Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التغيرات المناخية "تهديد جديد" للهوية الأمازيغية

نمط حياتهم مهم للنظام البيئي بسبب خبرتهم وتمكنهم من الحفاظ على التنوع البيولوجي

هناك مخاوف من تراجع عدد الأمازيغ وتخليهم عن نمط حياتهم بسبب التغيرات المناخية (رويترز)

ملخص

الأمازيغ في شمال أفريقيا ليسوا مجرد فلكلور أو لباس، بل هم عنصر فاعل في حماية النظام البيئي، وفي الوقت نفسه هم أيضاً الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية.

الأمازيغ في شمال أفريقيا ليسوا مجرد فولكلور أو لباس، بل هم عنصر فاعل في حماية النظام البيئي، وفي الوقت نفسه هم أيضاً الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية، ففي حين يواجه المغرب التحديات المناخية وارتفاع درجة الحرارة يعاني الأمازيغ في جنوب شرقي البلاد خطر فقدان نمط حياتهم.

يستقر الأمازيغ في شمال أفريقيا وكانت غالبيتهم في السابق من الرحل، ويبلغ عددهم ما بين 30 و40 مليون نسمة منتشرين في جميع أنحاء منطقة المغرب العربي معظمهم في المغرب والجزائر.

وتعد جبال الأطلس الكبير في المغرب أهم منطقة لجهة التنوع البيولوجي، فالحياة هناك تتداخل فيها تفاعلات الإنسان والطبيعة لإدارة الأراضي الزراعية الرعوية والحياة الاجتماعية للمجتمعات الأمازيغية، فذوبان الثلوج في قمم الجبال يتدفق إلى المراعي والمروج ويروي الأراضي والسهول الزراعية، مما يؤدي إلى ضمان استمرار زراعة النباتات وتوفير المياه للمجتمعات الأمازيغية.

حماة البيئة

تعد جبال الأطلس بالمغرب من أكثر المناطق تنوعاً بيولوجياً في البحر الأبيض المتوسط، وبفضل خبرة الأمازيغ في زراعة النباتات المتوارثة عبر الأجيال يعيش 65 في المئة من النباتات المغربية بهذه المنطقة، بما في ذلك 250 نوعاً نادراً في العالم. 

وأسهم الترحال كممارسة ثقافية حيوية للأمازيغ في تشكيل المناظر الطبيعية والحفاظ على النظم الزراعية الرعوية في جبال الأطلس بالمغرب منذ آلاف السنين. ويعتمد جزء من الأمازيغ على الترحال ورعي الماعز والأغنام للبقاء على قيد الحياة، لكن تغير المناخ يؤدي إلى عدم قدرتهم على رعي حيواناتهم، مما يهدد نمط حياتهم.

ويمكّن الترحال الأمازيغ من العيش بحسب الفصول، لكنه بسبب التغيرات المناخية، يجدون أنفسهم مجبرين على تغيير نمط حياتهم، فتتضاعف معاناتهم، لا سيما أن قليلاً منهم استفادوا من التعليم، مما يجعل من الصعب عليهم الحصول على عمل.

التنوع البيولوجي 

نشر خبراء من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)  والمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم البيئية (IPBES) تقرير ورشة عمل مشتركة تحت عنوان" التنوع البيولوجي وتغير المناخ" ومدى أهمية التنوع البيولوجي لمواجهة التغيرات المناخية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار التقرير إلى أن حماية المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي من التحديات التي يجب النظر فيها معاً، لافتاً إلى أن "النظم البيئية التي تتمتع بتنوع غني في الأنواع والوظائف يمكنها مواجهة تغير المناخ".

ويعتمد استمرار وجود الأمازيغ ونمط حياتهم على الحفاظ على الموارد البيولوجية وتنوعها، كما تسمح خبرة النساء الأمازيغيات بحماية التنوع البيولوجي.

"الخطارة" المقدسة

تعاني مجتمعات السكان الأصليين في جنوب شرقي المغرب تداعيات أزمة المناخ، وبحسب الباحثة المناخية في أرشيف الأمن القومي بواشنطن راشيل سانتارسيرو، فإن "المجتمعات الأمازيغية سكنت لقرون عدة معظم مناطق جنوب شرقي المغرب وتكيفت مع المناخ القاسي وشبه الجاف".

وتقول إنه "للتكيف مع مستويات هطول الأمطار المنخفضة هذه اعتمدت المجتمعات الأمازيغية منذ فترة طويلة على نظام تقليدي لتخزين المياه وتوزيعها يعرف باسم ’الخطارة‘ ويعتمد هذا النظام على سلسلة من القنوات الجوفية لتوفير المياه للحقول الزراعية، وهو فاعل بصورة كبيرة في المناخ القاحل".

وتعد "الخطارة" في الثقافة الأمازيغية مقدسة، ويصف السكان الماء بأنه الحياة "أمان إيمان" باللغة الأمازيغية، ويعتمدون في تدبير المياه على الأعراف القائمة على المشاركة وعدم الاستهلاك المفرط وحماية الموارد الطبيعية والتوزيع العادل للماء مع احترام طبيعة المناخ.

وتوضح سانتارسيرو أنه "مع التغيرات المناخية التي تواجه المغرب، وأيضاً استنزاف الفرشاة المائية، فإن نظام الري الذي يعود تاريخه لقرون عدة يتعرض للتهديد".

الرعي مهدد بالاختفاء

ويشرح إبراهيم وهو أمازيغي من سكان قرية مولاي إبراهيم نواحي مراكش إن "انخفاض التساقطات المطرية يشعرنا بالقلق، وحياتنا مرتبطة بالماء ومن دونه لا استمرار لوجودنا".

لكن على رغم قلة المتساقطات والجفاف، يتضامن سكان جبال الأطلس في المغرب مع بعضهم بعضاً، فيقول إبراهيم في هذا الصدد، "نحن هنا عائلة واحدة، وإذا أردنا مواجهة التحديات البيئية علينا أن نواجهها جميعاً، ونساعد بعضنا بعضاً، هكذا تربينا".

وبحسب إحصاء سكان المغرب لعام 2014، كشف تقرير المندوبية السامية للتخطيط المتخصصة في الإحصاء عن أن "نسبة الناطقين بالأمازيغية لا تتجاوز 26.7 في المئة من مجموع السكان المغاربة".

وهناك مخاوف من تراجع عدد السكان الأمازيغ وتخليهم عن نمط حياتهم الذي يعد مهماً للنظام البيئي في المغرب بسبب خبرتهم وتمكنهم من الحفاظ على التنوع البيولوجي، أحد أهم السبل لمواجهة التغيرات المناخية.

المزيد من بيئة