انطلقت، مساء الجمعة الماضي، منافسات بطولة كأس آسيا 2023 لكرة القدم التي تستضيفها قطر بين الـ12 من يناير (كانون الثاني) الجاري، والـ10 من فبراير (شباط) المقبل، والتي كان من المقرر أن تحتضنها الصين في وقت سابق لكن الآثار الناجمة عن تفشي جائحة فيروس كورونا حالت دون ذلك، ودفعت الاتحاد الآسيوي للعبة لاختيار قطر بدلاً من الصين، بعد تنافس مع أستراليا وإندونيسيا وكوريا الجنوبية.
وربما تكون كأس آسيا في نسختها الـ18 فرصة كبرى لمنتخبات القارة لإثبات مدى جدارتها وما توصلت إليه من تقدم في اللعبة الشعبية الأولى، فيما تتنافس عدة قوى كروية كبرى على الكأس التي حققتها قطر في النسخة الأخيرة التي استضافتها الإمارات عام 2019.
آسيا التي هي أكبر قارات العالم من حيث المساحة وتعداد السكان تتميز بنظام فريد في تقسيمها التنافسي على صعيد كرة القدم، ففي أهم بطولات الأندية بالاتحاد الآسيوي، دوري أبطال آسيا التي تقام سنوياً بمشاركة 40 نادياً، يتم تقسيمها على 10 مجموعات، نصفها - من الأولى إلى الخامسة - لأندية شرق القارة التي تضم معها أستراليا، والنصف الآخر من السادسة إلى الـ10 لأندية غرب القارة، ولا تندمج المنافسات إلا في الدور النهائي عبر تأهل ممثل للشق الشرقي مثل أوراوا ريد دياموندز الياباني في النسخة الماضية (2022 - 2023)، وآخر للشق الغربي، وكان هو الهلال السعودي في الموسم الماضي، إذ يخوضان الدور النهائي على مباراتين - بنظام الذهاب والإياب - إحداهما في منطقة الشرق والأخرى في الغرب لتحديد بطل القارة.
ونظراً إلى التنافس الرياضي الشديد بين شقي القارة الآسيوية وتنازعهما القوة عبر ألقاب الأندية والمنتخبات، غالباً ما تكون كأس آسيا فرصة لنزال كروي مفتوح بين منتخبات الجانبين لإثبات الهيمنة، فبينما شهدت فترة ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي هيمنة عربية شبه كاملة على لقب كأس آسيا بفوز المنتخب الكويتي بذهبية نسخة 1980، ثم حقق الأخضر السعودي ثلاثة ألقاب في نسخ 1984 و1988 و1996، في مقابل لقب وحيد لليابان بنسخة 1992، جاءت بداية الألفية الجديدة بتتويج اليابان بلقبين متتاليين عامي 2000 و2004.
خلال الفترة نفسها منذ عام 2000 بدا أن الأندية العربية التي تمثل ثقلاً كبيراً للشق الغربي قد عادت للهيمنة بفوز الهلال السعودي بلقب دوري أبطال آسيا عام 2000، ثم العين الإماراتي عام 2003، ثم الاتحاد السعودي مرتين متتاليتين في عامي 2004 و2005، ثم تبع هذا التفوق على صعيد الأندية تحقيق المنتخب العراقي كأس آسيا عام 2007.
وسرعان ما حدث تحول كامل وهيمنة شبه مطلقة لقوى شرق آسيا الكروية على صعيدي الأندية والمنتخبات، إذ فازت أندية اليابان وكوريا الجنوبية بـ12 لقباً لدوري أبطال آسيا في 13 موسماً متتالياً، باستثناء موسم 2011 الذي فاز به السد القطري، وحقق المنتخب الياباني كأس آسيا 2011 للمرة الرابعة في تاريخه، ليصبح الأكثر تتويجاً في القارة متفوقاً على السعودية وإيران ولكل منهما ثلاثة ألقاب، ثم رفع المنتخب الأسترالي كأس آسيا للمرة الأولى في تاريخه عام 2015.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان عام 2019 موعداً جديداً لانتقال مصدر الثقل في ميزان القوة الكروية الآسيوية من الشرق إلى الغرب حينما توج منتخب قطر بلقب كأس آسيا للمرة الأولى في تاريخه، والتاسعة لمنتخبات الغرب طوال عمر البطولة التي انطلقت عام 1956، في مقابل سبعة ألقاب لمنتخبات الشرق.
ومنذ العام نفسه 2019 استعاد الهلال السعودي زمام المنافسة لأندية الشق الشرقي بتحقيق لقبين في عامي 2019 و2021، في مقابل لقبين للشق الشرقي في عامي 2020 لأولسان هيونداي الكوري الجنوبي، وعام 2022 لأوراوا الياباني، ولذلك تحمل كأس آسيا 2023 أهمية خاصة للإجابة عن سؤال، أي كفة ستكون الأرجح في ميزان كرة القدم الآسيوية؟
شق آخر من المنتظر أن تكشف عنه منافسات كأس آسيا 2023 يتعلق بالإجابة عن السؤال الصعب المتعلق بهوية المنتخبات وأفضلية الاحتراف الخارجي - بخاصة في أوروبا - على القوائم المعتمدة على المحليين.
زعيم الشق الغربي لكرة القدم الآسيوية المنتخب السعودي يدخل إلى المنافسات بقائمة كاملة من اللاعبين المحترفين محلياً في دوري "روشن" السعودي، وكذلك يدافع حامل اللقب المنتخب القطري عن لقبه بقائمة كاملة من المحترفين محلياً، ويضم المنتخب الإيراني صاحب الألقاب الثلاثة عدداً من المحترفين خارجياً في أندية متوسطة المستوى أوروبياً، يتقدمهم مهدي طارمي مهاجم بورتو البرتغالي وسردار آزمون مهاجم روما الإيطالي.
على الجانب المقابل، تضم قائمة المنتخب الياباني 21 لاعباً محترفاً خارجياً، من بينهم 10 لاعبين في قائمة أغلى 15 لاعباً في كأس آسيا، يتقدمهم الجناح الأيمن لريال سوسييداد الإسباني تاكيفوسا كوبو الذي تبلغ قيمته التسويقية 60 مليون يورو (65.79 مليون دولار)، والجناح الأيسر لبرايتون أند هوف ألبيون الإنجليزي كاورو ميتوما، الذي تقدر قيمته التسويقية بنحو 50 مليون يورو (54.83 دولار)، ومدافع أرسنال الإنجليزي تاكيهيرو تومياسو، ولاعب وسط ليفربول الإنجليزي واتارو إندو.
كوريا الجنوبية التي كانت أول من حقق لقب كأس آسيا مرتين في أول نسختين متتاليتين عامي 1956 و1960 ثم غابت عن منصة التتويج منذ ذلك الحين، تسعى حالياً إلى رفع الكأس للمرة الثالثة، وتشارك في نسخة 2023 بقائمة تضم 16 لاعباً محترفاً خارجياً، بينهم رباعي ضمن أغلى 10 لاعبين في البطولة.
أول نجوم كوريا الجنوبية المحترفين في أكبر أندية العالم هو قلب دفاع بايرن ميونيخ الألماني كيم مين جاي، وتبلغ قيمته التسويقية 60 مليون يورو (65.79 مليون دولار)، ثم قائد توتنهام وأحد هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز سون هيونغ مين، وشريكه الهجومي هوانغ هي تشان لاعب ولفرهامبتون الإنجليزي، وأخيراً جناح باريس سان جيرمان الفرنسي لي كانغ إن.