Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السينما السعودية... ضعف الهوامش الربحية حدت من حماس المنتجين

سينمائيون يطالبون بإعفاء ضريبي و"كوتا" تحمي فرصهم في العرض

انتظرت المحاولات السينمائية السعودية لحظة التأسيس لسوق محلية لتتحول إلى صناعة ربحية (فوكس)

تبلغ أهمية وجود صالات سينما محلية درجة كبيرة في خطوات التأسيس لصناعة سينمائية محلية، إذ يستمد الإنتاج السينمائي ربحيته الرئيسة في أي مكان في العالم من السوق المحلية منطلقاً بعده إلى آفاق أرحب بعد أن يمر باختبار قاعدته السينمائية الرئيسة في نطاقه المحلي، الأمر نفسه كان يحف أحاديث السينما في السعودية في فترة حظر عمل الصالات فيها، إذ انتظرت المحاولات السينمائية السعودية لحظة التأسيس لسوق محلية لتتحول الصناعة إلى الربحية ما يضمن ديمومة الإنتاج واستمراريته.

إلا أن الأمر بدا مختلفاً بعد مضي عام كامل على افتتاح أول صالة سينما في السعودية بعد انطلاقها للمرة الأولى في مدينة الرياض في أبريل (نيسان) 2018، فكل الآمال التي تعلقت حول إمكانية أن تجمع صالات السينما شتات السينمائيين السعوديين في المهرجانات الدولية أو منصات العرض الإلكترونية باءت بالفشل، إذ لم تعرض صالات السينما المحلية سوى فيلم سينمائي سعودي واحد رغم كثرة المتطلعين لخوض هذه التجربة منذ الإعلان الأول عنها.

منافسة غير عادلة

وقاد عدد من المنتجين والمخرجين السعوديين مطالبةً على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" دعوا فيه إلى إعادة صياغة النظام الضريبي ما يضمن عدالة المنافسة بعيداً عن المساواة العمياء التي لا تفرق بين منتج عالمي وآخر محلي في طور التكوين، إذ تفرض هيئة الإعلام المرئي والمسموع ما تسميه "رسوما خدمة" على مشغلي دور السينما في السعودية التي تقدر بـ 25% من قيمة التذكرة، بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة التي تفرض على جميع المنتجات في السعودية التي تبلغ 5% من قيمة المنتج، الأمر الذي أسهم في تضخم أسعار التذاكر مقارنةً بأسواق أخرى إقليمية وعالمية، وهو ما يصعب من مهمة المنتجين المحليين المغمورين في مواجهة إنتاج عالمي يملك قاعدة سينمائية قادرة على المنافسة بغض النظر عن قيمة التذكرة.

ويعلق المنتج السعودي مالك نجر، الذي يقف على مشارف خوض تجربته السينمائية الأولى في مطلع العام الميلادي القادم،  لـ"اندبندنت عربية" حول الأمر "قيمة تذكرة الفيلم اليوم تتقاسمها عدة جهات، كالموزع والصالة واستوديو الإنتاج بالإضافة إلى هيئة الإعلام المرئي والمسموع، وهذا يجعل صناعة الأفلام في السعودية حالياً غير جاذبة للاستثمار لضعف الهامش الربحي"، يضيف معلقاً على وضع الاستوديو المحلي في هذه التنظيم "الاستديو المحلي هو الحلقة الأضعف فهو من سيخوض المخاطرة الأكبر وفق هذا النظام، فالموزع سيبقى موجودا بغض النظر عن ما سيحل بالاستوديو المحلي والصالة كذلك، وهيئة الإعلام المرئي والمسموع أيضاً، لكن المتضرر الأكبر هم أصحاب الاستوديوهات المحلية التي لا تزال صغيرة ومتواضعة بحكم حداثة التجربة".

الأمر ذاته يؤكد عليه المخرج السعودي عبدالمحسن المطيري "تكمن صعوبة المنافسة مع المنتج العالمي في أن الفيلم القادم من هوليوود لديه القدرة على العرض في جميع صالات العالم، فبالتي قدرته على تعويض خسائره العاليه بغض النظر عن الهوامش الربحية التي سيحققها في السوق السعودية، وهذا ما لا ينطبق على المنتج السعودي الذي ستبقى السوق المحلية سوقه الوحيدة التي يمكنه المنافسة فيها"، مؤكداً أن هذه الاستراتيجية لا يمكن أن تصنع سينما محلية، إلا أنه يتفهم ما يحدث من أخطاء كون التركيبة السينمائية في السعودية كاملة لا تزال تتعلم، الأهم هو أن تكون منفتحة على التصحيح، وهو ما لا يبدو واضحاً حتى الآن إذ إن كل محاولات انتزاع توضيح أو تعقيب من هيئة الإعلام المرئي والمسموع المنظمة لقطاع السينما في السعودية باءت بالفشل.

إعفاء ضريبي

ويعلق أيمن جمال مخرج فيلم بلال على حصة المنتج السعودي من مبيعات التذاكر قائلاً "صناعة السينما لا تختلف من حيث قيمتها الوطنية عن الصناعات الأخرى التي تحصل على دعم وتسهيلات من قبل صندوق التنمية الصناعي، لذلك نطالب بامتيازات للصناعة السينمائية المحلية أسوةً بالصناعات الأخرى" ويضيف في وصف الدعم الذي تحتاجه "أقل ما نحتاجه هو الإعفاء من الضريبة التي تفرضها هيئة الإعلام المرئي والمسموع (25%) أو التنازل عنها للمنتج المحلي، إذ يتم تحصيلها من مبيعات التذاكر ثم تودع لصالح منتج الفيلم المحلي لرفع الهامش الربحي بالنسبة له".

ويؤكد مالك نجر على ذات النقطة "نسبة الانتاج السعودي في الفترة الحالية ضئيل جداً فبالتالي ما يتم تحصيله كرسوم ضريبية من المنتج المحلي لا يشكل أي قيمة بالنسبة للهيئة لقلة الانتاج المحلي، فالإبقاء عليها أو إلغاؤها لا تؤثر على إجمالي ما يمكن أن تربحه الهيئة كرسوم خدمة، إلا أنها بالنسبة للمنتج المحلي ذو الانتاج المحدود مهمة جداً ومؤثرة".

"كوتا" للأفلام السعودية

وتشكل ساعات العرض وفرص التوزيع مشكلة بالنسبة للأفلام السعودية، إذ يفترض بالمنتج المحلي حديث التجربة أن يخوض منافسة انتزاع ساعات عرض وفق ذات المعايير التي تفرض على الفيلم العالمي وهو ما يتعارض مع أهداف صناعة منتج فني محلي أسوةً بما يحدث في دول المنطقة ذات التجارب الناجحة عالمياً من حيث الكم والنوع كمصر وإيران، وهو ما يؤكد عليه أيمن جمال في استعراضه للتجارب المنطقة التي نمت تحت رعاية قوانين حمائية "في تجارب المنطقة الناجحة كمصر على سبيل المثال تفرض الحكومة على صالات السينما ساعات بث ثابتة للأفلام المحلية، إذ يحصل الفيلم المصري على فرصة البث في 300 صالة تقريباً في حين لا تتجاوز عدد الصالات المخصصة للفيلم الأجنبي الـ20  صالة"، وهو شكل متقدم من أشكال دعم عرض وتسويق السينما المحلية، إلا أن الحصة المطلوبة محلياً هي أقل من ذلك كون الانتاج المحلي لا يزال متواضعاً مقارنةً بتلك الدول، إضافةً إلى التشديد على أدوار الموزعين التسويقية للأفلام التي يحصلون على حق توزيعها، الأمر ذاته يؤكده عبد المحسن المطيري ويضيف عليه ضرورة الدفع بتسويقها وعرضها بشكل أكبر حتى يعتاد الناس على وجود الفيلم المحلي، وهو مالم يتحقق حتى اللحظة الأمر الذي يقلل من جدية تعامل الناس مع المنتج المحلي.

"رولم" تجربة محلية بين العمالقة

وبخصوص أزمة التسويق يضيف المخرج عبدالإله القرشي صاحب التجربة السعودية الوحيدة في الصالات المحلية عبر فيلم (رولم) أن عملية التسويق هي من اختصاصات شركات التوزيع التي تفتقر إليها السوق السينمائية السعودية "إذ لا يوجد سوى شركة واحدة يجدر بأي منتج انتزاع ثقتها حتى يحصل على فسح من هيئة الاعلام المرئي والمسموع لبدأ عرض فيلمه في السينما، وهي الشركات التي لا تولي الفيلم المحلي ذات الاهتمام الذي توليه لكثير من الأفلام العالمية لا من ناحية مدة العرض أو من ناحية تسويقه" كون أحد أكبر مشغلي الصالات في السعودية يدير عملية توزيع الأفلام بشكل منفرد في السوق السعودية، وهو أمر غير مألوف في أسواق السينما العالمية التي تمنع تداخل أنشطة التوزيع والإنتاج مع نشاط العرض لمحاربة الاحتكار.

ويضيف القرشي حول تجربته "التعويل على المستثمر في عملية الانتاج لن يخدم التجربة في الوقت الحالي، فالسوق تفتقر لمستثمرين لديهم الرغبة في دخول مخاطرة الاستثمار السينمائي لتجارب وليدة خاصةً في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج ومحدودية الربحية، الأمر الذي يزيد من أهمية وجود صناديق تمويل أكثر مما هو متوفر اليوم"، مشدداً على أهمية الاعفاء الضريبي التي أكد عليه المنتجون الآخرون لجعل عملية الاستثمار السينمائي أكثر ربحية للمنتجين المستثمرين.

ويبدو أن أنظمة العمل السينمائي تحت مظلة وزارة الإعلام ممثلةً بهيئة الإعلام المرئي والمسموع بحاجة لمراجعة على الأقل من وجهة نظر السينمائيين السعوديين الذين يخطون خطواتهم الأولى، سواءً من ناحية صياغة العلاقة بين عوامل الإنتاج من منتج وموزع وصالات عرض وأدوارها الثابتة وفق الأنظمة لحماية المنتجين، أو من ناحية توزيع أرباح المبيعات التي تقتص منها هيئة الإعلام المرئي والمسموع ما نسبته 25% وهي نقطة الخلاف مع المنتجين، بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة التي تبلغ 5% في حين يقتسم المنتج ما تبقى مع الصالات والموزع، إذ تحصل الصالة على 60% مما تبقى بجوار 10% يحصل عليها الموزع، ليحصل المنتج على النسبة المتبقية التي لا تتجاوز 30% من صافي الأرباح بعد اقتصاص الجهات الرسمية حصتها. وهو ما يتوجب على عوامل الإنتاج مناقشته ابتداءً من الهيئة التي لم تتجاوب مع محاولات "اندبندنت عربية" للتواصل معها لمناقشة تساؤلات المنتجين.

المزيد من منوعات