Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الجنوب العالمي" ورقة جنوب أفريقيا للضغط على إسرائيل

العدل الدولية أصدرت "حكماً تاريخياً" وأمرت تل أبيب بمنع أي أعمال إبادة في غزة

فلسطينيون يرفعون لافتات أثناء حضورهم عرضًا حيًا لجلسة استماع محكمة العدل الدولية (أ ف ب)

لقيت مساعي جنوب أفريقيا في لاهاي لإجبار إسرائيل على وقف عمليتها العسكرية في غزة عبر رفع دعوى إبادة تاريخية ضدها دعماً واسعاً في دول نامية من أميركا اللاتينية وصولاً إلى جنوب شرقي آسيا.

ردت إسرائيل بغضب على القضية، واصفة إياها بأنها "سخيفة"، لكن أنصار الفلسطينيين سواء في جنوب أفريقيا أو على الإنترنت أشادوا بالمحامين الذين أوفدتهم جنوب أفريقيا للترافع في القضية.

وفي حكم تاريخي صدر اليوم الجمعة، أكدت محكمة العدل الدولية أن على إسرائيل بذل كل ما في وسعها لمنع أي أعمال إبادة في غزة وتسهيل إيصال المساعدات إلى القطاع، لكن من دون إصدار الأمر المنشود من جنوب أفريقيا بوقف إطلاق النار.

يفيد خبراء بأن قضية جنوب أفريقيا الطارئة التي تتهم إسرائيل بخرق اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، المبرمة في عام 1948، في غزة كشفت النقاب عن الهوة المتزايدة بين إسرائيل وحلفائها الغربيين من جهة، وبلدان الجنوب العالمي من جهة أخرى.

"عدالة انتقائية"

وقال يوهان صوفي، المحامي المتخصص بالقانون الدولي ومدير المكتب القانوني السابق لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة، إنه "لطالما اعتبرت دول الجنوب العالمي (العدالة الدولية) عدالة انتقائية".

وأضاف "ترفض دول (الجنوب) هذه الرؤية بشكل متزايد، إذ تعتبر أنها تندرج في إطار الاستعمار الجديد".

واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم شنته "حماس" على إسرائيل أسفر عن مقتل 1140 شخصاً داخل الدولة العبرية، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

ورداً على الهجوم، تعهدت إسرائيل القضاء على الحركة، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ما أسفر عن سقوط 26083 قتيلاً معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أكد كبير المحامين المدافعين عن إسرائيل في المحكمة تال بيكر أن جنوب أفريقيا "قدمت إلى المحكمة للأسف حقائق وصورة سردية وقانونية مشوهة بشكل عميق"، مشدداً على أن الرد الإسرائيلي كان في إطار الدفاع عن النفس.

وعرض بيكر مقاطع فيديو وصوراً قائلاً إن عناصر حماس "عذبوا أطفالاً أمام ذويهم وأباء أمام أطفالهم وأحرقوا أشخاصاً" وارتكبوا "عمليات اغتصاب" في هجمات تعيد إلى الأذهان ذكرى المحرقة النازية.

ومع ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين وفشل الجهود الدبلوماسية الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، سعى أنصار الفلسطينيين لإيقاف العنف بالسبل القانونية.

ودعمت دول يشكل المسلمون غالبية سكانها مثل إيران وتركيا والأردن وباكستان وبنغلاديش وماليزيا والمالديف علناً القضية المرفوعة أمام محكمة العدل.

كما أيدتها مجموعة من الدول الخاضعة لحكومات يسارية في أميركا اللاتينية مثل بوليفيا وكولومبيا والبرازيل وفنزويلا.

وبدا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من بين قادة أميركا اللاتينية الأكثر اندفاعاً إذ اتهم إسرائيل بارتكاب "أعمال إرهابية".

جبهة مقابلة

في المقابل، عارضت الولايات المتحدة التي تعد أقوى حليف للدولة العبرية القضية، كما رفضت بعض الدول المنضوية في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا تأييدها حتى إن فرنسا رأت أن اتهام إسرائيل بالإبادة يمثل "تجاوزاً لعتبة أخلاقية".

وبخلاف جيرانها، لم تدعم الهند القضية.

وقال أستاذ القانون الدولي في "جامعة جنيف" ماركو ساسولي "لست متأكداً من أن الجميع في الغرب يدعمون إسرائيل وجميع من في الجنوب العالمي يعارضون إسرائيل".

وأضاف "ازدواجية المعايير أمر مشترك بين الدول الغربية والجنوب العالمي. المعايير المزدوجة تسمم صدقية القانون الدولي"، مشيراً إلى المعارضة الغربية الواسعة للحرب الروسية ضد أوكرانيا.

وبما أن بعض أنصار القضية لم يوقعوا على اتفاقية العام 1948 في شأن الإبادة والتي أبرمت بعد المحرقة، أدى ذلك إلى ترددهم في دعم تحرك جنوب أفريقيا رسمياً.

تعد إندونيسيا ذات الغالبية المسلمة إحدى هذه الدول حيث أودت عمليات تطهير مناهضة للشيوعية ومدعومة من الجيش في منتصف ستينيات القرن الماضي بحياة 500 ألف شخص في الأقل.

وبدلاً من التعبير عن دعمها الكامل للقضية، اكتفت جاكرتا بتقديم رأي قانوني استشاري لدى محكمة العدل الدولية يدعو إلى سيادة القانون الدولي، وفق ما أفاد أستاذ القانون الدولي لدى "جامعة إندونيسيا" هيكماهانتو غوانا الذي أسهم في صياغته.

لكن حتى في جنوب أفريقيا، تعلو أصوات منتقدة للتحرك الذي يرى حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" الحاكم أنه مستلهم من تعاليم نيلسون مانديلا.

ودان عدد من الزعماء المسيحيين التحرك على اعتبار أنه ينطوي على "عيوب جوهرية" فيما عبر "مجلس النواب اليهود" في جنوب أفريقيا عن "قلقه" للرئيس سيريل رامابوزا من أن تغذي القضية معاداة السامية داخل البلاد.

وقال الأستاذ في "جامعة برازيليا" روبرتو غولارت مينيزيس إن القوى الكبرى التي "لا تمتثل بالمجمل" لقرارات المحكمة قادرة على الضغط عليها.

وأضاف أن البرازيل تدرك أن قيمة القرار قد تكون "أخلاقية وسياسية" فحسب.

مع ذلك، حذر صوفي من أن على واشنطن وحلفائها أخذ قضية جنوب أفريقيا على محمل الجد والإصغاء إلى الدول النامية التي تلجأ بشكل متزايد لاستخدام القانون والعدالة الدولية كورقة ضغط لمحاسبة الغرب.

وقال "إذا حافظت الولايات المتحدة والدول الحليفة لها على موقفها ضد هذا الاتجاه، فإنها ستضعف بشكل كبير، ولربما دائم، النظام الذي استغرقها بناؤه 75 عاماً".

المزيد من متابعات