Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صادرات تونس تبحث عن موطئ قدم في الأسواق الأفريقية

 وسط منافسة مصرية مغربية شرسة وحجم تبادل تجاري ضئيل بنسبة 3 في المئة خلال 2022

تونس كانت من البلدان الأولى الموقعة على اتفاق المنطقة القارية الأفريقية للتبادل الحر (اندبندنت عربية) 

تعمل تونس على تطوير التعاون الاقتصادي مع بلدان القارة الأفريقية واستهداف أسواق جديدة في منطقة جنوب الصحراء، خصوصاً بالنظر إلى التفاوت الكبير بين حجم المبادلات التجارية مع دولها، مقارنة بشمال القارة السمراء.

وتسعى تونس إلى تدارك ما وصفه المسؤولون والخبراء بالفرص المهدورة في الماضي للنهوض بالشراكة مع أفريقيا، لما تمثله من آفاق جديدة للسلع التونسية الباحثة عن مساحات أرحب من الأسواق التقليدية التي ضاقت بالمنافسين.

وفي ظل التطورات خلال الفترة الأخيرة انطلاقاً من جائحة كورونا وصولاً إلى الحرب الأوكرانية وتغيير كبار المستثمرين والمؤسسات الصناعية في العالم وجهتهما من آسيا إلى أفريقيا بفضل الإمكانات المتاحة، تعمل تونس على الاستثمار في هذا الاتجاه لدفع صادراتها وخدماتها.

على رغم أن انضمام تونس إلى تجمعات وتكتلات اقتصادية مثل السوق المشتركة لبلدان شرق وجنوب أفريقيا "كوميسا"، مما أتاح لها الارتقاء بمستوى التصدير إلى تلك البلدان، إلا أن المؤشرات تظل متواضعة، بل ضئيلة بالنظر إلى الفرص الواعدة، ويعود ذلك لإشكاليات تتعلق بالنقل والإمكانات اللوجيستية المحدودة، إضافة إلى المنافسة الشرسة من بلدان الجوار.

في هذا الصدد استقبلت تونس عدداً من اللقاءات التي جمعت كبرى المؤسسات والمنظمات والهيئات ورجال الأعمال والجهات المانحة مثل منتدى تمويل الاستثمار والتجارة في البلدان الأفريقية وندوة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا خلال الصيف، وكذلك "لقاءات الأعمال التونسية الأفريقية" التي نظمها مركز النهوض بالصادرات (حكومي) وحضرها ممثلون عن 200 شركة تونسية وأكثر من مئة مورد من 18 دولة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء.

كما حضر ممثلون عن منظمات اقتصادية إقليمية عدة وأهمها مركز التجارة العالمي في إطار مشروع ترويج أنشطة التصدير إلى أسواق جديدة في أفريقيا جنوب الصحراء وتوفير فرص للاستكشاف بالنسبة إلى المؤسسات التونسية، بهدف الاجتماع بأكبر عدد ممكن من الموردين الأفارقة وأبرز الفاعلين الاقتصاديين من دول القارة من أجل الحصول على أفضل المنتجات والخدمات المتوافرة في تونس.

واهتمت اللقاءات على وجه الخصوص بقطاعات الصناعات الغذائية والكهربائية والملابس والصناعات الصيدلانية ومواد البناء والأشغال العامة وخدمات الصحة والتعليم والتكوين وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وعقدت اجتماعات بين رجال أعمال أفارقة وممثلين عن مؤسسات اقتصادية تونسية ناشطة في 10 قطاعات بهدف تنمية تدفق المنتجات التونسية نحو بلدان القارة الأفريقية، خصوصاً بعد انضمام تونس خلال الأعوام الأخيرة إلى "المنطقة القارية الأفريقية للتبادل الحر ZLECAf " و"السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا COMESA".

حجم المبادلات التجارية

ذكرت وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي أن تونس انضمت عام 2022 إلى "كوميسا"، مما أتاح لها حرية التبادل التام للسلع والخدمات للدول الأعضاء بهذا الهيكل وساعد على الوصول إلى أسواق جديدة في القارة الأفريقية.

وقالت إن تونس كانت من البلدان الأولى الموقعة على اتفاق المنطقة القارية الأفريقية للتبادل الحر، وهو من المشاريع الرئيسة لأجندة 2063 للاتحاد الأفريقي للتكامل القاري، ويمثل الإطار القانوني والمرجعي الذي سيفتح الفضاء الاقتصادي الأفريقي على الإمكانات التجارية المعطلة بين الدول وسيسمح بإزالة العراقيل والقيود الجمركية وتسهيل التجارة، لا سيما في ظل توافر الأطر القانونية المنظمة للتجارة البينية الأفريقية التي تمثل للأسف 16 في المئة فقط من جملة المبادلات، مقارنة بـ73 في المئة للبلدان الأوروبية و52 في المئة بين البلدان الآسيوية.

وتحدثت عن عدد من المؤشرات إلى الإمكانات الكبيرة التي وجب استغلالها بتعزيز التكامل والاندماج بين البلدان الأفريقية على الصعيد الإقليمي في ظل ما توفره الأطر القانونية للمنظمة العالمية للتجارة والاتفاقات حول الاستثمار.

وأوضحت الوزيرة أنه من شأن تضافر الجهود الارتقاء بمستويات التجارة البينية في البلدان الأفريقية، إذ إن القارة تزخر بثروات طبيعية هائلة وقدرات بشرية ذات كفاءة عالية، لكن ظلت حصتها الأضعف على مستوى التجارة العالمية بحجم مبادلات قدر بـ1049 مليار دولار، أي بنسبة لا تتجاوز 5 في المئة، وقالت إنه بناء على ذلك تسعى تونس إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع جميع بلدان القارة على الصعيدين الثنائي والإقليمي ومع الاتحاد الأفريقي الذي يمثل الإطار الأمثل للتشاور.

ودعت الدولة التونسية إلى إطلاق محادثات مع مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب آسيا بهدف وضع إطار أشمل للتعاون الاقتصادي والتجاري وفسح المجال أمام المؤسسات التونسية لتنويع شركائها.

هيمنة نيجيريا وجنوب أفريقيا

يشار إلى أن العاصمة الإيفوارية أبيدجان احتضنت في السادس من ديسمبر (كانون الأول) توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين كونفيدرالية المؤسسات المواطنة التونسية (هيئة مستقلة) وغرفة التجارة والصناعة في كوت ديفوار تلزم الطرفين دعم وتنظيم اجتماعات العمل واللقاءات بين الفاعلين الاقتصاديين والشركاء، إضافة إلى التعاون وتبادل الخبرات في البحوث المتعلقة بالتجارة والاستثمار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتكونت البعثة التونسية من 70 مستثمراً يعملون في مجالات متنوعة مثل الأغذية الزراعية والصحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بحيث تم التطرق إلى مناخ الأعمال في كوت ديفوار والقيام بزيارات ميدانية للشركات بالمكان.

المدير العام لمركز النهوض بالصادرات في تونس مراد بن حسين قال إن المركز يستهدف الولوج إلى أسواق جديدة في أفريقيا جنوب الصحراء بالشراكة مع برنامج التعاون للوكالة الألمانية للتعاون الفني GIZ الذي يخوض مفاوضات مع الشريك الألماني للسير في برامج تتعلق بدعم قدرات المؤسسات التونسية التصديرية لتحديد حاجات الأسواق والقابلية التصديرية لديها.

وأضاف بن حسين في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن العمل جار على تشكيل خلية اقتصادية في المركز للقيام بكل العمليات التحكيمية للأسواق واستهداف الجديد منها التي توفر فرصاً تصديرية للسلع والخبرات التونسية وتكوين "فريق تونس للتصدير" الذي يضم جميع المتدخلين والأطراف الفاعلة بالعملية التصديرية بغية إحداث خريطة تصديرية للأسواق التي تهدف المؤسسات التونسية إلى دخولها.

وأشار إلى أنه على رغم القابلية الكبيرة للولوج للسوق الأفريقية، فالأرقام ضعيفة في خصوص التجارة البينية مع بلدان جنوب الصحراء، خلافاً لدول شمال أفريقيا، في مقابل هيمنة كل من جنوب أفريقيا ونيجيريا على هذه السوق بحكم القدرات التصديرية الكبرى لهذين البلدين.

وشدد على ضرورة مساندة المؤسسات التونسية، علماً أن الدولة تقدم الدعم المالي عبر صندوق الصادرات، لكن الحاجة ماسة إلى المرافقة الفنية وتمكين المستثمرين والمصدرين من المعلومات حول الأسواق والمنتجات لتوفير الرؤية اللازمة لترويج المنتجات الوطنية وتوسيع قاعدة البلدان التي تصبو إليها.

الهدف المرجو

وينخفض الوجود التونسي في دول أفريقيا جنوب الصحراء وشرق القارة وجنوبها، وهي دول "كوميسا"، وهي سوق توفر إمكانات كبيرة تخص الإطار القانوني والإطار المؤسساتي وتمكن المؤسسات التونسية من التموقع، وكذلك السوق الكبرى المشتركة الأفريقية التي تعتبر تجمعاً اقتصادياً يهم ملياراً و200 مليون نسمة، إذ إن أفريقيا ستحتضن ربع سكان العالم في أفق 2050 مع اقتصادات تحقق نمواً كبيراً.

وبلغ حجم التبادل التجاري لتونس مع بلدان أفريقيا جنوب الصحراء 1.4 مليار دينار (437 مليون دولار) بنسبة 2 في المئة من مجمل المبادلات عام 2021، وتسير إلى تحقيق 1.55 مليار دينار (484 مليون دولار) عام 2022 بنسبة 3 في المئة و5 في المئة خلال السنتين المقبلتين.

وتواجه تونس منافسة من قبل نيجيريا وجنوب أفريقيا وبدرجة أكبر من قبل مصر والمغرب بحكم طبيعة الصادرات المتقاربة، وللحصول على تنافسية أعلى لمنتجاتها تسعى إلى التموقع في سلسلة القيمة العالمية من أجل تحقيق قابلية تصديرية أكبر لسلعها، لكنها تواجه عوائق يجب تذليلها مثل النقل والمسائل اللوجستية.

وتلاقي السوق الأفريقية اهتمام اليابانيين والكوريين والصين والولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى التي تتجه إلى القارة بعد جائحة كورونا والحرب الأوكرانية التي دفعت كبرى المؤسسات إلى استبدال الفضاء الآسيوي بالسوق الأفريقية الواعدة.

وأطلقت دراسات في هذا الصدد باتجاه اعتماد تونس وليبيا كمنصتي عبور للسلع وكذلك تطوير طرق برية نحو العمق الأفريقي علاوة على رقمنة الأسواق.