Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تراجع صادرات الحوامض يهدد تونس بفقدان أسواق واعدة

يواجه القطاع الجفاف والجوائح في غياب دعم السلطات المعنية

انخفضت الكميات المصدرة خلال الفترة الممتدة من أكتوبر 2022 حتى أبريل 2023 بنسبة 34 في المئة (اندبندنت عربية)

ملخص

شهد إنتاج الحوامض خلال السنوات الأخيرة تراجعاً بمعدل سنوي يبلغ 2.62 في المئة

تراجعت صادرات تونس من الحوامض في السنوات الأخيرة مما خفض من مداخيل القطاع الزراعي الحيوي، الذي كثيراً ما مثل أحد أهم موارد العملات منذ عقود.

شهد إنتاج الحوامض خلال السنوات الأخيرة تراجعاً بمعدل سنوي يبلغ 2.62 في المئة، ومرده بالأساس التغيرات المناخية التي ترتب عنها ندرة المياه وتفشي الأمراض وتقلص المساحات، وإن قدر محصول الحوامض للموسم الفلاحي 2023-2024 بـ365 ألف طن، محققاً زيادة بنسبة 26 في المئة مقابل 290 ألف طن في الموسم المنقضي، فإنه يظل سائراً في النسق التنازلي الذي عرفه الإنتاج في السنوات الأخيرة، وبلغ معدل الإنتاج في السنوات الخمس المنقضية 361.2 ألف طن وفق الإدارة العامة للإنتاج بوزارة الفلاحة، في حين حقق القطاع مردودية أفضل في فترات ماضية سجل فيها طفرة في الإنتاج بلغت بين 400 و600 ألف طن.

وانخفضت الصادرات في الموسم المنقضي في انعكاس لاستفحال إشكاليات عجز الناشطون في القطاع عن تجاوزها مما أثار غضبهم في غياب الدعم التقني والمالي من قبل السلطات المعنية التي تركت المزارعين يواجهون مصيرهم بمفردهم بوسائل فردية، وبدائية في غالب الوضعيات.

وانخفضت الكميات المصدرة خلال الفترة الممتدة من أكتوبر (تشرين الأول) 2022 حتى أبريل (نيسان) 2023، بنسبة 34 في المئة من حيث الكمية، و8.7 في المئة من حيث القيمة.

ولم تزد الصادرات على 7604 أطنان عام 2023 مقابل 11450 طناً خلال الموسم الذي سبقه، بقيمة 25.4 مليون دينار (8.2 مليون دولار) في العام الماضي، مقارنة بـ28 مليون دينار (9.03 مليون دولار) عام 2022، ويعزى هذا التراجع إلى تقلص المحصول بـنسبة 16 في المئة، وانخفضت واردات بعض البلدان من الحوامض التونسية في السنوات الثلاث الأخيرة بسبب عوامل، منها تزايد العرض ببلدان الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الظرف الاقتصادي التي مرت به معظم بلدان العالم خلال جائحة كورونا وآثاره على التعاملات التجارية.

فرنسا المورد الرئيس

وتظل فرنسا المستورد الرئيس للحوامض التونسية، إذ تستقطب 94 في المئة من إجمالي صادرات صنف المالطي (البرتقال الحمضي)، واستوردت 6889 طناً العام الماضي، مقارنة بـ8554 طناً عام 2022 بانخفاض قدر بـ19 في المئة، من جهة الكمية وارتفاع بنسبة 7.1 في المئة من ناحية القيمة، بينما تحظى ليبيا بمرتبة السوق الثانية بنسبة 27.7 في المئة من مجموع الصادرات، لكنها لم تستورد سوى 209 أطنان العام الماضي، مقارنة بـ928 طناً في 2022، مسجلة بذلك تراجعاً بنسبة 77.4 في المئة، مما كان له أثر سلبي في قيمة الصادرات لديها لتبلغ 1.6 مليون دينار (516 ألف دولار) عام 2023، مقابل 5.7 مليون دينار (1.83 مليون دولار) عام 2022، أي بتراجع بنسبة 71 في المئة، وسجلت صادرات تونس من الحوامض وجودها في السوق الكويتية، بنسبة 13 في المئة من مجموعها، والقطرية بنسبة ثمانية في المئة، لكنها تظل متفاوتة مع ارتفاع ملحوظ من جهة القيمة، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022 بنسبة 31 في المئة، و34 في المئة على التوالي.

في المقابل فقدت البلاد موقعها في عدد من الأسواق الأوروبية العام الماضي، مثل السوق السويسرية مقارنة بـ2022، وغابت كلياً عن الأسواق الأفريقية.

في المجمل عرفت صادرات غالب أنواع الحوامض انخفاضاً، إذ تراجعت صادرات البرتقال الحمضي (المالطي) بنسبة 30.4 في المئة، وانخفضت من 10281 طناً في 2022 إلى 7148 طناً في 2023، أما صادرات البرتقال من نوع "أبو سرة"، فشهدت أيضاً تراجعاً مهماً قدر بنسبة 72.3 في المئة، إذ بلغت 259.4 طن عام 2023، مقابل 938 طناً في 2022، ويعود تراجع الكميات المصدرة وفق المنتجين إلى تقلص المحاصيل، على خلفية الجفاف وندرة المياه، وأسهم ارتفاع الأسعار نتيجة الزيادة في كلفة الإنتاج في تراجع التصدير، مما أثر سلباً في تنافسية الحوامض التونسية، مقارنة بالبلدان المنافسة، من ثم فقدان حصص في الأسواق الأوروبية.

مساحات أتلفت ودعم غائب

مثل الارتفاع القياسي في درجات الحرارة العام الماضي ونقص الموارد المائية أهم عوامل تراجع المحاصيل في السنوات الأخيرة، ومن ثم الصادرات، وفق رئيس المكتب الجهوي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري بمحافظة نابل، وعضو المجمع المهني المشترك للغلال عماد الباي في تصريحه لـ"اندبندنت عربية". إضافة إلى ذلك تفشي الأمراض وشيخوخة غابة الحوامض التي تبلغ مساحتها 28 ألف هكتار، وفقدت ما لا يقل عن 2000 هكتار نتيجة انتشار الأمراض، وهي في حاجة ماسة إلى التدخل لإنقاذها من طريق التجديد، وطالبت المنظمة الفلاحية بإحداث خط تمويل قدره 80 مليون دينار (25.8 مليون دولار) لمد المزارعين بكلفة إعادة إحياء المساحات بتجديدها، على أن يتمتع كل فلاح بقرض ميسر يقدر بـ20 ألف دينار (6.45 ألف دولار)، لكنها لم تلق استجابة من السلطات المعنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يتابع "تكمن الصعوبات الحالية في ارتفاع كلفة الإقراض بالبنوك التجارية، بعد تخلي البنك الفلاحي عن دوره الحيوي في تمويل الزراعة، وتتراوح فوائد القروض ما بين 13 و15 في المئة، مما عسر التوصل إلى الاقتراض من قبل الفلاحين، كما لم يفعل صندوق التعويض عن الجوائح الطبيعية تغطية الخسائر التي تكبدها المزارع، بعد أن أتلف الجفاف وانتشار الأمراض قرابة 5 آلاف هكتار، وعانت مساحات الحوامض موجة جفاف غير مسبوقة دامت خمس سنوات، وتأخر مدها بمياه سدود الشمال الغربي إلى حدود يوليو (تموز) 2023، وانخفضت كميات المياه إلى 8 ملايين متر مكعب، والحال أن حاجتها تزيد على 35 مليون متر مكعب، علماً أن المياه منعدمة بالسدود المتاخمة لغابة القوارص، وجميعها عوامل تكرس تراجع الإنتاج، وتراجع نسق التصدير الذي لم يزد على 7 آلاف طن العام الماضي، مقارنة بـ15 ألف طن في سنوات سابقة، مما يهدد مردودية قطاع واعد يضمن مداخيل تراوح ما بين 27  مليون دينار (8.7 مليون دولار)، و30 مليون دينار (9.7 مليون دولار) في مواسمه السيئة".

أما عضو المجلس المركزي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، بيرم حمادة، فطالب بإيجاد حلول مستدامة لشح المياه، من طريق إحداث محطات تحلية، أو الرفع من نسق معالجة المياه المستعملة، بعد أن ثبت أن 73 في المئة من الإنتاج الوطني للحوامض وفرته مساحات مزودة بآبار غير مرخصة، مما حول الأمر إلى أزمة إدارية وهيكلية وجب معالجتها.

وكشف عن وضع استراتيجية لإنقاذ القطاع تقوم على تجديد الغابة وإنقاذها، بعد أن ثبت تلف أكثر من 6 آلاف هكتار وخروجها من منظومة الإنتاج.

ودق حمادة ناقوس الخطر في شأن تراجع الإنتاج إلى 300 ألف طن في السنوات الأخيرة، والحال أنه حقق في فترات سابقة محاصيل في حدود 600 ألف طن، إضافة إلى معضلة الاحتباس الحراري ومخلفاته، تشكو المنظومة من إشكاليات عقارية مثل تشتت ملكية الأراضي وعراقيل إدارية وأهمها غياب سوق وطنية منظمة لمسالك التوزيع، وفق قوله.

اقرأ المزيد