Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف استفادت الصناعات التونسية من حرب روسيا وأوكرانيا؟

تجاوزت صادراتها 16.4 مليار دولار بدعم من تحول أوروبا صوب البلد الأفريقي لتأمين الإمدادات

ارتفاع نسبة إسهام القطاع الصناعي في الناتج الداخلي من 15 إلى 18 في المئة بحلول 2025 (أ ف ب)

ملخص

3 قطاعات تشكل العمود الفقري للصادرات الصناعية التونسية وهي الصناعات الميكانيكية والملابس وبدرجة أقل صناعة الجلود

تجاوزت الصادرات الصناعية التونسية ما قيمته 51 مليار دينار (16.4 مليار دولار) أي ما يعادل ثلث الناتج الداخلي الخام للبلاد في 2023 مقابل 46 مليار دينار (14.8 مليار دولار) في 2022 بزيادة بنسبة 11 في المئة وفق بيانات نشرتها "وكالة النهوض بالصناعة والتجديد".

تعكس هذه النتيجة الإيجابية أن القطاع الصناعي في تونس لا يزال صامداً أمام المنافسة الخارجية الشرسة، بخاصة أنه صار وجهة محبذة من صناع القرار في دول الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي والتجاري الأول للبلاد.

يرى متخصصون أن الأوضاع الجيوسياسية المتوترة في شمال أوروبا، بخاصة النزاع المسلح بين روسيا وأوكرانيا خدمت بشكل إيجابي تونس في استقطاب طلبات جديدة من الدول الأوروبية التي حولت وجهة اهتمامها من هذه المنطقة إلى دول جنوب المتوسط لأجل تأمين سلاسل الإنتاج وانتظام التزويد بالمكونات الصناعية وتفادي التأخر في تسليم الطلبيات.

الصناعات الميكانيكية والكهربائية

أظهرت بيانات "الوكالة" الحكومية استئثار قطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنحو 50 في المئة من إجمالي الصادرات الصناعية، إذ بلغت عائداته 26 مليار دينار (8.3 مليار دولار) بزيادة 16.8 في المئة بالمقارنة مع نتائج 2022.

وحل قطاع النسيج والملابس الجاهزة في المركز الثاني بصادرات وصلت إلى 8.8 مليار دينار (2.8 مليار دولار) بنمو نسبته سبعة في المئة مقارنة بنتائج 2022، ليستعيد القطاع الذي يشغل نحو مليون تونس عافيته إثر سنوات صعبة استطاع بعدها التأقلم مع المتغيرات العالمية والرجوع في صدارة أجندات كبرى الشركات العالمية.

وحقق قطاع الصناعات الغذائية نتائج قوية بصادرات تجاوزت 5 مليارات دينار (1.6 مليار دولار) مدفوعاً بصادرات زيت الزيتون والتمور.

في المقابل، واصل قطاع الصناعات الكيماوية تسجيله نتائج سلبية، إذ تراجعت صادراته إلى مستوى 3.6 مليار دينار (1.1 مليار دولار) في أواخر 2023 مقابل 4.5 مليار دينار (1.4 مليار دولار) من عام 2022.

التقليص من عجز القطاع

تقلص عجز الميزان التجاري الصناعي بنسبة 60.6 في المئة أواخر العام الماضي، ليبلغ 3769.5 مليون دينار (1215.9 مليون دولار) مقابل 9564.4 مليون دينار (3085.2 مليون دولار) في 2022.

وسجلت صادرات القطاع الصناعي زيادة بنسبة 11 في المئة مقارنة بعام 2022، إذ قدرت قيمتها بـ16.4 مليار دولار في حين سجلت وارداته نمواً طفيفاً بنسبة 1.3 في المئة بـ17.6 مليار دولار.

تأثير الحرب الروسية - الأوكرانية

وتعليقاً على هذه البيانات، قال المدير العام السابق لـ"وكالة النهوض بالصناعة" سمير البشوال، إن نسق الصادرات الصناعية التونسية بخاصة منها المعملية تطور بشكل لافت في 2023 وعرف منحى إيجابياً.

أضاف لـ"اندبندنت عربية" أن الحرب الروسية - الأوكرانية عادت بالنفع على الصادرات الصناعية التونسية التي استعادت عافيتها بشكل مهم، إذ وصلت قيمتها إلى نحو ثلث الناتج الداخلي الخام للبلاد في ظرف اقتصادي ومالي صعب تمر به البلاد.

ورأى أن ثلاثة قطاعات تشكل العمود الفقري للصادرات الصناعية التونسية وهي الصناعات الميكانيكية والكهربائية والنسيج والملابس وبدرجة أقل صناعة الجلود والأحذية عرفت حصيلة مبيعاتها الخارجية نمواً جيداً.

وفسر المتحدث أن الصراع الدائر في أوكرانيا والتأثير الحاصل في الإمدادات في عدد من المكونات والمواد الأولية دفع عدداً من صناع القرار الأوروبيين، بخاصة في مجال مكونات السيارات، إلى تغيير وجهتهم إلى دول جنوب الحوض البحر الأبيض المتوسط وفي مقدمها تونس.

وأشار إلى أن تونس استفادت بشكل مهم من هذه المسألة بدليل التطور الحاصل في مجال مكونات السيارات على مستوى تطور عدد الوحدات الصناعية.

مراجعة الاتفاق التجاري مع تركيا

ولم يغفل سمير البشوال التطرق إلى بروز نواة مهمة في مجال صناعة مكونات الطائرات في بلاده بتخصيص منطقة صناعية بأكملها في غرب العاصمة تونس لكبرى الشركات العالمية المتخصصة في قطاع مكونات الطائرات.

وكشف عن أن مراجعة تونس اتفاقها التجاري مع تركيا أسهم بشكل ملحوظ في زيادة قيمة الصادرات الصناعية على حساب تراجع الواردات، معتبراً أن لهذه المسألة تأثيراً إيجابياً في قادم السنوات ومن شأنها أن تزيد دعم الصادرات الصناعية التونسية.

وشدد في هذا المسار التصاعدي من أجل الإسهام أكثر في إشعاع موقع تونس بوصف البلاد وجهة صناعية محبذة من طرف أهم المؤسسات الصناعية الأوروبية.

وخلص بدعوة الحكومة إلى مواصلة تحسين مناخ وإقرار التشجيعات والحوافز الضرورية، بخاصة التسهيلات والتقليص من الإجراءات الإدارية المتكلسة لجذب المؤسسات الصناعية الأوروبية.

المراهنة على 6 قطاعات ذات أولوية

ونجح قطاع الصناعات المعملية التونسي خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الماضية في استقطاب استثمارات أجنبية بقيمة 1016.5 مليون دينار (327.9 مليون دولار) مسجلاً بذلك تطوراً بلغ 15.4 في المئة وفق بيانات "وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي".

ويؤكد المدير المركزي بـ"الوكالة" حاتم السوسي أنه "يجري العمل على ستة قطاعات ذات أولية وتراهن عليها تونس، تتعلق بمكونات السيارات والطائرات وتطوير البرمجيات المعلوماتية إلى جانب الصناعات الصيدلانية والصناعات الغذائية والنسيج التقني".

وأشار إلى أن بلاده تطمح بداية من عام 2026 إلى جذب استثمارات خارجية بقيمة أربعة مليارات دينار (نحو 1.3 مليار دولار) سنوياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تحليله للنتائج المسجلة في مجال الصادرات الصناعية في 2023، قال حاتم السوسي إن النسق المحقق يعد "محترماً وإيجاباً لا سيما من حيث عودة الثقة في موقع تونس".

وقال إن الهدف الذي رسمته وزارة الاقتصاد والتخطيط بالتعاون مع الوكالة يتمثل في استرجاع نسق تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى تونس ما قبل عام 2019، أي قبل جائحة فيروس كورونا.

وتابعه بالقول "نعمل على بلوغ استقطاب استثمارات دولية مع أواخر السنة الحالية في مستوى 2800 مليون دينار (903.2 مليون دولار)"، متوقعاً أن يزيد نسق التدفق بشكل ملموس في الربع الثالث من العام الماضي.

وبالتوازي مع تأثيرات الحرب الروسية - الأوكرانية في دفع الصادرات الصناعية، اعتبر المسؤول أن جائحة كورونا أسهمت بدورها في تحويل اهتمامات عديد من المؤسسات الأوروبية لا سيما الصناعية منها في التزود من دول قريبة منها على غرار دول جنوب المتوسط ومنها تونس، بدل مواصلة التعويل على وجهات بعيدة مثل الصين مما أثر سلباً في نسق الإمدادات بالشرائح الإلكترونية التي تحتاج إليها مصانع السيارات في أوروبا أو حتى مكونات عدد من الأدوية.

توجهات استراتيجية

تخطط الحكومة التونسية بدءاً من 2024 في العمل على الترفيع في إسهام الصناعة المحلية في الناتج الداخلي الخام لا سيما صناعة الأدوية، بمزيد من تعزيز قدرة النسيج الصناعي على مواكبة اندماجه في الدورة العالمية.

وبحسب وثيقة الميزان الاقتصادي لهذا العام، ستعمل الحكومة على توفير اليد العاملة المتخصصة التي تتناسب والحاجات الفعلية للمؤسسات الصناعية، إلى جانب السعي إلى تطوير إسهام القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام من 15 إلى 18 في المئة عام 2025.

وسيقع العمل على دعم الاندماج لمختلف القطاعات الصناعية في سلاسل القيم العالمية وتطوير طرق إنتاج صديقة للبيئة وتنويع الصادرات ووجهات التصدير، إضافة إلى تشجيع الاستثمار في القطاعات الواعدة ودعم التطوير التكنولوجي والبحث والتجديد وتطوير منتجات الأنسجة الذكية والنسيج التقني مع التسويق لتونس كوجهة للاستثمارات.

اقرأ المزيد