توقع حدوث قلاقل بين هايلي وترمب، إذ ستضحى بالنسبة له هدفاً مؤكداً في كل حملاته الانتخابية، وهو الرجل غير المتوقع بكل المقاييس، ما يعني إمكانية أن يصيبها من غضبه وثورته الكثير الذي يدمر حياتها العامة، ويجعل من خطوة الترشح للرئاسة آخر علاقة لها بعالم السياسة والسياسيين.
وبحسب قناة "سي أن أن" الإخبارية الأميركية، فإن هايلي غالباً ما حاولت السير في خط رفيع بين التحالف مع ترمب، وإبعاد نفسها بما يكفي لجذب منتقديه الأكثر اعتدالاً، لا سيما وأنها تركت إدارته في عام 2008 بعلاقات ظاهرها طيب على الأقل، وإن حملت حكماً الكثير من الضغائن والخلافات التي أضمرتها، وذلك في تناقض ملحوظ مع مسؤولي ترمب السابقين الآخرين الذين اختلفوا علناً مع رئيسهم السابق. هل من مدخل معين فضلت هايلي أن يكون طريقها إلى تقديم نفسها للناخبين الأميركيين عامة، والجمهوريين خاصة؟
بلا شك دخلت هايلي من ثغرة تراجع الثقة في المؤسسة السياسية الأميركية، والتي وصفتها بأنها خذلت جموع الأميركيين، مراراً وتكراراً، وأنه حان الوقت لجيل جديد من القادة لإعادة تعريف المسؤولية المالية، وتأمين الحدود، وتعزيز البلاد، و"استعادة الفخر".
هنا يكاد الناظر والمستمع لدعاوى هايلي التي تدفعها في طريق الترشح للرئاسة، يستنتج أنها تتماثل مع الأفكار التي طرحها ترمب في ولايته السابقة، ودارت حول "جعل أميركا أمة عظيمة مرة أخرى".
هايلي وترمب... ورواية غرامية
من بين القصص المثيرة حول علاقة هايلي وترمب، القول بأنها كانت تخطط لأن ترث رئاسته، وأنها عملت جاهدة على إظهار ذلك خلال ولايته، وربما كان الأمر أبعد من ذلك... كيف؟
في يناير (كانون الثاني) 2018، راجت إشاعات كثيفة في واشنطن، حول وجود علاقة غرامية ما بين ترمب وهايلي، الأمر الذي نفته هي بشدة معتبرة أنها إشاعات "مقرفة" و "بغيضة جداً".
من هو مصدر تلك الإشاعات؟ تقول مصادر الأخبار في واشنطن، إن الصحافي مايكل وولف، هو من تسبب في إطلاقها، لا سيما من خلال ما ذكره في كتابه "نار وغضب"، حيث ألمح إلى أن ترمب كان على علاقة سرية مع امرأة وردت تفاصيل عنها في كتابه، حيث قال "إن هايلي إحدى النساء البارزات في إدارة ترمب وكانت تعمل على تقديم نفسها كوريثة للرئيس".
ودافعت هايلي عن نفسها باستماتة، ففي مقابلة مع مجلة "بوليتيكو"، حول موضوع "النساء في السلطة"، استنكرت هايلي تلك الإشاعات، ومضت في تفنيد ما اعتبرته إدعاءات من جانب وولف بأنها كانت تمضي الكثير من الوقت الخاص مع الرئيس على طائرته الرئاسية وفي مكتبه بالبيت الأبيض. وأردفت "كنت على متن الطائرة الرئاسية مرة واحدة وكان هناك العديد من الأشخاص معنا".
في مقابلة "بوليتيكو"، أضافت هايلي "يقول – أي مايكل وولف- إنني كنت أتكلم كثيراً مع الرئيس في مكتبه في البيت الأبيض حول مستقبلي السياسي. أنا لم أتكلم أبداً ولو لمرة واحدة معه حول مستقبلي، ولا أكون وحدي معه أبداً".
تبدو هايلي وكأنها تفتح الباب أمام الأميركيين للتصديق بأنها كانت ضحية خداع للإيقاع بها من خلال تشويه صورتها، دبرها ترمب مع وولف، وربما الدليل على صدقية هذا التوجه أنها أرجعت الإشاعات إلى ما أسمته "حالة التمييز بين الرجل والمرأة". وقالت إن "معظم الرجال يحترمون النساء، لكن هناك مجموعة صغيرة من الرجال الذين يشعرون بالامتعاض في حال قيامك فقط بوظيفتك، ومحاولة القيام بها بشكل جيد وصادق، وهم يعتقدون أن الخيار الوحيد أمامهم هو تحطيم معنوياتك".
هل سنرى في الوقت القريب عودة من جانب فريق ترمب لتحريك هذه الأوراق ضد هايلي التي تهاجم الرئيس السابق بعنف في الآونة الأخيرة، أم أن إدارة حملته تعرف أن مثل هذه الأوراق يمكنها أن تحرقه، ولهذا وجدت في قصة أخرى ما يمكن أن يعرض هايلي للتراجع في أعين الجمهوريين أولاً، والأميركيين تالياً؟
هل تضر هايلي بالحزب الجمهوري؟
بدأت ضربات ترمب وحملته الانتخابية تتوالى على هايلي وفريقها الانتخابي، وليس سراً هنا القول إن أداء حملة هايلي باهت للغاية، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يرقى إلى مستوى نجاحات حملة ترمب.
المثير هو أن ترمب وحملته يوجهون سهام الاتهامات إلى هايلي، بأنها تضر الحزب الجمهوري وفرصه في العودة إلى البيت الأبيض وطرد الديمقراطيين بقيادة بايدن من مكان لا يستحقونه بحسب إدعاءاتهم.
غير أن هايلي لا تقف صامتة، عاقدةً الأذرع على الصدور أمام اتهامات ترمب، ففي مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" قبل بضعة أيام، أشارت إلى أن "قول الحقيقة في الانتخابات التمهيدية أمر مهم للغاية، وهذا ما أفعله"، مضيفة أنها ليست قلقة في شأن تنفير مؤيدي الرئيس السابق من الحزب الجمهوري.
تحاجج هايلي بأنها تعزز الحزب من خلال جذب مزيد من الناس إليه بدلاً من إبعادهم "مثل ما يفعل ترمب". ما الذي فعلته هايلي وتسبب في حرب ترمب عليها، وإن بدأت هادئة، إلا أنه لا يزال يحمل في جعبته بعض روايات التشكيك في مصداقيتها؟
الثابت أن هايلي شككت في الأهلية العقلية لمنافسها ترمب، بعد أن اتهمها في زلة لسان، بالفشل في وقف الاعتداء على مبنى الكونغرس قبل 3 سنوات.
هايلي قطعاً لم تكن مسؤولة عن أي إجراءات أمنية في تلك الفترة، ولهذا أكدت أمام تجمع حاشد في نيوهامبشر على أن "ترمب كان مرتبكاً وكان يتحدث عن أمر آخر"، غير أنها أضافت عبارة لم تخلُ من تشبيه حالة ترمب العقلية، بوضع الرئيس الحالي بايدن وذاكرته التي باتت حديث القاصي والداني.
وتابعت هايلي، "ما يقلقني هو أنني لا أقول أي شيء مهين، ولكن عندما نتعامل مع ضغوط الرئاسة، لا يمكن أن يكون لدينا شخص آخر نتساءل عما إذا كان مؤهلاً عقلياً للقيام بذلك".
هل دقت هايلي إسفيناً بين ترمب وقواعد الحزب الجمهوري من ناحية، وناخبيه ومؤيديه من ناحية ثانية، حول صلاحيته الذهنية، وهو يقترب من عامه الـ 77، أي أنه في حال فوزه برئاسة جديدة فسيختمها في عمر الثانية والثمانين؟
فتحت هايلي الباب واسعاً أمام نقاد ترمب الذين يقولون إنه بدأت تظهر عليه علامات الشيخوخة بشكل متزايد. وعندما سُئل ترمب قبل نحو أسبوعين عن الأمر، كرر قصة تفوقه في اختبار حدة البصر من خلال التعرف بشكل صحيح على حيوانات مثل النمر والحوت عن بعد.
هل ستكون ولاية جنوب كارولينا هي الكلمة الفصل في مسيرة هايلي نحو البيت الأبيض أو الحلم الكبير الذي يشغلها منذ أكثر من عقد من الزمان؟
في الأسبوع الأول من شهر فبراير (شباط) الجاري، أظهر مركز Hill/Decision Desk لاستطلاعات الرأي في جميع أنحاء الولايات المتحدة أن ترمب يتمتع بميزة قوية في السباق الرئاسي، ووسع تقدمه من 32 في المئة إلى 37 في المئة باستطلاعات الرأي حول الانتخابات التمهيدية المقبلة، والتي ستقام في 24 فبراير بولاية كارولينا الجنوبية، مسقط رأس هايلي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المقعد الخلفي والثأر من هايلي
يبدو من الطبيعي أنه في زمن الانتخابات الرئاسية بنوع خاص، أن تطفو على سطح الأحداث، سلسلة من الفضائح الشخصية، والتي يجيد المتنافسون استخدامها لتنحية منافسيهم، من هنا يتساءل المرء هل كان هناك مصدر بعينه سرب وثائق تخص السلوك الشخصي لهايلي لبعض وسائل الإعلام على أمل أن يُنقص ذلك من شعبيتها ويُفقدها الأمل في إكمال مشوارها الانتخابي؟
من الواضح أن شخصاً ما أو جهة ما، قدم لصحيفة "دايلي ميل" وثائق تدور حول سلوك مشين لهايلي. وتقول الصحيفة البريطانية إن هايلي خانت زوجها مايكل، حيث كانت لديها علاقة مع مستشار الاتصالات الخاص بها، وأحد أعضاء جماعات الضغط في كارولينا الجنوبية قبل أن تصبح حاكمة الولاية في عام 2010.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الحزب الجمهوري قولهم إنهم كانوا على علم بتلك الخيانة في ذلك الوقت، مؤكدين أنها حدثت "بشكل علني".
ويبدو المشهد معقداً أكثر، ذلك أن الصحيفة تشير إلى أن ويل فولكس، مستشار الاتصالات البالغ من العمر49 سنة، وعضو جماعة الضغط لاري مارشانت، ابن الـ 61 سنة، وقعا على إقرارات خطية تؤكد أنهما "أقاما علاقة جنسية مع هايلي".
وقال فولكس في إفادته إنه وهايلي، دخلا في علاقة جسدية غير لائقة تضمنت "حالات عدة من الاتصال الجنسي غير المناسب".
وكان من الطبيعي أن تنفي هايلي كل هذه الاتهامات، مع التأكيد أنها "مخلصة مئة في المئة لوالد طفليها وزوجها"، الذي يخدم في الحرس الوطني ورابط في أفغانستان منذ عام 2012.
في غضون ذلك، طردت حملة هايلي صحافياً من حدث نظمته، بعدما سعى للحصول على رد حول التقرير الذي نشرته "ديلي ميل".
ويتساءل مراقبون هل مثل تلك التسريبات، تبغي انسحاب هايلي من سباق الرئاسة؟ ربما يكون ذلك كذلك، لكنها في كل الأحوال مصممة على المضي قدماً، وقد تكون موقعة كارولينا الجنوبية آخر آمالها، بعد الانتكاسة التي أصيبت بها في نيفادا التي لم يفز أي مرشح بها، بعد التصويت لمصلحة "لا أحد" من هؤلاء المرشحين.
وعلى رغم أنه ليس لتلك النتيجة تأثير ملموس على معركة الفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية، نظراً لعدم مشاركة أي مندوب بسبب خلاف بين سلطات الولاية والحزب الجمهوري في نيفادا، إلا أن الأمر وفي كل الأحوال يعتبر انتكاسة أخرى لهايلي التي خسرت في اقتراعين سابقين أمام ترمب في ولايتي أيوا، ونيوهامبشر، وتكاد تبدو على عتبات خسارة أخرى كبيرة هذا الشهر في مسقط رأسها جنوب كارولينا.
الحياة الشخصية والانتماءات العقائدية
تبدو الحياة الشخصية لنيكي هايلي معقدة بصورة واضحة، وربما يكون الأمر مدخلاً من مداخل الرافضين أن تصل مثل هذه الشخصية إلى البيت الأبيض في دولة يحكمها الـ "واسب" أي البيض الأنجلوساكسونيون البروتستانت White Anglo-Saxon Protestant طولاً وعرضاً ومساحة إجمالية... لماذا هذا الحديث؟
من المعروف أن هايلي جاءت من خلفية "السيخ" كديانة وفقاً لوالديها، غير أنها تحولت في عام 1997 إلى المسيحية، الأمر الذي تساءل في شأنه الكثير من المراقبين لسيرتها الذاتية في الداخل الأميركي، "هل هو تحول إيماني عقائدي عن قناعات روحية حقيقية، أم أنه نوع من أنواع الغزل على المتناقضات بعد أن أدركت أهمية وقوة الجناح اليميني المسيحي داخل الحزب الجمهوري، وهو الجناح الذي يعضد ويؤيد الرئيس السابق ترمب بكل قوة؟ لماذا يُطرح مثل هذا التساؤل المثير وربما الخطير؟
تبدو قصة ارتباطها من زوجها بيل هايلي، والذي طلبت منه أن يغير اسمه ليصبح مايكل وليس بيل إبان زواجهما، أكثر إثارة، ذلك لأنها احتفلت بزواجها منه وفقاً للعقيدة الميثودية المسيحية مرة، ومرة وفقاً لاحتفالات السيخ.
أكثر من ذلك، أنها تشارك زوجها بانتظام الصلاة في الكنيسة الميثودية، لكن في الوقت عينه، تحضر صلوات السيخ مرة أو مرتين في السنة.
هنا يبدو المدخل المناسب للجمهوريين المتشككين في ولاءات هايلي الروحية والإيمانية، وهو ما تعاظم حين سألتها مراسلة صحيفة "المسيحية اليوم" خلال زيارة لها إلى الهند في عام 2014، "هل تأملين بأن يتحول والديك إلى المسيحية أم لا؟"، فكان جوابها "ما أتمناه هو أن يفعل والداي ما هو مناسب لهما"، وهو جواب لا يرضي غلاة الراديكاليين من اليمينيين الأميركيين، الذين يرون مواقف ترمب الصريحة بل الصادمة أكثر وضوحاً ونفاذاً دفعة واحدة، من التلاعب الذي تقوم به هايلي التي ما زالت تصلي في معابد السيخ حتى اليوم.
أما الجزئية التي تفتح جرحاً جديداً في سمعة هايلي، وربما ما يثبت أن لها علاقات خاصة متعددة، فهي فكرة طلبها من زوجها أن يصبح اسمه مايكل عوضاً عن بيل.
هنا تقول كارول بروس، الأستاذة الفخرية في جامعة "سانت توماس" في مينسوتا، وعالمة الاجتماع المتخصصة في العلاقات، "إن رد الفعل القوي تجاه اسم شخص ما، هو بالتأكيد رد فعل عميق بما فيه الكفاية للرغبة بمناداة الشريك باسم مختلف، عادةً ما يأتي من ذكرى سابقة". أما عالمة اللغات، لوريل ساتون، رئيسة الجمعية الأميركية للأسماء، فصرحت لـ "نيويورك تايمز" أن "الأسماء تقع في صلب هوية الأشخاص. يغيّر الأشخاص أسماءهم لأسباب عدة، بما في ذلك التحول الجنسي أو صعوبة تهجئة الاسم، أو النفور البسيط من الاسم الذي أعطي لهم وهو تغيير يحصل عادةً بمحض إرادتهم ولكن أن تطلب من شخص أن يغير اسمه بسبب تفضيلاتك الشخصية، كما فعلت نيكي مع زوجها، فهذا طلب كبير".
هل ستكون مغامرة الترشح للرئاسة بالنسبة لهايلي، لا سيما إذا ظهر عارض يمنع ترمب من الترشح، لتضحى جواد الجمهوريين الرابح بعد انسحاب رون دي سانتيس حاكم ولاية فلوريدا، ناجحة وغير متوقعة، أم أن الأيام القليلة المقبلة ستكتب نهاية هذه المسيرة؟