Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منافسة جو بايدن لإليزابيث وارن عسيرة ولكن هزيمتها ممكنة

قد يحول المشروع التجاري الذي وضعته وارن دون إبرام اميركا اتفاقا تجاريا مع ألمانيا ولا يختلف مشروع "ميديكير للجميع" كثيرا عن نظام "أوباماكير"

إليزابيث وارن من أشرس منافسي جو بايدن على ترشيح الحزب الديمقراطي إلى الانتخابات الاميركية (غيتي)

لا يزال جو بايدن يحتل موقعاً متقدّماً في سباق اختيار مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات العام 2020 الرئاسية الأميركية. لكنه يشارك في غضون أسبوعين بمناظرة ستضعه في مواجهةٍ مع أهم منافسيه في هذا السباق. 

وتظهر نسب استطلاعات الرأي التي أصدرها موقع "ريل كلير بوليتكس" تقدّم بايدن باثنتي عشرة نقطة على بيرني ساندرز، وهو أشد منافسيه، تليهما مباشرة إليزابيث وارن ثم تحتل كامالا هاريس المركز الرابع وبيت يتيغيغ المركز الخامس بفارق كبير عن أول ثلاثة مرشحين. ولم يحرز مرشّح آخر معدّلاً يفوق 2.5 في المئة. 

وحددت قواعد المناظرات الجديدة عدد المشاركين بعشرة فقط مقارنة بعشرين شخصاً تواجهوا مدة يومين في آخر مناظرتين. وعندما صعد بايدن إلى الخشبة كي يشارك في مناظرة الحزب الديمقراطي هذه المرة، ظهر جلياً عليه أنّه لم يشارك في هكذا جدال منذ المرة الأخيرة التي احتل فيها هذا الموقع في العام 2012. فهو لم يكن جاهزاً البتّة للهجوم الذي شنّته عليه كامالا هاريس في مسألة موقفه السابق من سياسات نقل طلاب المدارس بالحافلات بين المناطق لردم الهوة التي ولّدها التمييز العنصري بين البيض والسود. لكنّ أداء بايدن تحسّن في المناظرة الثانية، وقدّمت له تولسي غابارد أيضاً يد المساعدة بهجومها على ماضي هاريس كمدّعية عامّة في ولاية كاليفورنيا.

ولكن غاب عن مسرح المناظرتين اللتين شارك فيهما بايدن شخص واحد هو إليزابيث وارن.

وعلى الرغم من تأخّر وارن بشكل بسيط عن ساندرز في استطلاع الرأي، بدأت حشود أكبر تنضمّ إلى مهرجاناتها الانتخابية. ومع أنّ حجم الحشد ليس مؤشراً أكيداً إلى النجاح السياسي المستقبلي، فلا شكّ في أنّه يثير الحماسة. وجمعت وارن مؤخراً 12 ألف شخص في ولاية مينيسوتا و15 ألف شخص في ولاية سياتل.

كما قطعت وارن أشواطاً كبيرة خلال الصيف إذ أعلنت عن مشاريع سياسات مفصّلة تشمل مثلاً فرض ضريبة على الثروة وخطة بكلفة 100 مليار دولار لمكافحة آفة المخدرات، واقتراحاً بشطب القروض الطالبية. وأفكارها جريئة ولا تكتفي بالعموميات. بل تضع خططاً في غاية التفصيل وتناقض بحيويتها الجليّة طبيعة بايدن وساندرز، على الرغم من بلوغها عامها السبعين في يونيو (حزيران).  

وهي تمثّل ميلاً واضحاً إلى اليسار في الحزب الديمقراطي يتوافق مع رؤى بيرني ساندرز. وفي هذا المضمار أكثر نقاط ضعف جو بايدن.

فبايدن يُمثّل حقبتين، أولاهما حقبة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي حين كان الكثير من الديمقراطيين أقرب إلى جمهوريّي اليوم. واعتمد الديمقراطيون بشكل عام في ذلك الزمن ذهنية "الضرب بيد من حديد" في جبه الجريمة، والتزموا وجهة نظر قوية في السياسة الخارجية، ودعوا إلى فرض القوانين لمكافحة الهجرة غير الشرعية. كما رفضوا بشكل كبير المفهوم القائل إنّ الحكومة الفدرالية هي الحلّ السحري من أجل القضاء على عللِ البلاد.  

ويمثّل بايدن أيضاً حقبة إدارة الرئيس السابق أوباما. وربّما لهذا السبب يصوّت له الناخبون الأميركيون الديمقراطيون المتحدرون من الأصول الأفريقية في الانتخابات التمهيدية إذ يحظى نائب الرئيس السابق بدعم 53 في المئة منهم. ويحتلّ ساندرز المرتبة الثانية في هذا السياق مع 8 في المئة من الأصوات.

وليس أمام وارن الكثير من المساحة لتمييز نفسها عن ساندرز خلال المناظرة ولذا من المرجّح أن تركّز على بايدن، وتقول إن الحزب الديمقراطي بالشكل الذي يحبّذه الأخير لا يبذل ما يكفي لمصلحة الشعب الأميركي. وتعدّ المصارف هدفاً مفضّلاً تركّز عليه وارن جام غضبها. ولذا، لا شكّ في أنها ستستهدف العلاقة الوطيدة التي تجمع بايدن بالمصارف وسعيه إلى تمرير قانون منع إساءة استعمال نظام الإفلاس وحماية المستهلك في العام 2005. وجعل هذا القانون عسيراً على المستهلكين إشهار إفلاسهم.

وعلى بايدن شنّ هجوم من جهة اليمين ضدّ وارن إذا ما أراد التغلّب عليها. وحري به تقديم حجة مقنعة بأنّها تخطط لتمويل الكثير من أفكارها من خلال الضريبة التي تنوي فرضها على الثروة، وهي ضريبة مخالفة للدستور برأي بعض الخبراء. كما عليه مهاجمة خطة التجارة التي وضعتها. لأنّ اقتراحها مقرونٌ بشروطٍ مسبقةٍ يمكن أن تحول دون إبرام الولايات المتحدة اتفاقاً تجارياً مع ألمانيا التي تعدّ من أهم حلفائنا. 

والأهمّ من ذلك كله على بايدن الإدلاء بدفاعٍ قويٍ عن نظام أوباماكير للرعاية الصحية. لأنّ دفاعه حتى الآن اتّسم بالفتور ليس إلاّ، وعليه بالتالي الانكباب على دراسة انتقادات جون ديلايني عن أثر هذا النظام في المستشفيات في أرجاء البلاد. فوارن تحبّذ استخدام الأرقام والوقائع ولذا على بايدن أن يُثبت أنّ استبدال أوباماكير بنظام ميديكير للجميع لا ترتجى منه فائدة.

ولا يزال الدرب طويلاً، ولا يستطيع جو بايدن النوم على أمجاده معتقداً أنّ تقدّمه الكبير سيظل على حاله. فالبداية القوية التي أحرزتها كامالا هاريس وبيت باتيغيغ سرعان ما خبت أضواؤها. وكان بيرني ساندرز أثار حماسة القاعدة الديمقراطية في الانتخابات التمهيدية عام 2016 لكنّه لم يبرز أبداً خلال المناظرات الأخيرة.  

ويحرّك وارن نهمٌ شديدٌ للفوز وستقدّم أفضل أداء لها خلال المناظرة المقبلة. وإذا لم يعدّ بايدن العدة لمواجهتها فسيطول الليل كثيراً. 

© The Independent

المزيد من دوليات