Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد مرض والدهما كيف يمكن لويليام وهاري تخطي خلافاتهما؟

تشخيص إصابة الملك البريطاني بالسرطان دفع بالأمير هاري إلى العودة سريعاً لبريطانيا. لكنه لم يلتق بشقيقه ويليام. "اندبندنت" سألت خبراء عن إمكان تجاوز الأميرين أزماتهما الأسرية في أوقات الشدة والقطيعة؟ فأجمعوا على أن الجواب عسير

العلاقات المتوترة بين الأميرين هاري وويليام نجلي ملك بريطانيا كانت مضطربة لأعوام (غيتي)

ملخص

يبدو أن المصالحة بين الأميرين هاري وويليام ما زالت مستبعدة 

يجد الأميران ويليام وهاري أنهما أمام مأزق صعب لا يحسدان عليه. فقد جرى في وقت سابق من هذا الأسبوع تشخيص إصابة والدهما الملك البريطاني تشارلز بالسرطان، مما دفعهما إلى القيام بدور مرهق عاطفياً يتمثل في دعم أحد الوالدين خلال فترة مرضه. ويعد هذا الوضع صعباً بطبيعته، لأنه يمثل تحولاً كبيراً في الأدوار، وصار يتوجب عليهما الآن الاهتمام بمن كان يعتني بهما على الدوام [منذ نعومة أظافرهما]. وفي الأحوال كلها، يصبح الأمر أكثر صعوبة عندما تفاقم علاقات الشقيقين المتوترة في الأساس تعقيدات هذه التجربة المؤلمة.

شهدنا في الأسبوع الجاري هذه الديناميكية المضطربة تتكشف لحظة وقوعها. فقد عاد هاري للمملكة المتحدة يوم الثلاثاء، في زيارة سريعة مدتها 26 ساعة، شملت لقاء قصيراً مع والده دام 45 دقيقة. لكنه لم يلتق شقيقه الأكبر ويليام ولي عهد بريطانيا وزوجة أخيه كايت ميدلتون أميرة ويلز (التي تتعافى في الوقت الراهن من جراحة أجريت لها في البطن).

وفيما يبدو أن المصالحة بينهما ما زالت مستبعدة في الوقت الراهن، فإنه يبدو أيضاً أنه لم يتغير كثير بين الشقيقين منذ نشر هاري كتاب سيرته الذاتية "الاحتياطي" Spare، الذي تسبب بتوسيع الفجوة بينهما من خلال الكشف عن تفاصيل علاقتهما المتوترة (بما فيها الحادثة المشينة الذي زعم أن ويليام دفع بشقيقه الأصغر هاري إلى الخلف ووقوعه في وعاء مخصص للكلاب).

ويمثل التعامل مع الأزمات والقطيعة العائلية - سواء في الأوساط الملكية أم غيرها - تحدياً صعباً في حد ذاته، إذ كيف يمكن تقديم الدعم وربما التعامل مع القرارات الصعبة، عندما يواجه أفراد الأسرة صعوبة في أن يكونوا في الغرفة نفسها، ناهيك بإجراء محادثة متحضرة [راقية] إلى حد ما؟ ومن الطبيعي أن تثير الأحداث الحياتية الصعبة والعاطفية بطبيعتها كالأمراض الخطرة أو الوفاة أو الاضطرابات المالية، مشاعر قوية وآراء مختلفة حول طريقة التعامل مع الموقف، حتى داخل العائلات المتماسكة.

وفي هذا الإطار تشير وسيطة العلاقات الأسرية لويزا ويتني إلى أنه "عندما تضاف الخلافات الراهنة إلى ندوب الماضي والصدمات، والعلاقة المتوترة تاريخياً، تصبح الطريق مليئة بالعثرات والعقبات". وتضيف: "إن معالجة المشاعر وإجراء المناقشات الضرورية يصبحان أكثر صعوبة عندما تحمل بعض المواضيع أو الأفكار في طياتها أعباء عاطفية ثقيلة. وهذا يدفع في كثير من الأحيان بالأفراد إلى تجنب معالجة مسائل التوتر والخلاف، بدلاً من الانخراط في المحادثات التي قد يكون من الضروري إجراؤها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوضح جورجينا ستورمر المستشارة المعتمدة لدى "الجمعية البريطانية للإرشاد والعلاج النفسي" British Association for Counselling and Psychotherapy (BACP) ، أنه عندما ينفصل شقيقان ويدخلان في قطيعة، فإن الأزمات العائلية يمكن أن تطرح أمامهما "مسارين محتملين. فإما أن تعزز المشاعر السلبية الكامنة مثل الغضب أو الغيرة أو الإحباط أو الخوف - أو يمكن أن تدفع الأفراد إلى تبني مواقف جديدة تحتسب مدى هشاشة الحياة وترجح كفة المصالحة".

من هنا يطرح السؤال، هل ينبغي على الشقيقين المنفصلين أن يضعا خلافاتهما جانباً وأن يشكلا جبهة موحدة خلال الأوقات الصعبة )على غرار الأشقاء في آل روي سيبس في مسلسل "خلافة" Succession)؟ أم أن الأزمة - بكل ما فيها من موجات مضطربة من المشاعر المؤلمة - هي أسوأ وقت لمحاولة المصالحة (كما يتضح ذلك لاحقاً في سياق مسلسل "خلافة")؟ الخبراء الذين استشرتهم يجمعون على أنه لا توجد إجابات مباشرة أو طرق مختصرة لتوقع النتيجة الأكثر احتمالاً. فخلال ممارسة لويزا ويتني عملها وسيطة أسرية، لاحظت أنه "فيما قد يجتمع بعض الأفراد معاً في أوقات الشدائد، قد يغتنم آخرون هذه الفرصة لإعادة النظر في الأسباب الجذرية التي أدت إلى الصعوبات التي يواجهونها، سواء عن وعي أو غير وعي".

الآباء والأشقاء هم الأفراد الذين عرفناهم لأطول فترة [في حياتنا]: ولذا يتسنىى لهم أكثر من غيرهم أن يكونوا موضع خيبات أكبر للأمل والإحباط لدينا، مما يؤدي إلى تراكم أسباب الاستياء والضغائن وتخلف طبقات من المظالم. وخلال الأوقات العصيبة، كثيراً ما نجد أنفسنا نعود لتلك المشاعر القديمة، ونسترجع سلوكيات الماضي.

وترى سوزي ماسترسون المعالجة النفسية المعتمدة لدى "الجمعية البريطانية للإرشاد والعلاج النفسي"، أن "من المهم أن ندرك أنه في أية ديناميكية عائلية، نميل إلى العودة لمرحلة معينة من الطفولة". وتقول: "ما أعنيه بالطفولة هو أي شيء بدءاً من سن المدرسة الابتدائية وصولاً إلى مرحلة البلوغ. فنحن نعود للوقت الذي لم تحل الصراعات السائدة آنذاك". وتتفق المستشارة ستورمر مع هذا الرأي، مشيرة إلى أن "الروابط الأسرية تمتلك القدرة على التأثير في روابطنا العاطفية وإيقاظ ’الطفل القابع في داخلنا‘، مما يثير مشاعر مؤلمة من الماضي وينكأ ردات الفعل والأحقاد القديمة".

وتضيف ستورمر أن "الأزمات العائلية غالباً ما تدفعنا إلى التعامل معها بشكل مختلف عما نفعله في المواقف الأخرى كراشدين. في المقابل، لدى مواجهة التحديات في جوانب أخرى من حياتنا، قد نتعامل معها بمزيد من النضج والوضوح، ونعبر ما نريده بطريقة عقلانية وواثقة. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالمسائل العائلية، فغالباً ما تكون الديناميكيات أكثر تعقيداً، خصوصاً إذا كانت العلاقات العائلية متوترة أو مثيرة للجدل، كالحالة التي يتم فيها تصنيف الشقيق على أنه ’العدو اللدود‘، على حد وصف هاري لأخيه ويليام في كتاب ’سبير‘. وتقول المعالجة النفسية ماسترسون في هذا الإطار إنه "بالنسبة إلى الأفراد الذين عانوا صدمات في طفولتهم، كالأشقاء، فإن هذه الأزمات يمكن أن تلقي بثقلها عليهم".

ووفقاً لماسترسون، فإن القرار الأكثر أهمية الذي يواجه الأشقاء في النزاع، هو ما إذا كانت اللحظة الراهنة تساعد في معالجة الأعباء المتراكمة، أم أن المشاعر العميقة التي أثارتها الأزمة لن تؤدي إلا إلى تفاقم تلك المناقشات. في مثل هذه الحالات، قد يختارون إصلاح الأمور موقتاً، مدركين أن الخوض في ماضيهم هو أمر مؤلم ومربك للغاية في الوقت الراهن. وتسلط الخبيرة النفسية الضوء على أن العلاج المزدوج يجب ألا يقتصر بالضرورة على ثنائي رومانسي. فهي أدارت جلسات نفسية وعملت مع أشقاء بعد أحداث حياتية بارزة كالفجيعة. وغالباً ما تؤكد خلال تلك الجلسات على أهمية إبرام "اتفاق شفهي" بين الطرفين اللذين يتعين عليهما أن يقررا كيف يمكن أن يتصرفا لتجاوز الوضع الصعب، وتحديد الإجراءات التي سيتخذانها وتلك التي لن يقدما عليها".

وتعتبر أن "هذه المقاربة يمكن اعتمادها بسهولة ومن دون الخوض في جميع المشكلات (الماضية)، وتكرار ما كان يصدر في السابق، فهي تشكل طريقة للتقدم كفريق موحد، يعمل على مستوى سطحي بدلاً من الخوض في التفاصيل". وفي إطار مماثل، تذكر ويتني في عملها وسيطة علاج أسري أنها كانت تطرح باستمرار سؤالاً حاسماً على عملائها: "ما التصرفات المحددة لدى الشخص الآخر التي تثير لديكم رد فعل قوية أو تسبب لكم الإزعاج؟". ويهدف هذا الاستفسار إلى تجنب المواقف الحساسة التي قد تسبب عدم الراحة. وتضيف: "إن فهم ذلك يعد أمراً مفيداً للغاية في صياغة مواقفكم وأقوالكم وطريقة التعامل مع المناقشات اللازمة".

ويتجمع الخبراء على أن تحديد المقبول وغير المقبول هو أمر بالغ الأهمية. وترى لويزا ويتني أن "إدارة الموقف قد تنطوي على الامتناع عن الاتصالات غير الضرورية، أو الرد فقط على الرسائل عندما يشعر المرء بأنه مستعد لذلك، وليس على الفور". وفي الوقت نفسه، من خلال تجربة ماسترسون، فإن إبرام هذه "العقود" السلوكية يمكن أن يفضي عن غير قصد إلى تحسن في العلاقة المتوترة بين الأشقاء. وتشرح ذلك بالقول إن "وضع بعض الحدود، وتحديد أنماط التفاعل والإجراءات التي سيتم اتخاذها أو عدم اتخاذها، يمكن جميعها أن تؤدي إلى الحد من القطيعة. كما يمكن أن تكون بمثابة الأساس - الذي يبنى عليه عن غير قصد، بعدما كان ينظر إليه في البداية على أنه يقتصر على حل لإدارة الأزمات. ومع ذلك، يمكن أن يتطور في الواقع إلى أساس لأن كل طرف يشعر بأنه يلقى آذاناً صاغية، وأنه يوضح احتياجاته، ويحترم الآخر. وهذا يمثل الخطوة الأولى نحو إصلاح العلاقة. لأن المشهد طرأ عليه تحول عما كان عليه قبل حدوث الأزمة".

أخيراً إذا كان لا يزال من الصعب التخلص من الضغائن والأحقاد القديمة، فإن ستورمر توصي بطرح المرء سؤالاً مهماً على نفسه: "عندما تلقي بنظرة على حياتك، هل تشعر بندم على التصرفات التي قمت بها والقرارات التي اتخذتها؟". وتختم بالقول إن "هذا الحدس الداخلي غالباً ما يكون بمثابة بوصلة مهمة لتصحيح المسار".

© The Independent

المزيد من متابعات