Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك ضارية لليوم الرابع في بابنوسة وتأهب لهجوم جديد في دارفور

مسيرات إيران تثير مخاوف تحول السودان إلى مسرح للصراع الدولي

متطوع يوزع الطعام في أم درمان (رويترز)

ملخص

أوضاع إنسانية متفاقمة في بابنوسة ونزوح جماعي إلى العراء

مع احتدام وتوسع رقعة الحرب وتمدد المعارك بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، تتصاعد التحذيرات من انزلاق البلاد نحو حرب أهلية شاملة، وتتنامى مخاوف تحول السودان إلى حلبة صراعات التحالفات الإقليمية والدولية في المنطقة، بخاصة في ظل تعثر خطوات وقف الحرب.

أزمة إنسانية

في هذا الوقت لا يزال القتال مستعراً داخل العاصمة الخرطوم، وتتواصل المعارك الضارية والاشتباكات الشرسة بين الفرقة 22 مشاة التابعة للجيش وقوات "الدعم السريع" لليوم الرابع على التوالي. وشن الطيران الحربي غارات جوية استهدفت متحركات "الدعم السريع" على الطريق الرابط بين مدينتي الضعين وبابنوسة التي تعيش وضعاً إنسانياً حرجاً ومتفاقماً بعد إغلاق الأسواق والمستشفيات والمراكز الصحية وتزايد حركة النزوح باتجاه مدينة المجلد التي تبعد 33 كيلومتراً جنوب المدينة وعاصمة الولاية الفولة التي تبعد 76 كيلومتراً شرقاً.

"نداء بابنوسة"

وبحسب شهود، فقد دفع القصف المدفعي الثقيل وسط الأحياء معظم سكان المدينة إلى مغادرتها وباتت الآن شبه خالية، واضطر الفارون إلى السير على الأقدام مسافات طويلة نحو القرى المحيطة بالمدينة.

وأوضحت مصادر محلية أن قوات "الدعم السريع" انتشرت في معظم أحياء المدينة، بينما نظم الجيش دوريات جوالة لتمشيط أسواقها، في وقت واصل الطيران الحربي قصفه تجمعات "الدعم السريع" بأطراف المدينة.

وأطلقت مجموعة من أبناء المنطقة "نداء بابنوسة"، وشكلوا لجنة ميدانية لإجلاء المدنيين وحصر وتجميع المواطنين والمحتاجين في أماكن آمنة.

قصف بالعاصمة

وتواصلت الاشتباكات والقصف المدفعي بين الجيش وقوات "الدعم السريع" بالعاصمة السودانية الخرطوم، حيث جددت الأخيرة قصفها عدداً من مواقع الجيش في القيادة العامة وسط الخرطوم ومنطقة الشجرة العسكرية جنوب الخرطوم وسلاح الإشارة بالخرطوم بحري.

واستهدفت الطائرات المسيرة التابعة للجيش، في المقابل، ارتكازات "الدعم السريع" بشرق الخرطوم وضواحي بري والطائف وأركويت المتاخمة لمقر القيادة العامة. وبحسب شهود قصفت مدفعية "الدعم السريع" أحياء عدة متاخمة لسلاح المدرعات جنوب الخرطوم.

وبثت قوات العمل الخاص بمنطقة أم درمان العسكرية على "فيسبوك" مقاطع فيديو تظهر عملياتها في التمشيط البري وتقدمها في وسط أم درمان.

هجوم في دارفور

في ولاية الجزيرة، حملت لجان مقاومة ود مدني قوات "الدعم السريع" مسؤولية سلامة وأرواح 150 من الشباب المفقودين، ووصف بيان للجان ما حدث ما بقرية العزازة في ولاية الجزيرة بأنه جريمة، "بعد أن تعرضت (الدعم السريع) للمواطنين بالسلب والنهب والضرب الوحشي المهين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في دارفور لا يزال التوتر يسود مدينة الفاشر عاصمة الإقليم حيث توجد "الدعم السريع" على أطرافها والجيش والقوة المشتركة المتحالفة معه وسط المدينة، وأفادت مصادر ولائية بأن "الدعم السريع" تحشد قواتها استعداداً للهجوم على محلية الطويشة إحدى عواصم محليات ولاية شمال دارفور.

الصراع الدولي

في السياق، أكد الباحث الأمني والعسكري ضو البيت دسوقي إصرار "الدعم السريع" على الاستيلاء على مدينة بابنوسة لوضعها الاستراتيجي بالنسبة إليها في تأمين إمداداتها عبر المطارات الغربية ودول الجوار الحدودية، فضلاً عن أنها تفتح الطريق لها نحو حاميات وفرق الجيش في كل من الأبيض بشمال كردفان، وكوستي بالنيل الأبيض، وتضعها ضمن محور هجوم واحد، بخاصة في ظل وجود قواتها في مناطق سنار ونواحي الفاو ووسط الجزيرة.

وفي ما خص التقارير عن تزويد إيران السودان بطائرات "مهاجر 6" المسيرة، أوضح دسوقي أن العلاقات بين الجيش السوداني وإيران بدأت منذ انقلاب الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، لكنها شهدت تطوراً أكثر بعد الحرب الحالية، معرباً عن خشيته من أن يدفع التعاون العسكري السوداني - الإيراني، في هذه المرحلة، إلى تحول السودان ساحة لصراعات التحالفات الإقليمية والدولية، وأشار إلى أن بداية ظهور المسيرات الإيرانية في الحرب السودانية كان بداية الشهر الماضي قبيل سقوط مدينة ود مدني، لكن يبدو أن التعقيدات الفنية قللت من جدوى استخدامها هناك، بينما نجحت في كبح تقدم "الدعم السريع" وتراجع عملياتها الحربية بالعاصمة، كما مكنت الجيش من الانتقال إلى الهجوم متجاوزاً تمترسه الدفاعي السابق من داخل ثكناته.

ولفت دسوقي إلى أن تحرك "الدعم السريع" ضد الطائرات المسيرة يبدو معقداً ومكلفاً من الناحية الفنية، "إذ إن فاعلية المسيرات تتجلى في مواجهة البنية التحتية ومراكز التحكم وغيرها من التحصينات الثابتة، كما أن اتساع ميدان المعارك وتمدد رقعتها حد من استخدامها وجعلها مقصورة بصورة واضحة في معارك العاصمة".

اندفاع وتحذيرات

سياسياً، أكد نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار أن القوات المسلحة السودانية لن تهزم أبداً، وشدد، من مدينة الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق، على "دعمه تجهيز قوات الفرقة الرابعة مشاة للجيش ومنسوبي الجيش الشعبي بكل الإمكانات للاندفاع نحو الخطوط الأمامية لمواجهة المتمردين في ود مدني بولاية الجزيرة".

بدوره، حذر عضو مجلس السيادة المقال رئيس تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر من خطر انزلاق البلاد في دوامة حرب أهلية لن تنتهي قريباً، وأكد، من داخل مدينة الفاشر، ضرورة استمرار عمل القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح في تأمين القوافل التجارية والإنسانية وحماية المدنيين ومقار المنظمات والأسواق، مطالباً طرفي الحرب والداعمين لهما، بالعودة للتفاوض لوقف هذه الحرب الكارثية.

مشاركة الإسلاميين

كما دعا حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إلى ضرورة إجراء حوار شامل لجميع السودانيين لا يستثني أحداً بمن فيهم الإسلاميون، مشيراً إلى أن القانون يمنع الذين أجرموا منهم فقط من المشاركة، لكن الذين لم تصدر في حقهم أحكام أو إدانات قضائية لا مانع من أن يشاركوا في صنع القرار السوداني كمواطنين سودانيين، وهاجم حاكم دارفور، في حوار تلفزيوني محلي، الأحزاب السودانية، معتبراً أن ليس في السودان أحزاب يمكن أن تقدم حلولاً تخرج البلاد من عنق الزجاجة الراهن، مما يتطلب إعادة تشكيلها لتكون على قدر التحدي وبناء الدولة السودانية المقبلة.

تحقيق عربي

دبلوماسياً، أشادت وزارة الخارجية السودانية بقرار اتحاد المحامين العرب تشكيل لجنة للتحقيق والتقصي في الجرائم المرتكبة، وبتقرير شبكة المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الأفريقي الإقليمية "صيحة"، حول جرائم اختطاف النساء والفتيات. وطالبت الخارجية، في بيان، المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية بمعاملة "الميليشيات كمجموعة إرهابية، وتسليط الضوء على الفظائع التي ترتكبها بخاصة ضد النساء والأطفال والنازحين والفئات الضعيفة".

أولوية ثانية

في المواقف، وصف مسؤول الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل الحرب في السودان بأنها "أسوأ أزمة في أفريقيا"، منتقداً كونها أولوية من الدرجة الثانية على جدول أعمال المجتمع الدولي. وأعرب بوريل، لدى استقباله مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامرة، عن قلقه إزاء العنف العرقي الذي أشارت إليه تقارير أممية ومنظمات حقوق الإنسان، وحذر المسؤول الأوروبي من خطر تمدد الصراع الراهن إلى دول الجوار، لافتاً إلى أن عدد النازحين داخلياً في حرب السودان الراهنة هو الأكثر من أية دولة أخرى على وجه الأرض.

سحب مشروع أميركي

تزامناً مع فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على ستة كيانات سودانية، شرعت الولايات المتحدة في سحب مشروع دعم الانتقال الذي كان مخصصاً للسودان، وينتظر أن تكتمل مغادرة فريق عمل المشروع البلاد بحلول شهر مايو (أيار) المقبل.

وكانت الولايات المتحدة قد التزمت تمويل المشروع، خلال مؤتمر شركاء السودان، في برلين عام 2020، وتعهد المشاركون فيه نحو ملياري دولار في إطار شراكات دولية مع السودان لدفع جهود التنمية والتحول الديمقراطي، وخصص المشروع لدعم وتحسين الإدارة في عدد من الوزارات المهمة بالسودان، بعيداً من برنامج المعونات الإنسانية.

يأس نرويجي

من جانبها، قالت وزيرة التنمية الدولية النرويجية آن بيات تفينيريم "وقف الحرب واحتمال تحقيق السلام في السودان يبدو بعيداً"، مما يجعل تحديد خطوات تالية ملموسة نحو السلام هناك أمراً صعباً حقاً، مشددة على ضرورة إيجاد حل للصراع المحتدم بالسودان والمنطقة. وطالبت أطراف الصراع بوقف العنف، وفتح مجال لحل سياسي يمكن من خلاله المساعدة على بدء الحوار، منوهة، في الوقت نفسه بضرورة التحضير لعودة محتملة للحكم المدني عبر عملية سياسية شاملة.

الإمارات تنفي

على نحو متصل ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن دولة الإمارات العربية المتحدة نفت أي دور لها في تسليح قوات "الدعم السريع"، مشيرة إلى أن النفي الإماراتي يأتي بعدما أظهرت وثيقة مسربة من الأمم المتحدة أنها ترسل شحنات أسلحة لتلك القوات، وأشارت الصحيفة إلى أن الإمارات نفت بشدة تسليح أي جماعة في السودان، وأخبرت لجنة الأمم المتحدة أن الرحلات الجوية المشار إليها حملت مساعدات إنسانية. ونسبت الصحيفة لمسؤول إماراتي القول إن أبوظبي لا تنحاز إلى أي طرف في صراع السودان، بل دعت باستمرار إلى وقف التصعيد ووقف مستدام لإطلاق النار وبدء حوار سياسي.

الخرطوم تكافح

إنسانياً، رحبت اللجنة العليا للطوارئ وإدارة الأزمة بولاية الخرطوم بالمبادرات الطوعية في ظل الحرب، على أن تعمل عبر التواصل مع "نداء الخرطوم"، معتبرة أي نشاط طوعي يتم بخلاف ذلك مخالفة لضوابط تنظيم العمل الطوعي. واستمع اجتماع اللجنة برئاسة الوالي المكلف إلى تقارير مفصلة حول أوضاع الصحة والمياه والعون الإنساني ودور الإيواء والأسواق والوقود. وتطرق الاجتماع إلى حصر ودعم التكايا الخيرية التي تقدم الوجبات الجاهزة للمواطنين والدعم الذي تقدمه الولاية لها من أجل الاستمرار في تقديم خدماتها. وكشفت اللجنة عن دخول مراكز جديدة لغسل الكلى في مناطق جديدة في مستشفيات "ابن سيناء" بالخرطوم و"بشاير" جنوب الخرطوم ومركز "صحي الصحافة". وجهت اللجنة بوضع احتياط من مواد تنقية مياه الشرب مع الاستمرار في برنامج تشغيل كل الآبار الجوفية.

المزيد من متابعات