Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحقيق مع محام بارز في تونس ينذر بأزمة وصدام سياسي

السلطات اتهمت الفرشيشي بمحاولة تهريب مفاتيح وشفرات إلى سجن وعميد المحامين يصف الأمر بـ"المهزلة"

لعب المحامون دوراً حاسماً على مر التاريخ في تونس (أ ف ب)

ملخص

وجد عميد المحامين التونسيين نفسه أمام ضغوط كبيرة من منظوريه الذين دعوه إلى التحرك في مواجهة التحقيقات والإيقافات التي طاولت عدداً منهم.

دخلت العلاقة بين المحامين والسلطة في تونس منعرجاً جديداً بعد أشهر من المهادنة، وذلك إثر التحقيق مع المحامي البارز، البشير الفرشيشي، بتهمة محاولة تهريب مفاتيح أصفاد وشفرات حلاقة إلى سجن.

جاء هذا التحقيق بعد أسابيع قليلة من نجاح إرهابيين في الفرار من سجن المرناقية الشديد التحصين في البلاد، لكن محامين أعربوا عن مخاوفهم من أن يكون التحقيق مع الفرشيشي "محاولة لتخويفهم".

ووصف عميد المحامين، حاتم المزيو، التحقيق مع الفرشيشي بـ"المهزلة والفضيحة"، غير أنه حذر في المقابل من أن "هناك مساعي لجر المحامين إلى معركة سياسية مع السلطة بقيادة الرئيس قيس سعيد".

وقال المزيو في تصريحات بثتها إذاعة "موزاييك أف أم" المحلية والخاصة إن "التحقيق مع الفرشيشي هو عيب كبير في حق قامة من قامات الوطن ومربي أجيال لأكثر من 40 سنة، تتلمذ على يديه كل المحامين والقضاة والجامعيين".

محاولة تركيع

ووجد عميد المحامين نفسه في الأيام الأخيرة أمام ضغوط كبيرة من منظوريه الذين دعوه إلى التحرك في مواجهة التحقيقات والإيقافات التي طاولت عدداً منهم.

وتفاقمت الضغوط بعد الرسالة التي وجهها المحامي والناشط السياسي، رضا بلحاج، من سجنه إلى المزيو ودعاه فيها إلى التحرك في ظل ما سماه "التنكيل بالمحامين".

وأوقفت السلطات التونسية عدداً من المحامين وهم أيضاً نشطاء سياسيون على غرار عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض، والوزير السابق غازي الشواشي، ورضا بلحاج وآخرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال المحامي سمير ديلو إن "استهداف المحامين كان أمراً منتظراً بعد الهجمة على القضاة وسلطتهم التي تحولت إلى وظيفة، فالسلطة الحالية في تونس بعد أن استهدفت هؤلاء القضاة كان متوقعاً أن يتم بعد ذلك ضرب المحامين والنقابيين والصحافيين".

وأوضح ديلو لـ"اندبندنت عربية" أن "الهجمة على المحامين لها طابع خاص باعتبار أنها أكثر من مجرد قطاع بل هي جسم نضالي يتبنى قضايا الحريات قبل ثورة 2011 وبعدها وكانت عصية على الاستبداد، لذلك محاكمة المحامين تهدف إلى أمرين، أولاً حرمان المستهدفين من سياسيين ونقابيين وصحافيين من جدار الصد الأول الذي يدافع عنهم وهم المحامون".

وتابع "ثانياً هي محاولة لضرب قطاع المحاماة والسعي إلى تركيعه من خلال التسويق إلى أن المحامين يسعون إلى استدراج السلطة لصدام، لكن ما يجب تأكيده هو أن المحاماة دائماً حرة في تونس، ومع الأسف موقف الهيئة الوطنية للمحامين ليس في حجم اللحظة التي يعيشها القطاع وأيضاً الوضع العام في البلاد".

دخلت تونس في أزمة سياسية منذ اتخاذ الرئيس قيس سعيد إجراءات حل بموجبها البرلمان والحكومة المنتخبين في الـ25 من يوليو (تموز) 2021، ووصفت قوى المعارضة الإعلان آنذاك بـ"الانقلاب"، لكنه رفض ذلك واعتبر أن خطواته ضرورية لإنقاذ الدولة من الانهيار.

ومنذ ذلك الحين جرت توقيفات عدة لرجال أعمال بارزين ونشطاء سياسيين، وسط تنديد من أوساط سياسية ترى أن في ذلك تهديداً للديمقراطية في البلاد.

توظيف سياسي

وتاريخياً، لعبت "الهيئة الوطنية للمحامين في تونس" دوراً حاسماً في أزمات عرفتها البلاد، إذ كانت طرفاً رئيساً في مبادرة الحوار الوطني التي جنبت البلاد الانزلاق نحو فوضى أمنية كانت تلوح في الأفق عام 2013، وهي مبادرة حازت تونس بفضها جائزة نوبل للسلام.

وتألفت هذه المبادرة من أربعة أطراف هي: الاتحاد العام التونسي للشغل، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال) وهيئة المحامين.

وقبل أشهر طرحت الهيئة مع قوى أخرى مبادرة لإجراء حوار وطني بين السلطة والمعارضة في مسعى إلى إخراج البلاد من الأزمة السياسية التي ترزح تحت وطأتها، لكن هذه المبادرة تجاهلها الرئيس قيس سعيد مما أدى إلى وأدها في مهدها.

واعتبر المحامي عبدالرزاق الخلولي أن "هناك محاولات لتوظيف حادثة التحقيق مع الزميل الفرشيشي وغيرها سياسياً من أجل استدراج المحامين لصدام مباشر مع السلطة التنفيذية والرئيس قيس سعيد".

وأردف الخلولي في تصريح خاص "تضامننا مع الفرشيشي، ونرى أن حادثة التحقيق معه ليست متعمدة أو مقصودة، ولا هي محاولة لإخضاع المحامين أو المساس بكرامتهم، تم الاشتباه فيه واضطرت النيابة العامة إلى التحقيق معه، ثم القضاء رأى أنه يجب إخلاء سبيله وهذا ما حصل".

وشدد على أن "هناك أطرافاً تعمدت الركوب على هذا الحدث من أجل افتعال مشكل بين المحامين والسلطة، ما يمكن قوله إن عديداً من المحامين في تونس لهم انتماءات سياسية وهذا حقهم سواء كانوا من الموالين للرئيس قيس سعيد أو معارضيه، لكن من غير المنطقي هو محاولة توظيف أي حدث من أجل جر قطاع برمته إلى مواجهة وصدام مع السلطة".

ولم يعلق الرئيس قيس سعيد على الفور على تلك الحادثة وأيضاً سجن عدد من المحامين، لكنه سبق واعتبر مراراً أنه "لن يفلت أحداً من العقاب حال ارتكب مخالفات قانونية أو ثبت اختلاسه المال العام".

وفي ظل الملاحقات القضائية وإيقاف عدد منهم فإن الغموض سيظل يكتنف مصير العلاقة بين السلطة والمحامين، خصوصاً بعد محاولة عميد المحامين النأي بالقطاع عن أي صدام محتمل.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات