Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تهديدات الأمن البحري ومستقبل الملاحة في آسيا

يستبعد محللون إمكانية تطور الحوادث في الممرات المائية مستندين على محدودية قدرة الإرهابيين في المنطقة

تزايدت تهديدات حركة الملاحة والتجارة الدولية في مضيق باب المندب الذي يشكل 10 في المئة من الحركة البحرية عالمياً (أ ف ب)

ملخص

تحديات كبرى تشغل صناع السياسات البحرية في جنوب شرقي آسيا، وتتطلب أجزاء كبيرة من موازنتهم

أفاد تقرير صادر عن اتفاق التعاون الإقليمي لمكافحة قرصنة السفن والسطو المسلح في آسيا، بتسجيل 100 حادثة سطو مسلح على السفن ارتكبت على اليابسة في آسيا عام 2023، بزيادة قاربت الـ20 في المئة عن سابقه. وكانت غالبية هذه الحوادث بحسب التقرير، بعيدة عن القرصنة في عرض البحار والمحيطات، لكنها ما زالت تهدد استقرار حركة الملاحة والتجارة في عدد من الممرات المائية في آسيا. وتأسست اتفاق التعاون الإقليمي لمكافحة القرصنة والسطو المسلح قبل عقدين، للعمل على الربط بين عدد من الدول في المنطقة وتضافر الجهود للحد من العمليات غير الشرعية التي تهدد أمن وسلامة البحار. ففي الآونة الأخيرة، تزايدت تهديدات حركة الملاحة والتجارة الدولية في مضيق باب المندب الذي يشكل 10 في المئة من الحركة البحرية عالمياً، بما يعرقل حركة التجارة العالمية التي تمر عبر البحر الأحمر.

تعاون إقليمي ضد القرصنة

ويمثل الأمن البحري إحدى القضايا المهمة التي تعمل الدول والمنظمات الدولية المختلفة على توفيرها وتحقيقها، إذ تعنى السلامة البحرية بحماية الطاقم والركاب على متن السفن، إضافة إلى الذين يعيشون أو يعملون قرب المسطحات المائية، من الأخطار البيئية والأمنية الطبيعية والعرضية المختلفة.

في أواخر التسعينيات، شهدت منطقة آسيا حوادث قرصنة بحرية بلا هوادة، مما أثر في تدفق التجارة البحرية وتعطيل سلاسل التوريد. ونتيجة للارتفاع الملحوظ في هذه الحوادث منذ عقود، شعرت دول المنطقة بالحاجة إلى التصدي لخطر القرصنة، مجتمعة للتداول في المؤتمر الإقليمي لمكافحة القرصنة والسطو المسلح ضد السفن في أبريل (نيسان) 2000، والذي يشار إليه أيضاً باسم مؤتمر تحدي آسيا 2000 في طوكيو، اليابان.

بعد أربعة أعوام من الاجتماع الأول، أضفي الطابع الرسمي على اتفاق التعاون الإقليمي لمكافحة القرصنة والسطو المسلح ضد السفن في آسيا المعروفة اختصاراً بـ"ReCAAP" في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004. وتعد الاتفاق الأولى بين الحكومات لتعزيز التعاون لقمع القرصنة والسطو المسلح ضد السفن في آسيا. ودخلت الاتفاق حيز التنفيذ في سبتمبر (أيلول) 2006، ويصل عدد أطرافها إلى 14 دولة آسيوية وسبع دول غير آسيوية، وهي أستراليا وبنغلاديش وبروناي وكمبوديا والصين والدنمارك وألمانيا والهند واليابان وكوريا الجنوبية ولاوس ميانمار وهولندا والنرويج والفيليبين وسنغافورة وسريلانكا وتايلاند والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفيتنام.

وتسعى اتفاق التعاون الإقليمي لمكافحة القرصنة والسطو المسلح ضد السفن في آسيا للحصول على الدعم من جميع نقاط الاتصال، إلى جانب تقييم حالة التهديد في منطقة مسؤوليتهم واتخاذ التدابير المناسبة لمنع وقوع حوادث السطو المسلح، كما أن الاتفاقية ملتزمة معالجة قضية القرصنة والسطو المسلح من خلال بناء القدرات والبرامج التي تشمل نقاط الاتصال، ووكالات إنفاذ القانون والتفاعل مع شركات الشحن. علاوة على ذلك، تركز الاتفاق على تعزيز المستوى الإقليمي للتعاون والعمل مع جميع أصحاب المصلحة لتحقيق النتيجة المرجوة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحديات لصناع السياسية

تشير تقارير المنظمات الدولية إلى أن من بين التحديات الكبرى التي تواجه دول رابطة آسيان وآسيا بصورة عامة، مشهد الأمن البحري. ويتمثل ذلك في التحديات "التشغيلية" اليومية، كالصيد غير القانوني والسطو المسلح في عرض البحر، إلى جانب الإرهاب والاتجار غير المشروع. وتشغل هذه التحديات صناع السياسات البحرية في جنوب شرقي آسيا، وتتطلب أجزاء كبيرة من موازنتهم.

ويشير التقرير السنوي الصادر عن اتفاق التعاون الإقليمي لمكافحة القرصنة والسطو، إلى زيادة حوادث مضيق ملاكا وسنغافورة، وتفاقم التهديد باختطاف الطاقم للحصول على فدية في بحار سولو سيليبس. وخلال العام الحالي، حدثت زيادة في الحوادث بإندونيسيا والفيليبين ومضيق ملاكا وسنغافورة (SOMS) وتايلاند وفيتنام. ومما يثير القلق وقوع حوادث في مضيق ملاكا وسنغافورة، حيث بلغ عددها 63 حادثة مقارنة بـ55 حادثة عام 2022. ومع ذلك، كان هناك خفض في حوادث بنغلاديش وماليزيا ولا تزال عدد الحوادث في الهند كسابقتها.

من ناحية أخرى، أكدت تقارير أن القرصنة طاولت أعالي محيطات آسيا عام 2023، حيث اعتمد الجناة المدججون بأسلحة خفيفة، تهديد حياة الطاقم البحري، كما كانت معظم الحوادث انتهازية واستهدفت السفن البطيئة مما سهَّل الصعود إليها.

حوادث أخرى استخدم فيها المعتدون العنف الجسدي في حق الطاقم، بينما أصيب ربان السفينة في صدره في قضية منفصلة. ومن أبرز الحوادث التي أشار لها التقرير، حادثة سطو مسلح في الفيليبين وقعت في مانيلا أنكوريج، حيث صعد ستة أو ثمانية مسلحين إلى متن سفينة، وقيدوا الطاقم وسرقوا أجهزة تنفس.

وضع اقتصادي متردٍ

ويعزو بعض الخبراء في الأمن والسلامة البحرية، ارتفاع أعداد السطو المسلح في الممرات المائية إلى الأحوال الاقتصادية المتردية، وارتفاع معدلات التضخم، ما يدفع عديداً من الأشخاص للإقدام على عمليات السطو المسلح على السفن مخاطرين بحياتهم بسبب الوضع المادي.

كما يستبعد بعض المحللين الآسيويين إمكانية تطور الحوادث في الممرات المائية بآسيا، لتكون معضلة كبرى في حركة الملاحة. ويستند المحللون في ذلك على محدودية قدرة الإرهابيين في المنطقة، إلى جانب الدوريات من قبل سلاح البحر المتكررة التي تقوم بها السلطات المحلية لا سيما في سنغافورة وماليزيا وإندونيسيا، وكذلك الدوريات المشتركة المنتظمة والمتكررة للغاية.

قلق في البحر الأحمر

من ناحية أخرى تتعرض حركة الملاحة البحرية العالمية لنوع من الاضطراب، جعل بعض الشركات الكبرى تحول مسار رحلات الشحن. وأعلنت شركة "ميرسك" الدنماركية هذا الشهر عن تحويل مسار جميع سفنها لنقل الحاويات بعيداً من البحر الأحمر، واستبداله بطريق رأس الرجاء الصالح في الفترة المقبلة. وتزامناً مع حرب غزة التي استكملت شهرها الرابع، تسببت هجمات الحوثيين على السفن المارة من مضيق باب المندب، اضطراب حركة الملاحة والتجارة الدولية في البحر الأحمر.

وكانت جماعة "أنصار الله" الحوثية قد شنت 25 عملية استهدفت سفناً تجارية دولية، بحسب وكالات دولية، فيما أشارت الأمم المتحدة إلى أن الهجمات الأخيرة للحوثيين تسببت بمضاعفة كلفة النقل عالمياً، نتيجة تغيير 18 شركة شحن كبرى في الأقل مسار سفنها حول جنوب أفريقيا. واعتمد مجلس الأمن الدولي قراراً يطالب ميليشيات الحوثي باليمن بالوقف الفوري للهجمات على السفن، كما ودعا القرار كذلك كل الدول باحترام حظر الأسلحة المفروض على الحوثيين.

الهجمات البحرية الأخيرة المتعاقبة قد تسهم بشكل أو بآخر في زيادة التضخم الذي تعانيه دول كثيرة، وإرباك سلاسل التوريد الدولية ونقص في السلع، وتعليق خطوط التجميع للمصانع العالمية، وبطء في معدل نمو التجارة البحرية وزيادة في كلف التأمين والنقل البحري في العام الحالي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير