Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تداعيات إغلاق حقل الشرارة الليبي ستطاول كافة الخدمات والسلع

الخطر الأكبر يكمن في تأثيره المتوقع في أسعار صرف الدينار في بلاد تعتمد بشكل كبير على الاستيراد

حذرت مؤسسة النفط من تزايد انقطاع الكهرباء في عدد من المناطق الليبية (مواقع التواصل)

ملخص

تسبب إغلاق حقل الشرارة في فقد إمدادات تقدر بنحو 240 ألف برميل يومياً ما يخلف تداعيات كبيرة على الاقتصاد الليبي المعتمد على الإيرادات النفطية

أحدث قرار إقفال حقل الشرارة النفطي جنوب غربي ليبيا نوعاً من "الزلزال الاقتصادي" لما له من ارتدادات قد تطاول الكثير من القطاعات الحيوية، ونظراً لأهميته النفطية ومردوده.

فقد تكررت عمليات إغلاق الحقول والموانئ النفطية الليبية طيلة السنوات الماضية بسبب احتجاجات عمالية أو نتيجة خلافات سياسية، مسببة خسائر مالية باهظة، وآخرها إعلان المؤسسة الوطنية الليبية للنفط حالة "القوة القاهرة" على حقل الشرارة، بعد تواصل إغلاقه من قبل محتجين لليوم الخامس، في خطوة تبين أن التوتر الذي يشهده أكبر حقل نفطي ليبي في طريقها للتصعيد وليس الحل، في الوقت الحالي على الأقل.

توقف ضخ النفط من حقل ضخم بحجم حقل الشرارة الذي ينتج وحده ربع الإنتاج اليومي للخام في ليبيا، ستكون له تداعيات اقتصادية صعبة على البلاد، بحسب قراءات لمحللين اقتصاديين، وعطفاً على ما تسببت به حالات إغلاق سابقة للحقل في السنوات الماضية.

مفاوضات مكثفة

المؤسسة الوطنية للنفط أفادت في بيان إعلان فرض حالة القوة القاهرة على الحقل، بأن "الإغلاق تسبب في توقف إمدادات النفط الخام من الحقل إلى ميناء الزاوية غرب طرابلس، بينما تجري مفاوضات حالياً في محاولة للوصول إلى حل في أقرب وقت ممكن".

وبدأ إغلاق الحقل في 2 يناير (كانون الثاني) الجاري، عندما أعلن محتجون في مدينة أوباري إغلاق حقل الشرارة النفطي، إلى حين تحقيق "حقوق إقليم فزان"، وفق بيان لهم.

المحتجون الذين أوقفوا عمليات الإنتاج في الحقل حمّلوا في بيانهم "المؤسسة الوطنية للنفط والحكومة مسؤولية ما سيترتب على الإغلاق من آثار سلبية".

وحاولت حكومة "الوحدة الوطنية" في طرابلس منذ بداية الأزمة الأسبوع الماضي، امتصاص غضب المحتجين في حقل الشرارة بإعلانها زيادة كميات الوقود المتجهة لمحطات الجنوب، لتلبية جزء من مطالب المحتجين في فزان المتعلقة بتوفير الوقود ومشتقاته.

جاء ذلك خلال لقاء عقده كل من وزير الحكم المحلي فيها بدرالدين التومي، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عادل جمعة مع عدد من عمداء بلديات الجنوب، لرفع إغلاق حقل الشرارة النفطي من قبل مجموعة من المحتجين.

المكتب الإعلامي للحكومة قال إن "الاجتماع ناقش مطالب المحتجين والقضايا الأساسية التي أدت إلى الاحتجاج، وإغلاق الحقل الذي يشكل مصدراً مهماً للإيرادات الوطنية".

وبحسب المصدر ذاته، تعهد وزير الحكم المحلي في الحكومة بدرالدين التومي، خلال اللقاء، بـ"زيادة كميات الوقود المتجهة لمستودع سبها المغذي الرئيس لمحطات الوقود في الجنوب الغربي"، لافتاً إلى "أهمية الحوار البناء وضرورة التوصل إلى حل يراعي مطالب المحتجين من دون المساس بالمصلحة العامة واستمرارية الإنتاج النفطي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التومي أشار أيضاً إلى أن "الحكومة تعمل على دراسة المطالب المقدمة، وستتخذ الإجراءات اللازمة لضمان تحقيق التنمية المستدامة وتوفير الخدمات الأساسية لسكان المنطقة".

في المقابل، أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عادل جمعة، "تفهم الحكومة للظروف الصعبة التي تدفع المواطنين للتعبير عن مطالبهم بهذه الطريقة، والتزامها بالعمل على حل هذه القضايا بطريقة تحقق العدالة والمساواة لجميع المواطنين".

ولفت البيان إلى أن "المجتمعين اتفقوا على ضرورة التنسيق لعقد اجتماع موسع مع رئيس الحكومة والوزارات المعنية والأجهزة التخصصة لمتابعة المشروعات الجارية والمزمع تنفيذها في الجنوب".

مطالب المحتجين

من جانبه، قال الناطق باسم تجمع فزان أبو بكر أبو شريعة في تصريحات صحافية، إن "الإغلاق جاء بسبب عدم استجابة الحكومتين لمطالبهم بتوفير الخدمات والتنمية في الجنوب".

بينما سبق هذا التصعيد بأيام، تنظيم أهالي مدينة أوباري، التي يقع حقل الشرارة في محيطها، وقفة احتجاجية اعتراضاً على نقص الوقود ومشتقاته في الجنوب، وتعطل تنفيذ عدد من القرارات الخاصة بالمشاريع التنموية والخدماتية التي تعهدت بها الحكومات الليبية، في السنوات الماضية.

أهم المطالب التي نادى بها أهالي إقليم فزان قبل اللجوء لهذا التصعيد تمثلت بتوفير الوقود ومشتقاته، وتفعيل قرار إنشاء مصفاة في الجنوب، وصيانة الطرق المتهالكة في مدن فزان، وتعيين الخريجين من أبناء المنطقة، وإعادة هيكلة صندوق إعمار فزان، وإلغاء الاتفاق الموقع بين وزارة الصحة والمؤسسة الوطنية للنفط بخصوص مستشفى أوباري العام، وإلزام المؤسسة بإنشاء مستشفى خاص بفزان.

وتكرر إغلاق حقل الشرارة عشرات المرات خلال العقد الماضي، كان آخرها في 14 يوليو (تموز) 2023، قبل أن يتم استئناف العمل به بعد يومين.

ويعد حقل الشرارة من أكبر الحقول النفطية في ليبيا إذ تصل ذروة إنتاجه ما يقارب 240 ألف برميل يومياً، وهو ما يمثل قرابة 25 في المئة من إنتاج الخام الليبي حالياً.

دعم اجتماعي

المحتجون المعتصمون داخل حقل الشرارة تلقوا دعماً هاماً من خارجه لتنفيذ مطالبهم، ما قد يؤدي إلى تأخر استئناف الإنتاج قبل تحقق هذه المطالب، إذ أعلن المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان، السبت، دعمه للمحتجين المعتصمين في حقل الشرارة، مطالباً إياهم بـ"تشكيل لجنة حوار للتواصل مع الجهات ذات العلاقة لتحقيق مطالب وحقوق أهل فزان".

كما طالب المجلس في بيان بـ"إضافة وتضمين كل مطالب وحقوق فزان التي ناضل من أجلها جميع النخب السياسية والاجتماعية والشبابية والمرأة سابقاً".

تداعيات صعبة

أزمة حقل الشرارة في الجنوب تحظى باهتمام كبير في شمال البلاد، ومخاوف جمة من تداعياتها على الاقتصاد المترنح أصلاً منذ سنوات، خصوصاً أنها تأتي في وقت يواجه الدينار الليبي صعوبات كبيرة للمحافظة على قيمته أمام العملات الأجنبية.

في هذا السياق، حذرت مؤسسة النفط من تزايد انقطاع الكهرباء في عدد من المناطق الليبية، وكذلك عدم توافر الوقود في كثير من المحطات، إذ إن الاحتجاجات ربما تتسبب في إيقاف مصفاة الزاوية النفطية، ومحطة أوباري للكهرباء، في حالة استمرار تعطيل الحقول النفطية التي تغذي هذه المؤسسات.

كما يتوقع أن تتأثر بعض إمدادات الوقود في كثير من محطات التغذية، وهو أمر وارد الحدوث وفق محللين، خصوصاً وأن كثيراً من المناطق الليبية تشهد نقصاً في الإمدادات حتى قبل إغلاق المحطات، التي قد تشهد تعطلاً عن العمل قريباً.

الخطر الأكبر من توقف الإمدادات النفطية من أكبر حقل منتج في ليبيا، بحسب محللين اقتصاديين، يكمن في تأثيره المتوقع في أسعار صرف الدينار الليبي، وهو ما سينعكس على كافة الخدمات والسلع، في بلاد تعتمد بشكل كبير على الاستيراد في توفير السلع الاستراتيجية والمهمة، فما ينتج بالداخل لا يغطي ولو قليلاً من حاجات السوق المحلية.

المحلل الاقتصادي مختار الجديد، يرى أن الوضع الاقتصادي الذي وصفه بـ"الهش" لن يحتمل المزيد من إغلاقات النفط، و"سنشاهد أثراً مباشراً لإقفال النفط على سعر صرف الدينار في السوق الموازية خلال أيام قليلة".

كما أشار إلى أن "معظم السلع المستوردة من الخارج هي بالعملة الصعبة، ما يعني أن الإغلاق سيجعل الأسعار ترتفع بشكل عام لكل السلع".

تأثير في الأسواق الدولية

الحجم الكبير من الإمدادات النفطية الذي يوفره حقل الشرارة الليبي جعل تداعيات إغلاقه تتجاوز الحيز المحلي وتمتد إلى الأسواق الدولية، فقد تسبب بارتفاع أسعار النفط أكثر من ثلاثة في المئة منذ يوم الأربعاء الماضي، حيث تجاوز سعر خام برنت العالمي 79 دولاراً للبرميل.

وبينت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أن توقيت الإغلاق هو ما ضاعف تأثيره على الأسواق الدولية، ونقلت عن بعض المتخصصين قولهم إن "وقف الإمدادات في ليبيا قد يدعم الأسعار العالمية، لكن القلق الأكبر وعدم اليقين في السوق لا يزال يتركز حول التوترات في الشرق الأوسط".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير