ملخص
طائرة مسيرة استهدفت سيارة دفع رباعي في منطقة المشتل شرق بغداد.
نددت بغداد اليوم الخميس باغتيال الولايات المتحدة قيادياً في "كتائب حزب الله" العراقي المرتبط بإيران والمسؤول عن هجمات ضد القوات الأميركية، متهمة التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش" بقيادة واشنطن بالتحول إلى "عامل عدم استقرار" بالنسبة إلى العراق.
ونددت الحكومة العراقية في بيان اليوم الخميس بـ"عملية اغتيال واضحة المعالم عبر توجيه ضربة جوية وسط حي سكني من أحياء العاصمة بغداد، بطريقة لا تكترث لحياة المدنيين وللقوانين الدولية".
وقال المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يحيى رسول، في بيان إن "التحالف الدولي يتجاوز تماماً الأسباب والأغراض التي وجد من أجلها على أرضنا".
وأضاف، "هذا المسار يدفع الحكومة العراقية أكثر من أي قت مضى إلى إنهاء مهمة هذا التحالف الذي تحول إلى عامل عدم استقرار للعراق ويهدد بجر العراق إلى دائرة الصراع الإقليمي".
الانسحاب التدريجي
وكان رئيس الوزراء العراقي أطلق محادثات مع واشنطن في شأن مستقبل التحالف بهدف تحديد جدول زمني يتيح انسحاباً تدريجاً من البلاد، لكن هذه العملية التي أطلقت قبل هجوم الـ 28 يناير (كانون الثاني) 2024 باتت معلقة بفعل التطورات في الشرق الأوسط.
وفي الأثناء قال السوداني خلال لقائه وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبليس إن "الإصرار على انتهاء مهمة التحالف الدولي في العراق يأتي بعد أن اكتسبت القوات العراقية من قدرات متقدمة في مكافحة الإرهاب"، وفق بيان صادر عن مكتبه الخميس.
وشارك المئات اليوم الخميس بمراسم تشييع الساعدي في بغداد بعد ظهر اليوم الخميس، وكان الأخير مسؤولاً عن ملف سوريا العسكري في كتائب "حزب الله"، وفق ما أفاد مصدر في هذا الفصيل مفضلاً عدم كشف هويته.
عملية الاستهداف
وكان قيادي بارز في "كتائب حزب الله"، الفصيل العراقي المسلح النافذ المرتبط بإيران، قُتل في ضربة نفذتها طائرة مسيرة أميركية استهدفت سيارته في بغداد مساء الأربعاء، فيما تتهمه واشنطن بالتورط في التخطيط لهجمات استهدفت قواتها في الشرق الأوسط.
تأتي هذه الضربة بعد أسبوع من غارات أميركية، وبعد أن تعهدت واشنطن استهداف فصائل مسلحة مرتبطة بإيران بعد هجوم في الـ 28 من يناير (كانون الثاني) قتل فيه ثلاثة جنود أميركيين في الأردن على الحدود مع سوريا.
وأعلنت "كتائب حزب الله" في بيان عن مقتل أبو باقر الساعدي، القيادي البارز بالضربة الأميركية.
وكان الساعدي مسؤولاً عن "ملف سوريا العسكري" في "كتائب حزب الله"، وفق مصدر في هذا الفصيل، مفضلاً عدم الكشف عن هويته.
رد أميركي
وقالت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي إن الضربة الجوية جاءت "رداً على الهجمات على جنود أميركيين" وأدت إلى مقتل "قيادي في كتائب حزب الله كان مسؤولاً عن التخطيط المباشر والمشاركة في الهجمات على القوات الأميركية بالمنطقة".
وأضاف البيان "لا توجد مؤشرات في الوقت الحالي على وقوع أضرار جانبية أو خسائر في صفوف المدنيين".
وشاهد مصور في وكالة الصحافة الفرنسية انتشاراً كبيراً للقوات الأمنية في الحي الذي وقع فيه القصف، مانعة الدخول إلى موقع الضربة.
وفي وقت لاحق، جرى رفع السيارة التي كانت محترقة بالكامل، من المكان.
ونعت هيئة "الحشد الشعبي"، في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية، أبو باقر الساعدي.
3 قتلى
وأسفرت هذه الضربة عن مقتل ثلاثة أشخاص كانوا في السيارة، وفق مسؤول في وزارة الداخلية العراقية فضل عدم الكشف عن هويته. وأكد هذا المسؤول مقتل "قياديين" من الفصيل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان هذا المصدر قال إن "طائرة مسيرة استهدفت بثلاثة صواريخ سيارة دفع رباعي في منطقة المشتل في شرق العاصمة بغداد".
وتصنف واشنطن "كتائب حزب الله" منظمة "إرهابية" وسبق أن استهدفت الفصيل بغارات في العراق في الأسابيع الأخيرة.
ويعد الفصيل واحداً من أبرز فصائل "المقاومة الإسلامية في العراق" التي تبنت خلال الأسابيع الأخيرة عشرات الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش" في العراق وسوريا.
ومنذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تعرضت القوات الأميركية والتحالف الدولي المناهض للتكفيريين في العراق وسوريا، لأكثر من 165 هجوماً في انعكاس مباشر للحرب الدائرة بقطاع غزة بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية.
ونددت حركة حماس في بيان بـ"العدوان الغاشم" على بغداد، معتبرة الضربة الأميركية "اعتداء وانتهاكاً لسيادة العراق وأمنه".
"رد مركز"
وفي أعقاب الضربة في بغداد، حذرت حركة النجباء، وهي أحد الفصائل الموالية لإيران في العراق والمنضوية في الحشد الشعبي، من "رد مركز" على هذه الضربة.
وأضافت الحركة المنضوية كذلك في "المقاومة الإسلامية في العراق" أنه "لن تمر هذه الجرائم من دون عقاب، وستعرفون وقتها أن صبرنا قد نفذ وانتظروا الرد وسنختار المكان والزمان المناسبين".
وتقول المقاومة الإسلامية في العراق إن هجماتها تأتي تضامناً مع غزة وضد الدعم الأميركي لإسرائيل في حربها على "حماس"، لكنها تطالب كذلك بانسحاب نحو 2500 جندي أميركي منتشرين في العراق في إطار التحالف الدولي.
وقال مسؤولون في واشنطن إن الهجوم الذي وقع في الأردن ضد القوات الأميركية يحمل "بصمة كتائب حزب الله".
وأعلنت "كتائب حزب الله" أواخر يناير (كانون الثاني)" تعليق" العمليات العسكرية والأمنية ضد الولايات المتحدة في البلاد بغية عدم "إحراج" الحكومة العراقية، وذلك بعد أن تعهدت واشنطن الرد "بالطريقة الملائمة" على الهجوم في الأردن.
الدفاع السلبي
وعلى رغم إعلانها تعليق هجماتها، أوصت الكتائب في بيانها مقاتليها "بالدفاع السلبي (موقتاً)، إن حصل أي عمل أميركي عدائي تجاههم".
وقبل أسبوع، شنت الولايات المتحدة ضربات في سوريا والعراق ضد أهداف لقوات لـ"فيلق القدس"، الوحدة الموكلة العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، وفصائل مسلحة موالية لإيران.
وجاءت تلك الضربة رداً على هجوم تعرضت له قاعدة لوجيستية للقوات الأميركية في 28 يناير في الأردن على مقربة من الحدود مع سوريا والعراق، وأدى إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين.
وأسفرت تلك الضربات الأميركية التي تعرضت لها مناطق داخل العراق، عند الحدود مع سوريا، عن مقتل 16 مقاتلاً من الحشد الشعبي، وهو تحالف يضم فصائل مسلحة مرتبطة بإيران، وبات عناصره جزءاً من القوات الرسمية العراقية.
ومنذ أسابيع، يجد العراق نفسه وسط التوترات التي تشهدها المنطقة، على رغم الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الحكومة العراقية بهدف تخفيض التصعيد، مع شريكتيها إيران والولايات المتحدة.
"عمل غادر"
واعتبرت "منظمة بدر"، إحدى فصائل الحشد الشعبي الأكثر نفوذاً والحليفة لطهران في بيان اليوم الخميس، أن الضربة الأميركية "عمل غادر وإعلان حرب على العراق".
وأضافت، "في وقت كانت الحكومة ولا تزال تبذل جهداً دبلوماسياً متواصلاً لإخراج القوات الأجنبية بالتفاهم، فإن هذه الجريمة تعبر عن إصرار أميركا وحلفائها على العمل بمنطق القتل والوحشية".
ودان "حزب الله" اللبناني "جريمة اغتيال" الساعدي على "يد قوات الاحتلال الأميركي"، معتبراً أنها "استمرار لجرائمها السابقة وعدوانها المستمر على شعوب أمتنا في العراق وسوريا واليمن".
وندد "الإطار التنسيقي"، التحالف السياسي الذي يضم الأحزاب والقوى القريبة من إيران والداعمة للحكومة العراقية، بـ"الاعتداءات المتكررة من قبل القوات الأميركية على سيادة العراق".
إمكان التراجع
ويرى الباحث في مركز "سنتوري إنترناشيونال" للأبحاث سجاد جياد أن التوترات في الشرق الأوسط ستستمر لأسابيع أو أشهر، وأن الفصائل المرتبطة بإيران غير مستعدة للتراجع.
وقال جياد إن "تلك المجموعات تملك قدرات مهمة وهي نشطة في دول عدة، والولايات المتحدة جاهزة للرد ولقتل عناصرها واستهداف مواقعها، ولا تعطي الولايات المتحدة أي مؤشر إلى أنها مستعدة للتراجع في الشرق الأوسط".
وأضاف أن "هناك احتمالاً كبيراً للتصعيد، ولا يعني ذلك بالضرورة حرباً مفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران".